|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القمص داود لمعي كيف يتحمل الإنسان التجارب، دون أن يشك في محبة الله؟ من المُعتاد حين يتألم الإنسان أن يتوقع تدخُّلًا سريعًا من الله، وإذا لم يجد هذا التدخل بالحل أو الشفاء العاجل يبدأ الشك يتسرَّب إلى قلبه، هل الله موجود؟ هل الله يحبني؟ هل الله يدرك حجم آلامي؟ هل الله يعاقبني على كثرة خطاياي؟! ولكي يتحمَّل الإنسان التجارب بدون تشكك يحتاج إلى: أولًا: التأمل والتركيز على صليب ربنا يسوع: + "لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ" (عب2: 18). + "فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، مُمَاتًا فِي الْجَسَدِ وَلكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ" (1بط3: 18). + "وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا" (رو 5: 8). فالمسيح المتألم يسند كل المتألمين، وإن لم يجدوا إجابة شافية بسؤال: "لماذا؟"، سيجدون إجابة شافية عن: "كيف نحتمل؟" ثانيًا: مراجعة وعود الله: + "... فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ" (يو16: 33). + "طُوبَى لِلْحَزَانَى، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ" (مت 5: 4). + "فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا" (رو8: 18). + "فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ، وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ. بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ" (اش 63: 9). ثالثًا: التأمل في آلام الآخرين: مَن مِن الآباء والأنبياء والرسل والقديسين لم يتألم؟ هناك من استشهدوا في آلامهم، هناك من تألموا لفقدان أحبائهم، وأغلبهم تعرضوا لأمراض كثيرة ومتاعب بلا حدود. + "كَثِيرَةٌ هِيَ بَلاَيَا الصِّدِّيقِ، وَمِنْ جَمِيعِهَا يُنَجِّيهِ الرَّبُّ" (مز34: 19). + "طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ" (مت5: 10). + "وَلكِنْ وَإِنْ تَأَلَّمْتُمْ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، فَطُوبَاكُمْ. وَأَمَّا خَوْفَهُمْ فَلاَ تَخَافُوهُ وَلاَ تَضْطَرِبُوا" (1بط3: 14). + "فَقُلْتُ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، أَنْتَ تَعْلَمُ». فَقَالَ لِي: «هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ أَتَوْا مِنَ الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الْخَرُوفِ" (رؤ7: 14). رابعًا: احسبوه كل فرح: "يَعْقُوبُ، عَبْدُ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، يُهْدِي السَّلاَمَ إِلَى الاثْنَيْ عَشَرَ سِبْطًا الَّذِينَ فِي الشَّتَاتِ. اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْرًا. وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ. وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ، فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ" (يع1: 1-5). النظر إلى التجربة على أنها امتحان صبر، يرفع الإنسان ويُزكيه ويجعله في مكانة أعظم، ويدفعه من الباب الضيق والطريق الكرب للحياة الأبدية والأكاليل السماوية، ويجعل الإنسان فرحًا بالرغم من آلامه: "بِصَبْرِكُمُ اقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ" (لو21: 19)، ويحتاج المتألم أن يُصلّي ويُصلّي حتى تتحول آلامه لا إلى شكوك، بل إلى إيمان؛ ولا إلى تذمر واعتراض، بل إلى شكر وتسبيح وتسليم، هذا هو عمل الصلاة. خامسًا: التوبة والنمو الروحي: التجارب والآلام تحطم أو تعطل أطماع الإنسان وأحلامه الأرضية، ولكنها تدفعه إلى طموحات وأحلام جديدة في النمو الروحي، ونقاوة القلب واكتساب الفضائل والتشبه بالقديسين، وشركة آلام المسيح. والتوبة هي المدخل الوحيد لهذا التغيير في المسار، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فالتجارب فرصة لمراجعة النفس، والانسحاق، والانكسار، والتواضع، الذي يجعل الإنسان يجد نعمة، "فَتَوَاضَعُوا تَحْتَ يَدِ اللهِ الْقَوِيَّةِ لِكَيْ يَرْفَعَكُمْ فِي حِينِهِ، مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ" (1بط5: 6، 7). والتجارب هي مدرس لاكتساب الحكمة، والهدوء، والرجاء، والصبر. سادسًا: اللجوء للأسرار الكنسية: المذبح المقدس هو نعم العزاء لكل المجرَّبين، وكما كان قديمًا في حياة الآباء إبراهيم واسحق ويعقوب، يظل عمله مع كل الغرباء عن العالم يطلبون خبزًا سماويًا، ووطنًا سماويًا، فالتناول المستمر يحرر الإنسان من حزنه وشكوكه ويعطيه عزاءً وقوة، والتلمذة لأب الاعتراف، وكشف القلب باستمرار للتحرر من أفكار اليأس والتذمر والغيرة واليأس، فيه نِعم الشفاء الداخلي والانتصار الحقيقي في التجارب. |
|