|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأحد الّذي بعد عيد ميلاد المسيح. مِذْوَدُ القيامةِ في مدائنِ الموتِ وأتوهُ!!. أتوهُ طفلاً في المِذْوَدِ ليقتلوه!!... خافوه!!... والمغارةُ والرّعاةُ والنّجوم!!... علّقوا بطشَهم وبأسَ ملوكيّةِ حكمِهم على كلماتِ النّبوءاتِ... على أسماعِ قلوبِهم وهواجسِ أفكارِهم... وبقوا مدفونين في عتماتِ أحلامِ ليلِهم... وإذ تنزّلوا إلى جحيمِ أطماعِهم... صرخوا: ها النّبوءاتُ تتحقّقُ اليومَ... وخافَ... خافَ الحكّامُ وأصحابُ الكراسي والسّياداتِ... خافوا الكلمةَ المكتوبةَ الآتيةَ من حدثِ النّبوءةِ... وتبادلوا المعرفةَ الكذوبَ... والأقاويلَ وفقاقيعَ غليانِ شيطانِ الحقدِ والموتِ في أحشائِهم... ارتعبَ الولاةُ والحكّامُ والملوكُ في غيِّ سؤددِهم، من طفلِ المغارةِ!!!. وممّا كُتبَ في مصاحِفِهم... خافوا المذودَ وفقرَهُ المرميَّ خارجَ المدينةِ، لأنّ منازلَهم لم تستقبلْه والّذي يرقدُ فيه هو الطّفلُ العجبُ؟!... ما هذا؟!... من هو هذا؟!... أهو الّذي دوّنَتْهُ النّبوءاتُ على لسانِ وأحكامِ مجوسِ المشرقِ الآتين إلى أورشليم مدينةِ الملكِ الصّارخين: "أين المولودُ ملكُ اليهودِ؟!. فإنّا رأينا نجمَهُ في المشرقِ فوافيْنا لنسجدَ له؟!"... وتمدّدَتْ أصواتُ النّبوءةِ في أورشليم كلِّها... تمدّدَتْ مدينةُ الملكِ العظيمِ حتّى بلغَتِ المسكونةَ بملءِ ملئِها!!. وصرخَ هيرودسُ وأعوانُهُ في حكمِ المدينةِ المختومةِ بختمِ الملكِ!!. هذه مدينتُنا!!... هذه أرضُنا!!. هذه لنا!!... والآنَ!!. أين الملكُ الآتي إلى مدينةِ مُلْكِهِ... لنأتيَ ونسجدَ له؟!... هكذا أسْرَعَ هيرودسُ في خوفِهِ هاربًا من "لعنة" الكلمةِ التسآلِ!!... خافَ من صوتِ المجوسِ الآتين من المشرقِ ليصيروا بالطّفلِ الشّارقِ من جحيمِ أزمنةِ كلِّ التّاريخِ، ليولدوا اليومَ بولادتِهِ هو التّاريخُ الجديدُ!!... ليس بالمُلْكِ والعظمةِ وبهرجِ السّؤددِ، لكنْ بالطّفوليّةِ الإلهيّةِ المولودةِ من حشا العذراء مريمَ الملكةِ حوّاءَ الجديدةِ أمِّ الإلهِ بالجسدِ!!. ها اليومَ أمُّ الحقِّ والعدلِ معلّقةٌ على الصّليبِ والمذودِ وابنِها مذبوحًا ملاحقًا مهدّدًا بسيوفِ زبانيّةِ الشّيطانِ، هو وكلُّ نسلِ آدمَ الجديدِ لتُفْتَقَدَ البتوليّةُ والعذريّةُ والدّمعةُ النّقيّةُ الغاسلةُ كلَّ أنماطِ خطايا وجهالاتِ الشّعبِ!!... "من صدّقَ خبرَنا ولِمَن استُعلِنَت ذراعُ الرّبِّ؟!"... للجالسين في الظلمةِ وظلالِ الموتِ؟!... وسمعَ هيرودسُ الملكُ النّبوءَةَ وصوتَ الآتي... أحسَّهُ في وجعِ قلبِهِ فخافَ!!... أتخافُ الملوكُ أطفالَ الكلمةِ البكرِ؟! في المذودِ؟!. واضطربَ هو وكلُّ أورشليمَ العتيقةِ معه، الّتي بنَتْ ملكَها على هياكلِ الفرّيسيّةِ، طاردةً الفقراءَ والأحرارَ وأطفالَ شعبِها حتّى لا يزعجوها!!... "اضطرَبَ هيرودسُ الملكُ هو وكلُّ أورشليمَ معه... فجمعَ كلَّ رؤساءِ الكهنةِ وكتبةِ الشّعبِ واستخبرَهم قائلاً: "أين يولدُ المسيحُ؟!"