منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 09 - 11 - 2015, 06:23 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

الحضور الإلهي - خبرة وشركة وحياة
*** تمهيد ***

الحضور الإلهي - خبرة وشركة وحياة
سلام في الرب الذي أشرق علينا في ملء الزمان مبدداً تلك الظلمة الكثيفة التي استحوذت علينا فأصابتنا بالعمى عن رؤية وجهه المُشرق الذي هو راحة النفس وفرحها الخاص، لأن حينما تلوثت طبيعتنا بالعصيان بمخالفة الوصية المقدسة، بدأنا نهرب من وجه الله ولا نحتمل إشراق نور وجهه، وهذا هو سر هروب الكثيرين من مخدع الصلاة القلبية والصلاة الجماعية، وعدم الانتباه للصلوات الكنسية كشركة القديسين في النور، لأن آدم حينما أخطأ أختبأ من وجه الله، لأنه شعر بالخزي بسبب عُريه من النعمة، هذا العُري الذي أصابه جِراء مُخالفة المحب الذي أوصاه وصية واحدة فقط ولم يقدر على أن يحفظها...

لذلك بالتجسد أُعيد لنا ما فقدناه، وهو الوجود في الحضرة الإلهية التي هي حياة النفس وسرّ أبديتها المجيدة، لأنه مكتوب: "لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة، هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح" (2كورنثوس 4: 6)

فبدون حضرة الله واستعلان نوره الخاص في قلوبنا، فنحن حتماً سنظل ظلمة مهما ما فعلنا من أعمال صلاح مجيدة، لأننا لن نستحق حضور الله مهما ما كانت أعمالنا، بل ولن نستطيع قط ان نستحقها مهما ما كانت درجة قداستنا وتقوانا، لأننا لن نملك الله أو نقدر أن نراه ونمسكه ليمكث معنا ويكون فينا، بل حضوره هو فعل نعمة ممنوح منه بسبب محبته الفائقة، وحضوره في الأساس هو تنازل فائق عجيب منه، لا ولم ولن يستحقة إنسان في الوجود كله ولو كان أعظم الأنبياء والقديسين...

عموماً قد سبق وتكلمنا عن هذا الموضوع، لكن أعيده مرة أخرى بصورة أعمق وأشمل، لكي نتعمق معاً طالبين من الله أن يَهبنا نعمة خبرة حضورة معنا، طالبين أن يُقدسنا "القداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب" (عبرانيين 12: 14)، ويطهر أواني أجسادنا لكي نستطيع أن ندخل في هذه الخبرة المجيدة والحلوة والمفرحة للنفس جداً، لأنها بهجتها الخاصة بل وهي غاية حياتها الروحية وهدفها أن تحيا في الحضرة الإلهية من الآن وإلى الأبد آمين
_____________________________


