إن في حياته “شدة”: هو مشدود بين واقعين أو قطبين. القطب الأول أن له “سلطاناً” على جسد المسيح ودمه الكريمين، يحمل بين يديه ذبيحة الجسد كله، الرأس والأعضاء معاً، متولياً من قبل الله خدمة “سرية” بصرف النظر عن أي فضل شخصي أو أهلية بشرية إذ يكهن ويغفر للناس خطاياهم لا باسمه هو بل باسم المسيح (En Christo, in persona Christi). فخدمته “تفعل” بحد ذاتها (ex opera operato) ، إنها وقائع رتبها الله بنعمته. إلا أن في ذلك نوراً عظيماً وفي الوقت نفسه خطراً للكاهن: خطراً بأن يؤول إلى نوع من “أوتوماتيكية” تنجم عن الاعتياد على السر، عن عادة البقاء خارج الطقوس دونما اشتراك داخلي حار فيها. إننا، شيئاً فشيئاً ودون أن نعي ذلك، نفقد الحرارة الداخلية، فننضب ولا نبلغ إلى تجسيد ما نمارسه ونمتهنه. ولذا فالقطب الثاني من “الشدة” في حياة الكاهن هو الصلاة، أعني ضرورة صلاته الشخصية: إن الصلاة “سر” بشري (un sacrament humain) بمعنى أنها تنقل إلينا نعمة الله من خلال عمل أو حركة روحية معظمها بشرية. إنها سر يفعل بقدر ما نتبناه ونتخذه ونحييه بحياتنا ودمنا وروحنا. فيجب بالتالي عدم إهمال الصلاة الشخصية بداعي قيام الصلاة الليتورجية. هذا ولا نخجلن من أن نصلي الصلاة الليتورجية بصورة شخصية ونحياها بالفعل كصلاة ثقة وشكر وتوسط وأنين.