|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التعرف على الخطيئة أيضاً وأيضاً والعلامات التي تدل عليها ما ذكرنا أعلاه عن معرفة الحالة الخاطئة ومن ثم عن التعرّف إلى الخطيئة يبدو غير كافٍ بالنسبة لعقلية مُتعلْمِِنة وبخاصة عند شباب اليوم. فيأتي السؤال كالآتي: هناك أوضاع مُعقَّدة وحالات صعبة، ومُناخات متلبّدة لأعمال قد نقوم بها لا يمكن التمييز فيها بسهولة والتيقن أننا خَطِئنا أم لم نَخَطأ. فهل من علامات إضافية تدل بالتأكيد على ارتكاب الخطيئة أو عدم ارتكابها؟! للإجابة على هذا السؤال، نستعين بآراء الأب كزافييه تيفينو Xavier Thévenot ونستنتج علامات خمس: 1: العلامة الأولى : المخالفة : • المخالفة هي تعدٍ على وصية إلهية أو مانع أدبي أو شريعة اجتماعية .... و ليس من السهل تحديد العلاقة بين المخالفة و الخطيئة .... فيمكننا القول إنّ كل خطيئة هي مخالفة، لكن ليس كل مخالفة هي خطيئة. فأحياناً المخالفة ليست إرادية .... وأحياناً يجهل الشخص وجود مانع أدبي لعمل ما، أو أنه يعتقد أن مخالفة هذا المانع لا تؤثِّر في علاقته مع الله .... • و يمكن أيضاً أن يكون المانع المفروض على عمل ما أو الدافع إليه يضرُّ بإنسانية الإنسان (مثلاً تلقي الأمر بقتل الأسير) ... كأنّ الإنسان وُجد من أجل الشريعة، لا الشريعة من أجل الإنسان. • وقد يحصل أخيراً، أنّ مخالفة مانع ما يسمح بالمحافظة على مانع أهم، فنجد ذواتنا أمام ما يسمى عند اللاهوتيين" بتنازع القيم: "de valeurs conflit" • ولكن الوصية الوضعية، الإلهية والكنيسة، تبقى المرجع الأساسي لتقييم المخالفة، تقييماً يجب أن يكون بمؤازرة الروح القدس في جو من الصلاة والتفكير السليم، والاهتمام بالحصول على رأي المراجع الكنسية. وإلاّ أصبحت "المخالفة" دليلاً على خطيئة قائمة. 2- العلامة الثانية : الانحراف و الأعمال المنحرفة : الانحراف هو حالة شخصية أو ميل في الكيان الداخلي يجد الإنسان من خلاله أنه في وضع أدبي لا يتطابق مع قاعدة سارية في المجتمع الذي يعيش فيه. أنواع الانحراف متعدّدة، فمنهم من عنده ميل إلى إشعال الحرائق، ومنهم إلى السرقة و منهم إلى تعذيب الذات و الآخرين، ومنهم من يهوون سكب الدم أو الانتحار، أو الإدمان... وللميدان العاطفي انحرافاته أيضاً كالتوْق إلى التواصل الجنسي بطرق غير طبيعية والقبوع في حالات الشذوذ المتنوعة. ففي شتى أنواع الانحراف، يجب الرجوع إلى الكنيسة، فهي أم و معلمة، ولا تَني عن متابعة التطورات الحضارية لعالم اليوم وتعقّداتها ، وبصفتها "خبيرة في الإنسانية" فإنها تغرف من كنوزها "جدداً وقدماء" وترمق أولادها والعالم بنظرة حب وحنان. والحال أن الكنيسة تقول: إنّ الانحراف لا يكون خطيئة بحد ذاته في كثير من الأحوال بل ميل فاسد جامح يصعب فيه تقدير المسؤولية الشخصية.... فالخطيئة هي في اقتراف الأعمال المنحرفة ... وإنّ الإنسان المنحرف يبقى شخصاً محبوباً من الله عليه أن يعمل ما بوسعه بمؤازرة النعمة ومساعدة الآخرين على التخلص من انحرافه، وإذا لم يُفلِح في ذلك فَلَه أن يتعامل مع حالته الخاصة من دون أن يُفعِّلها بأعمال منحرفة . أعمال كهذه إذا ما حصلت فإنها تعود إلى الخطيئة و تكون علامة لها ... 