منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 24 - 07 - 2015, 06:29 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,909

شرح عن الثالوث القدوس

الأب كاليستوس وير

شرح عن الثالوث القدوس
أيها الآب رجائ،
أيها الابن ، ملجأي،
أيها الروح القدس حمايتي،
أيها الثالوث القدوس . المجد لك.
صلاة القديس يؤنيكيوس

أيها الثالوث ، غير المخلوق الذي بلا نهاية ،
أيها الواحد غير المنقسم ، الثلاثة في واحد ،
الآب والابن والروح ، إله واحد ..
أقبل ترنيمتنا هذه من ألسنة الطين
وكأنها من أفواه ملتهبة
عن كتاب التريوديون

الله كمحبة متبادلة :

نحن نؤكد في بداية قانون الإيمان أننا " نؤمن بإله واحد " ، لكننا نقول على الفور ما هو أكثر من ذلك. فنحن نستمر قائلين، نحن نؤمن بإله واحد الذي هو في نفس الوقت ثلاثة: الآب والابن والروح القدس. يوجد في الله تمايز أصيل وأيضًا وحدانية حقيقية. إله المسيحيين ليس مجرد وحدة unit من الوحدات بل هو اتحاد، ليس مجرد وحدة بل شركة. هناك في الله شئ ما مماثل للـ" المجتمع ". هو ليس شخصًا فرديًا يحب ذاته وحده، وليس جوهرًا فرديًا monad أو "الواحد". بل هو ثالوث أو وحدة ثالوثية triunity : ثلاثة أشخاص متساوون، كل شخص يوجد في الاثنين الآخرين بفضل حركة محبة متبادلة لا تتوقف. " أنا أحب، لهذا أنا كائن Amo ergo sum" ذلك عنوان قصيدة "كاتلين راين" والتى يمكن أن تكون شعارًا لله الثالوث القدوس. وما يقوله شكسبير بشأن الحب الإنسانى بين شخصين يمكن تطبيقه أيضًا على المحبة الإلهية بين الأقانيم الثلاثة الأزليين:
هكذا أحبا، حبًا بين اثنين
ولهما جوهر واحد
والاثنان متميزان ، بلا انقسام
فالعدد في الحب شئ منعدم

إن الغاية الأخيرة من الطريق الروحى أننا نحن البشر يجب أن نكون أيضًا جزءً من الوجود الحى المتبادل في الثالوث [Trinitarian Coinherence أو ما يسمى بالـPerichoresis ]، إذ تجذبنا بالكامل دائرة الحب القائمة في داخل الله. هكذا صلى المسيح لأبيه ليلة صلبه " ليكون الجميع واحدًا، كما أنك أنت أيها الآب فيّ وأنا فيك، ليكون هم أيضًا واحدًا فينا " (يو21:17) .

لماذا نؤمن أن الله ثلاثة ؟ أليس من الأسهل أن نؤمن ببساطة بالوحدانية الإلهية، مثلما يفعل اليهود والمسلمون؟ بالتأكيد هذا أسهل. إن عقيدة الثالوث تقف أمامنا بمثابة تحدٍ، كاللغز (crux) بالمعنى الحرفى: إنها بعبارة فلاديمير لوسكى "صليب لطريقة التفكير البشرية"، وهى تتطلب منا التوبة (****noia) بصورة جذرية ـ وليس مجرد لفتة تصديق رسمى، بل تغير حقيقى في الذهن وفى القلب .

لماذا الإيمان إذن بالله كثالوث ؟ وجدنا أن أكثر طريقين يساعدانا على الدخول إلى السر الإلهى أن نؤكد أن الله شخص وأن الله محبة. ويتضمن هذان المفهومان المشاركة والتبادل. أولاً، ليس "الشخص" هو نفس الشيء "كالفرد" على الإطلاق. فأى واحد منعزل ومستقل بذاته لا يكون شخصًا أصيلاً حقيقيًا بل مجرد فرد، أى وحدة مجردة كما يتم تسجيلها في التعداد. إن التمركز حول الأنا هو موت الشخصية الحقيقية. ويصبح كل فرد شخصًا حقيقيًا فقط من خلال الدخول في علاقة مع أشخاص آخرين، أى من خلال الحياة لأجلهم وفيهم. لقد قيل وهذا حق، إنه ما من إنسان يمكن أن يوجد، ما لم يكن اثنان على الأقل في علاقة معًا. ونفس الشيء يُصدق، على المحبة. لا يمكن للمحبة أن تقوم في عزلة، بل هى تفترض وجود الآخر. إن محبة الذات هى إلغاء المحبة. ومثلما أوضح " تشارلز ويليامز" هذا التأثير المُخرِّب فى روايته " الهبوط إلى الجحيم "، فإن حب الذات هو الجحيم، لأن حب الذات إذا ما بلغ منتهاه، إنما يدل على نهاية كل فرح وكل معنى. ليس الجحيم هو الآخرون، إنما الجحيم هو ذاتى، إذا ما انفصلت عن الآخرين وتمركزت حول نفسها.

