|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الشخصية السوية (5) الإحتياجات القمص داود لمعي راعي كنيسة مارمرقس كليوباترا ١ سبتمبر ٢٠١٤ إن لكل إنسان إحتياجات جسدية ونفسية وروحية واجتماعية كثيرة ومتعددة، والإنسان يحتاج إلى إشباع هذه الإحتياجات الطبيعية أو حتى الحصول على الحد الأدنى منها لكى تكون له شخصية سوية ومعتدلة.. ومن هنا تظهر وتنشأ الدوافع التى تدفع الإنسان لعمل أى شئ من أجل تلبية حاجته وتحقيق مطالبه وتطلعاته.. فالدافع يتولد من الحاجة.. والحاجة هى أم الابتكار والاختراع..! والجوع.. هو الإحتياج الأشهر بين البشر، وشدة الجوع تؤدى دائماً إلى عدم سواء الشخصية..! إن هذا الجوع ليس بالضرورة أن يكون جوعاً مادياً فقط نحو الطعام والشراب والمظاهر والشهوات، إنما يمكنه أيضاً أن يكون جوعاً نفسياً للحب أو للأمان أو لتحقيق الذات.. فالإنسان الشديد الجوع للحب يقع بكل سهولة ويسر فى براثن أول شخص يمنحه ويبارله كلمات الحب حتى لو كان ذلك الشخص فاسداً وشريراً..! أو يسلك غاضباً وحانقاً ولائماً بسبب نسيان وإهمال أصدقائه وأحبائه له.. لكن لو أحيط ذلك الإنسان بالحنان وشبع بالحد الأدنى من حب المحيطين به مثل والديه أو إخوته أو أبنائه أو زملائه، سيكتسب شخصية سوية لا تنساق بغير بصيرة وراء كلمات الحب الزائفة ولا تنهار بغير رجاء أمام هجر المحبين والأصدقاء، بل تجد لديه القدرة على التسامح وإحتمال الناس ملتمساً لهم المبررات والأعذار. أما عن الاحتياج إلى الأمان.. فإن عدم الإحساس بالأمان والهدوء وطمأنينة النفس يخلق شخصيات غير سوية ترتعد خوفاً وتضطرب قلقاً وتنزعج بشدة لأى حدث تافه أو أى طارئ بسيط، كما أنها تخشى المستقبل والمجهول وتهاب الحديث أو التعبير عن ذاتها وتفتقر إلى الثقة فى نفسها وفى الآخرين أيضاً فلا تتواصل مع الناس بل ت,ثر الإبتعاد والإنطواء..!! وهذا الخوف الدفين غالباً ما يتملك الإنسان بسبب أحداث جسام فى الطفولة، مثل أن يفقد الطفل فجأة أحد والديه وهو مازال فى نعومة أظافره مع عدم قدرة وليه الآخر والمحيطين به على رعايته وإحتضانه بالحب والحنان ومنحه كل الثقة والأمان.. أو يكون مرجعه تعرض الإنسان للكثير من الظلم أو الخيانة أو المواقف الصادخمة خلال مشوار حياته خاصة إذا كانت صادرة من أحب وأقرب الناس إليه..!! وفى الحقيقة، هذه الشخصية تحتاج منا فعلاً لأن نمد لها يد العون.. فنحاول أن نغرس فى صاحبها الثقة بالنفس والشعور بالأمان ونساعده على التكلم ونشجعه على التعبير عن نفسه ونحتضنه بكل عطف وحنان حتى يهدأ بالاً وتطمئنن نفسه فتذهب عنه مشاعر الخوف والقلق وعدم الإحساس بالثقة والأمان. والشخصية السوية تحتاج أيضاً إلى الإنتماء.. فتعاملات الإنسان مع الآخرين وإندماجه التفاعلى معهم وعضويته وإنتمائه لأى أنشطة أو مجموعات خدمة أو فرق عمل اجتماعى أو فنى أو رياضى تقوده بالفعل إلى سواء شخصيته وإعتدالها.. فتجده مستريح النفس واثقاً، يعمل بروح الفريق متعاوناً ويجيد التعامل مع الناس بكل فرح وسكينة… أما الإحساس بعدم الإنتماء لأى هدف نبيل أو تعاون مثمر أو أى شئ نافع ومفيد، فذلك يلقى بظلال الخوف والضيق والقلق فى نفس الإنسان وينتهى به ذلك نحو الإحساس المرير بالإحباط والفشل..! وأهم ما