|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
جموع الشعب الصليب: موضوع فخر كل المؤمنين· الصليب: مكان اللقاء الوحيد بين الله القدوس والإنسان النجس· الصليب: هناك ظهر قلب المسيح المملوء بالحب والوداد، وقلب الإنسان المملوء بالبغض والفساد· سلسلة خلني الصليب «وكان الشعب واقفين ينظرون» (لوقا23: 35) بالتأكيد لم يكن هناك إنسان من كل الذين أحاطوا بالصليب لم يستفد من المسيح بطريقة أو بأخرى· سواء من المعجزات التي أجراها، أو الأمراض التي شفاها، أو الموتى الذين أحياهم، أو الجياع الذين أشبعهم، أو الحزانى والنائحين والمتألمين والآثمين الذين تحنن عليهم·· ومع هذا أتت الجموع لتنظر؛ لا نظرات العطف والشفقة، بل نظرات السخرية والاستهزاء· ماذا حدث للإنسان حتى يسخرون من الذي أحبهم وأشفق عليهم وشفى مرضاهم؟! لكن ها هم يعيرونه: خلّص نفسك·· انزل عن الصليب· وإن كان هذا لم يكن غريبًا عن المسيح إذ سبق وتنبأ به «كل الذين يرونني يستهزئون بي» (مزمور22: 7)· ونحن قرب الصليب· لنقترب من الجموع ونسألهم: لماذا أنتم هنا؟ البعض يجيب: إن المصلوب شخص صالح ولا يستحق ما يحدث له، إنه صاحب الأعمال العظيمة والأقوال الفريدة، إنه يختلف عن كل الناس في مشاعره ومحبته وحنانه·· وإننا نعلم قساوة قلب رؤساء الكهنة وبغضهم للمسيح؛ لقد أسلموه ظلمًا، وبيلاطس بجُبن حكم عليه وهو البار·· إننا لا نصادق على هذا؛ ووقفننا هنا لنفكر لماذا يُصلَب شخص كهذا· والبعض الآخر يقول: نعلم أن للمسيح قدرة على عمل المعجزات· فقد رأيناه كثيرًا وهو يقيم الموتى ويطهر الأبرص ويفتح أعين العمي· لذا وقفنا هنا متوقعين أننا سنرى معجزة تحدث وينزل المسيح عن الصليب ويقضي على كل الذين تسببوا في صلبه· وفريق ثالث يقول: ما لفت نظرنا هو الهدوء الغير عادي للمسيح، فقد رأينا قبلاً المصلوبين وسمعناهم وهم يصبّون لعناتهم وسبابهم على الجميع مع أنهم يستحقون الموت· أما هذا فمع أنه مظلوم لكنه لم يفتح فاه، فلم يشتم ولم يصِح ولم يدافع عن نفسه ولم يتوسل لأحد·· والأعجب من هذا أنه عندما تكلم طلب من الله أن يغفر لمن صلبوه! وفريق رابع جاء ليشاهد ويتذكر ويقارن·· لقد رأوا ذبائح كثيرة وسمعوا عن الدم الذي يكفِّر عن النفس، وعن حاجة كل البشر للغفران· لقد تذكروا كلمات المعمدان «هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم»· لقد تأكدوا الآن أن الصليب هو إكمال لمشروع الله لفداء الإنسان· والآن يا صديقي العزيز: هل وقفت معي قرب الصليب؟ ولماذا أنت هنا؟ ومن هو المصلوب بالنسبة لك؟ ومِن أي فريق أنت؟ هل أنت من المعجبين بشخصية المسيح؛ تقدّره وتقدّر أعماله وأقواله وأنه لا يستحق الصليب والموت؟ أقول لك إعجابَك بالمسيح لا يُخلّصك· وهل أنت من هواة المعجزات والآيات، وكل ما تنتظره هو أن يعمل معك المسيح معجزة ليحل لك بها كل مشكلاتك؟ أقول لك معرفتك بالمسيح كصاحب معجزات وآيات لن يفيدك· وهل أنت من الناظرين للمسيح في آلامه من يد الناس من الجلدات واللكمات والاحتقار وحَمل الصليب؟ أقول لك إن هذه الآلام، مع شدتها، لا تكفّر عن خطاياك· إني أدعوك أن تكون الآن قُرب الصليب لترى المصلوب آخذًا مكانك·· مائتًا لأجلك·· سافكًا دمه ليطهرك·· محتملاً غضب الله نيابة عنك· وإذ بالإيمان تقبله مخلِّصًا شخصيًا لك، تمضي وأنت ترنم: خَلِّني قُربَ الصليبْ حيثُ سالَ المَجْرى إذ دمُ الفادي الحبيبْ داءَ نفسي أبْرا معين بشير |
