|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كان يا ما كان في سالف العصر والزمان مملكة سعيدة يحكمها ملك عادل كان له من الأولاد أربعة صبيان وفتاة واحدة وكانت هذه الفتاة هي الأقرب إلى قلب والدها الملك.كان اسم الأميرة الصغيرة لؤلؤة كانت تتصف بالعناد وهي الصفة الوحيدة التي تمنى والدها أن تتخلص منها أميرته ولا تكبر معها،خصوصا أن العناد صفة تؤدي دائما بصاحبها إلى أمور غير محمودة عقباها. إلا أن الأميرة لؤلؤة لصغر سنها لم تكن تتخيل بان أي مكروه سيلحق بها طالما هي في كنف ملك البلاد الذي يملك قوة ملك الغابة الذي سمعت عنه بالقصص التي ترويها لها مربيتها قبل النوم.. الأميرة لؤلؤة عرفت عن ملك الغابة انه يجلس بعرينه ولا يتحرك منه إلا إذا سمع نجدة من حيوان ضعيف من وحوش الغابة ،هكذا تصورت الأميرة الصغيرة ملك الغابة .. ظنت انه كوالدها ملك البلاد فلطالما استغاث به الضعفاء من أبناء شعبه لحمايتهم ونصرتهم . وفي يوم من أيام المملكة السعيدة أعلن الملك عن بدء الاحتفال السنوي الذي يقام في كل عام إيذانا ببدء رحلة الصيد السنوية التي يقوم بها الملك وأبناؤه الصبيان و خيرة الصيادين في المملكة. احتفال هذا العام مختلف أيضا لان اصغر أبناء الملك من الصبيان الأمير مرجان سينضم للرحلة أول مرة خاصة وانه بلغ من العمر عشرة أعوام. كان الأمير مرجان هو أكثر الإخوة المقربين لقلب أخته الصغيرة لؤلؤة . في صباح اليوم التالي من الاحتفال الكبير الذي زين أرجاء البلاد بالسعادة بدأ الملك وحاشيته من الأمراء والوزراء والصيادين والجنود التأهب للرحلة. في هذه الأثناء كانت الأميرة لؤلؤة تلتصق برداء والدها الملك وتترجاه باكية ان يصطحبها معه خاصة وان أخيها مرجان سيرافقهم في هذه الرحلة. ابتسم الملك ضاحكا وقُبلها على جبينها قائلا : أعدك بان اصطاد لك أنا ومرجان غزالا صغيرا يكون صديقا جديدا لك. وافهمها بان رحلة الصيد تقتصر على الرجال دون النساء لما فيها من خشونة ومشقة وتعب . اصطحبتها المربية برفق بأمر من الملك إلى داخل القصر و ظلت الأميرة تبكي متشبثة بذيل رداء والدها الملك إلا أن أصابعها الطرية لم تقوى على التمسك بالثوب لفترات طويلة. ومضى الركب برحلته ….. ظلت الأميرة الصغيرة تبكي و تبكي..مما أثار حنق والدتها عليها و أمرت المربية على الفور أن تذهب بها إلى غرفتها عقابا لها على عنادها وعدم انصياعها للأوامر.. ظلت الأميرة بغرفتها وحيدة تتنهد وتراقب موكب الملك وهو يمضي من نافذة غرفتها.. فجأة توقفت الأميرة لؤلؤة عن البكاء وطرأت على بالها فكرة بان تلحق بالموكب خاصة وأنهم لم يبتعدوا كثيرا، بان تقتفي آثار حوافر الخيول التي تجر عربة الملك وخيول الحاشية. وبالفعل استطاعت أن تتسلل من غرفتها دون أن تلحظها والدتها الملكة أو مربيتها أو احد من الخدم إلى إسطبل الخيول واستطاعت أن تمتطي فرسها لؤلؤ وتتسلل خارج أسوار القصر دون أن يلحظها احد من الحراس لا ن البوابات ما زالت مفتوحة. مضت الأميرة لؤلؤة على ظهر فرسها مقتفية آثار الحوافر التي كانت واضحة وضوح الشمس البازغة في سماء البلاد.. وظلت تسير متتبعة الآثار إلى أن اعتراها التعب الشديد من حرارة الجو فجذبها صوت خرير