صداقة يسوع _ توماس كمبيس
صداقة يسوع
توماس كمبيس
إذا كان يسوع حاضراً، فكل شيء مُستحَبّ، ولا شيء يبدو عسيراً،
فإذا تَغيَّب يسوع فكل شيء يكون ثقيلاً.
إن لم يتكلم يسوع في الداخل، فالتعزية تافهة،
فإن نطق بكلمة واحدة، شعر الإنسان بتعزية عظيمة.
ألم تقم مريم، في الحال، من الموضع الذي كانت تبكي فيه،
حينما قالت لها مرثا: ألمعلم حاضر وهو يدعوكِ"؟
ما أسعد الساعة التي يدعوك فيها يسوع من الدموع إلى فرح الروح!
ما أجَفَّك وأشد يُبُوستك بدون يسوع!
ويا لغباوتك وبُطلان رأيك، إن اشتهيت شيئاً آخر غير يسوع!
أليس ذلك خسارة لك، أعظم مما أن تفقد العالم بأسره؟
ماذا يستطيع العالم أن يُعطيك بدون يسوع؟
ألعيش بدون يسوع جحيم لا تُطاق، أما العيش مع يسوع فنعيم عَذب.
إن كان يسوع معك، فلا عدو يستطيع مضرتك.
من وجد يسوع، فقد وجد كنزاً ثميناً، بل خيراً يفوق كل خير.
ومن خسر يسوع فخسارته عظيمة،
بل أعظم بكثير مما لو خسر العالم بأسره.
إنه لفقير جداً من عاش بدون يسوع،
وغنيُّ كُلَّ الغني من عاش هانئاً في صُحبة يسوع.
عِلمُ عظيم معاشرة يسوع، وحكمة سامية معرفة الإقامة معه.
كُن متواضعاً مسالماً، يُقيم يسوع معك.
كُن تقياً ومُطمئناً، فيمكث يسوع معك.
سُرعان ما تُنَفّر يسوع وتخسر نعمته،
إن شئت الانصراف إلى الأمور الخارجية.
وإن أنت نفَّرته وفقدته، فإلى من تلجأ حينئذ؟ ومن تلتمس لك صديقاً؟
لا يُمكنك العيش سعيداً بدون صديق،
وإن لم يكُن يسوع صديقاً لك فوق الجميع،
فإنك تكون في كآبة ووحشةٍ عظيمة.
فمن الغباوة إذن، أن تجعل ثقتك أو مسرتك في أحد غيره.
والأجدر بك أن تُؤثِرَ عداوة العالم بأسره، على إسخاط يسوع.
فليكن إذن يسوع وحده حبيبك الخاص، من بين أحبائك جميعاً.
ليُحَبَّ الجميع من أجل يسوع، أما يسوع، فمن أجل ذاته.
فإن يسوع المسيح وحده جدير بهذا الحب الخاصّ،
لأنهُ وحده صالح أمين دون جميع الأصدقاء.
فيه ومن أجله أحبب الأصدقاء والأعداء،
ولأجلهم جميعاً تضرَّع إليه، لكي يعرفوه جميعهم ويُحبُّوه.
لا تشته البتَّة أن تُخصَّ بمدح أو محبة،
فإن ذلك لله وحده، وليس له من نظير.
لا ترغبنَّ أن تشغل قلب أحد، وأنت لا يشغلنَّك حُبُّ أحد،
بل فليكن يسوع فيك وفي كل إنسان صالح.
+++
إن ليسوع الآن تُباعاً كثيرين، يرغبون في ملكوته السماوي،
أما حاملو صليبه فقليلون.
كثيرون يبتغون تعزيته، أما مُبتغو مضايقه فقليلون.
كثيرون يُشاركونه في المائدة، أما شُركاؤه في التقشف فقليلون.
الجميع يرغبون في أن يفرحوا معه،
أما الذين يُريدون احتمال شيء من أجله فقليلون.
كثيرون يتبعون يسوع إلى كسر الخُبز،
أما تابعوه إلى شرب كأس الآلام فقليلون.
كثيرون يُكرمون مُعجزاته،
أما الذين يتبعونه في عار الصليب فقليلون.
كثيرون يُحبون يسوع، ما دامت المحن لا تنتابهم.
كثيرون يُسبحونه ويُباركونه، ماداموا يَحصُلون على بعض تعزياته،
فإن توارى يسوع وتركهم قليلاً، سقطوا في التذمر أو في فشل مُفرط.
أما الذين يحبون يسوع لأجل يسوع، لا لأجل تعزيتهم الذاتية،
فإنهم يُباركونه في كل مضايقهم وكرب قلوبهم،
كما في أعظم التعزيات.
ولو شاء أن لا يُعطيهم التعزية أبداً
فهم مع ذلك يُسبحونه دائماً، ودائماً يبتغون شُكره.
آه ! ما أقوى حُبَّ يسوع، إذا كان خالصاً
لا يشوبه شيء من الحب الذاتي أو المصلحة الشخصية!
أليس من الواجب أن يُدعوا جميعهم أُجراء،
أولئك الذين يسعون أبداً وراء التعزيات؟
ألا يُثبتون أنهم يُحبون أنفسهم أكثر من حُبهم للمسيح،
أولئك الذين يفكرون دوماً في مصالحهم ومرابحهم الشخصية؟
أين تجد إنساناً يرضى أن يخدم الله مجانا؟!