إن الله أفضل بكثير من أحسن ما نعرفه في نفوسنا. فإن كان اثمن عنصر في حياتنا كبشر هو العلاقة بين " الأنا والأنت "، فإننا لا يمكننا إلاّ أن ننسب نفس العلاقة، بمعنى ما، إلى كيان الله الأزلى ذاته. وهذا بالضبط ما تعنيه عقيدة الثالوث القدوس. ففى قلب الحياة الإلهية ذاتها، ومنذ الأزل يعرف الله ذاته بصفته " أنا وأنت " I and Thou "، بأسلوب ثالوثى، وهو يفرح على الدوام بهذه المعرفة. إذن، كل ما يتضمنه فهمنا المحدود للشخص الإنسانى وللحب الإنسانى، هذا نؤكده أيضًا عن الله الثالوث، ونضيف أن هذه الأمور في حالة الثالوث تعنى أكثر بغير حدود مما يمكن أن نتخيله على الإطلاق .

إن الشخص والمحبة يعنيان الحياة، والحركة، والاكتشاف. هكذا فإن عقيدة الثالوث تعنى أننا يجب أن نفكر في الله بمعانٍ متحركة أكثر منها ساكنة. فليس الله مجرد سكون وراحة وكمال غير قابل للتغيير. ولكى نكوّن صورًا عن الله الثالوث علينا أن نتأمل الريح، والمياه الجارية ولهب النيران المتأججة. هناك تشبيه مفضل عن الثالوث كان دائمًا يصوره بثلاثة مشاعل تشتعل بلهب واحد. وتخبرنا " أقوال آباء البرية " كيف أن أخًا جاء مرة ليتحدث إلى الأنبا يوسف فى بانيفو وقال الزائر " يا أبانا، إنى أتبع حسب مقدرتى قاعدة متواضعة للصلاة والصوم، والقراءة والصمت، وبقدر استطاعتى أحفظ نفسى طاهرًا في أفكارى. فماذا لى أن أفعل أكثر؟ فأجابه الأنبا يوسف وقد وقف على قدميه ورفع ذراعيه نحو السماء، وأصبحت أصابعه مثل عشرة مشاعل مضيئة، وقال الشيخ العجوز للزائر: "إن أردت، يمكنك أن تصير كلك نارًا بالكامل". فإن كانت هذه الصورة عن اللهب الحى تساعدنا على فهم طبيعة الإنسان في أعلى حالاتها ، ألاّ يمكن أن تنطبق أيضًا على الله ؟ إن أقانيم الثالوث هم " بالكامل نار".

لكن في النهاية، فإن أقل صورة تضلل فهمنا يمكن أن نجدها، لا في العالم الطبيعى خارجنا، بل في القلب البشرى، إن التشبيه الأفضل هو ذلك الذى بدأناه ألاّ وهو خبرتنا بالاهتمام الشديد بشخص آخر ومعرفتنا أن محبتنا تُرد لنا بمحبة مثلها.

ثلاثة أشخاص (أقانيم) في جوهر واحد :

قال المسيح " أنا والآب واحد " (يو30:10) فماذا كان يعنى ؟ للإجابة علينا أولاً أن نرجع أول مجمعين من المجامع المسكونية : مجمع نيقية (325)، ومجمع القسطنطينية (381)، وإلى قانون الإيمان الذي صاغه هذان المجمعان. إن التأكيد الأساسى والحاسم في قانون الإيمان هو أن يسوع المسيح هو "الإله الحق من الإله الحق"، "واحد في الجوهر" (أو "هوموأوسيوس") مع الله الآب. بعبارة أخرى، فإن يسوع المسيح مساوٍ للآب: هو الله بنفس معنى أن الآب هو الله، ومع ذلك فهما ليسا إلهين بل إله واحد. ومن ثم إن الآباء الشرقيين في أواخر القرن الرابع الميلادى قالوا نفس الشيء عن الروح القدس: هو بالمثل إله حق، "واحد في الجوهر" مع الآب والابن. ورغم أن الآب والابن والروح القدس إله واحد، فإن كلاً منهم هو منذ الأزل شخص (أقنوم)، هو مركز متميز لوعى ذاته. الله الثالوث إذن يوصف بأنه ثلاثة أقانيم في جوهر واحد. توجد في الله منذ الأزل وحدة حقيقية، مرتبطة بتمايز شخصى أصيل: لفظة "جوهر"، "كيان" (ousia)، إنما تدل على الوحدة، ولفظة "شخص" أو "أقنوم" (هيبوستاسيس) (hypostasis) أو (بروسوبون) تدل على التمايز. فلنحاول أن نفهم ما الذى تدل عليه هذه اللغة المحيرة ، لأن عقيدة الثالوث القدوس عقيدة حيوية بالنسبة لخلاصنا .

الآب والابن والروح واحد في الجوهر، لا بمعنى فقط أن الثلاثة هم أمثله لنفس المجموعة أو الجنس العام، بل بمفهوم أنهم يشكلون معًا حقيقة واحدة فريدة وخاصة. وفي هذا الصدد هناك فارق هام بين معنى أن أشخاص الله الثلاثة هم واحد، ومعنى أن يدعى ثلاثة أشخاص من البشر واحدًا. فالأشخاص الثلاثة من البشر بطرس ويعقوب ويوحنا، ينتمون إلى نفس الجنس العام، جنس "الإنسان". وبرغم أنهم متقاربون معًا متعاونون معًا، فإن لكل واحد منهم إرادته الخاصة وقدرته الخاصة، يعمل كل واحد بمقتضى قوته الخاصة المنفصلة في اتخاذ القرار أو المبادرة. باختصار، هم ثلاثة رجال وليس رجلاً واحدًا. لكن في حالة أشخاص الثالوث الثلاثة ليس الأمر هكذا. هناك تمايز، لكن ليس هناك انفصال على الإطلاق. فالآب والابن والروح كما يؤكد القديسون ـ تابعين شهادة الكتاب المقدس ـ لهم إرادة واحدة فقط وليست ثلاث إرادات. لهم طاقة واحدة وليست ثلاثًا. لا أحد من الثلاثة يعمل منفردًا، بمعزل عن الاثنين الآخرين. هم ليسوا ثلاثة آلهة، بل إله واحد .

ومع ذلك ورغم أن الأقانيم أو الأشخاص الثلاثة لا يعملون أبدًا بمعزل الواحد عن الآخر، فإن في الله تمايزًا أصيلاً كما أن فيه وحدة خاصة. فى اختبارنا لله وهو يعمل في عمق حياتنا الخاصة، وبينما نجد أن الثلاثة يعملون دائمًا معًا، مع ذلك فإننا نعلم أن كلاً منهم يعمل فينا بطريقة مختلفة. نحن نختبر الله كثلاثة فى واحد، ونؤمن أن هذا التمايز الثلاثى فى عمل الله الخارجى يعكس تمايزًا ثلاثيًا فى حياته الداخلية. والتمايز بين الأشخاص الثلاثة يعتبر تمايزًا أزليًا قائمًا فى داخل طبيعة الله نفسه؛ فالتمايز لا ينطبق فقط على فعله الخارجى فى العالم. الآب والابن والروح القدس ليسوا مجرد "أشكال" أو "أساليب" للاهوت (الألوهية)، ليسوا مجرد أقنعة يرتديها الله لفترة فى تعاملاته مع الخليقة ثم يخلعها جانبًا. هم على النقيض ثلاثة أشخاص متساوون معًا وأزليون معًا (Coequal, Coeternal Persons). الأب البشرى أكبر سنًا من ابنه. لكن حين نتحدث عن الله "كأب" و"كابن" لا نفسر هذه الألفاظ بهذا المعنى الحرفى. نحن نؤكد أن " الابن " لم يكن هناك وقت لم يكن فيه موجودًا. ونفس الشيء يُقال عن الروح .

