|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
جوهر الإيمان المسيحي ينبض بقوة حياة تستطيع أن ترفع الإنسان لحضن الله بسهولة شديدة، أن وعاه الإنسان وعاش به كما هو وببساطة الأطفال محباً لله القدوس الذي هو مصدر وجوده وحياته … فجوهر الإيمان المسيحي عموماً يقوم على أن العداوة التي نشأت بسبب التعدي وسقوط الإنسان بحريته مختطفاً قضية الموت لنفسه، قد أبطلها الله بالمصالحة بينه هو الثالوث القدوس، الله المحبة، وبين الإنسان الساقط تحت سلطان الخطية والموت: [ الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح وأعطانا خدمة المصالحة ] (2كو 5 : 18) ، [ لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت ] (رو 8 : 2) هذه المصالحة في الإيمان المسيحي النابض بالحياة، لا يمكن أن تتم إطلاقاً عن طرق ملائكة أو رؤساء آباء ولا أنبياء عظام، بل فقط عن طريق الثالوث المحبة خالق الكل، ففداء البشرية واتحادها بالله تممها الله بمحبته وبنفسه، لأن صورة الله ومثاله التي فقدها وشوهها الإنسان بسقوطه ليس باستطاعة الإنسان إعادتها – بأي شكل من الأشكال أو بأية طريقة أن كانت، فلا يستطيع إعادتها بكامل عملها إلا إذا كان هذا الإنسان إلهاً !!! لأن من يستطيع أو يقدر أن يُعيد صورة الله في داخل نفسه إلا لو كان له القدرة على الخلق أو التجديد، وهذا يستحيل على البشرية ككل بل وعلى الخليقة كلها حتى الملائكة ورؤساء الملائكة !!! فالإله المتجسد شخص يسوع المسيح كلمة الله، هو وحده فقط بصفه أن به كان كل شيء فهو القادر أن يرد ويُعيد إلى جنسنا الساقط صورته الإلهية الأولى الذي شوهناها بالخطية والانفصال عن الحياة أي الله، ويُعيد مثاله المفقود في داخلنا، ويجعلنا واحداً معه … لذلك في قانون الإيمان الحي نعترف بالرب المسيح أنه هو [ مولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر ] مشكلة الإنسان اليوم، أنه يُريد أن يعيش بعقله الهابط روحياً والمضغوط بقوى فلسفية ونفسيه، ومقيد بعجزه وضعفه الذي يعاني منه ويشعر انه مُعاق عن الوصول للحياة مع الله، ولا يستطيع أن يتذوق حرية الابن الحقيقي لله، بل حينما يحاول أن يدخل في علاقة مع الله يضع بنودها في حدود حريته المُقيدة وأعماله الميتة وأحياناً حسب بحثه ودراسته الروحية أو اللاهوتية، وأن تقدم قليلاً في الطريق الروحاني بشق الأنفس، يُقدم لله عبادة في حدود الجسد وأعماله التي بالكاد تستطيع أن تريح ضميره قليلاً فقط بعد مشقة وطول عذاب، فهو يعطي العشور وينفذ الصلوات بقدر الإمكان ويخدم في الكنيسة … الخ … لكي في النهاية يصل لإرضاء الله الذي يظن أن هذه هي الطريقة التي تُرضي الله وتريح قلبه من ثقل إحساسه بالخطية وخوفه من عقاب الله في النهاية التي يتذوق منه في حياته اليومية بآلامه ومعاناته مع الدنيا وما فيها !!! (مع أن كل هذه الأعمال صالحة جداً ومُفيدة للنفس التي تؤمن فتخرج هذه الأعمال منها كثمر إيمان حي) ويا للأسف الكثيرين اليوم لا يعون ولا يدركون عمل المسيح الرب في عمق التدبير الخلاصي، لأنه لم يأتي إلينا فقط من أجل إزالة عائق الخطية ويزيل سلطان الموت، بل كان الهدف أن يزيل هذا العائق ليدخلنا في سر التبني، لا كمجرد مرتبة أدبية عالية أو سامية، أو مجرد حياة أخلاقية سامية أو لمجرد عبادة لله ببنود وناموس جديد، أو ليهبنا ديناً جديداً لنتدين ونعيش بدين أسمى أو أعظم من باقي الأديان، فهذا ليس عمل الرب يسوع في ملء الزمان، لأن هذا يندرج فقط تحت الإنسان الميت الذي لا يرى الله ولا يبصره إلا حسب الفكر الفلسفي في إطار الأجرة، أعمل فآخذ أجرة، فكل أعمالي أقدمها لله على سبيل الأجرة لأنه يجازيني لأني أتمم ما عليَّ أن أتممه كعبد [ أما الذي يعمل فلا تُحسب له الأُجرة على سبيل نعمة بل على سبيل دين ] (رو4: 4)، مع أن عمل الله الحقيقي يتلخص في : أنه أولاً أعطانا الحرية بفكنا من سلطان الموت ووهبنا حياته الخاصة وسر بنوته للآب، لكي به يصير لنا حق الدخول للأقداس العُليا كبنين متطبعين بالطبع الإلهي فينا، لذلك إذ هو النور شع