الغيرة الحسنة
"حَسَنَةٌ هِيَ الْغَيْرَةُ فِي الْحُسْنَى كُلَّ حِينٍ" غلاطية 4: 18
هل الغيرة جيدة؟
الحقيقة أن الغيرة نوعان أساسيان، وهما:
1. الغيرة المرّة: وهي الغيرة السلبية التي تنافس الحسد، مشاعر مريضة ومريرة تؤذي صاحبها أولا قبل أن تؤذي المحيطين به، تـُعمي البصيرة حتى تصبح الشكوك والظنون مكان الحقيقة والواقع، ويتحدث عنها الكتاب المقدس بقوله "ولكن إن كان لكم غيرة مرة وتحزب في قلوبكم فلا تفتخروا وتكذبوا على الحق" يعقوب 3: 14. فحذار من مرارة هذه الغيرة وضراوتها فهي تنهش العظام وتتفشى في الجسم دون سابق إنذار كالسرطان.
2. الغيرة الحسنة: وهي أن ترجو الخير لنفسك كما تتمناه للآخرين. فتنظر إلى السلوك الايجابي للآخرين، تتحدى ذاتك والصعوبات من أجل الوصول إلى الهدف السامي الموضوع أمام ناظريك. يعجبك تصرف وسلوك أحدهم، صموده في الظروف الضاغطة، اجتهاده وتحديه للصعاب، نظرته الايجابية للحياة، رؤيته دائما لنصف الكأس الممتلئة، يسعى نحو الغرض دائما وإن تعثر يقوم ويتابع المسير، فتغار منه للحسنى، أي تتمنى أن تتحلى بما يتحلى به، وأن تكتسب الصفات والسلوكيات الايجابية المميزة فتكون من نصيبك. وكل هذا نابع من احترامك وتقديرك العلني والخفي لما لدى الآخر، وما يمكنك أن تتعلم منه وتقتدي به، فأنت هنا لا تطلب سلب ما للآخر أو تقليل قيمته، بل تنظر إلى جوانب القوة والنجاح لديه، وتتمنى وتنوي وتعمل لتصبح مثله في هذا الأمر أو الجانب، تحتذي حذوه في النجاح والتقدم، في الحياة السعيدة والسلام الداخلي، في خدمة الآخرين والأمانة..
يؤكد لنا الرسول بولس أهمية هذا النوع من الغيرة واستحسانه له بقول الوحي: "حسنة هي الغيرة في الحسنى كل حين.." غلاطية 4: 18.
فليتنا جميعا نترك الغيرة الحسودة المرّة المؤذية، وندرب أنفسنا وأذهاننا على الغيرة البناءة التي تكرّم وتحترم، تتعلم وتقتدي بسلوك وانجازات ونجاحات الآخرين، وتركز طاقاتها لتحقيق أهداف إيجابية بناءة، للانطلاق والتحليق في فضاء مشورة وخطة الله الرائعة، الكاملة والصالحة تجاهنا.
قل لي: ما نوع "غيرتك"؟ أقول لك من أنت!