بركات الإيمان
إذا كنت ترغب أن تقتنى هذا الإيمان فيجب أن تحصل أولًا على معرفة الآب. لأن الله قد أحب البشر، الذين من أجلهم خلق العالم، واخضع كل شيء فيه لهم. وقد أعطاهم العقل والإدراك، وأعطى للإنسان وحده امتياز أن ينظر إلى الله. وهو الذي خلق الإنسان على صورته، ومن أجل الإنسان أرسل ابنه الوحيد، وأعطاه وعد ملكوت السموات التي سوف يعطيها للذين أحبوه. وعندما تدرك هذه المعرفة فإنك سوف تشعر بسعادة عظيمة جدًا، وتمتلئ بفرح فائق، وهكذا فإنك ستحب من أحبك أولًا. وإذا أحببته فإنك سوف تقتدي بصلاحه، ولا تدهش من كون أن الإنسان يمكن أن يتشبه بالله. هو يستطيع ذلك إذا أراد. ولذلك فهذا الإنسان لا يتسلط على جيرانه ولا يسعى للارتفاع فوق الضعفاء، ولا يسعى أن يكون غنيًا، وهو لا يكون عنيفًا تجاه من هم أقل منه فمثل هذه الأمور لا توفر السعادة ولا يستطيع الإنسان بمثل هذه الأمور أن يكون متشبهًا بالله، فهذه الأمور لا تشكل عظمة الله. بل بالعكس فإن الإنسان الذي يحمل أثقال جيرانه ومهما كان أعلى من غيره يكون مستعدًا أن يتنازل للآخرين الذين هم أقل منه، وكل شيء يناله من الله يوزعه على المحتاجين. بهذه الأمور يصبح هذا الإنسان إلهًا بالنسبة للذين يساعدهم: وبذلك يكون متشبهًا بالله.
وعندئذٍ سترى وأنت لا تزال على الأرض أن الله الذي في السماء يحكم الكون كله؛ وعندئذٍ سوف تبدأ بأن تتكلم عن أسرار الله، عندئذٍ ستجد نفسك تحب الذين يعانون الآلام والضيقات بسبب عدم إنكارهم لله وسوف تُعجب بهم؛ وسوف تستنكر الغش والضلال الذي في العالم حينما تعرف ما معنى أن تعيش حقًا في السماء. وسوف تحتقر ما يُعتبر هنا أنه موت، وذلك حينما تتعلم أن تخاف من الموت الحقيقي المحفوظ لأولئك الذين سوف يُحكم عليهم بالنار الأبدية، التي ستهلك أولئك الذين يُوضعون فيها إلى الأبد. وسوف تُعجب بأولئك الذين يحتملون النار للحظة من أجل البر، وسوف تحسبهم سعداء حينما تعرف طبيعة تلك النار.