يميز الإنسان عن باقى الكائنات الحية هو حاجته إلى الإحترام.. فأى إنسان، وبغض النظر عن كينونته الإجتماعية أو الثقافية أو المادية، يحتاج إلى الحد الأدنى من الإحترام.. إحترام آدميته أولا ثم إحترام فكره وعمله وطموحاته أيضا لكى ينشأ معتدلا سوياً… ونحن جميعاً نلمس مدى ما يلاقيه الأطفال فى المناطق العشوائية والقرى الفقيرة من إحتقار ومهانة وإهدار للآدامية والكرامة فتكون النتيجة هى تنشنة أجيال من الفوضويين الغوغاء الذين تمتلئ صدورهم بالكراهية والغل والحقد على الناس والمجتمع.. أطفال بؤساء لا تعرف قلوبهم أبسط مشاعر ومعانى المودة والتراحم لأنهم لم يتذوقوها من أهلهم وذويهم وجموع المحيطين بهم، فينعكس ذلك على سلوكهم فى صورة إدمان وعنف وإجرام وفساد. وهنا يأتى دور خادم العشوائيات الواعى الذى يدرك أهمية الحب والإحترام لمخدوميه.. فهؤلاء الأطفال الأشقياء لا ذنب لهم لأنهم ضحية المجتمع ونتاج التخلف والفقر والجهل، لكنه يستطيع أن يقوم طبائعهم وأن يهذب ويصلح سلوكياتهم وأن يخلق منهم شخصيات سوية ونافعة فى المجتمع إذا ما منحهم الإحساس الحقيقى بالآدمية والإنسانية وأقنعهم بأنهم خليقة الله الغالية التى على صورته ومثاله.. وهذا لن يتأتى ولن يتحقق إلا إذا عاملهم برفق ومودة وصبر، وأشبعهم حباً وحناناً وإحتراماً فعلياً من القلب ليعوضهم عن كل إهمال وتقصير وقسوة من الأهل والناس والمجتمع. والإنسان يحتاج أيضا إلى تحقيق ذاته… يحتاج لأن يعلن لنفسه وللناس أنه موجود وأن وجوده فى الحياة ليس بلا معنى وأن ما يفعله يستحق الإشادة والثناء.. هذا يؤدى به إلى شخصية سوية هادئة ومعتدلة، ويزرع الثقة فى نفسه وفى قدراته ويجعله مستريح النفس ومحباً للآخرين، فيستطيع أن يفسح لهم المجال والطريق لتحقيق ذواتهم هم أيضا.. أما الإستهانة بقدرات الإنسان والإستخفاف بأعماله وإنجازاته وعدم الإشادة به أو تشجيعه على الإطلاق، يؤدى به إلى شخصية غير سوية كسيرة النفس وهشة المشاعر تأبى أن تعطى أى فرصة للآخر كى ينجح، كما إنها تفتقر أيضا إلى الحب، فتخلق بها كلمات الثناء والمديح إلى حيث السحاب وتهوى بها عبارات الإنتقاص والإنتقاد إلى الحطام والتراب..! ويحتاج الإنسان أيضا إلى الحرية… التى يتوق إليها ويتطلع نحوها من أجل نقاء نفسه وسواء شخصيته… فالشاب المقيد بعادة سيئة مثل إدمان النخدرات أو الكحوليات أو العادة السرية أو غيرها، والآخر المكبل بخطية مذلة مثل الزنا أو شهوة حب المال أو الكذب، وأيضا ذلك المغلوب على أمره بطبائع قاسية مثل الغضب أو التعصب أو السباب أو الإنتقاد… كل هؤلاء يمثلون نماذجاً للبشر المستعبدين المأسورين والمفتقدين للحرية والخلاص ويجسدون أنماطاً حية للشخصيات المضطربة وغيرالسوية.. وهذه الشخصيات لن تهدأ بالا يوما ولن تنعم بالراحة أبداً إلا إذا تحررت من عبودية الخطية وتخلصت من أسر تلك العادات والطبائع الفاسدة.. ولن يتحقق ذلك طبعاً إلا بالإرتماء فى حضن ربنا يسوع المسيح للإرتواء من نعمة الغفران والخلاص وبالجهاد فى مثابرة ورجاء من أجل توبة حقيقية مستمرة وحياة طاهرة مقدسة.. إن كلمات الكتاب المقدس تؤكد على أهمية وقيمة هذه الحرية من خلال قصة مجنون الجدريين…(مر5: 1-20 )- ذلك الإنسان الشقى الذى به روح نجس والذى كان