3-العلامة الثالثة : الألم و التألم : * من الناس، من يعتبر أن هنالك معادلة بين الألم والخطيئة.... فإذا ما تألم أحد فلابد أن يكون قد أخطأ هو أو غيره... هذا الاعتبار رفضه يسوع في قصة الأعمى منذ مولده. فعندما سأله تلاميذه "من أخطأ هو أمْ أبواه حتى وُلِد أعمى "أجابهم" لا هو أخطأ ولا أبواه" (يوحنا 9/1-3). * لكنه في الوقت نفسه نرى مقاطع كتابية تعد بالفرح والسلام والسعادة لمن يعيش حسب الفرائض الإنجيلية في اتّباعهم للمسيح ... وتَعِِد على عكس ذلك بالويلات لمن يستغلّ الآخرين، أويغتني بطريقة غير مشروعة أو يقيّم نفسه كنبي كاذب. ( لوقا 6/24) ... * وفي غير موضع من الكتاب المقدس تظهر صلة بين الخطيئة وقوى الشر من ناحية، وبين حالات المرض والتعاسة والضياع من ناحية أخرى فكيف نوفّق بين هذه المعطيات الكتابية؟ * يوجد تمييز عند اللاهوتيين ما بين الآلام الطبيعية أو المفروضة علينا من قِبل الطبيعة، وبين الألم الأدبي الناتج عن الخطيئة . فإنه لفي طبيعة الإنسان أن يعاني من الفشل والأوجاع الجسدية والتمزقات الناجمة عن تعثُّر مشاريعه، وصولاً إلى الخوف المستمر من مجابهة الموت المحتّم ... آلامٌ كهذه لا يمكن أن تُعتبر كعواقب لخطايا شخصية، لأنها ناتجة عن طبيعة الإنسان المحدودة. * بينما تنكشف لنا في المقابل مغبّة الخطيئة المؤلمة عند تعاملنا السلبي مع الآفات الطبيعية التي نعاني منها وتقودنا إلى التمرد والعصيان أو إلى الكفر والإلحاد ... أو تظهر هذه المغبة من خلال شرور إضافية ناتجة مثلاً عن استغلال الإنسان للإنسان سواء أكان هذا الاستغلال صادراً عن شخصنا بالذات، أو كنا نحن ضحيته. وحدها هذه المغبّات الأخيرة المؤلمة تشير إلى ضميرنا أننا في حالة الخطيئة . 4-العلامة الرابعة : مادة العمل أو محتواه (راجع ما قلنا ه في القسم الأول من هذا الموضوع عن أنواع الخطيئة، وعن الخطيئة المميتة، والخطيئة العرضية) 5- العلامة الخامسة : وجود الندم و الشعور بالذنب: - بعض المسيحيين يقولون : أنا لا أشعر بالندم، "إذاً أنا لم أفعل شراً" والبعض الآخر : أنا أشعر بندم كبير "فخطيئتي إذاً عظيمة" - لكنه ما يحصل غالباً هو أن قلة الشعور بالذنب أو تزايدها لا يتوافقان تماماً مع جسامة الخطيئة المرتكبة فإذا كان لابد للخاطئ أن يشعر بالندم ، فإنه لا يمكن أن يقيّم حالته الخاطئة ارتكازاً على هذا الشعور وحده ورغم ذلك يبقى الندم (ومن ثم الشعور بالذنب) منبهاً مهماً إلى وجود الخطيئة . |
|