تحولي عن ظروفك بالفرح بدل النواح
حَنّة بنت فنوئيل
لم يذكر الكتاب المقدس عن هذه المَرأة سوى ثلاثة آيات، ولكن نستطيع ان نستخلص من كل كلمة درسًا قيّمًا لحياتنا. لم تَكن ظروف هذه السيدة سهلة، بل كانت قاسية وتدعو الى الأكتئاب، ولكنها كانت تحيا على العكس تمامًا لإنها لم تكن تتذمر. إنّ إختيار حياة السلام والفرح أمر مرتبط بالعلاقة الحميمة مع الرب، والملئ بالروح القدس، كذلك الفرح الحقيقي لايعتمد على الآخرين: كالزوج والزوجة، الوالدان، الأبناء، الأقارب والأصدقاء... ولا يعتمد على الظروف مثل الميراث، التربية، الوظيفة، السكن، المشاكل الصحية والمصاعب المالية... وأيضًا لا يعتمد على الأشياء كالمال، الدرجات العلمية، المسكن، الملابس والأثاث المنزلي...
لقد تزوجت حنّه، لكن رجُلها مات بعد سبعة سنوات. فترملت وإرتدت لباس الحداد، لم تنجب أطفالاً وعاشت أرملة لمدة اربعة وثمانين سنة، ونستدل هنا بأنها تزوجت وهي شابة، اي قبل عمر العشرين، وعندما التقت بالرب كان عمرها فوق المئة. إمرأة تعاني من الشيخوخة والوحدة، ومن الواضح انها لم تكن تملك منزل، لأنّ الكتاب يخبرنا بأنها لم تكن تفارق الهيكل ليلاً ونهاراً. لقد كانت عابدة، وهذا يشير بإن هذه الأرملة لم تتخذ موقفًا سلبيًا من الله، فرغم حرمانها من الزوج والأولاد إختارت بأن تحب الواهب وليست الهبة. لقد كانت مصليّة وصائمة، متشبه بالرب الذي كان يصلي في الليل وفي النهار يجول يصنع خيرًا. كانت ايضًا مسّبحة تعلن عن فرحها بالرب، كما اعلنت حنّة في القديم قائلة: " فرح قلبي بالرب، إرتفع قرني بالرب ". لقد كانت نشيطة ولم تحن السّنون ظهرها، وهذا لإنها كانت تنتظر الرب بفرح فكان القدير يجدّد كالنسور شبابها. هذه السّيدة عندما وقفت لتتحدث،لم تذكر ظروفها الصعبة، بل تحدثت عن الرب الذي هو خير حديث، فاسمه يولد فرح في القلب، ويجعل في الفم طعم العسل، ويعطي في الأذن تسبيح والحان. لقد كانت حَنَّة شاهده للرب امام الجميع، وكانت نبيّة عاشت حياة التوقع والإنتظار لأنها امتلكت وعد من الله وصدقته. ولقد تحقّق هذا الوعد في حياتها بالإيمان والصلاة والتحرك بالروح القدس، وأخيرًا نالت البركة وهي مجيء الرب الذي انتظرته سنين طويلة.
عزيزتي القارئة، لربما تُصَلين وتنتظرين بركات من الرب لحياتك الشخصية، أو لأحد أفراد عائلتك. ثقي بأن الله سيكرم ايمانك وصلواتك وفي وقته سيسرع به. وإني أشجعك بأن تستمري بالسلوك بالروح لأنك سترين الوعد وتنالين بركة تحقيقهُ.
الإسم "حَنّة" معناه "نعمه" و"حنان"، ولقد تعامل معها الرب بالنعمة والحنان. وانحدرت حنة من سبط " اشير " الذي ترجمته " الغبطة والسرور ". وهذا ما عاشت فيه المرأة، وذلك لأنها رأت وجه الرب. وهذا يفسر إسم والدها " فنوئيل " (تكوين32-30:24).
اختي الفاضلة مهما كان سنك ومهما كانت ظروفك إفرحي بالرب، فالفرح الذي يعطيه الرب هو صفة مميّزة للملكوت (روميه 17:14) الفرح الدائم يتحقق من خلال علاقة صحيحة مع يسوع، الذي هو مثال لنا إذ إحتمل التجربة العُظمى: موت الصليب من اجل السرور الدائم الذي كان موضوعًا أمامه (عبرانيين 12-2:1).