كل واحد من الثلاثة هو بالكامل وبالكلية الله. ليس أحد منهم أكثر أو أقل من إله بالنسبة للآخرين. كل واحد يملك، لا ثلث لاهوت، بل الألوهية الكاملة فى مجملها، ومع هذا فكل واحد يحيا ويكون هذا اللاهوت الواحد بطريقته المتميزة الخاصة ‎والشخصية. وإذ يؤكد القديس غريغوريوس النيسى على هذه الوحدة الثالوثية فى تنوع، يكتب:
[ كل ما يكونه الآب، نراه ظاهرًا (مستعلنًا) فى الابن، وكل ما هو للابن فهو للآب أيضًا، لأن الابن بكامله يسكن فى الآب، وله الآب بكامله ساكنًا فى ذاته، الابن الكائن دائمًا فى الآب لا يمكن أن ينفصل عنه، ولا يمكن أن ينفصل الروح عن الابن الذى يعمل بالروح كل شئ. والذي يقبل الآب يقبل أيضًا وفى آنٍ واحد الابن والروح. من المستحيل أن نتخيل أى نوع من الانفصال أو القطع بينهم: فلا يمكن للمرء أن يفكر فى الابن بمعزل عن الآب، ولا أن يفصل الروح عن الابن. هناك بين الثلاثة مشاركة وتمايز يفوق التعبير بالكلام ويفوق الفهم. والتمايز بين الأشخاص لا يضعف وحدانية الطبيعة ولا تقود وحدانية الجوهر المشتركة إلى اختلاط بين الخصائص المتميزة للأشخاص (الثلاثة). لا تندهشوا أننا يجب أن نتكلم عن اللاهوت بأنه موحد ومتمايز في آنٍ واحد. وإذا استخدمنا الألغاز، إن جاز التعبير، فإننا نتصور تنوعًا ـ فى ـ وحدة، ووحدة ـ فى تنوع، غريبة ومتناقضة].

وباستخدامه عبارة " إذا استخدمنا الألغاز.. " فإن القديس غريغوريوس مضطر أن يؤكد أن تعليم الثالوث " فيه تناقض ظاهرى " Paraoxical وأنه " يفوق التعبير بالكلام والفهم ". إنه شئ أعلنه الله لنا ولم توضحه لنا عقولنا. يمكننا أن نلمح له بلغة بشرية، لكننا لا نقدر أن نشرحه بالكامل. وقدراتنا العقلية هى هبة من الله ويجب أن نستخدمها حتى الكمال، لكن علينا أن ندرك محدوديتها. ليس الثالوث نظرية فلسفية، لكنه الله الحى الذي نعبده، لهذا تأتى نقطة فى اقترابنا من الثالوث حين يجب لمناقشتنا وتحليلنا أن يترك المكان للصلاة التى بغير كلام :
" فليصمت كل جسد مائت
وليقف فى خوف ورعدة ." (ليتورجية القديس يعقوب)

الخصائص الشخصية فى الثالوث :

الشخص الأول فى الثالوث، الله الآب، هو "نبع اللاهوت"، المصدر، العلة، أو مبدأ أصل الشخصين الآخرين. هو رابطة الوحدة بين الثلاثة: هناك إله واحد لأن هناك آبًا واحدًا. " الوحدة هى الآب ، الذى منه وإليه يسير مجرى نظام الأشخاص" (القديس غريغوريوس اللاهوتى). كل شخص من الشخصين الآخرين يُعّرف بألفاظ تعبر عن علاقته بالآب: فالابن "مولود" من الآب، والروح "ينبثق" من الآب . وفى الغرب اللاتينى، هناك اعتقاد ثابت بأن الروح ينبثق " من الآب ومن الابن ". وقد أُضيفت لفظة فيليوك filioque (أى من الابن) إلى النص اللاتينى لقانون الإيمان. وتعتبر الأرثوذكسية لفظة فيليوك إضافة غير شرعية ـ لأنها أُضيفت إلى قانون الإيمان دون موافقة الشرق المسيحى ـ ليس هذا فحسب، بل إنها تعتبر أيضًا أن تعليم " الانبثاق المزدوج "، كما يُشرح عادة، هو تعليم غير دقيق لاهوتيًا وضار روحيًا. وبحسب آباء القرن الرابع الشرقيين، الذين تتبعهم الكنيسة الأرثوذكسية حتى يومنا هذا، فإن الآب هو المصدر الوحيد وأساس وحدة اللاهوت. ولكى نجعل الابن مصدرًا مثل الآب، أو بالاشتراك معه، معناه أن نتسبب فى ارتباك الخصائص المميزة للأشخاص.

