آلام المسيح الجسدية والكفارية
« لأنه لاق بذاك الذي من أجله الكل ... أن يكمل رئيس خلاصهم بالآلام » (عب10:2)
حري بنا أن نعرف جيداً أن المسيح على الصليب تألم من مصدرين؛ من الله ومن البشر. فقد ظل على الصليب ست ساعات، من الساعة التاسعة صباحاً حتى الثالثة بعد الظهر حسب توقيتنا الحاضر، ولقد كان في الثلاث ساعات الأولى نور، بينما غطى الكون الظلام في الساعات الثلاث التالية.
والفارق كبير بين آلام المسيح في هاتين الفترتين: فالمسيح تألم في الفترة الأولى من يد البشر؛ فتألم كشهيد. لكن ليست هذه الآلام ننحني التي خلصتنا، بل الآلام التي احتملها المسيح من يد الله.
والمسيح تألم بالظلم من يد البشر، إذ أنه البار القدوس « الذي لم يفعل شيئاً ليس في محله ». لكن على الجانب الآخر فإن المسيح تألم من الله كالديان بالعدل، فهو في محبته العجيبة قَبِل أن يأخذ مكاننا كخطاة وينوب عنا على الصليب، ويسدد ديننا الثقيل (1بط18:3، إش5:53).
ثم إن المسيح في ساعات النهار كان يتألم كشهيد من أجل البر. مثلما قُتل هابيل بسبب أعماله البارة. فاليهود أبغضوا المسيح لأنه البار ولأنه النور الذي كشف فسادهم وخرابهم (يو19:3) . لكن في ساعات الظلمة كان المسيح يتألم بسبب الخطية، لا بسبب البر؛ لا الخطية التي عملها هو، فهو القدوس، بل الخطية التي أدخلها الإنسان إلى العالم، والخطايا التي ارتكبها المؤمنون جميعاً! وما أرهبها من آلام.
في ساعات النور استخدم الشيطان الأشرار لسحق عقب المسيح. لكن في ساعات الظلمة سحق المسيح رأس الحية (إبليس).
وآلام المسيح من يد البشر نتيجتها قضاء رهيب على غير التائبين، أما آلام المسيح من يد الله فنتيجتها بركة عُظمى للمؤمنين.
ودعونا نؤكد ثانية أن الآلام التي خلصتنا ليست تلك التي كانت من يد البشر، بل التي كانت من يد الله الذي قدم المسيح كفارة لخلاصنا (رو24:3، 25،2كو21:5).
قــد حملــــت ربنـــا العــارَ الـمُذيــبْ
واحتملــت غضــب العـــدلِ الرهيــبْ
يـومَ ذقـت المــــوت عنـــا بالصليــبْ
مُـظهـــــراً حبــاً وعطفـــاً يا حبيــــبْ
فاختطفت النفس من جوف اللهيبْ