|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هو أمس واليوم وإلي الأبد هذه حقيقة الإنسان في الماضي والحاضر والمستقبل، الإنسان الذي يراك(الله) أو يظن إنه بكثرة العبادات والصلوات والميطانيات وحضور القداسات يظن في نفسه إنه شيء، وإنه مؤهل لقيادة شعب الله وحراسته وإنه لا يفعل خطأ ولم يقُل كلام كذب بل هو إله علي الأرض يظن إنه يري بعينيك ويسمع بأذنيك ويتكلم بلسانك ويعمل بيديك ويسير بقدميك حتي أفكاره تكون أفكارك وقراراته تكون قراراتك. ما هذا يا رب!؟ وما هذا الضلال الذي يقع فيه هذا الشخص الذي بعد أن أخترته لك، وقدسته وقربته إليك يظن في نفسه إنه شيء مهم في الحياة وإنه مركز الكون، والكون يدور حوله صانعاً هاله حول رأسه، وإن علي الجميع أن يخضعوا لهذه الهالة ولهذا الرجل (رجل الله) المختار. وأن يخضعوا لكل ما يقوله لهم لأنه ليس فيه شر بل هو قديس من القديسين العظام الذين لم يأتي مثلهم من قبل وإنه استحق أن يختاره الله!؟ لقد أخترته يا رب ليس لأنه قديس ولكن "لأن ليس بار ولا واحد" بل بنعمتك أخترته وقربته إليك ليكون خادمك وخادم لشعبك. فيكون الفضل ليس فيه بل منك أنت ويكون الافتخار بك وليس بنفسه "حتي كما هو مكتوب من أفتخر فليفتخر بالرب". وعندما يظن هذا القائد إنه مختار من قِبل الله لأنه صاحب ميزة أو موهبة أو كفاءة أو مقدرة أو ذكاء....إلخ؛ فيكون هذا هو الشر بعينه ويكون هو سبب عثرة وسقوط الكثيرين. هذا هو الدور الذي قام به هارون، بعد أن رأي الله وتم اختياره وتقديسه ليكون رئيس كهنة لشعب أيضاً مختار، نجده يقع في هذا الفخ فأصبح عثرة في وسط شعبك وسبب سقوطهم. ذهب هذا الشعب وطلب من هارون (رئيس الكهنة) أن يصنع لهم ألهه تكون أمامهم. لماذا؟ ليس لأنهم رفضوا الله، أو أعلنوا عدم إتباعهم لهذا الإله، ولكن، لأن موسي تأخر ولم يعرفوا عنه شيئاً. وكأن حضور الله متمثل في حضور شخص وغيابه. هذا هو الضلال المُبين، عندما تنحصر القداسة وحضور الله في شخص آخر فيكون مركز اهتمامي ليس الله ذاته بل الشخص نفسه. أقدسه وأعبده واتتلمذ علي يديه وعلي أقواله وعلي أعماله وأقلده فأجعله ملكاً وإلهاً عليَّ، وإذا غاب الشخص نضل نحن ونتوه ونذهب لنصنع إله آخر من صنع أيدينا حتي ولو كان تمثال. هذا هو الإنسان، إنه تائه، في حيرة من أمره، لا يعرف الصواب من الخطأ، الصدق من الباطل، الحق من الكذب؛ يسعي ويبحث دائماً وأبداً عن من يقوده إلي الله ومن يتحكم فيه ويقول له افعل هذا ولا تفعل تلك، إنسان يُسيره كما يشاء دون تفكير أو إعمال عقله في ما يفعله. فقط يلقنه الأوامر وعليه التنفيذ، حتي ولو كانت وصايا دينية. أليس ملكوت الله في داخل الإنسان!؟ أليست كلمته المقدسة حاضرة معنا دائماً!؟ أليست حياة الآباء والقديسين الذين سبقونا أكبر دليل علي إنهم استمدوا قداستهم من كلي القداسة وحده، وإنهم أصبحوا وسيلة لنتعرف علي الله من خلالهم وليسوا هدف في حد ذاته لنعبدهم وننشد لهم الكثير من أقوالهم وحياتهم، أما حياتنا لا تعبر ولا تمثل هذه القداسة التي نحن نتحدث عنها. حقاً، القداسة تستثير إعجاب الكثيرين، بيد أن عدواها لا تصيب سوي القلة. وتتمادي الأحداث فيأخذ هارون هذه الصورة (الهالة) التي كانت متمثلة في موسي ويقود الشعب ويسمع لكلامهم وينفذ أوامرهم. لماذا؟ لأنه رجل الله المختار والمُعين من قبل الله، هل يصدر أمراً خطأ أو يقول قولاً معيباً؟ نجده (هارون) يقترح علي شعب بني إسرائيل أن يأتوه بالذهب لنصنع منه تمثالاً من صنع أيدينا وأمام أعيننا ونعبده ونقدم له القرابين ونذبح له ونسجد له أيضاً ونُقيم له عيداً. نجده (هارون) فضل إرضاء الشعب عن إرضاء الله، وذلك بحجة إن هذا الشعب بطبعه شرير وفيه شر!؟ كيف تبرر هذا؟ وكيف تصنع لهم إله؟ ولماذا لم تناقشهم في طلبهم؟ كيف اندفعت هذا الاندفاع؟ لماذا لم تحذرهم؟ لماذا لم تكشف لهم حقيقة ما سوف يفعلوه؟ لماذا حتي لم تغضب؟ لماذا حتي لم ترسل أحد ليتأكد بخبر موسي؟ ما الذي دفعك لهذا الفعل؟ - ربما كثرة الأعداد التي تحيطه. - ربما الشعور بثقل المسئولية وعليه أتخاذ قرار سريع في هذا الموقف المفاجئ. - ربما رؤيته لنفسه واعتزازه بها، حيث أصبح في مكان قيادة بدل موسي. - وربما أيضاً كان يري ويسمع الشعب وهو يمدح ويُعظم في موسي بدرجة جنونية، حيث أتاحت له الفرصة لهذا المكان واتخاذ القرار. - ربما أيضاً تقديسه وتقربه من الله سمح له ان ينظر إلي نفسه علي إنه شخص مميز عن باقي الشعب. ولكن ماذا كان رد فعل موسي؟ حمي غضبه، رغم إعلان الله له موقف الشعب من صناعة عجل ذهبي. فأخذ العجل واحرقه بالنار وطحنه حتي صار ناعماً وزراه علي وجه الماء. ثم ذهب ليحاكم ويعاتب أخاه هارون، لماذا؟ أليست هذه مشورة الشعب؟ ولكن لأنه المسئول الأول والأخير عن هذا الشعب في غيابه. وإنه ليس هناك مبرر أو عذر يقودك لصناعة عجل ذهبي. ولأنك رغم تقديسك واختيارك من قِبل الله أصبحت مؤهلاً لخدمته وخدمة شعبه ولكنك كنت سبب عثرة لهذا الشعب، وكنت سبب سقوطهم في الخطية وسبب ابتعادهم عن الله؛ فأصبحوا زناة ومرفوضين من الله. وأصبحت أنت أيضاً يا هارون ليس رجل وخادم الله بل أصبحت نبي كذاب، أصبحت راعي أجير لا يهمك الرعية بقدر اهتمامك بنفسك. أصبحت ليس بقائد يقود شعبه إلي الله بل تقوده إلي اهوائه وأفكاره النجسة والدنسة، حتي ولو لم تسجد لهذا العجل أنت شاركته افكاره وأهوائه بدل من أن تذكره بأعمال الله معهم والعهد الذي أخذوه علي أنفسهم وتحذرهم وتنذرهم بما هما قادمين عليه. ظن الشعب أن الله سوف يعاقب هارون فقط لأنه المسئول عن هذا، ولكن المسئولية مشتركة والعقاب مشترك. لماذا؟ - لأنه وافقهم علي طلبهم. - لأنهم اشتركوا معه في صناعة العجل. - لأنهم عبدوا العجل كلهم. - لأنهم ذهبوا وراء هارون. ونتيجة لذلك نجد موسي يدخل في مساومة مع الله إما أن تغفر لهذا الشعب هذه الخطية أو تمحو أسمي من كتابك. هذا هو الراعي الصالح (موسي)، الراعي الذي فضح خطية الشعب ولا يبالي بأحد سوي إلهه. راعي يهمه خلاص الشعب وتوبته وإلا يكون سبب عثرة أو سبب في سقوطهم. راعي يفضح حقيقة دوافعهم ويواجههم بأنفسهم، ويكشف زيفهم وزيف عبادتهم وأفكارهم الشريرة. ولكن الله خرج من هذه المساومة ببديل ثالث وحق كتابي هام وهو: لن أقوم بالغفران فقط لأني بالحقيقة أنا كذلك، ولن أمحو اسمك من كتابي لأنك أمين في رسالتك وخدمتك، ولكن، "من أخطأ اليا أمحوه من كتابي". وليست هذه الرسالة موجه للشعب فقط أو لهارون فقط بل لك أنت أيضاً يا موسي، لأن ليس أحد فوق الخطأ والخطية والضعف مهما كان ومهما وصل ومهما سمع ومهما رأي. لأني أخاف (نعم أخاف) أن أغفر وأصفِح وأُسامح وارحم فقط، فتقل مخافتهم لي فيتمادوا في الخطية والعصيان والبعد عني بحجة الغفران والرحمة وينسوا أو يتناسوا إني إله غيور وغضوب علي الشر والخطية وإني سوف أعاقب من يخطئ إليَّ. لا أريدك أن تأخذ هذه الصورة عني يا موسي ولكن هذه الصورة لا يقبلها الناس عني بسبب كثرة الاصوات التي تدعو إلي الرحمة والغفران والمحبة وليس هناك من يوبخ ويحذر وينذر، فأصبحت مفاهيم الناس عني ناقصة مشوهه مريضة، نعم أعرف أن الناس تريد ان تسمع لصوتها ولا تريد أن تتقبل هذا الجزء الآخر من هذه الصورة عني ولكن سوف تثبت الأيام القادمة إنهم سوف لا يقبلون التحذير والتوبيخ حتي عندما أتي أنا إليهم بنفسي لم يتقبلوا كلامي هذا، والقليل القليل من يتبعني ومن يصبر إلي المنتهي. هذا أنا، صورة كاملة وليست ناقصة. هذه الصورة الناقصة التي تأخذها عني أيها الإنسان ليست من صنعي أنا بل من صنعك أنت. أنت الذي تصنعها وتنسجها من أفكارك وتعبدها في سلوك حياتك اليومية. أنت من تصنع جحيمك بنفسك وليس أنا. تصنعه بأفكارك وسلوك حياتك، تصنعه بإرادتك الحرة التي أعطيتها إليك، وجعلتها علي صورتي ومثالي. ليس أنا من أتحكم فيك بل أنت من تتحكم فيَّ، أنت الذي تقرر مصيرك. لك الاختيار. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
فالله هو الله .. أمس واليوم وإلى الأبد. |
الله هو أمساً واليوم وإلى الأبد |
يسوع المسيح هو هو امس واليوم وإلي الأبد |
يسوع المسيح هو هو؛ أمسًا واليوم وإلى الأبد |
هو هو امسا واليوم وإلى الأبد |