|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما هي الأدلة على ضرورة الوحي ؟ : نقول لسائل هذا السؤال ، تتبرهن ضرورة الوحي مما يأتي . - أن كل واحد يشعر بالإحتياج إليه ، ويعرف أن في أصل الإنسان وطبيعته وآخرته والخطية وكيفية غفرانها ، وغلبتها مسائل لا مشاكل يقدر أن يعرفها ، ويحلها من تلقاء نفسه ، مع أن معرفتها وحلها ضروريان لأجل السعادة والطهارة . - يستلزم ما تقدم أن الإنسان إذا لم يقدر أن يجعل نفسه صالحاً وسعيداً في هذا العالم ، لا يقدر بدون الوحي أن يتأكد صيرورته كذلك في العالم الآتي ، ولا سيما وهو يعلم أن الموت باب وراءه دار مجهولة وظلام مدلهم . - إذا سلمنا بأن للفلاسفة قدرة على حل تلك المشاكل ، وإراحة أفكارهم ، فهذا لا يجدي نفعاً للغير ، بل يبقى سائر الناس في إضطراب الفكر ، وحالة اليأس وشهادة الفلاسفة في كل الأجيال ، سواء سلموا بذلك أم لا ، تبين عدم قدرتهم على حل تلك المشاكل العظيمة من جهة الله ، والنفس ، والخطية ، والخلاص ، والحياة الأبدية . ومن أقوال الذين عاشوا قبل مجئ السيد المسيح ، التي تؤيد ذلك قول سولون ، أن قصد الآلهة مكتوم تماماً عن البشر . وقول فيريسيديس عن مضمون مؤلفاته وهو أن ليس فيها شئ أكيد ، أو ما ارتضى به ، لأنه ليس لي معرفة الحق . وقول سقراط ، أن كل معرفة صحيحة عن الآلهة ، هي من الآلهة ، وقد مات ذلك الفليلسوف معترفاً بجهله ما يكون المستقبل . وقول أفلاطون ، ليس لنا أن نعرف الحقائق إلا من الآلهة ، أو من أنبياء الآلهة ن وليس وسيلة لنعرف إرادة الآلهة إلا بنبي يعلنها لنا . وأيضاً قوله ، أن عقل الإنسان يحتاج إلى الإنارة الإلهية لفهم ما يتعلق بالله كما تحتاج العين إلى نور الشمس لترى الموجودات . وقول شيشرون ، أن كل الأشياء محاطة بظلمة دامسة تسترها ، حتى لا تقدر قوة عقلية أن تكشفها . وقوله أيضاً عن سقراط ، ورفاقه من الفلاسفة ، أنهم إلتزموا أن يعترفوا بجهالتهم ، ويسلموا أن لا شئ يعرف ويفهم ، ويدرس تماماً . وقول فارو ، ( وهو من مشاهير علماء الرومان في القرن الذي قبل مجئ المسيح ) جواباً لسؤال بعضهم له ، ما هو الخير الأعظم ، إن الفلاسفة اختلفوا في ذلك ، وقدموا فيه ثلاث مائة وعشرين رأياً . وفي مدينة أثينا مركز الفلسفة الوثنية الشهير ، وجد في عهد بولس مذبح لإله مجهول ( راجع سفر أعمال الرسل الإصحاح 17 ) . ومنذ مجئ السيد المسيح ، إلى الآن ، مازالت الأدلة على عجز العقل البشري في حل المسائل الأدبية والدينية تزداد قوزة ، ويصح في هذا الباب قول هيوم ، الملحد الشهير ، أن الديانة في كل أبوابها ، لغز ، وسر لا يحل ، وجل ما نحصل عليه من أدق البحث عن هذا الموضوع ، هو الشك ، وعدم التأكيد ، والتوقف عن الحكم . ويماثله قول الرسول بولس ، أن العالم لم يعرف الله بالحكمة ، وما جاء في سفر أيوب ، إلى عمق الله تتصل ، أم إلى نهاية الهاوية تنتهي ، هو أعلى من السموات ، فماذا عساك أن تفعل ؟ أعمق من الهاوية ، فماذا تدري ؟ أطول من الأرض طوله ، وأعرض من البحر .. أما الرجل ففارغ ، عديم الفهم ، وكجحش الفرا يولد الإنسان ( أيوب 11 : 7 – 12 ) . - عدم إمكان البشر أن يعرفوا الله بالحكمة أو بواسطة نور الطبيعة معرفة كافية . فيتضح من التاريخ ، والكتاب المقدس أن جميع الأمم الوثنية ، من المتقدمين والمتأخرين ، متمدينين كانوا أو متوحشين ، حاولوا جداً حل تلك المشاكل المهمة بواسطة نورهم الطبيعي ، ولم يقدروا . - إختلاف الذين يرفضون إرشاد الوحي ، مع أن أنواره تجلي الظلمات ، في أجوبة تلك المسائل ، وما نشأ عن آرائهم من نقض الطهارة العائلية ، وتكدير الراحة السياسية ، والسعادة الشخصية . فلم ينشأ عن إرشاد نور العقل إلا إقتياد من اتخذه محجة الهدى إلى حال لا غلو في تسميتها جهنم الأرضية . فيلزم عما تقدم أن الوحي ضروري للإنسان : وقديماً بحث أوغسطينوس ، اللاهوتي الشهير ، في هذا الموضوع في كتابه المسمى " مدينة الله " ، ومن جملة الأدلة التي أوردها لبيان إحتياجنا إلى الوحي ، ما يلي . - إن طبيعة الإنسان الدينية تحتاج إلى إعلان من الله ، كاف لسد حاجاتها في حالتها الساقطة . - إن حاسيات الإنسان الدينية تطلب المعونة الروحية والإرشاد إلى الحق . - إن إستعداد البشر على الدوام لإستقبال إعلانات إلهية ، يشهد لتوقعهم إياها ، وإحتياجهم إليها . - إن الديانة الكاملة لا تقوم بمجرد نظر البشر إلى الله وتقديم العبادة له ، بل بنظر الله أيضاً إلى البشر ، وإعلان نفسه لهم ليكون الإقتراب بين الله والبشر متبادلاً ، ولاسيما لأن الإنسان يحتاج إلى إقتراب الله إليه أكثر جداً مما يحتاج الله إلى إقتراب البشر إليه ، وينبغي أن الله يخاطب البشر قبل أن يخاطبوه هم . - أن ليس بين آراء البشر الفلسفية ، أو إعتقادهم الدينية الوثنية ، ما يغنينا عن الوحي مطلقاً ، بل بالعكس ، الوحي قد أغنانا عن كل آراء البشر ، في شأن الديانة ، وكفى كل ما نحتاج إليه من التعليم ، والإرشاد مدة أجيال عديدة |
|