27 - 06 - 2012, 08:57 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: سلسلة خلني قرب الصليب
أعداء المسيح صديقي: أهلاً بك مرة ثانية واقفًا معي قرب الصليب. فبعد أن رأينا في العدد السابق الدوافع المختلفة وراء وجود الكثيرين من جموع الشعب قرب الصليب. هلم معي لنتعرّف على فريقًا ثانيًا وجدناه هناك، لنعرف الدافع الحقيقي وراء موقفهم هذ. إنهم.. 2- أعداء المسيح «فقال (بيلاطس) لليهود هوذا ملككم! فصرخوا: خذه! خذه اصلبه!» (يوحنا19: 14). «وكذلك رؤساء الكهنة أيضًا وهم يستهزئون مع الكتبة والشيوخ» (متى27: 41). كوننا نرى العداء من الناس وفي الناس، فهذا أمر طبيعي، لأنه يوجد في كل إنسان ما يثير عداء الآخرين تجاهه، وما يثير فيه العداء تجاه الآخرين. إنها الخطية المولود بها كل إنسان. لكن عندما نتكلم عن المسيح، كأطهر وأقدس إنسان وُجِدَ على الأرض، يأتي التساؤل: هل يوجد فيه ما يثير عداء الآخرين تجاهه؟ حاشا له. فلماذا إذًا هذا البُغض والعداء. يجيب الرب «يبغضونني بلا سبب» (مزمور69: 4 مع يوحنا15: 25)، ويجيب الوحي «أسلموه حسدًا» (متى27: 18). لكن إن سألنا الآخرين فبماذا يجيبون؟ أعداء دينيون سؤالنا نبدأ به مع رؤساء الكهنة والشيوخ والقادة الدينيون ونقول لهم: أ لم تروا في المسيح تحقيقًا لنبوات كثيرة تحفظونها وتعلّمون الآخرين بها؟ وأ لم يُثبت هو لكم بأعماله وأقواله أنه المسيح الرب؟ وإن كان هذا هكذا فلماذا البغض والعداء له؟ فيقولون: لقد بدأ الشعب يحبه ويذهب وراءه، وهو يعلّم أيضًا بأمور ضد التقليد الذي تسلمناه من الآباء. فلهذا أسلمناه ليصلب. صديقي: هل هذا سبب مقنع لتبرير عداءهم للمسيح وما فعلوه به. ألا ترى معي أنهم خائفين على مراكزهم وكراسيهم الجالسين عليها وفائدتهم الشخصية من الجموع المحيطة بهم. وأن هذا هو الدافع لفعلتهم وكراهيتهم؟ أعداء منقادين ثم نقترب من فئة أخرى وهم التابعين والمنقادين الصارخين لبيلاطس: اصلبه، اصلبه. ونسألهم عن عدائهم للمسيح: هل أصاب أحدكم شيء من الضرر بسبب كلامه لكم أو أعماله معكم؟ هل سأله أحدكم فلم يعطه، أو طلب فلم يجد، أو قرع بابه فلم يفتح له؟ وهل رأيتم فيه شرًّا يفوق ما رأيتموه في باراباس بالدرجة التي جعلتكم تفضلون باراباس عنه؟ فيقولون: ل. إننا لم نرَ شيئًا من هذا، وإنما نحن هنا بتعليمات من الكهنة ورؤساء الدين. إننا نردد ما أملوه علينا مع وعد بعطايا وبركات خاصة إن نفذنا التعليمات دون أن نسأل أو نُبدي رأيً. صديقي: ألا ترى معي أنه لا يوجد مبرِّر سوى المنفعة الشخصية والانقياد الأعمى وراء الآخرين دون تفكير، والجهل بكلمة الله؟ موقف المكروه من الآخرين لنترك الجموع وننظر للمرفوع. لنسمع مكروه الأمة، ونرى موقفه ورد فعله تجاه الأعداء. هل سينتقم؟ هل ستتغير محبته التي علّم بها «أحبوا أعداءكم»؟ هل... هل...؟ وقبل أن نفكر تأتينا الإجابة ونحن نسمع إحدى روائع المسيح التي نطق بها: «يا ابتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون» (لوقا 23: 34). صديقي: وأنت الآن قُربَ الصليب أخاف أن تكون من أعداء صليب المسيح. أخاف أن تكون أحد المنقادين والمُضَلين وراء الآخرين المُضِلين، دون أن تفكر أو تتأمل في ما ترى وتسمع ولا تقارنه بكلمة الله. وللأسف هذا ما أصاب الملايين. إن المسيح يحبك، وقبل أن تقول: وأنا أحبه، هل تحفظ وصاياه (اقرأ يوحنا14: 21-25). إن الكتاب المقدس يعلمنا أن نفحص ما يحدث منا أو حولنا هل هو مطابق لكلمة الله، وأن لا نردد ما يقوله الآخرين بل ما يقوله الرب. |