والشخص الثانى فى الثالوث هو ابن الله، " كلمته " أو اللوغوس . ولكى نتحدث بهذا الأسلوب عن الله كابن وآب معناه على الفور أن يتضمن (هذا الحديث) حركة من المحبة المتبادلة، كما أشرنا قبلاً. ومعناه أن يتضمن (كلامنا) أنه منذ الأزل فإن الله نفسه، كابن ـ فى طاعة بنوة ومحبة ـ يرد إلى الله الآب الكيان الذى يولّده الآب فيه منذ الأزل بالبذل الذاتى الأبوى. وفى الابن ومن خلاله يُستعلن أو ينكشف الآب لنا: " أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتى إلى الآب إلاّ بى" (يو6:14). هو الذى وُلِدَ على الأرض كإنسان من العذراء مريم فى مدينة بيت لحم. لكنه كالكلمة أو لوغوس الله فهو أيضًا يعمل قبل التجسد الإلهى. هو مبدأ النظام وهو الغاية الذى يتغلغل فى كل الأشياء ويجذبها إلى الوحدة فى الله، وهكذا يجعل العالم universe "كونًا Cosmos"، أى كلاً متكاملاً ومتناسقًا. وقد أسبغ اللوغوس الخالق على كل شئ مخلوق اللوغوس الخاص به الساكن فيه أى المبدأ الداخلى، الذى يجعل هذا الشيء هو ذاته بشكل متميز، والذى يجذب فى آنٍ واحد ويوجه كل شئ نحو الله. ومهمتنا البشرية كصناع أو حرفيين هى أن ندرك هذا اللوغوس الساكن فى كل شئ وأن نجعله ظاهرًا (معلنًا)، نحن لا نسعى أن نهيمن ونسيطر بل أن نتعاون .

أما الشخص الثالث فهو الروح القدس، "الريح" أو" نفس" (نسمة) الله. وبينما نحن ندرك عدم دقة التقسيمات المرتبة، فإننا يمكن أن نقول إن الروح هو الله فينا، والابن هو الله معنا، والآب هو الله فوقنا أو فيما وراءنا أو أبعد منا. ومثلما يكشف الابن الآب لنا، هكذا فإن الروح هو الذى يكشف الابن لنا، ويجعله حاضرًا معنا. ومع ذلك فالعلاقة متبادلة. فالروح يجعل الابن حاضرًا معنا، لكن الابن هو الذى يرسل الروح إلينا. (نحن نلاحظ أن هناك تمايزًا بين "الانبثاق الأزلى" للروح و"إرساليته الزمنية". فالروح مرسل إلى العالم فى الزمن، بواسطة الابن، لكن بالنسبة لأصله فى داخل الحياة الأزلية للثالوث، فإن الروح ينبثق من الآب وحده).

ويكتب سينيسيوس القيروانى مميزًا كل شخص من الأشخاص الثلاثة:
نهتف، يا أيها الآب، نبع الابن،
أيها الابن، صورة الآب،
أيها الآب، القاعدة حيث يقوم الابن،
أيها الابن، ختم الآب؛
أيها الآب، قوة الابن،
أيها الابن، جمال الآب،
أيها الروح الكلى الطهر، الرابطة بين الآب والابن،
أرسل أيها المسيح، الروح،
أرسل الآب إلى نفسى،
أغمر قلبى الجاف فى هذا الندى، أحسن كل عطاياك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
عن كتاب: الطريق الأرثوذكسي، للأب واللاهوتي الأرثوذكسي كاليستوس وير، ترجمة د/ نصحي عبد الشهيد، إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الأبائية، الفصل الثاني.
مُترجم عن the orthodox way, by fr. kallistos ware, (oxford). mowbary, england
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الثالوث القدوس
الثالوث القدوس
قداسة البابا تواضروس أمام كنيسة جرس الثالوث فى دير الثالوث القدوس
الثالوث القدوس
لماذا نواجه صعوبات في موضوع الثالوث القدوس ؟ سلسلة شرح الثالوث الجزء الأول


الساعة الآن 02:45 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024