منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 07 - 06 - 2012, 02:52 PM
الصورة الرمزية Ebn Barbara
 
Ebn Barbara Male
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Ebn Barbara غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 6
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 41
الـــــدولـــــــــــة : EGYPT
المشاركـــــــات : 14,701

لكن في نفس الوقت يمكن أن يكون رسالة تتحدى حياتك دائماً عن كيف تفكر في الأمور التي تمر بها في حياتك الشخصية والعملية أو في حياتك الروحية؟ هل تفكر كما يفكر الآخرين أم لك تفكير آخر مختلف؟ هل تستمد أفكارك مما يدور حولك من آراء واتجاهات.. أم تسمح للروح القدس أن يعلن لقلبك ما في قلب الله لك؟؟

كيف تفكر؟

عندما نذهب للكتاب المقدس لكي نكتشف ما يُعلِّمه لنا الوحي عن كيفية تكوين أفكارنا وكيف يكون لنا فكر المسيح، سنكتشف أن الكتاب تحدث كثيراً عن هذا الأمر. واحدة من تلك الأجزاء الكتابية التي نتعلم منها عن كيف يكون لنا فكر المسيح هي تلك الآيات الثمينة جداً التي يقدمها الرسول بولس في رسالته إلى كنيسة كورنثوس فيقول "ما لم ترعين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه فأعلنه الله لنا بروحه لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله.. هكذا أيضاً أمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله. ونحن لم نأخذ روح العالم، بل الروح الذي من الله، لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله التي نتكلم بها أيضاً لا بأقوال تعلمها حكمة إنسانية بل بما يعلمه الروح القدس... وأما نحن فلنا فكر المسيح" (1كو2: 9-16).

إن القصد الأساسي من هذه الآيات هو شرح ما أعده الله لنا بحكمته العجيبة بالفداء الذي في المسيح يسوع. ولكن الرسول هنا يؤكد أننا لا نستطيع أن نفهم أو ندرك هذه الأمور العجيبة إلا من خلال عمل الروح القدس الذي يعلنه لنا، وذلك لأنه الوحيد الذي يعرف كل ما في قلب الله لنا. يعلمنا الرسول بولس أن أمور الله التي في قلبه لا يعلمها أحد إلا روح الله، ويريد الروح أن يعلنها لأبناء الله الحقيقيين لأن الروح يريدنا أن نُدرك فكر الله.. فالكتاب يقول "أعلنه لنا نحن بروحه"، وفي أية (16) يقول: "أما نحن فلنا فكر المسيح".

ونستطيع من خلال نفس الآيات السابقة أن نتعلم مبدأ هام جداً عن مصدر المعرفة في حياة المؤمن وكيف يُكوِّن المؤمن الحقيقي أفكاره ومفاهيمه بل وأحكامه في المواقف التي يمر بها. فالمؤمن الحقيقي يجب أن يكون له فكر المسيح، أي أنه لا يجب أن يحكم على الأمور كما يحكم عليها الآخرين الذين حوله في هذا العالم. فهو لم يأخذ روح العالم بل أخذ روح الله الذي يفحص أعماق الله وينقل لنا نظرة الله ورؤيته، والتي كثيراً ما تختلف تماماً عن نظرة العالم المحيط بنا تجاه نفس الأحداث. والمؤمن يجب ألا يتبنى أية أفكار أو أحكام إلا حسب فكر الله، كذلك عندما يتكلم فهو لا يتكلم كما يتكلم الآخرين بل كما يُعلِّمه الروح القدس. لذا على المؤمن ألا يستسلم لِما يحاول العالم أن ينقله له، بل يفكر ويفهم الأمور كما يريد الروح القدس أن يعلنها له. يقول بولس الرسول: " كونوا متمثلين بي كما أنا أيضاً بالمسيح" (1كو1:11). لذا يجب أن يكون لك مبدأ عام وهو أن ترى الأمور من منظور الله. فهل ترى الأمور تبعاً لفكر المسيح أم تراها تبعاً لاستحسانك وتفكيرك ومشاعرك الشخصية؟