||||
27 - 06 - 2012, 08:59 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: سلسلة خلني قرب الصليب
اللصوص مرة أخرى نلتقي قرب الصليب.. وأرجوا أن لا تمل من الوقوف المتكرر في أقدس بقعة على الأرض.. وأمام أعظم مشهد حدث تحت السماء.. قرب الصليب؛ لنرى ونتأمل فئة جديدة من القريبين من الصليب، ألا وهم: حينئذ صُلب معه لصان واحد عن اليمين وواحد عن اليسار (متى27: 38) فصرخوا بجملتهم قائلين: خذ هذا واطلق لنا باراباس... (لوقا23: 18- 19) على تل الجلجثة نرى ثلاثة صلبان كانت مُعدة لثلاثة لصوص. لكن هل الساحة كانت تخلو من لصوص آخرين؟ بالطبع لا، بل كانت تمتلئ منهم: فهناك الفريسيين الذين سرقوا مركزًا وكرامة من الناس لم تكن لهم، وهناك الكهنة ورؤساء الدين الذين سرقوا أموال الآخرين بطُرق ملتوية يمسحوها في الدين، بل وجعلوا بيت الله مغارة لهم.. والآن لندع هؤلاء المتخفين، ونتأمل في اللصوص المعروفين. الأول: اللص التائب ويا لروعة النعمة التي تخلِّص لصـًا مذنـبًا مجـدِّفًا، في آخر لحظات حياته. ففي الوقت الذي لفظه المجتمع وحكم عليه بالصليب، تقبله السماء.. وبدل من أن تفتح الهاوية فاها لتبتلعه، تفتح السماء بابها لترحب به كباكورة عمل الصليب.. قد تسأل كيف لشخص لم يقم بأي عمل صالح في حياته، ولم يُصلِّ مرة واحدة، ولم يَصُم يومًا واحدًا؛ كيف لهذا أن ينال الخلاص؟ أقول لك لقد آمن بقلبه واعترف بفمه (رومية10: 9). فلقد آمن أن المسيح هو البار. لم يفعـل شـيئًا ليس فـي محله. وأنّ الـمسيح هـو الـرب اذكرني يا رب. وأن المسيح هو الملك متى جئت في ملكوتك. واعترف أنه خاطئ يستحق العقاب فبعدلٍ ننال استحقاق ما فعلنا. فسمع ما لا يخطر بباله اليوم تكون معي في الفردوس. الثاني: لص مجدّف كان المسيح إلى جواره، وها هو يسمعه يغفر لمن صلبوه، ويسمع الحوار بين زميله ورفيقه في الشر والسرقة وبين المسيح، ووعد الرب له بوجوده في الفردوس هذا اليوم. ولكن لم يطلب الخلاص، بل ما فكر فيه هو راحته الوقتية بدلاً من حياته الأبدية.. طلب راحة من آلام جسدية ناسيًا النار الآكلة والوقائد الأبدية. الثالث: لص طليق في الغالب كان باراباس أخطر اللصوص، وقد يكون هو زعيم العصابة، فأعدّوا له الصليب الأكبر والأوسط. لن تراه واقفًا هناك فلقد أراد بيلاطس أن يطلق الرب يسوع حرًا، وأراد إحراج اليهود فترك لهم الاختيار بين باراباس والمسيح، وقد كان يتوقع أن يختاروا المسيح؛ لكنه سمع ما يدل على مدى الكراهية التي في قلوبهم إذ طلبوا أن يطلق باراباس ويصلب يسوع. قبل أن نعود من الجلجثة أين أنت من الصليب؟ ومن أنت من هؤلاء؟ ثلاثة لصوص: أحدهم انطلق على الأرض حرًا والثاني صعد إلى النعيم والثالث هبط إلى الجحيم فإلى أي مكان أنت ذاهب؟ |
||||
27 - 06 - 2012, 09:00 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: سلسلة خلني قرب الصليب
