وحي الكتاب المقدّس بحسب الأب يوحنا رومانيدس
“كل الكتاب موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر، لكي يكون انسان الله كاملا متأهبا لكل عمل صالح” (2ثي3: 16). كل نبوة الكتاب المقدس ليست من تفسير خاص. لانه لم يأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكّلم اناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس(2بط1: 20). ان نتكلم عن وحي (Theopneustis) الكتاب المقدس هو أن نتكلّم عن عمل الروح القدس. عندما يعلن المسيحيون أن الكتاب المقدس موحى به، فهم يصرحون بالوسيلة التي اختارها الله ليعمل بين شعبه. الكتاب المقدس هو إحدى الطرق التي يحمل بواسطتها الروح القدس شهادة للحق ويلهم ويؤيد ايمان المؤمنين.
المسألة المتعلّقة بوحي اسفار الكتاب المقدس، تشير إلى الوراء إلى عمل الروح في كتابته، أي إلى إلهام الكتاّب. كما تشير إلى الأمام إلى عمل هذا الروح في الكنيسة، الذي يعلم كيف يجب أن تفهم الكتابات ويقود المؤمنين إلى هدفهم الذي هو بحسب الشهادة الرسولية وبحسب تعليم الآباء المشاركة في مجد الله. “والذين بررّهم فهؤلاء مجدّهم أيضاً” (رو8: 30 و يو3: 2). لعله موضوع كل الاعلان الالهي أن يخلص الله الثالوثي ذاته خليقته من ضياعها وابتعادها ويقودها إلى الحياة الحقة. الكتاب المقدس هو الشهادة الموحى بها إلهياً والقانونية للإعلان الذي، بالرغم من ذلك، يتخطى كل المفاهيم والتعابير، كونه شهادة للإعلان. الكتاب المقدس هو كلمة الله. الوحي هو عملية الروح القدس في مؤلّفي الكتاب المقدس، لكي يحملوا شهادة عن الاعلان (يو5: 39) دون أن يخطئوا حول الله وطرقه ووسائله من أجل خلاص الجنس البشري. بالتالي يصف مؤلّفو الكتاب المقدس طرق الله مع خليقته وشعبه وبذلك يشهدون لمجد الله المخفي عن أعين غير المؤمنين.
يتأتى الوحي من خبرة مجد الله المعلَن، من خلال الروح القدس. أظهر الله مجده لأنبياء العهد القديم وللرسل ولأنبياء العهد الجديد (اف2: 20، 3: 5 ). من الجدير ذكره أن التمجيد (glorification) لا ينفصل عن الصلب والآلام. هذا لا ينطبق فقط على سيدنا يسوع المسيح ( يو12: 23، 32 ) لكن أيضاً على أتباعه (غل2: 19-20). التمجيد هو تبدل وتجدد الشخص بأكمله (رو12: 2). إنه يعطي القوة لمؤلّفي الكتاب المقدس لأن يعلنوا ويكتبوا كلمة الله.
إن الأنبياء والرسل والقديسون الذين اختبروا مجد الله وشهدوا له في الكتاب المقدس يعلنون حقيقة الله وسبل الشركة معه. حول هؤلاء أنفسهم كتب بولس: “وأما الروحي …لا يحكم فيه أحد، لأن من عرف فكر الرب فيعلمه. وأما نحن فلنا فكر المسيح” (1كو2: 15-16).