المياه النابعة من النهر المنساب على مدخل الغابة فنزلت من على ظهر جوادها وشربت بكفيها الصغيرين ما روى عطشها وغسلت وجهها الصغير بماء النهر البارد لتهُمد الاحمرار الذي علا خديها الناعمين … استلقت تحت ظلال شجرة كبيرة وعلى نغمات زقزقة العصافير وتضارب أوراق الشجر ونسمات الهواء الباردة الممتزجة برائحة الورود و الأعشاب العطرية راحت الأميرة في سبات عميق مستسلمة للنوم غافلة عن مهمتها باللحاق بآثار حوافر خيول موكب الملك حتى لا تضل الطريق … فتحت الأميرة الصغيرة عيناها على السماء الزرقاء فلم تجدها ، لقد وجدت بساطا اسودا كبير يزدان بالنجوم اللامعة المتلألئة كتلألؤ دموعها التي راحت تنهمر من عينيها من شدة خوفها من سكون المكان وظلمته.. بدأت تشعر بالبرد الشديد. و تتساءل عن سبب وجودها في هدا المكان الموحش وحيدة ؟ لم يخفف من انقباض قلبها الصغير سوى وجود فرسها لؤلؤ بالقرب منها ظلت تبكي إلى أن اغرورقت عيناها بالدموع فأثقلت جفنيها الصغيرين واستسلمت للنوم مرة أخرى تحت حوافر لؤلؤ …. نسجت السماء خيوط الصباح الأولى ، وداعبت أشعة الشمس وجنات وجهها . استيقظت الأميرة الصغيرة وألقت تحية الصباح على جوادها لؤلؤ وامتطته عازمة على تتبع حوافر خيول الموكب الملكي الماضي في رحلة الصيد.. انقطع خط سير الموكب واختفى لان هناك العديد من الحيوانات التي مرت وطبعت أثارها فوق الحوافر. في هذه اللحظة دب الرعب من جديد بقلب الأميرة الصغيرة... لم تجد أي طريقة سوى الصياح بعلو صوتها وراحت تنادي على والدها ومرجان وبقية إخوتها … أبي ......مرجان في هذه الأثناء كان موكب الملك لا يبعد عن مكان الأميرة الصغيرة سوى بضعة أمتار لان الملك والحاشية كانوا يأخذون قسطا من الراحة عند ضفاف النهر وكان الأمير مرجان يجلس على حواف ضفته فجأة سمع صوت مرتجف ضعيف متقطع ينادي مرجان ! ! ! نهض من مكانه وراح يسترق السمع جيدا فسمع الصوت مرة أخرى ركض باتجاه والده الملك أبي أبي لقد سمعت صوت لؤلؤة تناديني ، ضحك الملك وكل افراد الحاشية على مرجان ، ربت الملك على كتف صغيره مرجان وقال له : ياعزيزي انا اعلم انك مشتاق للؤلؤة ولكن هل يعقل ان تصل لؤلؤة للمكان وأوضح له أنهم بالغابة وانهم بعيدون عن القصر كثيرا ولؤلؤة الصغيرة لا تتعدى تحركاتها غرف القصر وان طالت رحلتها تكون قد وصلت إلى الإسطبل لتطمئن على فرسها لؤلؤ . اقتنع مرجان بكلام والده ورجع إلى ضفة النهر حيث كان يجلس .. ولكن الصوت كان صوت الأميرة لؤلؤة..... كم هي مسكينة لؤلؤة... خاب رجاؤها و ضعف صوتها ولم يسمعها احد ظلت تنادي إلى أن استجاب لندائها على غير ما كانت تتمنى دب ضخم كبير. بدأ الجواد لؤلؤ يتراجع إلى الوراء و تعثر بحجرة أسقطت الأميرة الصغيرة من على ظهره فمد الدب يده ليلتقط جسدها الصغير بمخالبه..... انقض الجواد لؤلؤ بكل بسالة على الدب حتى يشغله عن التقاط أميرته فغرس الدب أنيابه الحادة بظهر ه محدثا جروحا عميقة بها. إلا أن الجواد استبسل بالدفاع عن اميرته حتى لفظ أنفاسه الأخيرة ولكن بعد أن أرغم الدب على التراجع. ومات الجواد لؤلؤ أمام أعين الأميرة وسط حالة من الهلع اعترت الأميرة الصغيرة بفقدانها لجوادها . تساءلت الأميرة لؤلؤة عن مكان وجود ملك الغابة؟ وصارت تركض تبحث عن بيت ملك الغابة حتى يحميها من الوحوش المفترسة ويرجعها إلى بيتها استمرت بالركض بحثا عن بيت ملك الغابة ثلاثة أيام حتى انهار جسدها الصغير من التعب وسقطت على الأرض بعد ان خارت قواها وتجمعت حولها الغزلان والأرانب والسناجب تبكي على حالها . وفجأة انفضت الحيوانات من حولها ما ان صدر صوت زئير ضخم ابتسمت الصغيرة ونهضت لأنها عرفت ان هذا صوت ملك الغابة تقدم نحوها الملك الضخم .. انحنت أمامه تحية وإجلالا لمكانته وقالت له :" أين أنت أيها الملك لقد بحثت عنك كثيرا تعجب ( الأسد ) ملك الغابة وقال لها بحثتي عني انا ؟لماذا أيتها الصغيرة ؟راحت تسرد له حكايتها وكيف أن الدب المفترس قتل جوادها لؤلؤ وكاد ان يلتهمها . اقترب منها الأسد ( ملك الغابة ) وقال لها أن الدب كان غبيا وأحمقا قاطعته الأميرة الصغيرة : لقد كان شريرا أيها الملك لابد ان يلقى العقاب رد عليها ملك الغابة : فعلا كان شريرا لأنه أراد أن يلتهم فريستي دون اذني وكشر عن أنيابه لينقض عليها ويفترسها صعقت الاميرة وصارت تصرخ مسكها بمخالبه ، انهارت الأميرة و شعرت بوخز انيابه في كتفها .... وصاحت : لا لا لا اريد ان أموت نهضت من نومها تنصبب عرقا وإذ هي تجد نفسها في غرفتها الجميلة وعلى سريرها الدائري حولها الملك ولكن ليس ملك الغابة!! وإنما والدها ملك البلاد ووالدتها وإخوتها ومن بينهم مرجان ومربيتها وكافة الحاشية يصطفون حولها ... وصفق الجميع فرحين باستفاقة الأميرة لؤلؤة من نومها الطويل .. احتضنتها والدتها وهي تبكي .... حاولت الأميرة الصغيرة النهوض ولكنها لم تقوى .. التفتت نحو والدها وسألته من أنقذني من أنياب ملك الغابة ؟؟؟ تعجب الملك ونظر إلى الأطباء اخبره احدهم انه تأثير الحمى يا مولاي . نظرت إلى كتفها الصغير ووجدته متورم واحمر وقالت لامها هل ترين أنها آثار أنياب الأسد التي انغرست بكتفي ... اقترب منها الملك وقبلها وقال لها أنها الإبرة يا عزيزتي أي أسد هذا الذي يجرؤ على إيذاء حبيبتي الصغيرة . لم تفهم الأميرة لؤلؤة شيئا ونظرت إلى أخيها مرجان لعله يشرح لها ما يدور حولها .... اقترب مرجان مبتسما وبيده يمسك الغزال الصغير الذي اصطاده مع والده الملك أثناء رحلتهما وقال لها هدا صديقنا الجديد جاء ليطمئن على حالك . وقال لها : لقد وقعت فريسة للحمى بنفس اليوم الذي خرجنا فيه للرحلة و اشتد عليك المرض واستمر معك أسابيع عندها قررت أمنا الملكة إبلاغنا بحالتك الصحية وعلى الفور قرر ملك البلاد قطع الرحلة لعيون لؤلؤته الصغيرة لقد كان خائفا عليك .. وفي طريق عودتنا وجدنا غزالا صغيرا اصطاده الملك ليهديك إياه ، وضعناه بالإسطبل لينام مع لؤلؤ جوادك فرحت الأميرة بوجود لؤلؤ و أيقنت أنها عاشت كابوسا طويلا ومرهقا أثقل رأسها الصغير.............. طلبت من والدها أن يحملها إلى الإسطبل لتطمئن على صديقها الوفي لؤلؤ .. قالت الأميرة لؤلؤة وهي بين ذراعي والدها لن اعصي لك أمرا ولن أعاندك ابدآ.. وهنا ضحك الملك ضحكة كبيرة ملأت المكان وحمد الله كثيرا على سلامة ابنته الحبيبة والفرحة عمت المكان .. وأمر الملك بإقامة احتفال كبير بمناسبة شفاء أميرته الصغيرة لؤلؤة …. |
|