عزيزي القارئ، عندما تتكلم يجب أن تتكلم بما يقوله الروح، وأن لا يصبح حديثك وطريقة تفكيرك وذهنك تبعاً لأراء الآخرين.. يجب أن تدرك الأمور كما هي في قلب الله، وتفهمها وتراها كما يراها الله.. فهل تحكم على الأمور وتتكلم وتفكر بلغة الآخرين، أم تسمح لروح الله أن يجعلك ترى أعماق قلب الله؟

لذلك في هذه الأحداث التي نعبر بها (وكذلك الحال في كل أمور حياتك الشخصية أو العملية وحتى في حياتك الروحية مع الله)، يجب أن يكون لك فكر المسيح. يقول بولس الرسول "أننا لم نأخذ روح العالم". لذلك قبل أن أشاركك ببعض النقاط الهامة عن فكر المسيح الذي يحب أن يكون لنا وسط هذه الأحداث، اسمح لي عزيزي القارئ أن أسألك عن ردود أفعالك والأفكار التي مررت بها الأيام الماضية، هل كنت تعاني من الانزعاج والخوف؟ هل كنت مضطرباً خائفاً من أن تؤذى؟ هل تراجعت عن خدمة أو عمل روحي كنت تنوي القيام به؟ أو هل سيطرت عليك مشاعر الغضب أو رغبة الانتقام؟؟

تعال الآن لنكتشف من الكلمة بعض هذه الجوانب عن فكر المسيح الذي لنا:



لنا فكر المسيح

1- لا للخوف:

في سفر إشعياء يقول الوحي الإلهي: "هيجوا أيها الشعوب وانكسروا، وأصغي يا جميع أقاصي الأرض. احتزموا وانكسروا! احتزموا وانكسروا! تشاوروا مشورة فتبطل، تكلموا كلمة فلا تقوم لأن الله معنا" (إش10،9:8). لذا مهما كانت الأمور التي حولك لا تخف. مهما كان الهيجان الذي حولك أو المشورات والمؤامرات التي ضدك، لا تخف بل اعلن إيمانك أن أية مشورة من العدو سوف تنكسر لأن الله معك. ولكن الوحي لم يكتف فقط بالآيات السابقة ولكنه أكمل قائلاً "فإنه هكذا قال لي الرب بشدة اليد وأنذرني أن لا أسلك في طريق هذا الشعب" (أية11). انظر كيف كان الرب يحذر إشعياء بشدة!! إن الرب لا يريدك أن تحيا كما يحيا الآخرين ولا تفكر كما يفكر الآخرين، لذلك كان يحذره وينذره بقوة أن لا يسلك مثل المحيطين به. كيف؟ "لا تقولوا فتنة لكل ما يقول له هذا الشعب فتنة ولا تخافوا خوفه ولا ترهبوا. قدسوا رب الجنود هو خوفكم وهو رهبتكم" (أية13،12). يقول الوحي الإلهي أنت مختلف ويجب ألا تُسمي الأشياء كما يسميها الآخرين. لا تتكلم كما يتكلم الآخرين ولا تخف كما يخاف الآخرين. يجب أن تكون مختلفاً عنهم في تفكيرك وفي مشاعرك، لأنك كمؤمن لك علاقة خاصة مع الرب والروح القدس سيضع في قلبك ما على قلب الله تجاه الأحداث المختلفة التي تمر بها.

عزيزي القارئ، دائماً في وسط أية أحداث تمر بها هناك مصدران يحاولان التأثير على تفكيرك ومشاعرك تجاه الأمور التي تحيا فيها.. إما من العالم وإبليس أو من الروح القدس.. والرب يريد أن يكون تفكيرك وذهنك بحسب ما يعلنه لك الروح القدس وليس بحسب حُكمك أنت على الأمور.. لا تحيا بما يريد إبليس أن يرسله لك من رسائل بها خوف وانزعاج لذهنك.