مقدمــــــــــــة
حضور الله هو خبرة استعلان مجده الخاص ببهاء فائق في المحبة، لأن نعمة حضوره الخاص هو عمل أبوي ظاهر في البنوة متدفقاً مسكوباً بروح الحياة، لذلك يُعتبر حضوره الشخصي عمل محبة بالدرجة الأولى، وهدفه إعلان شخصه القدوس الحي للإنسان لأجل الشركة في المحبة بالتقوى والقداسة.
والله طبعاً لا يُستحضر، ولا يأتي بسبب أعمال الإنسان العظيمة والصالحة، ولا يستطيع أحد أن يعمل عمل خاص به يجعل الله يأتي إليه ويحضر ويسكن معه، بل حضوره مبادرة شخصيه منه هوَّ كفعل نعمة مجاني لا يستحقه احد قط، وذلك بسبب محبته الفائقة الإدراك، وهذه المحبة بحر لا حدود له ولا يُدرَك عمقه العميق الفائق، لأن حينما نظن من نشوة المحبة التي نتذوقها في خبرة حضوره الفائق، اننا وصلنا لعمق من نوع خاص تذوقنا فيه حلاوة المجد الإلهي الفائق وتمتعنا بالحضور البهي، فإننا نجد أنفسنا أننا لا نزال في البداية، لأن في الواقع اللاهوتي الفائق، فأن المحبة لا يوجد لها بداية ولا نهاية، لأن البداية والنهاية مقاييس خاصة بكل ما هو منظور في واقع الزمن الحاضر وبكل ما هو محدود فيه.
لذلك فأن خبرة حضور الله في حياتنا الشخصية، هي خبرة ما يفوق كل محدود عرفناه أو لم نعرفه، هي تنازل إلهي مُذهل ورِفعة إنسانية فائقة، فالله ينزل إلينا لكي يرفعنا إليه، يجذبنا ويشدنا بالمحبة: [ كنت اجذبهم بحبال البشر بربط المحبة وكنت لهم كمن يرفع النير عن أعناقهم ومددت إليه مُطعماً إياه ] (هوشع 11: 4)
فالله ليس هو العالي يحيا في سماءه وعنا ببعيد، بل هو القريب منا جداً كأب:
+ "قريب أنت يا رب وكل وصاياك حق" (مزمور 119: 151)
+ "الرب قريب لكل الذين يدعونه، الذين يدعونه بالحق" (مزمور 145: 18)
+ "قريب هو الرب من المنكسري القلوب ويُخلِّص المنسحقي الروح" (مزمور 34: 18)
+ "وصنع من دم واحد كل أُمة من الناس يسكنون على كل وجه الأرض وحتم بالأوقات المعينة وبحدود مسكنهم. لكي يطلبوا الله لعلهم يلتمسونه فيجدوه، مع أنه عن كل واحد منا ليس بعيداً. لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد كما قال بعض شعرائكم أيضاُ لأننا أيضاً ذُريته" (أعمال 17: 16 – 28)
+ "اطلبوا الرب ما دام يوجد ادعوه وهو قريب" (إشعياء 55: 6)
أنه كائن أعلى فعلاً بما لا يُقاس، لكن لا يعزله كماله عن العالم، وفي نفس الوقت يتميز عنه بعلو فائق وسمو غير مُدرك في علوه أو كماله المتسع جداً وفي قداسته الفائقة المطلقة، فهو لا يُقارن بآخر قط: "هوذا عبيده لا يأتمنهم وإلى ملائكته ينسب حماقة؛ السماوات غير طاهرة بعينيه" (أيوب 4: 18؛ 15: 15)

وطبيعة حضور الله، هو حضور أبوي فاعل، بمعنى أنه لا يحضر لأجل الحضور ذاته، أو لكي يستعرض قوته أمام الإنسان الضعيف، لأنه ليس مثل أي إنسان في لقاءه مع الآخرين، بل لو تتبعنا خبرة حضوره على مر التاريخ في الكتاب المقدس فنجده:
+ أنه هو الإله المخلِّص الحاضر مع شعبه، شعبه الذي رأى عمله فالتمس حضوره من جهة الخبرة في الواقع العملي المُعاش: "أنتم رأيتم ما صنعت بالمصريين. وأنا حملتكم على أجنحة النسور وجئت بكم إلىَّ. فالآن أن سمعتم لصوتي وحفظتم عهدي تكونون لي مملكة كهنة وأمة مقدسة" (خروج 19: 4 – 6)
ونجد أيضاً حينما أعلن عن ذاته في ملء الزمان، لم يُعطي معلومات عن شخصه أو معرفة عقلية للحفظ والاستذكار، بل أظهر محبته وبينها لنا ببذل ابنه الوحيد وظهوره في الجسد، وبكونه أب فقد أعلن عن أبوته في الابن الوحيد، فقد أعلن الله الآب حضوره في ابنه لأنه معه في ذات الجوهر الواحد بلا انفصال:
"والذي أرسلني هو معي – حضور وتأييد – ولم يتركني الآب وحدي لأني في كل حين أفعل ما يُرضيه"، "لست وحدي فأن الآب معي" (يوحنا 8: 29؛ 16: 32)
ويقول الأب متى المسكين في شرح إنجيل يوحنا الجزء الأول ص 540:
[ فالكلمة قبل التجسد كان عند الله كائناً معه، ابناً في حضن أبيه، وبعد التجسد صار الآب عند الابن كائناً معه. لأن الابن المتجسد لم يُفارق الآب قط، ولم يُفارق الآب الابن، فجوهر الألوهة يجمعهما، ويجمعهما جوهر الحب المتبادل أيضاً وبالتساوي، والحب بعد التجسد صار من جهة الآب مُعلناً بالإرسالية، الآب أحب الابن وأرسله. أما من جهة الابن فاستُعلن فيه بالطاعة المطلقة للآب. طاعة مذعنة حتى إلى أداء الموت، ولكن لم تكن قط طاعة مَذلّه أو إذلالاً، بل طاعة رضا وارتضاء، طاعة حب واسترضاء، طاعة تُحيطها المسرة من كل جانب. طاعة قوتها العمل الجاد واحتمال المخاطر، وليست بمشاعر بشرية تتوقف عند الخطر: "ولم يتركني الآب وحدي، لأني في كل حين أفعل ما يُرضيه" ]