علينا بقيامته فقال لنا أنتم نور العالم، أي صرنا نور مثله لأنه أخذ طبعنا الخاص ومجده وأعطانا نوره الخاص فيشع فينا نصرته، فكابن وحيد – حسب الطبيعة – للآب تمجد بقيامته من الأموات لنتمجد معه أيضاً لأننا واحد معه لا بالتشريف ولا بمجرد الاعتقاد أو الاسم أو الشكل، إنما واحد فعلاً وعلى مستوى تجسده الشخصي الحقيقي في ملء الزمان حسب التدبير، فصرنا أولاداً لله فيه (وهذا هو نعمة التبني التي صارت لنا بسبب تجسد الكلمة) !!! اليوم يا أحبائي علينا أن ندرك عمق أبعاد إيماننا الحي بالمسيح يسوع الله الظاهر في الجسد، لندخل في هذا السر العظيم سر الوحدة مع الله بالروح القدس الذي يُغيرنا إلى شخص المسيح ابن الله الحي، لنصير لله أبناء فيه، حينئذٍ فقط ستسقط الخطية وحدها بدون عناء وتفقد سلطانها المدمر للنفس، بل وسيسقط كل عائق يمنعنا من أن نقترب من الله الحي، الذي يشع فينا نور ابنه الوحيد، لأن لنا طبع نوراني جديد يرفعنا إلى علو المجد مع المسيح في سر التقوى بعمل الروح القدس في داخلنا، وفي هذه الحالة نتحرر ونعبد الله بالروح والحق وليس حسب حركات الجسد وبنود قانون أو ناموس أو مجرد أعمال نُداين بها الله على سبيل الأجرة كعبيد، إنما كبنين يحبون أبيهم في المسيح الرب فيفرحوا به جداً ويصير هو فرحهم الحي، وتتدفق المحبة من القلب فنحب الله من كل القلب والفكر والنفس والقدرة، ومستحيل أن نكف عن الصلاة أبداً أو قراءة كلمته وحفظها في القلب ووضعها على الرأس بإكرام شديد، بالعيش بها في ملء قوتها، وفي هذه الحالة لن نشكو أو نئن تحت ثقل الخطية لأنها ستسقط بسهولة ويسر ونغلب بقوة غلبه يسوع التي في داخلنا !!! + فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جدة الحياة (رو 6 : 4) + لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضاً بقيامته (رو 6 : 5) + عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صلب معه ليبطل جسد الخطية كي لا نعود نستعبد أيضاً للخطية (رو 6 : 6) + فان كنا قد متنا مع المسيح نؤمن إننا سنحيا أيضاً معه (رو 6 : 8) + فان كنا أولاداً فأننا ورثة أيضاً ورثة الله ووارثون مع المسيح إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضاً معه (رو 8 : 17) + الذي لم يشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين كيف لا يهبنا أيضاً معه كل شيء (رو 8 : 32) + و أقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع (اف 2 : 6) + مدفونين معه في المعمودية التي فيها أقمتم أيضاً معه بإيمان عمل الله الذي أقامه من الأموات (كو 2 : 12) + و إذ كنتم أمواتاً في الخطايا وغلف جسدكم أحياكم معه مسامحاً لكم بجميع الخطايا (كو 2 : 13) + متى أُظهر المسيح حياتنا فحينئذ تظهرون أنتم أيضاً معه في المجد (كو 3 : 4) + فإذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع. طريقا كرسه لنا حديثا حيا بالحجاب أي جسده. وكاهن عظيم على بيت الله. لنتقدم بقلب صادق في يقين الإيمان مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير ومغتسلة أجسادنا بماء نقي. لنتمسك بإقرار الرجاء راسخا لأن الذي وعد هو أمين. (عب 10: 19 – 23) وبعدما ندخل في حرية مجد أولاد الله لنا الحرية وباختيارنا أن نستمر نحيا في هذه الحياة أو نرفضها، لأن مع إننا نلنا كل شيء بمعموديتنا ولبسنا الإنسان الجديد، ونُمارس الإفخارستيا كغذاء حي لنا، ومع ذلك لن نكون معصومين من أن نُخطأ أن تكاسلنا عن الجاهد ولم نثبت في طريق الرب بقوة النعمة التي نلناها منه، ونستمر في توبة حية مع إيمان حي واعي، ورجاء ثابت في الله، ولا نكف عن أن ننمو لتلك الصورة عينا من مجد إلى مجد كما من الرب الروح، ولنحذر لأنه مكتوب: [ فلنخف أنه مع بقاء وعد بالدخول إلى راحته يرى أحد منكم أنه قد خاب منه ] (عب4: 1)، فلا تخيبوا يا إخوتي، بل تمسكوا بوصية الله بقوة وتضرعوا إليه بانسحاق القلب واطلبوه فتجدوه معكم ينفخ فيكم نسائم روح الحياة فتتقوا وتنتصروا بقوته، كونوا معافين باسمه العظيم في قوة نعمته ثابتين آمين |
|