|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الطريق الكرب للحياة المسيحية للقديس ثيوفان الحبيس منذ أولى خطواته في الحياة المسيحيَّة يقابل الإنسان صعوبات جمَّة. وكلَّما كَبُرَ كلَّما تعاظمت الصعوبات. وقد قال الربُّ هذا مرَّةً: "ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذي يُؤدي إلى الحياة"(مت14:7). فالذي،بالتالي، يقرِّر أن يختطَّ هذا الطريق ويعبر من هذا الباب، عليه أن يتسلّح برجولةٍ كبيرة، ليواجه بانتصارٍ كلَّ هجماتٍ فكريَّة، تصرفات، عوائقَ وتجاربولهذا، فأنتم الآن أيضاً تقدّموا إلى الأمام بشجاعةٍ، ببطولةٍ وثبات. اركضوا بدون أن تعودوا إلى الوراء. اركضوا مثل بولس الرسول الذي كان يقول: "إذاً أنا أركض هكذا كأنَّه ليس عن غير يقينٍ"(1كو26:9). أي,أركض هكذا بعيونٍ تتطلّع إلى النهاية, وإلى أيَّةِ نهاية؟ إلى تلك التي تتوقون إلى الوصول إليها أنتم أيضاً, إلى معاينة الله,إلى شركته وملكوته. فالذي يجاهد بشجاعةٍ ضدَّ أهوائه ويحفظ الوصايا الإلهيَّة بأمانة، شخصٌ كهذا وفقاً لتقدُّمه الروحيّ يُنقّي قلبه. وبمقدار ما يتنقّى بقدر ما يقترب إلى الربّ، الذي وعَدَ, وهو يرغب بأن يسكن فيه ويتّحد به: "إليه آتي وأجعل عنده مقاماً"(يو23:14) إنَّ "الباب الضيّق" لا يعجبنا، و"الطريق الكَرِب"(مت14:7) لا يعجبنا كذلك. نحن نريد الباب الرَّحِب والطريق الواسع, ونحن نطلبها من الرَّب بتنهّداتٍ ودموع. فهل هو ،إذن، لا يسمع تنهّداتنا؟ أفلا يبصر دموعنا؟.... بَلى، إنَّه يُبصر ويسمع ولكنّه يتوق لخلاصنا وليس لدمارنا، ونحن في دربِ الأحزان الضيِّق الوعِر نتذكَّر اللهَ ونلتمس معونته بتواضع. وحالما تطأ أقدامنا في طريق الملذَّات الواسع السهل، ننسى الله وننقاد إلى الهلاك الأبدي. بولس الرسول، بسبب معرفته لفائدة الضيقات، كان يفرح بآلامه. وهو ذاته يؤكّد لنا بأنّنا نستطيع التغلّب على كافة المصاعب بمعونة المسيح الذي أحبّنا، بالإضافة إلى ذلك فنعمة الله وقوَّته تظهران في كمالهما وتسكنان فينا حين بالضبط نتواجد في حالة الضعف، الانزعاج، الحزن، المرض والضيق. طبعاً، غير المؤمنين لا يوافقون على هذا التأكيد الذي يفصِح به بولس الرسول، ذاك التأكيد الذي تثبِّته خبرة المؤمنين خلال الزمن. وبالتالي يغرقون في ظلمة الجهل التي تغطِّي، كما يُقال، حياتنا الأرضيَّة. وهاكم السبب، بما أنَّهم يعيشون بدون إيمان، فهم يَصِلون إلى قعر الحزن، الفراغ النفسي، اليأس، وحيناً يبلغون حدَّ الانتحار.... وغلطهم الكبير يكمن في اقتناعهم بأنّ هدف الإنسان ينحصر ضمن الحياة الأرضيّة. ولكنَّه لا ينحصر هنا. ببساطةٍ حياتنا تبدأ على الأرض وتستمرُّ بعد الموت. الحياة الحاضرة إنما هي فترة تهيئةٍ قصيرةٍ للحياة الأخرى، للحياة الأبدية. وكيف تتم هذه التهيئة؟ بشكل رئيسيِّ من خلال الصَّبرِ الشجاعِ في الضِّيقات، في الحرمانات وفي الآلام. الشخص الذي يفهم معنى الحياة على هذا الشكل، لن يطارد الرَّاحة الباطلة. بل سيهتمُّ بأمرٍ واحدٍ فقط: ألا وهو كيف سيكتسب من الضيق ثماراً أكثر، ثماراً لن يتذوّقها على الأرض وإنما في السَّماء. الشخص الذي أدخَلَ النظريَّة التفاؤليَّة تجاه الحياة الأرضيَّة هو بوذا. ومن البوذيّة تَعَلَّمَها ويُعَلِّمُها اليوم في بلدنا ليف تولستوي الأحمق. هذا الإنسان ومن يشبهونه يعتقدون أنهم يقدرون أن يفهموا الحقيقة مستندين فقط على عقولهم. ولكنّ الحقيقة المختصة بالحياة والعالم قد كشفَها الله قبل قرون طويلة ويحفظها أناسٌ مؤمنون من كافة أصقاع الأرض ككنزٍ جزيل الثمن. |
|