|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
طريق البركات السمــاوية "لأجل هذا الصبي صليت فأعطاني الرب سؤلي الذي سألته من لدنه" 1صم27:1 تلخص لنا هذه الآية الصغيرة أحداث عدة سنوات يذكرها الأصحاح الأول من سفر صموئيل الأول حيث نجد القصة الشهيرة عن حنة وابنها صموئيل النبي. وهذه الآية تحمل لنا كثير من الأفكار الهامة التي يريد الرب أن يلفت انتباهنا إليها لأنها تحمل لنا مفاتيح ثمينة. في هذه الآية الصغيرة، تلخص لنا حنة أعظم اختبارات حياتها مع الرب وتشهد كيف اختبرت يده تعمل في حياتها. فقد كانت حنة عاقراً بلا أبناء تعاني من الغيظ والألم، واستمرت لسنوات طويلة تنتظر وتحلم بأن يكون لها ابناً ولم يأت. ولكن ها هي تقف اليوم مرفوعة الرأس.. شامخة.. منتصرة.. تعكس ابتسامة وجهها فرحها بإلهها الأمين الصانع العجائب. لقد تحقق الحلم وأصبح حقيقة وصارت تمسك بيدها ابناً حملته شهوراً كثيرة في رحمها العاجز، ثم خرج إلى الحياة يتحدى العيان.. يتكلم وهو صامت.. وكأنه يقول صار الخيال واقعاً منظوراً ، لقد تحقق الوعد. وتشرح لنا حنة في هذه الآية كيف تحققت المعجزة وحصلت على الصبي بعد سنوات العقم، وتعلن بوضوح قائلة "إنه ليس ابناً عادياً بل عطية من الرب.. لقد أخذته من الرب.. صليت وسألت الرب فأعطاني سؤلي..". ولهذا دعت اسمه صموئيل "لأني من الرب سألته" 1صم 20:1. لقد اكتشفت حنة الطريق إلى المخازن السماوية لتحصل على كل طلباتها، فطرقت أبواب السماء ورفعت صوتها إلى القدير وآمنت أنه لن يخزيها، فتحركت يد السيد وأمر فصار، وقال فكان وحدثت المعجزة. الرحم العقيم نال الشفاء ودبت فيه الحياة والخصوبة، وتحرك الجنين في أحشائها معلناً أن الذي وعد هو أمين. صديقي ، إن طلبتي إلى القدير أن يستخدم هذا المقال ليصنع قفزة في صلواتك، أريد أن يفتح الرب عينيك من خلال أحداث القصة ويلمس قلبك بروحه فتمتلأ بروح الإيمان، ويفيض قلبك وفمك بكلمات الشكر للقدير، وترتفع الصلوات من قلبك إلى عرش الله بكل قوة، وترى الرب يستجيب لك بقوة. لا أريدك أن تتعلم الصلاة فقط بل آمن أن صلواتك مستجابة تسمعها وتسجلها السماء. وإذ تنتظر بالإيمان، ستراه يحقق كل وعوده ويعطيك سؤل قلبك. لذا تعال الآن نتأمل في بعض أحداث هذه القصة: احتياج وبكاء (1صم1: 1-8) كانت السنوات تعبر عاماً بعد عام دون أن يأت الابن الذي تشتاق إليه حنة. نعم كان زوجها يحبها كثيراً بل ويعطيها نصيب أثنين، ولكن لم يكن هذا ليشبع قلبها أو ليعوضها عن الابن، كما كان لها أيضاً ضرة تغيظها إذ كان لها أولاداً. نعم لقد عبرت حنة في وادي البكاء، تألمت كثيراً وشعرت بالوحدة فلم يفهم أحد مشاعرها، وعانت من صغر النفس والاحساس بالمذلة والعار إذ كان عاراً وسط شعب إسرائيل أن تكون المرأة عاقرة غيرة مثمرة. (1صم10:1 ؛ لو25:1). وهكذا سنة بعد سنة كانت تتألم بشدة وتبكي، فاكتئب قلبها وعزفت عن الطعام، وربما صارت تفضل الجلوس وحيدة منحصرة في صراعاتها، وربما كانت تتساءل لماذا يارب؟ لماذا أنا؟ صديقي، هل عبرت في وادي البكاء؟ هل عانيت من مشاعر مؤلمة مثل حنة؟ هل تعجبت لماذا تأخر الرب؟ ولماذا ارتفعت أصوات معيريك وأنت صامت غير قادر أن تجيبهم؟ هل فاضت دموعك وانسكب قلبك؟.. لا تخف فعند السيد الرب في الموت مخارج، وهو يستطيع أن يحول ظل الموت صبحاً، والليل مثل النهار سيضيء. من أعماق الأرض سيعود ويصعدك.. يزيد عظمتك.. وسيرجع ليعزيك (مز71: 20-21). هل صار الأتون محمى سبعة أضعاف؟ لا تنزعج ولا يرتعب قلبك فالخلاص قريب. النار لن تؤذيك ولن يكون لها قوة عليك. بالإيمان ثق أن الله سيكون قريباً منك ليحل قيودك فتمشي قوياً منتصباً وسط النيران. ولكن صديقي، احترس وكن يقظ؛ لقد بكت حنة وتألمت، اكتئب قلبها ولم تأكل.. ولكن وسط كل هذا لم يذكر لنا الكتاب حتى هذه اللحظة أنها رفعت صلاة أو قدمت طلبتها إلى الرب. لم يتحول الاحتياج إلى صلاة ولم يتحول الألم إلى صراخ للمخلص. وهكذا كثيرون يا أحبائي عندما يعبرون بالآلام يصرخون ويتذمرون ولكنهم لا يسألون الرب في صلاة إيمان حاسمة. صديقي، إن الأبواب لن تنفتح عندما نكتئب. والبكاء ـ بسبب انحصارنا في صراعاتنا والشفقة على أنفسنا ـ لا يحرك السماء ولكن صرخات الإيمان تفعل هذا. أقول لك أن الشعور بالاحتياج وحده ليس كافياً لتحقيق معجزتك، ولكن صلوات الإيمان الصادرة من قلب محتاج وجائع كافية لتحرك يد القدير. عام مختلف (1صم1: 9-16) لا أعلم ماذا حدث في هذا العام، أو ما الذي دفع حنة أن لا تستسلم للبكاء والاكتئاب بل تقوم وتصلي إلى إلهها وأبيها. لم تهرب من آلامها واحتياجاتها بل قامت وأتت بها إلى الرب لتسكب قلبها أمامه. نعم كانت مُرة النفس ولكنها أكثرت الصلاة إلى مصدر شفائها الذي يفهم كل ما تمر به. ويالها يا أحبائي من صلاة فعاله! إنها ليست صلاة شكلية أو روتينية، إنها ليست صلاة لارضاء الناس أو تحقيقاً لفريضة أوشريعة، بل صلاة حقيقية صادقة، فكيف كانت صلاتها ؟ 1. إنها صلاة نابعة من كل القلب: أنظر كيف يصفها كاتب السفر ".. كانت تتكلم في قلبها وشفتاها فقط تتحركان.. أن عالي ظنها سكرى" 1صم13:1.. لم تصلي بكلمات وقلبها مبتعد أو تائه، لم تكن صلاة سطحية بل عميقة من كل الكيان. إن صلاتها يا أحبائي توبخنا وتعلمنا. فعندما صلت حنة كانت تصلي بكل الكيان وكل القلب، هكذا كانت مأخوذة ومسبية في صلاتها حتى ظن عالي الكاهن أنها سكرى طالباً منها أن تنزع خمرها. 2. أنها صلاة ملحة ومثابرة: لم تقدم حنة صلاة سريعة متعجلة كما يفعل الكثيرون اليوم. يقول عنها الوحي "وكان إذ أكثرت الصلاة.." 1صم12:1. لقد علمنا الرب يسوع أنه ".. ينبغي أن يُصلى كل حين ولا يُمل" لو1:18. وقال الرسول بولس "مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة.." أف18:6. كما وصف بولس الرسول أيضاً أبفراس الذي من كولوسي قائلاً "عبد للمسيح مجاهد كل حين لأجلكم بالصلوات.. فإني أشهد فيه أنه له غيرة كثيرة لأجلكم.." كو4: 12-13. إن الصلوات الحقيقية يجب أن تكون صادقة وغيورة.. الصلوات التي يعطيها لنا الروح القدس هي صلوات حارة ملحة مثابرة . تعلم أن تواظب عليها وربما تشعر أحياناً كأنك في جهاد أو معركة، ولكن بسبب اشتياقك الروحي وبسبب الغيرة التي يضعها روح الله فيك، ستضحي وتصلي بكثرة وستشعر بأشواق حارة تجاه سؤل قلبك. وإن كنت تصلي لأجل آخرين، ستشعر بمحبة فائقة نحوهم. 