أحباء المسيح وقفنا في الأعداد السابقة قُربَ الصليب ورأينا الأعداء الحاقدين والكارهين. ورأينا الصليب وقد قَسَم العالم إلى فريقين: فمنهم من أبغض المسيح بلا سبب، ومنهم من أحبه لألف سبب وسبب. وإن كنا قد تعجبنا عندما رأينا الأعداء والشاتمين والمأجورين وهم يسبّون المسيح! تعجبنا أيضًا ونحن نتساءل: أين من أحبهم المسيح؟ من طهرهم وفداهم.. من شفاهم وعزّاهم.. من أشبعهم وأغناهم...؟ فيشير علينا أحدهم فنلتفت لنجد قلة بين الكثيرين. إنهم: أحباء المسيح لقد عاش ربنا المحب لفعل الخير، ووصلت محبته لكل من تعامل معه ورآه وسمعه وناجاه. والطبيعي في مشهد آلامه ومعاناته أن يرى صدى لمحبته في الآخرين؛ ولو بكلمة تشجيع أو نظرة رثاء. ونحن كنا ننتظر أن نرى هنا - أول ما نرى - تلاميذ المسيح الذين رافقوه كل أيامه وسمعوا كل كلماته ورأوا كل معجزاته. لكننا بحثنا عنهم، وسألنا فأتانا الجواب: «تركه التلاميذ كلهم وهربوا» (متى26: 56). لكن بين الواقفين نرى باقة ورد بين الأشواك. نرى الإخلاص والوفاء في مشهد نكران الجميل. نرى المحبة التي طرحت الخوف إلى خارج، مُمَثَّلة في رجل وأربع نساء. نرى يوحنا - التلميذ الذي كان يسوع يحبه - وكأننا نسمعه يقول "أحبك يا من أحببتني أولاً.. وأنا هنا لأخدمك وأحفظ وصاياك". ونرى المريمات: المجدلية، وأم يعقوب، وأم ابني زبدي. فنسمعهم يقلن "يا من أحببتنا، وشفيتنا، ورثيت لنا في وقت محنتنا؛ ها نحن أمامك مهما كانت المخاطر، لنظهر لك الولاء مهما كان البلاء". ونقترب أكثر من أكثر القلوب ألمًا وسحقً. من القلب الذي يُعتصر حزنًا: قلب الأم المطوَّبة مريم. فإن كان صعبًا على أيّ أُم أن ترى ابنها يموت أمامها، إذ هو فخرها في ماضيها ورجاؤها في مستقبلها؛ فماذا عن المطوبة مريم ومَنْ يموت أمامها ليس مجرد ابن عادي؛ إنه يسوع العجيب في ميلاده وحياته، في حنانه ورقته، في خضوعه وطاعته، إنه من افتخرت به وهي تسمع الكثيرين يطوبونها وهم يروا أعماله ويسمعوا كلماته. إننا نراها تُعتصَر ألمًا وكأنها تتذكر كلمات سمعان الشيخ «وأنت أيضًا يجوز في نفسك سيف» (لوقا2: 35). من يصف آلامها وهي ترى ابنها الغالي في قمة آلامه ومعانته، وهي لا تستطيع مواساته أو ضمه إلى صدرها لتقبِّل جبينه الملطَّخ بالدماء؟! من يصف أحزانها وهي تسمع الشاتمين والمعيّرين والمستهزئين؟! ومن يصف نفسها المعذبة وهي ترى ابنها يموت، ويا ليتها ميتة طبيعية، لكنه يموت في المكان المُعَدّ للصوص والملعونين؛ وكأنها تقول بكل حسرة والدموع تنهمر من عينيها: "ليس لك يا ابني كل هذا". وهنا وصفها أحدهم: بين الجموع.. أم بالدموع.. جاءت إلى جزع الصليب.. تحت ثقل السنين.. وفي الحشا أنين.. رأت قطعة منها تذوب.. رأت جنبه والجبين.. ينزفان الدم الثمين.. رأت شمسها تغيب.. هذا ما رأيناه اليوم. إنه شعاع من الحب ينعش قلب الرب المكسور وسط جوٍّ مليء بالبغضة. صديقي: يا من أحبَّك المسيح وأسلم نفسه لأجلك؛ أين أنت من الصليب؟ إن مكاننا الصحيح من الصليب - كمؤمنين - أن نكون أسفله وعليه وبجواره؛ أسفله؛ لنتبع سيدنا «وقال للجميع إن أراد أحد أن يأتي ورائي... يحمل صليبه كل يوم ويتبعني» (لوقا9: 23). وعليه؛ ليحيا المسيح فينا «مع المسيح صُلِبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ» (غلاطية2: 20). وبجواره؛ لنحيا حياة القداسة «ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات» (غلاطية5: 24). |
