ان ما يطلبه يسوع من التلميذ يتطلب تغييراً حقيقياً وتوبة حقيقية: "ان يكون صغيراً"، موقف يخالف موقف معظم الناس العطاش الى السلطة والعظمة. يجب على يسوع ان يواجه هذا التناقض مع محيطه الديني والاجتماعي ومع الآخرين ومع جماعته الجديدة، وهذا سيقوده الى النهاية المأساوية، الآلام والصليب. يجب على يسوع ان يضع نفسه الى هذا الحدّ: أخلى ذاته، وأطاع حتى الموت" (فيل 2/ 8)، ومن هنا يأخذ الاعلان عن الصليب والموت معناه العميق.
ان طلب أم أبني زبدى يمثل نقاش دار بين الكنائس المحلية الاولى التي أساسها الرسل. وأياً كان أصل هذا المقطع، فان الأم لا تطالب بامتياز، بل انها تسأل فضلاً من يسوع، ولكنه فضلٌ يفترض في أصله امتيازاً. ان ردّة فعل يسوع تبدأ بسؤال يضع كلّ من الأم والابنين وبحرية أمام الآب (متى 20/ 21)، كما هو ذاته امام الآب. يسوع يخضع للآب، ولهذا فهو لا يملك السلطة الحاسمة والكاملة في الملكوت السماوي.
لا يتكلم يسوع عن المصير الذي سيُعطى لنا في الملكوت بعد تحققه الكامل، بل يتكلم عن الشروط التي يجب ان تتوفر فينا لكي ندخل ذلك الملكوت: "أن يشربان الكأس التي سيشربها" (متى 20/ 22). يسوع يدعو التلاميذ الى الاتحاد بمعلمهم بمصيره وحياته: "حسب التلميذ ان يكون كمعلمه" (متى 10/ 25). يسوع يقدم الألآم الى تلميذه، والى كلّ من يريد اتباعه. يعلمنا يسوع اتباعه يعني الخضوع الى الآب خضوعاً كلياً وقبول تصميمه وملكوته بكل ما يترتب عليه.
ان موقف التلاميذ الاخرين لا يتميز كثيرا عن موقف الاخوين، فغيرتهم من طلب الاخوين ليست من ملكوت الله. لكي ما نجلس مع ابن الانسان يجب ان نخدم الاخوة (متى 20/ 27): هذه هي العظمة الحقيقية في ملكوت السماوات. ان دعوة يسوع هي دعوة معروضة على حريتنا (من أراد...): وحريتنا تتجلى في خدمة الآخرين بتواضع. على مثال ابن الانسان، يعرف المسيحي بان الحياة الحقيقية تكمن في خدمة القريب