3. إنها صلاة إيمان: نعم كانت صلاتها من القلب وكانت ملحة ومثابرة وذلك لأنها كانت صلاة إيمان. كانت تمتلك الإيمان الذي يصدق أنها لن تخزى، سكبت قلبها ومشاعرها أمام الرب وآمنت أنه لن يهملها. أكثرت من صلاتها ولكنه لم يكن وقتاً أو مجهوداً ضائعاً لأنها تعلم إلى مَنْ تتحدث وإلى مَنْ ترفع دعواها. طرقت أبواب السماء وفُتحت لها بالتأكيد لأن "ليس الله إنساناً فيكذب. ولا ابن إنسان فيندم.." عدد19:23. لقد قال "..اسألوا تعطوا. اطلبوا تجدوا. اقرعوا يُفتح لكم" (لو9:11). وإشارة أخرى تكشف أنها كانت صلاة إيمان وثقة؛ فقد بدأت صلاتها بتعظيم للرب وأعلنت أنه رب الجنود (1صم11:1)، واستخدمت كلمات تعبر عن ثقتها في إلهها القدير، فهو رب الجنود القدير الذي يخرج للحرب مع شعبه، والذي يقف معنا في صفوفنا ليحامي ويحارب عنا. إنه نفس الاسم الذي أتى به داود ليواجه جليات فسحقه وقتله. 4. صلاة معتمدة على كلمة الله من الواضح أن حنة كان لها المعرفة الجيدة بكلمة الله. كانت تعرف شريعة النذير أنه لا يقص شعره (1 صم 11:1 وعدد 5:6)، كما كانت تعلم وعد الرب لشعبه أنه "لا تكون مسقطة ولا عاقر في أرضك.." (خر26:23). كَمْ ستكون صلاتنا قوية وراسخة عندما يكون لنا معرفة حقيقية بكلمة الله. إن كلمة الله هي السراج الذي يضيء قلبك وفكرك لتعرف مواعيد الله لحياتك، كما إنها أيضاً مصدر الإيمان. فعندما تقرأها مستمعاً إليها بالروح، ستخلق في قلبك إيماناً ثابتاً حقيقياً (رو17:10). عندما يتكلم الله ( 1صم1: 17-18) سمع الله لصلاتها وأصغى العلي لصراخها. أعلن لها كثرة مراحمه وصدق مواعيده. تكلم لها بفم عالي الكاهن وأعطاها إعلاناً إلهياً وتأكيداً أن طلبتها قد سمعت. "..اذهبي بسلام وإله إسرائيل يعطيك سؤلك الذي سألته من لدنه". صديقي، عندما تتحدث إلى الله وتصلي طالباً وجهه، عندما تأتي بطلباتك إليه في أجواء الإيمان والتسبيح، حتماً سيتحدث الله إليك.. سيرسل لك كلمات مشجعة أو قد يضع في قلبك سلاماً بأنه قد سمع.. فلا تخف. كثيراً ما أنتظر رجال الله وقت تحقيق الوعد، ولكن دائماً ما تأتي اللحظة التي يتحدث فيها الله ليقول قد جاء الميعاد. وحينئذٍ يتحول الحزن والالحاح إلى شكر وتسبيح، وتختفي دموع البكاء ليأتي عوضاً عنها دموع الفرح. وهكذا حنة أيضاً إذ سمعت هذه الكلمات الإلهية الثمينة، مضت في طريقها وأكلت وفرحت. لم يعد وجهها مكمداً أو مكتئباً بعد ذلك، فقد تحدث الله وسيفعل. لم يتغير شيئاً في العيان، لم يبدأ الجنين في التكوين بعد، ولا شعرت بشيء غريب يحدث لها، ولكنها استمعت إلى صوت الرب المطمئن معطي السلام، فمضت وكأن الوعد قد صار حقيقة، وكأن الابن أصبح موجوداً أمامها. ولهذا فلن تحزن بعد اليوم ولن تستسلم لتعييرات العدو أو إيذاءات من حولها. لقد صارت تعيش بالإيمان وليس بالعيان. صديقي وأخي الحبيب، هل صليت من قلبك لتحصل على معجزتك؟ هل ثابرت في الصلاة واثقاً في إلهك القدير؟ وهل ملأ الله قلبك بصلوات غيورة حارة لا تسكت ولا تصمت حتى ترى أبواب السماء تُفتح!!؟. لا تخف.. فالوقت قادم لا محالة لتحقيق الوعد. ولكن هل أيضاً تعلمت أن تعيش بالإيمان؟ هل تعلمت أن تثق في الرب قبل أن ترى شيئاً يحدث؟ هل تعلمت أن تعلن إيمانك حتى قبل سقوط الأسوار؟ أم مازلت تحيا بالعيان والمشاعر؟ هل تحدث الرب إليك وأرسل كلماته إلى قلبك ليطمئنك، ورغم هذا مازلت لا تتمتع بالسلام تحيا في صراع منتظراً تغيير العيان؟. إن الإيمان هو الثقة واليقين بأمور لا ترى قد تكلم بها الرب إليك. إن الإيمان لا يرتبط بالعيان.. لا يرتبط بما ترى أو تسمع في العالم حولك، بل يرتبط بما تسمعه في قلبك وتراه في روحك وترى أشياء تغيرت في السماء قبل أن تتغير على الأرض!!. الذي وعد أمين (1صم1: 19-20) أحبائي في الرب، إن إلهنا الذي نعبده هو الصادق الأمين (رؤ3: 14).. حافظ العهد والرحمة ( 1مل 8: 23 ). لذا افرح وتهلل لأنه لا تسقط كلمة واحدة من كل الكلام الذي يتكلم به إليك. يقول عنه كاتب المزمور "لأني أنا قد عرفت أن الرب عظيم وربنا فوق جميع الآلهة. كل ما شاء الرب صنع في السموات وفي الأرض في البحار وفي كل اللجج" مز135: 5-6. ورغم أن سارة ضحكت وتعجب إبراهيم إلا أنه عندما جاء وقت الله، افتقد الرب سارة كما قال وفعل الرب لها كما تكلم فحبلت وولدت (تك21: 1-2). وهكذا أيضاً تحقق الوعد لحنة والرب ذكرها وفي مدار السنة حبلت وولدت صموئيل. صديقي، إن إلهنا لا يستحيل عليه شيء؛ هو القادر أن يفعل أكثر جداً مما نطلب أو نفتكر بحسب قوته التي تعمل فينا (أف20:3). فهل تنتظر معجزة تبدو صعبة أو مستحيلة؟ وهل تصلي لأحلام تبدو بعيدة المنال؟. إذا كان الرب قد تحدث إليك وأعطاك وعداً، اضحك على المستحيل واهزأ بالعيان. ومهما بدت الأسوار عالية والتحديات عاتية، لا تطرح ثقتك لأن لها مجازاة عظيمة (عب35:10). فمهما كانت مواعيد الله ففي المسيح النعم والأمين لمجد الله في حياتك وبواسطتك (2كو20:1). هل وضع الرب في قلبك حلماً عظيماً؟ هل أنت خادم مخلص تشتاق أن ترى مجد الله وأزمنة الإبراء؟ هل صرخت مع جدعون إن كان الله معنا فأين كل عجائبه التي أخبرنا بها، أم هتفت مع إليشع تنتظر إله إيليا أن يمسحك بمسحة مضاعفة لأنك تشتاق أن يستخدمك الرب لمجده!!؟. لا تخف فإنها ستأتي إتياناً ولا تتأخر. فقط ثق فيه مصلياً بإيمان حتى يعلن لك أنه قد استجاب، وحينئذٍ افرح وسبح لأن أمطار البركة في الطريق إليك حاملة كل ما انتظرته من الرب. من مجد إلى مجد لا تتوقف حياة المؤمن عند اختبار واحد بل يسير بنعمة الله من مجد إلى مجد. فالرسول يوحنا يخبرنا إننا من ملئه أخذنا نعمة فوق نعمة (يو16:1). هكذا سارت حنة في طريق البركات، لم تكتف بعطية الله الفائقة لها بل تقدمت إلى الأمام في طريق معرفة الرب والنضوج في تبعيتها لمن أحبها. لم تقف حيث المياة عند الكعبين بل خضعت لروح الله وهو يقودها إلى حياة العمق واختبار أمجاد الله المتتالية على حياتها. إن كثير من المؤمنين اختبروا إلهنا القدير منذ سنوات في حياتهم، ولكن للأسف صارت هذه الاختبارات ماضياً يحكون عنها دون أن تكون حاضراً يعيشونه، ولا مستقبلاً يتوقعون منه الأكثر والأفضل. فلماذا؟ لأنهم لم يسيروا للأمام في الرحلة الروحية، بل اكتفوا بما وصلوا إليه ولا يعلمون أن أموراً أكثر وأعظم تنتظرهم. أعطى الرب لحنه صموئيل، ولكنه كان يذخر لها المزيد في قلبه. فما أعظم الجود الذي يذخره الله لخائفيه (مز19:31). وهكذا إذ سارت حنة مع الله، أعطاها كيلاً مضاعفاً وبركات لا توسع؛ فقد صار لها ثلاثة أبناءٍ وبنتينِ غير صموئيل. فماذا حدث؟ وكيف تحول العقم إلى خصوبة والفقر إلى غنى؟. لا أريد أن أطيل عليك، ولكني أود أن أشير عن مفتاحين في حياة حنة قفزا بها خطوات إلى الأمام. ربما يستخدم الرب هذين المفتاحين ليقودك إلى قفزات لا تنته في حياتك 1- قدمت صموئيل للرب: رغم أن صموئيل هو عطية الرب لها، إلا أن حنة قد نذرته للرب!!. وعندما ولد صموئيل لم تترد في تحقيق التزامها وتكريس قلبها. لقد أحبت السيد الذي أحبها أولاً وسدد احتياجاتها.. أعطت كل ما عندها للملك الذي امتلك حياتها. ولهذا لم تجادل أو تناقش ولم تتهرب من تقديم أغلى ما عندها له، بل يا للعجب! فقد احتفظت بابنها سنوات لا لتبخل به، بل لتقدمه كاملاً للسيد. أعدته وربته، كبرته وجعلته ينمو. وبعد أن صار صبياً ثميناً لا تملك غيره، أخذته وأصعدته إلى بيت الله ليبق هناك إلى الأبد. أنظر ماذا قالت "..جميع أيام حياته هو عارية للرب" (1صم28:1). لم تعطه له وهي تريد الاحتفاظ به.. لم تقدمه للرب لفترة مؤقتة بل كل أيام حياته. أحبائي، إن تكريس الحياة والتبعية الصادقة في طريق الرب بلا تراجع لهو شيء ثمين جداً يقدره الآب السماوي حق التقدير. إنه لا ينسى تعب المحبة ولا يهمل ذبائح التكريس أو آلام الطريق، بل يكتبها ويسجلها عنده لتبقى خالدة إلى الأبد، وحينئذٍ بكل تأكيد لن يمسك عنك شيئاً بل سيعطيك كل شيء بغنى وأكثر مما تتخيل. صديقي، إن أردت خطوات جديدة للأمام، تعال قدم حياتك بالكامل له خاضعاً لإرادته ومشئيته. ضع يدك على المحراث ولا تنظر إلى الوراء. قدم حياتك بلا تردد وقل له أتبعك أينما تمضي. 2- سجدت وسبحت الرب: لم تمتلأ عيون حنة بالدموع وهي تترك ابنها في هيكل الرب.. لم ترجع باكية ولم تشفق على نفسها جراء هذا التصرف.. لم تتشكك إن كانت قد فعلت الصواب أم لا.. لم تترك أفكار إبليس تتغلغل لذهنها ونفسها وقلبها.. لم تكن حائرة ومتسائلة ها قد عدت وحيدة من جديد؟! ماذا سأفعل في الأيام القادمة؟! هل تسرعت أو تعجلت؟!. كلا يا أحبائي، سجدت حنة للرب.. عبدته بالروح والحق.. لم تكتف بالسجود بل رفعت صوتها بالفرح والتسبيح. لقد عظمت الرب وهي تمضي وحيدة، عظمت الرب الذي حقق وعده في الماضي. لم تضع حنة شروطاً للرب لكي تقدم صموئيل ولم تطلب البديل أو المقابل، فقط سبحت الرب وفرحت به. وأثناء تسبيحها للرب، تنبأت وأعلنت أن العاقر ولدت سبعة (1صم2: 5). لم ينس الكتاب المقدس أن يذكر حنة وسط سرد أحداث حياة صموئيل ونموه وصلاحه أمام الرب، ولكنه عاد وافتقد حنة وأعطاها الرب خمسة من الأبناء ثلاثة بنين وبنتين. أصلي أن تمتلئ حياتك بالروح القدس وتخطو خطوات للأمام، فلا ترى صموئيل فقط في حياتك بل ترى بعينيك تضاعف البركات والتعويضات السماوية، وترى احسان وجود الرب وأمانته كل أيام حياتك. هيا اقفز إلى الأمام الآن.. أخرج من القارب واتبع الرب.. توقف عن التذمر والشكوى وابدأ في التسبيح والهتاف. افرح وأشكر وسبح حتى في الأزمنة الصعبة. سبح بكل قوتك حتى بعد أن تقدم أغلى ما عندك للسيد وتصبح وحيداً كحنة، وستشهد بركات مضاعفة على حياتك.. ستختبر أموراً ثمينة.. ستعرف الرب عن قرب.. ستعرف أمانته وصدقه.. ستعرف أفكاره وطرقه.. ستلمس حضوره قريباً منك ولن تتشكك فيه بعد؛ فقد سرت معه في طريق الحياة والبركات. هيا الآن، ابدأ صفحة جديدة في حياتك لتنال صموئيل من الرب. وإذ تسير إلى الأمام مع الله أكثر وأكثر، لن ترى صموئيل فقط بل أكثر بكثير. أمين. |
|