... فقالوا له: في "بيتَ لحمَ" اليهوديّةَ. لأنّه هكذا كُتِبَ بالنّبيِّ: وأنت يا "بيتَ لحمُ" أرضَ يهوذا، لستِ بصغرى في رؤساءِ يهوذا، لأنّه مِنِكِ يخرجُ المدبِّرُ الّذي يرعى شعبي "إسرائيل"!!". وخافَ!!. خافَ الملكُ مرتعبًا من أحكامِ "المدبِّرِ" الطفلِ الموضوعِ في مذودٍ!!... وإذ خافَ جُنَّتِ الشّياطينُ في الجحيمِ فأعولَت: ما بالُ حُكْمِنا يندحرُ بالخوفِ؟!!. اقتلوه... اقتلوه!!... اذبحوه هو وكلَّ أطفالِ ذريّةِ آدمَ الحاملةِ وجهَهُ، اسمَهُ، ختمَهُ!!!. والآتينَ إليهِ من كلِّ أقطارِ الأرضِ ليسجدوا له!!... وعادَ الملاكُ!!. ملاكُ الرّبِّ فظَهَرَ ليوسفَ في الحلمِ؟!... لِمَ في الحُلُمِ؟!... أليسَ يوسفُ صِدّيقًا؟!... ألا يعبدُ ربَّ الأربابِ وسماءِ السّمواتِ وكلِّ ما كُتِبَ في سفرِ الأحياءِ والأمواتِ، الحاملَ في دمائِهِ وعظامِه آلامَ شعبِهِ؟!... قُمْ!!. ففي الصّحوِ فكرُ السّقوطِ والشّكِّ واستنباطاتُ المنطقِ!!!. والتّسآلُ... تسآلُ الأنا: أين أنا من كلِّ ما حولي وفي داخلي؟!... أين منطقُ الأشياءِ الحالّةِ والمحيطةِ بنا؟!... مَنْ مِنّا في كلمةِ العليِّ؟!... أين البدايةُ إلى النّهاياتِ؟!... لماذا كلُّ ولادةٍ محكومةٌ بالموتِ؟!... وهذا الآنَ الآتي طفلاً؟!... أتُحكَمُ الأطفالُ باسمِ الملكِ؟!... ما مُلْكُ هذه الأوقاتِ والأزمنةِ وأحداثِ الولاداتِ؟!. ألهذه الدّنيا يحيا البشرُ؟!... يحيون ولا يموتون؟!... مَنش الآتي فيهم ومنهم ليحيا حاكمًا بيننا؟!. أين الآتي؟!... "أأنتَ الآتي أم ننتظرُ آخرَ؟!"... * * * * * قُمْ واهربْ!!. "خُذِ الصّبيَّ وأمَّه واهربْ!!... إلى مصرَ وكن هناك حتّى أقولَ لكَ فإنّ هيرودسَ مزمعٌ أن يطلبَ الصّبيَّ ليُهْلِكَهُ"... "حينئذٍ لمّا رأى هيرودسُ أنّ المجوسَ سخروا به غضبَ جدًا وأرسلَ فقتَلَ كلَّ صبيانِ بيتَ لحمَ وجميعِ تخومِها من ابنِ سنتَين فما دون على حسبِ الزّمانِ الّذي تحقّقَهُ من المجوسِ... حينئذٍ تمّ ما قالَهُ إرمياء النّبيُّ القائلُ: صوتٌ سُمعَ في الرّامةِ نوحٌ وبكاءٌ وعويلٌ كثيرٌ. راحيلُ تبكي على أولادِها وقد أبتْ أن تتعزّى لأنّهم ليسوا بموجودين!!"... هكذا تمدّدتْ أصواتُ القلوبِ النّاحبةِ مداخلَ وأطرافَ بيتَ لحمَ وفي ملءِ أورشليمَ، مدينةِ الملكِ العظيمِ، الآتيها ملفوفًا بأقمطةٍ والموضوعِ في مذودِ الحيواناتِ!!. اليومَ صارَ الكونُ كلُّه أورشليمَ المستَقْبَلةَ مولودَ القتلِ والذّبحِ والموتِ ليُحْيِيَ كلَّ الأطفالِ الّذين ذبحَهم الشّيطانُ والّذين لم يُذبحوا بعد والآتينَ رفوفَ الطّيرِ الرّاحلِ، ليأتيَ بالأرحامِ العاقرةِ لتولِدَ الحياةَ الحقَّ من مذودِ البهيميّةِ إلى قداسةِ الإلهِ... اليومَ يُسمَعُ صوتُ أطفالِ الرّامةِ المدفونينَ في أرحامِ أمّهاتِهم الصّارخةِ: أين أطفالي؟!.. أين عرابين حبّي لإلهي الّذي افتقدني وزارني فحبلْتُ كالنّبيّةِ إذ قاربَها صوتُ ربِّها وختنِها برجُلِها!!.. اليومَ صارتْ بدءُ النّبوءاتِ وحدَها واقعَ الحبِّ الإلهيِّ العظيمِ للبشريّةِ الّتي لم تعرفْ زواجًا ولا وُلِدَتْ من إلهٍ ولا من كلمةٍ ولا من فعلِ خصبِ صلاةٍ ولا من انتظارِ كلمةِ الوعدِ إلاَ بمريمَ البتولِ!!... اليومَ بميلادِ الطّفلِ الإلهيِّ "يسوعَ عمّانوئيلَ"، في المذودِ يُسطِّرُ الرّبُّ اللهُ الآبُ على وجهِ البشريّةِ اسمًا جديدًا، لخالقِها!!... اليومَ تموتونَ يا شهداءَ أنانيّاتِكم الّتي تَبذُرْ النّعمةُ فيهم الوعدَ الجديدَ بولادةِ الطّفلِ الإلهيِّ الخارقِ نواميسَ الطّبيعةِ!!. أرَدْتم كلَّ سني أعمارِكم وآبائِكم وأجدادِكم أن يبقى الإلهُ مطمورًا في حفنةِ وعودِ كذبِكم بأنّكم تحيون في الإلهِ وكنتم أنتم ترفعون التّماثيلَ البرونزيّةَ والشّعائرَ الصّخريّةَ والنّقوشَ والصّورَ على هياكلِ قبورِكم وعباداتِكم الأرضيةِ ومصاحفِ إيمانِكم بأنفسِكم!!... أرأيتُم أنّكم كلَّكم متُّمْ ودفنوكم في مقابرِكم فصرتُم تراثًا لعائلاتِكم وذخرًا حريزًا للباحثين عن تواريخِ الحضاراتِ الغابرةِ في الصّحاري الّتي ليس فيها آبارُ مياهٍ تختزنُ النّعمةَ الّتي ستحلُّ وإن طالَ غورُها في رؤيا قلوبِ الّذين يعرفون أنْ لا حياةَ إلاّ بذاكَ الّذي ننتظرُه في أحشاءِ وأرحامِ قلوبِنا!!... "من هو الإنسانُ حتّى تذكرَهُ أو ابنُ الإنسانِ حتّى تفتقدَهُ؟! أنقصتَهُ قليلاً عن الملائكةِ، بالمجدِ والكرامةِ كلّلتَهُ وعلى أعمالِ يدَيْكَ أقمتَهُ"... اليومَ يولدُ المسيحُ طفلُ وعدِ الحياةِ الجديدةِ، ليموتَ عن موتِ كلِّ أطفالِ الوعدِ القديمِ الّذين سيجدِّدُ هو ولاداتِهم في أحشاءِ العذارى أمّهاتِهم!!. اليومَ لن يبقى إلاّ إخصابُ الرّوحِ في الحياةِ الجديدةِ والكونِ المتجدِّدِ، ليبنيَ الإنسانُ الجديدُ الوعدَ الإلهيَّ الجديدَ لحياةٍ لا حُزْنَ ولا موتَ ولا مطلبَ سؤددٍ لها وفيها ومنها، إلاّ وجهَ الطّفلِ الإلهيِّ في وجهِ كلِّ رجلٍ وامرأةٍ في كونِنا هذا المتجدِّدِ في نواميسِ الطّبيعةِ الجديدةِ النّابعةِ من كلمةِ الإلهِ، والمرسَلَةِ بالرّوحِ القدسِ، لتصيرَ كلُّ أرحامِ أمّهاتِ العهدِ القديمِ أرحامًا بتوليّةً تتلقى فيها الغرسَ الإلهيَّ!!. اليومَ يصيرُ اسمُ الكونِ كلِّه "مريمَ"، المستجيبةَ لإنباءِ الإلهِ لها أنّها هي زرعُ الإلهِ الآبِ الكائنِ، الّذي كان وسيكونُ في هذا الكونِ لتلدَ بالنّعمةِ الطّفلَ، الإلهَ المتجسِّدَ الصّائرَ عبدًا بحسبِ الهيئةِ والباذرَ في سرّيّةِ وعدِ الحبِّ الإلهيِّ للكونِ كلِّه ولجميعِ الواقفين سُجّدًا عند أقدامِ ابنةِ المَلِكِ لتلدَ لهم وفيهم ومنهم للبشريّة مُسَحاءَ لا يطالُهم الموتُ، بل يحيون من موتِ الجسدِ، إلى استنارةِ ومعرفةِ حقِّ الظهورِ الإلهيِّ حتّى القيامةِ.... آمين. الأمّ مريم (زكّا) رئيسة دير القدّيس يوحنّا المعمدان |
09 - 01 - 2015, 10:51 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: مِذْوَدُ القيامةِ في مدائنِ الموتِ
ميرسى للموضوع الجميل جولى
ربنا يباركك حبيبتى |
||||
|