|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الكنيسة تتبنى فكر المسيح عندما رتبت الكنيسة طقوسها لم يكن يدور بمخيلة الآباء الفكر اليهودي الجامد الحرفي، ولكنها كانت مشغولة بالروح.. كيف - من خلال الطقس - تقدم للإنسان وسائل ناجحة ليرتبط بالمسيح ويتعمق فيه. كيف ? من خلال الطقس ? تشغل كل الحواس لترى وتسمع وتلمس وتستنشق كل ما هو سماوي وكل ما هو روحاني وكل ما هو إلهي. فالبخور وملابس الكهنوت والأنوار والأيقونات والشموع والمذبح والميطانيات والمزامير والألحان والموسيقى، بل والخبز والخمر والزيت والماء.. وتنظيم القراءة وترتيب الأعياد وتنوع الليتورجيات.. كل هذا إنما جُعل لأجل الإنسان، ومن خلاله يرتفع الإنسان إلى السماء "ارفعوا قلوبكم"، ونصير شركاء السمائيين "احسبنا مع القوات السمائية"، ونرتقي في الفكر والحواس، وتتهذب مشاعرنا، وتنمو عواطفنا الروحية، ونلتقي بالله بل ونتحد به خلال السر المقدس الذي لجسده الإلهي ودمه الكريم الطاهر نصير بالحق "شركاء الطبيعة الإلهية" إذ قد "وهَبَ لنا المَواعيدَ العُظمَى والثَّمينَةَ" (2بط1: 4). لقد نجحت الكنيسة ? مسوقة بالروح القدس ? في أن تستجلب لنا السماء على الأرض، أو قل إنها تصعدنا في كل يوم للسماء لنتذوق بهاء الملكوت أو مجد الأبدية، فتشتاق نفوسنا بالأكثر إليها. إذا غابت هذه المفاهيم عن أذهان العابدين، فسنرتد مرة أخرى إلى الفكر اليهودي الضيق، والمنهج الفريسي المتزمت حيث ينشغل الإنسان بتوافه الترتيبات دون أن يتمتع ببهاء ممارستها. الممارسة تتطلب الأمانة لا الاستهانة. والأمانة تتطلب المعايشة لا السفسطة. والمعايشة للطقس تتطلب فهمًا ووعيًا وروحانية، ممارسة لذيذة مشبعة مفرحة، وتلاقي حقيقي بالمسيح من خلال كل قداس، وفي كل صلوة، ومع كل مناسبة. ما أجمل كنيستنا الرائعة.. "الرَّبُّ إلهُكِ في وسطِكِ جَبّارٌ. يُخَلصُ. يَبتَهِجُ بكِ فرَحًا. يَسكُتُ في مَحَبَّتِهِ. يَبتَهِجُ بكِ بترَنُّمٍ" (صف3: 17) |
|