وبسبب هذا الحضور الفائق فأنه أيضاً وبالتالي (بسبب التجسد والفداء) صار هو الله الحاضر في جميع الذين يُحييهم روح ابنه، والذين يحبونه حباً بنوياً: "لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله. إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا آبا الآب، ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوين حسب قصده" (رومية 8: 13 و14 و28)
وهنا يظهر الهدف الرئيسي من حضور الله الحقيقي في صميم حياة الإنسان الذي خلقه لأجل هذا الحضور الحلو لكي يدخل في سرّ الشركة معه على مستوى الحياة والخبرة في واقع حياته اليومية المُعاشه...

+ ونجد أيضاً من الناحية العامة فهو حاضر في كل زمان ومكان، لأنه يُسيطر على الزمن والأوقات، وهو الأول والآخر، البداية والنهاية:
"هكذا يقول الرب ملك إسرائيل وفاديه قدوس إسرائيل وفاديه رب الجنود. أنا الأول وأنا الآخر ولا إله غيري؛ اسمع لي يا يعقوب وإسرائيل الذي دعوته: أنا الأول وأنا الآخر؛ أنا هو الألف والياء، البداية والنهاية يقول الرب الكائن والذي كان والذي يأتي القادر (قدير = صباؤوت = إله القوات) على كل شيء؛ أنا هو الألف والياء، البداية والنهاية، الأول والآخر" (إشعياء 44: 6؛ 48: 12) (رؤيا 1: 8؛ 22: 13)
عموماً فإن حضور الله حقيقة واقعية غير مادية تفوق الحواس الإنسانية العادية حتى وإن ظهرت بعلامات محسوسة واضحة، إلا أنه يكون حضور الكائن الروحي الفائق في سموه الذي يغمر خليقته بحبه الشديد ورعاية فائقة ولا يتركها أو يتخلى عنها قط، بل يرعاها ويجذبها نحوه بالأبوة في البنوة حتى يفرحها ويُنجيها من السقوط وكل شرّ وينقلها من الموت للحياة:
* يا رب قد اختبرتني (امتحنتني: فتشت وفحصت) وعرفتني.
* انت عرفت جلوسي وقيامي، فهمت فكري من بعيد.
* مسلكي ومربضي ذريت (فحصت) وكل طرقي عرفت.
* لأنه ليس كلمة في لساني إلا وأنت يا رب عرفتها كلها.
* من خلف ومن قدام حاصرتني (طوقتني) وجعلت عليَّ يدك.
* عجيبة هذه المعرفة فوقي ارتفعت لا أستطيعها (لا أقدر أن أُدركها).
* أين أذهب من روحك ومن وجهك أين أهرب.
* أن صعدت إلى السماوات فأنت هُناك، وأن فرشت في الهاوية فها أنت.
* أن اخذت جناحي الصبح وسكنت في أقاصي البحر.
* فهناك أيضاً تهديني يدك وتمسكني يمينك. (أنظر مزمور 139 بكامله).
ويلزمنا أن نعي أن بحضوره الفائق يهب الخليقة حياة "ولا يُخدم بأيادي الناس كأنه محتاج إلى شيء، إذ هو يُعطي الجميع حياة ونفساً وكل شيء، وصنع من دم واحد (إنسان واحد – رأس واحد) كل أمه من الناس يسكنون على وجه الأرض، وحتم بالأوقات المعينة وبحدود مساكنهم لكي يطلبوا الله (يبحثون عن الإله الواحد) لعلهم يتلمسونه (يهتدون إليه) فيجدونه، مع أنه عن كل واحد منا ليس بعيداً. لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد لأننا أيضاً ذُريته" (أعمال 17: 25 – 28)
والله بمحبته الأبوية الفائقة، يرغب في أن يمنح ذاته للإنسان، ليجعل منه شاهد حقيقي على حضوره الخاص وسط هذا العالم، وذلك لكي يرفع الإنسان لمرتبة الألوهة (كبنين من جهة الشركة) في الابن الوحيد الإله الحقيقي الكلمة المتجسد: "ليكون الجميع واحداً كما أنك أنت أيها الآب فيَّ وأنا فيك، ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتني" (يوحنا 17: 21)