وكمثال، تذكر موقف التلاميذ وهم في القارب الممتلىء الذي كاد أن يغرق.. والبحر هائج.. والرب نائم في القارب (مت24:8)، فهناك رسائل تخويف يرسلها لهم العدو من خلال البحر الهائج، وفي ذات الوقت هناك رسائل سلام وأمان يرسلها لهم الروح القدس من خلال الرب النائم!! فإذا كنت في موقف التلاميذ، تُرى هل كنت سترى البحر الهائج والقارب يكاد يغرق، أم سترى الرب النائم في القارب؟ بالفعل هناك رسائل من الواقع ومن العيان.. فلا تستقبلها، بل استقبل ما في قلب الله لك لترى أعماله العجيبة في حياتك. اسمح للرب وحده أن يتكلم معك، واسمح لرسائل السلام والطمأنينة الإلهية أن تملأ قلبك. ولا تترك ذهنك للعالم وما يرسله لك من صور وأفكار مخيفة ومزعجة لكي لا تفقد سلامك، ولا تفقد الامتياز الذي لك كمؤمن في أن يفحص لك الروح القدس كل شيء حتى أعماق الله.

2- لن تؤذى:

يخبرنا الوحي في الأناجيل أن اليهود أرادوا مرات كثيرة أن يقتلوا الرب يسوع ولكنه كان يجتاز في وسطهم دون أن يؤذيه أحد. في واحدة من هذه المواقف قال لهم يسوع "أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأى وفرح. فقال له اليهود ليس لك خمسون سنة بعد، أفرأيت إبراهيم؟ قال لهم يسوع: الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن، فرفعوا حجارة ليرجموه، أما يسوع فاختفى وخرج من الهيكل مجتازاً في وسطهم ومضى هكذا" (يو8: 56-59). وقد تكرر ذات الموقف مرة أخرى في إنجيل لوقا عندما أراد اليهود أن يطرحوا الرب من أعلى الجبل، "أما هو فجاز في وسطهم" (لو30:4). فهل تثق أنك أنت أيضاً لن تؤذى؟

أحبائي، لم يستطع أحد أن يؤذي الرب يسوع رغم عداوتهم له. وحتى عندما ذهب للصليب، لم يكن ذهابه إلى هناك بسبب قبض اليهود عليه أو وقوعه في يد هيرودس أو بيلاطس، ولكنها كانت مشورة الآب المحتومة وفي التوقيت الإلهي. ولهذا ففي الأصحاح التاسع عشر من إنجيل يوحنا عندما قال بيلاطس للرب يسوع: "ألست تعلم أن لي سلطان أن أصلبك وسلطاناً أن أطلقك؟"، أجاب يسوع "لم يكن لك عليَّ سلطان البتة لو لم تكن قد أعطيت من فوق" (يو19: 11،10). وبهذا الإعلان واجه الرب يسوع بيلاطس، وقد أعلنه للجميع، بأن كان يذهب للصليب بإرادته وبمشيئة الآب. عزيزي أنت ايضاً في المسيح ولك نفس الامتياز عند الآب. لذا تمثل بالمسيح (1كو1:11) وثق أن كل أمور حياتك تحت سلطان الله وأن خطط العدو لن تنجح لأنك في يد الرب. اعلن إيمانك أنه ليس هناك شيء له سلطان على حياتك إلا سلطان الله ولن يقع بك أحد ليؤذيك، لأن هذا هو أحد امتيازات البنوة التي لك في المسيح.

وقد اختبر بولس الرسول نفس هذه الحماية في حياته قائلاً ".. الرب وقف معي وقواني لكي تتم بي الكرازة.. فأنقذت من فم الأسد. وسينقذني الرب من كل عمل رديء.." (2تي17:4،18). كما تعرض بولس أثناء خدمته لوحوش تحاربه، وقال " إن كنت كإنسان قد حاربت وحوشاً في أفسس" (1كو32:15). وفي سفر الأعمال نجد مجموعة تتكون من أكثر من أربعين رجلاً صنعوا تحالف ألا يأكلوا أو يشربوا حتى يقتلوا بولس (12:23)، ولكن لم تنجح واحدة من هذه المؤامرات ضده، بل كان الرب يحفظه دائماً.

