هل تُقبل اليه اليوم
قيل ان عازف الكمان الذائع الصيت فريتز كرايسلر كسب ثروة ً طائلة بمؤلفاته وحفلاته الموسيقية التي كان يقيمها بمختلف بلاد العالم . وكان يأتي ليشاهد ذلك الفنان المشهور آلاف ٌ من الجماهير حبا ً لموسيقاه العذبة التي كانت تجذب الجمهور وتجعله ينسى كل شيء ولا يهتم في تلك الساعات الا في الموسيقى التي يصدرها صوت الكمان الذي يعزف عليه ذلك الفنان . الا انه بالرغم مما كسب من مال ٍ كثير فقد كان يُعطي بسخاء ٍ معظم ما يكسبه من المال لمساعدة الكثيرين ، حتى انه لما عثر مرة على كمان ٍ فاتن خلال احدى سفراته ِ تبين له انه غير قادر ٍ على شرائه . واذ جمع فيما بعد المبلغ الكافي لدفع سعر الكمان الغالي رجع الى البائع آملا ً ان يتاح له اقتناء تلك الآلة الرائعة ولكن امله خاب لما ابلغه البائع ان شخصا ً من هواة جمع التحف الغالية قد اشترى الكمان ، فسأله عن عنوان ذلك الشخص ، فبحث عنه ووجده ُ . وفي الحال ذهب اليه كرايسلر والتقى به ، وبعدما ان حياه طلب منه ان يشتري الكمان وبالسعر الذي يطلبه ، الا ان الرجل قال له : إن الكمان صار أعز ما عندي ولا يمكن لي ان اتخلى عنه ولو دفعت لي كل ما تملك . إن هذا الكمان قد اصبح جزءا ً هاما ً من حياتي . واذ هم ّ كرايسلر بمغادرة القصر خائبا ً خطرت له فكرة ، فالتفت الى الرجل مرة ً اخرى وسأله ُ : هل تسمح لي ان أعزف على الكمان قبل أن يُحكم عليه بالصمت الدائم ويفقد انغامه ُ العذبة الى الابد ؟ فاذن له الرجل ، واذا بالعازف الماهر يملأ الغرفة بموسيقى ساحرة تخلب الالباب . وامضى حوالي نصف ساعة ٍ من العزف المتواصل على الكمان وهو مغمض العينين لشدة تأثره ِ بصوت ذلك الكمان . إذ ذاك جاشت عواطف مالك الكمان فقال بتأثر ٍ باد ٍ : لا يحق لي ان احتفظ به لنفسي ، انه لك . خذه الى العالم ودع الناس يسمعونه ُ . كم انا اناني ، لم ادرك ماذا كان عندي وكيف كنت سأحرم الناس من هذه الانغام العذبة . فاعطى الرجل الكمان لكرايسلر ورفض ان يأخذ ثمنه ُ ، إذ قدمه هدية ً منه لكل محبي الموسيقى .
في كثير ٍ من الاحيان نملك في ايدينا امورا ً كثيرة مهمة ولا ندرك وجودها في حياتنا ، فقد منحنا الله الخلاص بشخص ابنه ِ يسوع المسيح ويطلب منا ان نقبل هذا الخلاص ، ولكن بجهالتنا نرفض خلاصه ُ الثمين . هل تُقبل اليه اليوم وتقبل خلاصه ُ الذي صنعه من أجلك ؟