مستعبداً للشيطان مذلولاً بسبب الخطية، عرياناً يسكن القبور، دائم الصياح والهياج ليلاً ونهاراً ولا يستطيع أحد أن يسيطر عليه أو يهدئ من روعه… هذا لما رأى ربنا يسوع من بعيد ركض وسجد له، حينذاك تحنن ربنا يسوع عليه وأذن للأرواح النجسة أن تخرج منه وتدخل فى قطيع الخنازير الذى إندفع نحو البحر وإختنق.. حرره المسيح من عبودية الشيطان ورحمه من أسر وذل الخطية. ثم نظر الناس ذلك المجنون الذى كان فيه اللجئون جالساً ولابساً وعاقلاً فخافوا وتعجبوا..!! بل إن الذى كان مجنوناً مضى أيضا ليبشر أهل بيته ومدينته بما صنعه الرب معه من رحمة وما منحه له من نعمة، معطياً المجد له وحده… هذا هو العمل العجيب للحرية فى المسيح يسوع له المجد…!” فاثبتوا إذا فى الحرية التى قدر حررنا المسيح بها ولا ترتكبوا أيضا ينير عبودية”(غلا5: 1) والإنسان يحتاج دائماً إلى النمو الطبيعى وإلى التطور النفسى المعتدل الذى يجب أن يواكب وأن يساير التقدم فى المراحل العمرية المختلفة إلى حد الإشباع حتى يصل بشخصيته إلى محطة السواء والتكامل والنضج. إن عدم الإشباع والعجز عن التطور فى مرحلة عمرية معينة سيؤدى بطبيعة الحال إلى عدم النمو والعجز عن التقدم الطبيعى للمرحلة التالية، وهذا ينتهى بالإنسان إلى شخصية غير سوية. فيمكنك مثلاً أن ترى رجلاً كهلاً فى الخمسين أو أكثر من عمره وهو يحيا بلا إنضباط ويسلك كالفتية المراهقين بدلاً من أن ينهج كرجل عاقل وراشد وحكيم.. ذلك لأنه لم يعش فترة المراهقة بكل تقلباتها فى آوانها وحينها، فلم يستطع أن يخرج منها وتوقف عندها فإستقرت لديه.. هذا دفعه إلى الفشل فى أن ينمو نفسياً منتقلاً إلى المرحلة الطبيعية التالية نحو الرجولة والنضج وإلى العجز عن أن يتطور سلوكياً واجتماعيا متقدماً نحو الإستقرار النفسى والإتزان العقلى والسواء الشخصى. ملحوظة:كثير منا يعتقد بأنه غير مسئول عن إشباع الإحتياجات ويلقى باللوم على المجتمع الذى تركنا ننمو جوعى النفس.. فهذا شاب ناقم على المجتمع( لا سيما الكبار) لأنه لم يلقى الإحترام اللائق. من المهم أن ندرك مسئوليتنا فى إشباع إحتياجاتنا. فلكى أشبع حاجتى إلى الحب، ينبغى أن أحب الآخرين حتى أكتسب محبتهم. ولكى أشبع حاجتى إلى التقدير والإحترام، يجب أن أقوم بعمل جيد يستحق الإشادة. وهذه الدائة تنمو تلقائيا وبأستمرار. هل أنت جائع لحب الناس… ماذا تنتظر منهم؟؟ هل أنت قلق بدون سبب… وما هى أعراض هذا القلق؟؟ هل تنتمى لمجموعات من الناس… هل أنت سعيد بهذا الإنتماء؟ هل ترى نفسك ناجحا محبوباً؟؟ هل إختلفت عما كنت عليه من خمسة سنوات؟؟ كل الحاجات النفسية مرتبطة بعضها ببعض ويمكن تنميتها وإشباعها فى المسيح وداخل الكنيسة. |
02 - 09 - 2014, 03:43 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: الشخصية السوية (5) الإحتياجات
شكرا ربنا يبارك خدمتك
|
||||
02 - 09 - 2014, 07:42 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الشخصية السوية (5) الإحتياجات
ربنا يبارك حياتك
|
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سمات الشخصية السوية |
الشخصية السوية (الإرادة) (10) |
الشخصية السوية (6)- الحدود |
الشخصية السوية (3) – التوازن |
الشخصية السوية (4)- الأولويات |