فقط عندما قال بولس الرسول " وقت انحلالي قد حضر .. أكملت السعي .." (2تي6:4،7).. وكان قد أكمل دعوته.. ويعلم يقيناً أن هذا هو وقت الرب له، هنا فقط كان يمكن أن تنتهي حياته، وهنا فقط كان لأي ملك أو قيصر أن يقتله.. فهل تعلم أنك أنت أيضاً لك حماية من الله وأنه يعتني بك؟ وأن الله لديه طرق لإنقاذك وأنك لن تؤذى؟ لذا كن واثقاً طالما كنت تحيا في تبعية حقيقية وخضوع للرب، أنه مهما كانت كراهية العدو وبغضته لك، فإنك محفوظ في يد الرب، وسيكمل عدد أيامك لأن لك وعد بالحماية وذلك بسبب عهد الله معك.

3- لا تتراجع ولا تغير خططك:

وصلت إلى الرب يسوع رسائل تهديد واضحة بأن هيرودس ينوي أن يقتله، فماذا كانت إجابة الرب لهم؟ "في ذلك اليوم تقدم بعض الفريسيين قائلين له: اخرج واذهب من ههنا، لأن هيرودس يريد أن يقتلك. فقال لهم: امضوا وقولوا لهذا الثعلب: ها أنا أخرج شياطين وأشفي اليوم وغداً وفي اليوم الثالث أكمل." (لو31:13). كان الرب يعلم جيداً أن ساعة الصلب لم تأتِ بعد، كان يعلم أن مازال لديه الوقت ليعلن محبة الآب العملية قبل أن يذهب للصليب. لهذا كانت إجابته واضحة "إنني سأستمر أعمل اليوم وغداً ولن أغيِّر برنامجي حتى أتمم دعوتي، ولن يستطيع هيرودس وأعوانه أن يعطلوني أو يؤثروا في قراراتي، فأنا أعلم سلطان الآب".

تكرر ذات الاختبار في حياة الرسول بولس؛ ففي سفر الأعمال نرى تصميم بولس في أن يتبع قيادة الروح القدس له مهما كانت الأخطار.. ولا يغير خطته. كان بولس مدفوعاً للذهاب إلى أورشليم بالروح، وبرغم أن الروح كان يعلن أن هناك وثقاً وشدائد تنتظره، ولكنه لم يتراجع ورفض أن يستقبل رسائل بها تخويف.. "والآن ها أنا أذهب إلى أورشليم مقيداً بالروح، لا أعلم ماذا يصادفني هناك" (22:20). وبالفعل ذهب بولس إلى أورشليم وصادفته مقاومة كثيرة بالضبط كما أعلن له الروح من قبل، ولكن كان الذهاب إلى اورشليم هو بوابة لتحقيق المزيد من مقاصد الله لحياته. ومن هناك ذهب في واحدة من أعظم ارسالياته، فذهب إلى روما وإلى بيت قيصر ولم يؤذى رغم التحديات التي تعرض لها في هذه الرحلة. ولم ينجح شيء في أن يعطل خدمته لأنه يسير بناء على توجيهات الروح القدس له. يقول بولس الرسول: "ولكنني لست أحتسب لشيء ولا نفسي ثمينة عندي حتى أتمم بفرح سعيي والخدمة التي أخذتها من الرب يسوع" (أية24).

في المقابل نجحت إيزابل في العهد القديم أن تُدخل الخوف إلى قلب إيليا وجعلته يشعر أنه وحيداً لفترة. لقد كانت إيزابل ملكة وتعبد البعل، وقد قتل إيليا أنبياء البعل فكانت تريد أن تنتقم منه، فأرسلت له رسائل التهديد والوعيد عما ستفعله معه غداً!! ولكن مؤكد كان الرب يريد أن يقول له رسالة أخرى مختلفة في ذات الوقت، "لا تخف يا إيليا.. بل ثق في محبتي وعنايتي". ولكن لو كان إيليا قد استمع لصوت الروح القدس، لقال بالفعل لهذه المرأة "اذهبوا قولوا لهذه المرأة سأكمل دعوتي والرب سيحفظني ولن أخاف". ولكنه لم يفعل بل استقبل الرسالة السلبية فخاف، وهرب تاركاً مكان دعوته، ثم تحوَّل هذا الخوف إلى اكتئاب حتى أنه طلب الموت لنفسه (1مل19). وبرغم أن إيليا رجل الله ولكنه خُدع.. لذا احترس أن تستقبل رسائل سلبية يرسلها لك إبليس، فتتخذ قرارات خاطئة بسبب رسائل تهديد من العدو. وحتى إذا كانت هذه الرسائل السلبية من مؤمنين يتكلمون لغة عدم الإيمان، لا تستقبل هذه الكلمات ولا تدعها تدخل إلى أعماقك. كن حذراً أن تأخذ قراراً بُناء على أفكار من العدو.. وثق أنه إذا كان هناك شيئاً مزعجاً قد يحدث لك فسوف يحذرك الرب منه قبلاً.

