|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هل الطقوس لا منفعة منها، وهل هي غير ضرورية؟ ثم نأتي إلى المستوى النفعي، الذي بـه قد ينظر البعض إلى العبادة الطقسية برموزها ومحسوساتها، فيعتبرون أن كل الجمال والحيوية فيها غير ضرورية وبلا نفع، وأن الله لا يطلبها ولا يُريدها. ولكن الكائن الإنساني ليس بمنتهى البساطة، نفعياً، فيرفض الجمال وحشد طاقاته الإنسانية في عبادة الله، مدَّعياً أنه ليس في حاجة إليها ليعبد الله، وأنه تكفي الكلمات الخارجة من فمه. ولكن هذا غير متحقِّق في عالم الواقع الإنساني اليومي. هل يدَّعي أي إنسان أنه ليس محتاجاً إلى الجمال في حياته اليومية، لأنه غير ضروري فإذا كان أيٌّ منَّا وهو منتظر زيارة مَن يحبه، أفلا يضع على المائدة غطاءً جديداً، ويُحيطه بالورود والزهور وربما بشموع وإكسسوارات أخرى، ليس عن ضرورة ولا عن نفعية؛ بل عن محبة وفرح بالزائر المحبوب؟ أما نحن فحينما نجتمع في الكنيسة، فإنما ندخل إليها بالفرح والتهليل، لأننا ننتظر حلول عمانوئيل إلهنا في وسطنا، إنه المسيح الذي قام من بين الأموات، فكيف لا نفرح به، وندخل إليه كعروس وهي داخلة إلى مخدع عريسها؟ إنه فرح الرجاء، ورجاء الفرح، الذي نُعبِّر عنه باللحن: يا ملك السلام، أعطِنْا سلامك، قرِّر لنا سلامك، واغفر لنا خطايانا، ندخل إليه ونحن لابسون أثواب البر، ونحرق البخور أمامه، ونُشعل الشموع والمصابيح، لتستضيء الكنيسة كلها بنوره الذي تُعبِّر عنه هذه الشموع والمصابيح. هذا هوالجمال الذي كثيراً ما جحده وأنكره علينا البعض أنه غير ضروري وبلا منفعة؛ بل كثيراً ما اتُّهم بأنه خطية! إن القداس الإلهي، كثيراً ما سُمِّي السماء على الأرض، لأننا في بدء القداس، نصرخ ردّاً على سؤال الكاهن خادم المذبح: أين هي قلوبكم أو ارفعوا قلوبكم؛ هي عند الرب. فنحن في الكنيسة واقفون في السماء حول العرش الإلهي وفي وسطه الحَمَل القائم كأنه مذبوح (رؤ 5: 6)، لنأكل فصحنا الذي لا ينفد ولا يتلاشى على مدى الدهور. ويا للفرح حينما نُعبِّر عنه بعد تناولنا من الأسرار بقولنا (على فم الكاهن الخديم): فمنا امتلأ فرحاً، ولساننا تهليلاً، من جهة تناولنا من أسرارك غير المائتة، يا رب. هذه هي طبيعة عبادتنا لله: فأنْ نُصلِّي ونعبد، يعني أن ننظر الجمال الروحي لملكوت السموات؛ وأن نُعبِّر عن هذا الجمال بالكلمات والترتيل واللحن والأيقونة،+ + + ومن خلال حركات أجسادنا: رفع اليدين، النظر إلى فوق، تقبيل اليدين وجهاً وظهراً، رشم الصليب، السجود مراراً وتكراراً حسب نداء الشماس، إحناء الرأس لسماع صلاة الحلِّ ومغفرة الخطايا، إشعال الشموع، حرق البخور، التمسُّح بالأيقونة وتقبيلها، تقبيل سِتر الهيكل... إلخ؛ كل هذا يعني أننا نستخدم كل طاقات كياننا الإنساني، حتى إذا ما خرجنا من الكنيسة يرتسم نور وجهك يا رب على وجوهنا (مز 4: 6). وبهذه الطريقة نمتد بالجمال الإلهي للعالم الذي حولنا، وللأشخاص الذين نقابلهم؛ فينتقل سلام الرب ومحبته للجميع، فنكون حقّاً وإحقاقاً كارزين بإنجيل المسيح. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الطقوس والمسيح |
الطقوس |
الطقوس |
الطقوس |
"الموجات فوق الصوتية" على مخ حديثى الولادة ضرورية ولابد منها |