فالمؤمن الحقيقي المولد من الله بالمعمودية المقدسة ومُسح بالمسحة المقدسة فصار إناء كرامة قُدساً للرب، يشترك مع الكنيسة كلها بانضمامه إلى جسد يسوع في اتحاد المحبة الذي يجمع بين الآب والابن (يوحنا 5: 19 – 20؛ 10: 15 و 30؛ يوحنا 1: 3)، فاتحاد المؤمنين ببعضهم البعض في شخص ربنا يسوع، يُصبح دليل مثالي حقيقي واقعي على تحقيق عملي وفعلي في الواقع الحاضر المُعاش بأن: "الكلمة صار جسداً وحل فينا" (يوحنا 1)، "ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير لتلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح" (2كورنثوس 3: 18).
فبدون الوحدة الحقيقية الواقعية في المصالحة التامة، فهيهات أن يتم إثبات اننا تلاميذ المسيح ويعلم العالم أن الآب أرسل ابنه الوحيد، لكي يجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد.
· باختصار شديد:
الله حاضر مع الإنسان في كل حال من الأحوال وفي كل زمان ومكان، فهو قريب جداً منه، بل يُمكننا القول أنه أقرب إليه من نفسه، يُتابع مسيرته الطويلة المؤلمة عبر التاريخ وكل الأيام، كما يتابع الأب ابنه، يتابعه بهدوء دون ضجة أو تدخل قسري في حريته، لأنه وهب له من طبيعة ذاته الحرية الذي يحفظها له إذ لا يرغمه على تبعيته، لكنه يلاحظه بعنايه أبوية فائقة، وأحياناً يناديه ويُكلمه في ضميره وإحساسه نداء خافت بهدوء المحبة، وأحياناً بنداء قوي بنخس الضمير لليقظة والانتباه إليه، وأحياناً نداء مصحوب بقوات وعلامات متنوعة، وأحياناً عن طريق الطبيعة والمصنوعات، وهكذا يتعامل ويتكلم معه بطرق كثيرة متنوعة – ليس لها حصر – ليقوده للخلاص والحياة الأبدية !!!
+ الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً، بأنواع وطرق كثيرة. كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه (عبرانيين 1: 1 و2)
وطبعاً الله حاضر بعمله في الخليقة وفي كل الظروف المحيطة بالإنسان، وحاضر على الأخص في الذين آمنوا به ويحبونه كبنين بالتبني في المسيح، وعموماً هو حاضر في كل زمان ومكان والإنسان يشهد لحضوره بالاتحاد السري به وإظهار ذلك في أعماله وبالأكثر المحبة [ المُترجمة في طاعة الوصية ] التي هي الدليل الحقيقي على حضور الله في قلب الإنسان وفكره، ودليل قاطع على الاتحاد الصادق مع الله في المسيح بالروح القدس...
+ الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني، والذي يحبني يحبه أبي وأنا أُحبه وأُظهر له ذاتي (يوحنا 14: 21)
_____________________
في الجزء القادم سنتحدث عن
أولاً: حضور الله في العهد القديم
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الحضور الإلهي
الحضور الإلهي
حضور الله – خبرة وشركة حياة (الجزء 5)
حضور الله – خبرة وشركة حياة (الجزء 3)
حضور الله – خبرة وشركة حياة (الجزء 2)


الساعة الآن 07:37 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024