هل عندما ترى أشياءً تعطلك عن دعوتك، تتراجع وترتعب؟ هل تخيفك التحديات وتزعجك فتنحصر في نفسك؟ ليكن لك تصميم وإصرار أن تتمم مقاصد الله لحياتك ولا تسمح لأي أمور أن تزعجك أو تثنيك عن أن تفعل مشيئة الرب لك.

4- صلواتنا أيضاً بحسب قيادة الروح:

يتحدث الكتاب في سفر الأعمال الأصحاح الرابع كيف أن التلاميذ تعرضوا للتهديد من قِبل رؤساء الشعب والكهنة. "فدعوهما وأوصوهما أن لا ينطقا البتة ولا يعلما باسم يسوع" (أية18).. ورغم ذلك لم يخافوا أو يتراجعوا، وحتى عندما أقاموا اجتماعاً للصلاة، لم يُصلوا لأجل الحماية، ولم يُصلوا لإيقاف التهديد الذي تعرضوا له وكأنهم كانوا مطمئنين، ولكنهم رفعوا صلوات الإيمان والجراءة والتسبيح "والآن يارب انظر إلي تهديداتهم وامنح عبيدك أن يتكلموا بكلامك بكل مجاهرة" (أية29). لقد صلوا بحسب مشيئة الله. لم يضع الروح في داخلهم تحذيرات، فلم يضيعوا الوقت في صلوات الخوف النابعة من العيان أو المشاعر النفسية الطبيعية. كما لم يصلوا صلوات الانتقام، بل وضع الروح في داخلهم روحاً إيجابية، وكانت مشيئة الرب واضحة في داخلهم أنهم يحتاجون إلى امتلاء وتأييد أكثر من الروح القدس لكسر التحدي والحصار.. فتحول الموقف إلى موقف كرازي أقوى من ذي قبل وامتلئوا بالروح القدس. "وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ونعمة عظيمة كانت على جميعهم" (أية33). بينما في سفر عزرا الأصحاح الثامن يخبرنا الكتاب أن عزرا ومَنْ معه صلوا ثلاثة أيام لكي يُنقذوا من العدو لأنه رفض أن يطلب الحماية البشرية من الملك وطلب الحماية من الرب.. يقول الكتاب: "فأنقذنا من يد العدو" (عز31:8).

إن الروح القدس هو الذي يعرف الاحتياج، وهو الذي سيقودك لتصلي حسب الحاجة عندما تثق فيه وتتكل عليه دون أن تعتمد على مشاعرك وردود أفعالك الشخصية. لذا يجب أن تكون صلاتك بها إيمان ولا تصلِ صلوات من نفسية خائفة، ولكن أطلِق صلوات إيمان حسب قلب الرب. وإذا كنت تحتاج إلى حماية، ثق أن الروح القدس سيقودك لطلب حمايته الإلهية. لا تنحصر في العيان بل حلِّق عالياً مع رياح الروح واطلب أن ترى أموراً أعظم؛ فلو كان التلاميذ قد انحصروا في مخاوفهم، لكانوا فقدوا الأمور العظيمة التي حدثت معهم في هذا الوقت!

