امتحان إيمانكم
امتحان إيمانكم
عالمين أن امتحان إيمانكم يُنشئ صبرًا، وأما الصبر فليكن له عملٌ تام لكي تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين في شيء
( يع 1: 3 ، 4)
في ضوء يعقوب1: 2- 4 يمكن أن نقول باطمئنان إن التجربة، أو الامتحان، تلعب دورًا كبيرًا في تربيتنا روحيًا. فهي كمدرس في مدرسة الله، قادر أن يعلمنا ويطوِّر فكرنا إلى أن تكتمل مرحلة دراستنا. ولكن كم نفزع من التجربة! وكم نبذل من جهد لتجنبها! وبهذا نُشبه أطفالاً يخططون للتهرب (للتزويغ) من المدرسة، وينتهون إلى البلادة والغباء. أ ليس هذا غباءً؟ أَوَ لا يفسر هذا لماذا لا يحقق الكثير منا تقدمًا في ما لله؟
بلا شك، أن الكثير منا سيقول: ”نعم، ولكن هذه التجارب تفرض مطالِبًا علينا. فمرة بعد الأخرى تتعثر أقدامنا في مشكلات مُربكة تحتاج لحكمة تفوق طاقة البشر لحلها“. هذا صحيح، ولذلك يعلمنا يعقوب بعد هذا عما يجب عمله في تلك المواقف المُربكة «وإنما إن كان أحدكم تعوزه حكمة، فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يُعيِّر، فسيُعطى له» (ع5)، لأنه غير متوقع أن يكون لنا في أنفسنا تلك الحكمة التي في الله، والتي تأتي من فوق. ولنا بالتأكيد أن نطلب من الله كل ما يعوزنا، وأن نتوقع الاستجابة بسخاء، أما مسألة: هل نحصل عليها دائمًا دون تعيير (أعني دون لوم أو توبيخ) فموضوع آخر. فهناك مواقف طلب فيها التلاميذ أشياء من الرب يسوع، ولم يحصلوا عليها بدون كلمة توبيخ رقيقة: انظر على سبيل المثال لوقا8: 24، 25 (في موقف تعرض السفينة للغَرَق)، ولوقا17: 5- 10 (طلبهم أن يزيد الرب إيمانهم). ولكن تلك المواقف كان المطلوب فيها هو الإيمان: «أين إيمانكم؟»، «لو كان لكم إيمان»، أي أن التوبيخ كان على عدم الإيمان، ولكونهم مؤمنين، كان المفروض بالتأكيد أن يمتلكوه.
والكلمات «فسيُعطى له» قاطعة ومؤكدة، فلننتبه إليها، لأنه كلما تعمَّق اليقين بها في قلوبنا، كلما ازداد استعدادنا لطلب الحكمة بإيمان غير مرتابين وغير متقلقلين. هذا الإيمان البسيط غير المُرتاب، الذي يتمسك بمواعيد الله، لازم لنا جدًا، لأننا إذا ارتَبنا نصير ذوي رأيين، متقلقلين في جميع طُرقنا (ع8)، ونُشبه «موجًا من البحر تخبطه الريح وتدفعه» (ع6)، نتخبط في كل اتجاه صعودًا وهبوطًا. يدفعنا الأمل، ونمسك بالرجاء، من ثم يملأنا الشك والخوف. فإذا كان هذا هو حالنا، فإننا قد نطلب الحكمة، ولكن لا يكون لدينا أساس لتوقع الحصول عليها، أو الحصول على أي شيء من عند الرب