||||
27 - 06 - 2012, 09:01 AM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: سلسلة خلني قرب الصليب
العسكر المقامرون عند الصليب رأينا - ولا زلنا نرى - مجموعات كثيرة ومتباينة من البشر. ومع أن صليب المسيح لم يستغرق من الوقت سوى ست ساعات، ولكن قد مر الآن ألفان سنة وقد كُتبت الآلاف من الكتب والملايين من المقالات وقُدِّمَ ما لا يُعَدَ من العظات. وجميعها لم تفِ الصليب حقَّه. ونحن سنواصل معًا وقوفنا قرب الصليب، لنلتقي مع فئة جديدة من الموجودين هناك؛ ألا وهم: العسكر المقامرون «ثُمَّ إِنَّ الْعَسْكَرَ لَمَّا كَانُوا قَدْ صَلَبُوا يَسُوعَ أَخَذُوا ثِيَابَهُ وَجَعَلُوهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ لِكُلِّ عَسْكَرِيٍّ قِسْمً. وَأَخَذُوا الْقَمِيصَ أَيْضاً. وَكَانَ الْقَمِيصُ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ مَنْسُوجًا كُلُّهُ مِنْ فَوْقُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: "لاَ نَشُقُّهُ بَلْ نَقْتَرِعُ عَلَيْهِ لِمَنْ يَكُونُ"... هَذَا فَعَلَهُ الْعَسْكَرُ» (يوحنا19: 23 ، 24). شاء قَدَرَ هؤلاء الأربعة من العسكر أن تكون ساعات خدمتهم (نوبتهم) هي الساعات التي صُلِب فيها المسيح. ولا ندري هل هذا كان لحُسن حظهم أم لسوئه أن يكونوا هم أقرب الناس للصليب؛ فمن يقترب من المسيح ويسمع منه ويعرف عنه ولا يتعرف عليه كالمخلِّص والفادي فخير له لو لم يولد. وفي البداية لا نستطيع أن نلومهم على ما قاموا به من عمل شنيع وقاس جدًا؛ لأنهم فعلوا هذا تنفيذًا لأوامر عُليا صادرة لهم. ولكن ما قادنا لنقترب من جزع الصليب هو ما كان يفعله العسكر هناك. فها هم يتنازعون ويتبارون في تقسيم الغنيمة التي فازوا بها، ألا وهي ثياب المصلوب، فقد كانت العادة أن تكون ثياب المصلوب من نصيب من قاموا بتنفيذ عملية الصلب. وهكذا كان نصيب كل جندي قطعة ثياب، وتبقى القميص، ولأنه كان منسوجًا كله بغير خياطة، فاقترحوا أن يلقوا عليه قرعة لمن يكون. وجلسوا وبدأوا في إجراء القرعة، وكأنهم يلعبون القمار. وهنا نقترب منهم ونسألهم: هل هذا وقته ومكانه، وفوق رؤسكم بأشبار قليلة شخص سمعتم أنه بريء وها هو يقاسي مرارة الألم والعذاب في مشهد يقود أقسى القلوب للخشوع والرهبه والصمت؟ فكيف لا قلب لكم؟ لماذا لا ترفعوا عيونكم لتنظروا المصلوب؟ ألم يثِركم صمتَه وسكونه غير المعتاد؟ ألم يلفت انتباهكم اختلافه التام عن المصلوبين الآخرين؟ ألم تسمعاه وهو يصلي لأجل صالبيه - وأنتم منهم - قائلاً «يا أبتاه اغفر لهم..»؟ ألم تسمعا حديثه مع اللص التائب ووعده له بأن يكون معه اليوم في الفردوس؟ بالتأكيد أنكم قمتم قبلاً بإجراء عملية الصلب لكثيرين. وبالتأكيد قد سمعتم أقذر الكلمات وأصعب الشتائم واللعنات عليكم وعلى رؤسائكم؛ أوَ لم تلحظوا أن الأمر يختلف الآن مع هذا المصلوب العجيب؟! اسئلة كثيرة لم نجد لها جوابًا منهم، لأنهم كانوا يقامرون ولا يبالون. آه لو رفعوا عيونهم والتقت بعينيه، وتأملوا رأسه المنكس والدماء تقطُر منها حولهم - ولا استبعد أن يكون بعضًا منها قد تناثر على ثيابهم. لو فعلوا هذا لذابت قلوبهم من نظرات المصلوب، وتطهّروا بدماه من كل خطاياهم. صديقي القارىء: إن ما فعله العسكر يتكرّر كثيرً. فما أكثر اللاهين وغير المبالين والمقامرين في الوقت الذي فيه يرّن صوت المصلوب في آذانهم بالنداء بالغفران والتطهير والفداء. وأخاف صديقي أن تكون واحدًا منهم، وأنت غير مبالٍ ولا تدري أن الرب يسوع قد تعرّى من ثيابه ليكسوك بالحُلّة الأولى، ليُلبسك ثياب الخلاص ورداء البر. فلا تنخدع مع المخدوعين وتقول أنا غني وقد استغنيت ولا حاجة لي إلى شيء. بل ليتك تصغي لمشورة الرب لك «أشير عليك أن تشتري مني... ثيابًا بيضًا لكي تلبس فلا يظهر خزي عريتك» (رؤيا3: 17 ، 18). |
||||
27 - 06 - 2012, 09:02 AM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: سلسلة خلني قرب الصليب
أنا و أنت مرة أخرى نعود صديقي العزيز لنقف معًا قرب الصليب، لنتأمل سويًا في بعض الشخصيات الواقفة أمام المصلوب. وسنرى اليوم شخصية جديدة أعتبرها من أهم الشخصيات. فقد رأينا في الحلقات السابقة نوعيات مختلفة من الناس، ولكل منهم هدف في وقوفه هن. فرأينا المتفرجين والمأجورين. رأينا الفريسيين الكارهين وجمهور المنقادين. رأينا الجند الروماني غير المبالين والاعداء الحاقدين. لكننا رأينا سوسنة بين الشوك؛ رأينا الاحباء - وإن كانوا نفرًا قليلاً - ممثَّلين في يوحنا والمريمات. ولعلك صديقي العزيز تنتظر لترى وتعرف من سنراه الآن قرب الصليب. لكن لا تتلفت كثيرًا حولك فشخصيتنا اليوم هي: أنا وأنت. خاف أن تخرج من المقالات السابقة بانطباع خاص عن الآخرين وتنسى نفسك. أو تكون قد أضفت معلومة جديدة عن الصليب إلى معلوماتك. لكني أرجوا أن تنظر لنفسك لترى أنك هنا؛ عند الصليب، لا كالمتفرج، بل لتصلب المسيح. لا تتحلى بشيء من التواضع وتقول "إن خطايانا هي التي صلبت المسيح"، متصوِّرًا أن المسئولية تقل عندما تتوزع الجريمة على الكثيرين. بل ليتك تقول "إن خطاياي هي التي صلبت المسيح". لأن الحقيقة هي كذلك. فقد قال الكتاب المقدس «الذي أُسلِمَ من أجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا» (رومية4: 25) وقال أيضًا الرسول بولس >ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي< (غلاطية2: 20). صديقي: مرة أخرى لا تتسرع وتكيل الإتهامات للآخرين وتحكم عليهم. u فقد يكون فيك بيلاطس الذي سأل عن الحق ولم ينتظر أن يعرفه بل بحث عن كيفية إرضاء الآخرين u وقد يكون فيك هيرودس الذي وقف أمام المسيح لا ليتعرف عليه بل ليرى منه آية للتسلية. u وقد يكون فيك فريسي متزمت ومتدين وهو يبغض المسيح لأنه كشف زيفه وريائه. u وقد يكون فيك جندي يلهو ويعبث بحياته ولا يلتفت للمصلوب بل يلهث خلف قطعة من ثياب المسيح. u قد يكون فيك أحد الأعداء الكارهين والحاقدين بلا سبب. صدقني.. لو فتّشت بداخلك سترى الكثير وأنت لا تدري: سترى خطايا لا تُعد، أقل واحدة منها ستذهب بك إلى الموت والعذاب الأبدي. ولكن إن كنت مخدوعًا في نفسك فاطلب وبصدق من الله قائلاً «اختبرني يا الله واعرف قلبي امتحني واعرف أفكاري» (مزمور139: 23). ففي الحال سيكشف لك حالتك ويحوِّل نظرك للعلاج الوحيد: للمسيح المصلوب. فقل له الآن: "يا من صلبتك بخطاياي اغسلني بدم صليبك"؛ فتمضي من عند الصليب مبررً. معين بشير |
||||
|