5- 5- اطلق الغفران وتخلص من رغبة الإنتقام:

جال الرب يسوع يصنع خيراً، شفى المرضى، أقام الموتى، أشبع الجياع، أحب الخطاة وبحث عن الخروف الضال، غيَّر حياة الزناة ليصيروا قديسين وخدام، حرر المقيدين بالأرواح الشريرة حتى أن المجنون صار لابساً وعاقلاً. لم يفعل خطية واحدة، ولم يوجد في فمه غش حتى أنه تحدى مقاوميه بقوة "من منكم يبكتني على خطية.. " (يو8: 46). ورغم هذا خرجوا عليه كلص ليقبضوا عليه، حاكموه ولم يجدوا فيه علة ولكنهم أصدروا قراراً بقتله. وعندما حاول بيلاطس أن يطلقه، صرخ كل الشعب "ليصلب.. ليصلب.. دمه علينا وعلى أولادنا" (مت27: 22-25)!! هزأوا به وسخروا منه، تفلوا عليه وألبسوه إكليل من شوك، صلبوه بين لصين وعلى ثيابه ألقوا القرعة!!

ورغم كل هذا كان كشاةٍ تساق إلى الذبح فلم يفتح فاه وكنعجة صامتة أمام جازيها. وعندما إستل بطرس سيفه عند القبض عليه وقطع أذن العبد ملخس دعاه إليه بكل الحب ولمس أذنه وأبرأها (لو22: 50-51). وعندما علقوه على الخشبة بين اللصين، ردد يسوع أعظم الكلمات ".. يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لو23: 34).

وتمضي الأيام ويظهر شاب يُدعى استفانوس يتبع سيده.. ويشهد عنه بأمانة وقوة.. ويصنع هو أيضاً عجائب وآيات عظيمة، فما كان من اليهود إلا أن يحيطوا به بكل غضب حتى يقول الكتاب أنهم "حنقوا بقلوبهم وصروا بأسنانهم عليه... وهجموا عليه بنفس واحدة.. ورجموه..". أما استفانوس فمثل سيده فاض قلبه بقوة الحب والغفران ".. جثا على ركبتيه وصرخ بصوت عظيم يارب لا تقم لهم هذه الخطية .." (أع7: 54-60).

عزيزي القارئ، لا تظن أبداً إنني أسلبك حق الاعتراض أو المطالبة بحقوقك المدنية والقانونية، فالمسيح نفسه اعترض عندما لطمه واحد من العبيد، وقال ".. إن كنت قد تكلمت ردياً فاشهد على الرديء وإن حسناً فلماذا تضربني" (يو18: 22-23). كما تمسك الرسول بولس بحقوقه المدنية كمواطن روماني له حق المواطنة معترضاً على الظلم الذي تعرض له حينما ضُرب هو وسيلا في فيلبي أمام الناس بدون محاكمة ".. ضربونا جهراً غير مقضي علينا ونحن رجلان رومانيان والقونا في السجن". لقد تمسك بحقوقه المدنية كمواطن روماني له امتيازات وطالب بها حتى أن الولاة أنفسهم اختشوا لما سمعوا أنهما رومانيان (أع16: 37-39). فالمؤمنون الحقيقيون مواطنون صالحون يلتزمون بواجباتهم ويتمسكون بحقوقهم.

ولكن يا أحبائي نحن مدعوين أن نكون مثل سيدنا نفيض بالحب والغفران.. مدعوين أن نمتلئ بالروح وتفيض قلوبنا بالحب العجيب الذي ينبع من قلب السيد، فنتحرر من كل رغبات الانتقام وتعلو أصواتنا معلنة الغفران لكل مَنْ أساء إلينا. من المهم أن نتمسك بحقوقنا المدنية القانونية وبحقوق المواطنة، ولكن بشرط أن تظل قلوبنا تمتلأ دائماً بالحب، ونطلق الغفران حتى لمَنْ أساء إلينا. ولا تنس أن الذين لا يطلقون الغفران يعطون إبليس مكاناً في حياتهم، ويظلون هم أنفسهم سجناء المرارة وقد يتعذبون (مت18: 21-35).

6- الرب يحول كل الأشياء للخير:

ظل الرسول بولس سجيناً في سجن رومية لمدة سنتان كاملتان، ومن هناك كتب أربعة من أعظم رسائله ومنها رسالته إلى أهل فيلبي. أرسل لهم بولس من السجن رسالة الفرح والتشجيع والسلام الذي يفوق كل عقل. كان الرسول بولس حريصاً أن يعلم المؤمنين هذا الدرس الثمين أن ".. كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله .." (رو8: 28)، ولهذ كان يصلي لأجلهم من أجل حمايتهم من التشويش ولئلا ينزعجوا بسبب وجوده في السجن "هذا أصليه أن تزداد محبتكم أيضاً أكثر فأكثر في المعرفة وفي كل فهم" (9:1). قال لهم وهو يتحدث عن سجنه "ثم أريد أن تعلموا أيها الإخوة أن أموري قد آلت إلى تقدم الإنجيل، حتى أن وثُقي صارت ظاهرة في المسيح في كل دار الولاية وفي باقي الأماكن أجمع" (أية13،12). ثم أكمل "وأكثر الأخوة وهم واثقون في الرب بوثقي، يجترئون أكثر على التكلم بالكلمة بلا خوف" (أية 14). نعم هللويا.. الرب يستطيع أن يجعل كل الأشياء تعمل معاً للخير، حتى أن قيود بولس صارت رسالة ومفتاح لتقدم الإنجيل. ولأنه يحيا بالإيمان ويعلم أنه في يد الرب، أصبح بولس السجين مصدر تشجيع وانطلاق للخدمة. ونعلم أيضاً أنه من سجن روما استطاع الرسول بولس أن يصل برسالة الإنجيل والخلاص لنفوس من بيت قيصر نفسه (في4: 22)، وكثير من الدارسين يؤمنون أن موت استفانوس كان المفتاح لتغيير حياة شاول مضطهد الكنيسة والذي كان حاضراً عند رجم استفانوس بل وراضياً بقتله. ثم تحول شاول إلى الرسول بولس الخادم الأمين الذي وقف أمام ولاة وملوك بل ومات في النهاية لأجل المسيح بعد أن أعلن الخلاص وأسس كنائس في معظم بلاد أوربا.

لهذا في النهاية عزيزي القارئ، هل لك فكر المسيح؟

هل ترى الأمور كما يريدك الرب أن تراها فتفكر كما يريدك الرب أن تفكر؟

وهل تتكلم كما يريدك الرب أن تتكلم؟

وهل تصلي كما يريدك الروح القدس، وتنطق بكلمات الروح المعلنة لك؟

هل تستطيع أن تغفر وتحب الآخرين وتكون قوياً لأن هذا هو فكر المسيح؟..



أدعوك الآن أن تطلق هذه الصلاة معي قائلاً:

يارب آتي إليك باسم ابنك الحبيب طالباً أن تمنحني بالروح القدس استنارة وإعلان بما على قلبك لحياتي.

اعطني أن يكون لي فكر المسيح

فلا أفكر كما يفكر الآخرين ولا أتكلم كما يتكلم الآخرين

حرر قلبي من الخوف لأنك تسيج حولي وتغطيني بدمك

لتكن صلاتي حسب قلبك منقادة بالروح

واطلق غفراناُ في قلبي لكل من أساء إليَّ

وأعطني الإيمان أن كل الأشياء ستعمل معاً للخير في حياتي لأني أحبك وأثق فيك

آمين.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
دفع المسيح الثّمن على الصَّليب لكي يستقر الرُّوح في الإنسان ويجد فيه بِرّ المسيح
أنه المسيح الفادي، ولكنه أراد أن يُثَبِّتَ إيمان هذين التلميذين في المسيح
العَالَم بحاجة إلى المسيح الإنساني، المسيح الفقير، المسيح المتألم
مَثَل الكَنْز واللُّؤلُؤَةً |أن الكنز يمَثَل مملكة المسيح، واللُّؤلُؤَة هي شخص المسيح
بعد ميلاد ربنا يسوع المسيح قام مجوس من الشرق بزيارة المسيح المولود


الساعة الآن 10:30 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024