|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب الرسالة إلى ديوجينيتوس ترجمة أ. بولين تودري أسعد مقدمة هذه الرسالة هي دفاع عن المسيحية، في صورة خطاب موجه إلى شخصية وثنية ذات مركز اجتماعى رفيع هو "ديوجينيتوس". وليست لدينا أية معلومات عن الراسل أو عن المرسل إليه. وقد تعددت الآراء من جهة شخصية مؤلف الدفاع فالبعض نسبوا هذا الدفاع إلى القديس هيبوليتوس الرومانى في بداية القرن الثالث. وهناك رأى آخر أن الذي كتبه هو القديس "كوادراتوس" Quadratus تلميذ الرسل الذي ذكره كل من أوسابيوس، وإيرونيموس، وفوتيوس، والذي كتب دفاعًا عن المسيحية ولكنه فُقِدَ. وما تحويه الرسالة إلى ديوجينيتوس من انتقاد للوثنية واليهودية يتفق مع ما هو معروف في التقليد عن كوادراتوس تلميذ الرسل أنه يهاجم الوثنية واليهودية كليهما. وفي هذه الحالة يكون وقت كتابة هذه الرسالة هو نهاية القرن الأول. القديس الشهيد يوستينوس المدافع المخطوط اليونانى الذي يحوى هذه الرسالة يرجع إلى القرن الثالث عشر، وكان محفوظًا في مكتبة ستراسبورج، وهذا المخطوط يضع هذه الرسالة ضمن كتابات القديس يوستينوس الشهيد، وستجد سيرته في الرابط السابق هنا في موقع الأنبا تكلا. ولكن للأسف فإن هذا المخطوط احترق في سنة 1870 أثناء الحرب الفرنسية الروسية. وكل المطبوعات التي نُشرت للرسالة تعتمد على هذه المخطوطة في نسبتها إلى يوستينوس، وفي هذه الحالة يرجع تاريخ كتابتها إلى حوالي منتصف القرن الثاني. وكما هو واضح من مقدمة الرسالة نفسها (فصل1) فإن الدافع لكتابتها هو أن ديوجينيتوس طلب إلى صديقه المسيحي المجهول الاسم أن يزوده بمعلومات وافية عن ديانته -أي عن المسيحية- فأرسل إليه هذه الرسالة بناءً على طلبه. وفي الفصول من 24 يشرح المؤلف بعبارات براقة سمو المسيحية فوق عبادة الوثنيين الحمقاء، وفوق العادات الشكلية الخارجية لعبادة اليهود. وأروع جزء في الرسالة هو الفصلان 5و6 اللذان يعرض فيهما حياة المسيحيين التي تفوق الطبيعة. وفي نهاية الرسالة يحث الكاتب ديوجينيتوس أن يقبل الإيمان بالمسيح. ويقول البروفيسور "كواستن" أستاذ علم الباترولوجى، عن هذه الرسالة، إنها تستحق أن توضع في صف أروع وأجمل الكتابات التي وصلتنا من الأدب المسيحى باللغة اليونانية ويقول إن الكاتب هو أحد معلمي الخطابة، وتركيب عباراته جذاب للغاية ومتوازن تمامًا، أسلوبه شفاف وواضح جدًا. ومحتوى هذه الرسالة يكشف عن أن كاتبها إنسان ذو إيمان حي مشتعل، وذو معرفة واسعة، وعقله مشّبع تمامًا بمبادئ المسيحية، كما أن تعبيرات الرسالة تتألق نارًا وحيوية. 2 أكتوبر 2004م / 22توت 1721ش شهادة يوليوس الأقفهصى كاتب سير الشهداء المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية |
19 - 07 - 2014, 03:03 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الرسالة إلى ديوجينيتوس
سبب كتابة الرسالة إني أرى يا ديوجينيتوس أنك تبذل جهدًا عظيمًا لاستقصاء أخبار دين المسيحيين وأنك تستخبر عنهم بدقة وعناية. مَنْ هو الإله الذي يتكلمون عنه؟ وما هو نوع العبادة التي تجعلهم يحتقرون المادة ويهزءون بالموت ولا يعترفون بآلهة اليونانيين ولا يمارسون خرافات اليهود؟ وما سر المحبة المتبادلة بينهم؟ ولماذا انتشر هذا الدم الجديد أو الروح في العالم اليوم لا قبل ذلك؟ أنا من صميم قلبي أرحب بذلك المطلب منك، وأتضرع إلى الله، الذي يمكِّننا نحن الاثنين من السمع والكلام، أن يهبني أن أتكلم في كل هذه الأمور، وفوق كل شيء أنك عندما تسمع سوف تنال بنيانًا، وأنت أيضًا تسمع منى أنا الذي أتكلم، أنه لا يوجد سبب يجعلني أتأسف أنني تكلمت. |
||||
19 - 07 - 2014, 03:04 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الرسالة إلى ديوجينيتوس
بطلان الأصنام تعال، إذن، بعد أن تُنَقّي نفسك من كل تحيز يسيطر على فكرك، واترك جانبًا كل ما تعودت عليه، كشيء يمكن أن يخدعك، وإذ تصير إنسانًا جديدًا من البداية طبقًا لاعترافك بأنك ستكون مستمعًا لنظام العقيدة الجديدة (المسيحية). تعال وتأمل، ليس بعينيك فقط بل بفهمك أيضًا، ما هو جوهر وما هو شكل أولئك الذين تعتبرونهم أنتم آلهة. أليس واحد منها حجرًا مشابهًا للحجر الذي ندوسه بالأقدام؟ أليس الثاني نحاس، ولا يزيد بأي حال عن الأوعية التي تُصَّنع للاستعمالات العادية الدارجة؟ أليس الثالث خشبة تتعفن بسهولة؟ أليس الرابع فضة، التي تحتاج حراسة من الإنسان لئلا تُسرق؟ أليس الخامس حديد، الذي يتآكل بالصدأ؟ أليس السادس فخار، ليس له قيمة أعلى مما يُصَّنع لأحقر الأغراض؟ أليست كل هذه الأشياء من مادة قابلة للفساد والتحلل؟ ألم يُصَّنعوا بالحديد والنار؟ ألم يشكِّل صانع التماثيل واحدًا منها، وصانع النحاس إلهًا آخر، وصائغ الفضة صنع ثالثهم، والخزاف رابعهم؟ أليس كل واحد من هذه التماثيل التي تم عملها عن طريق الصُنّاع المختلفين لتأخذ شكل الآلهة، كان من الممكن تغييره؟ ألم يكن من الممكن لهذه الأشياء التي هي الآن بشكل أواني ومصنوعة من نفس المواد أن تتحول بيد صانع ماهر إلى تماثيل؟ أليست هذه التماثيل التي تُعبد منك الآن، يُعاد صنعها على أيدي صانعي الأواني مثل الأخرى؟ أليسوا كلهم صُم؟ أليسوا كلهم عميان؟ أليسوا بلا حياة؟ أليسوا خاليين من الإحساس؟ أليسوا عاجزين عن الحركة؟ أليست معرضة أن يفسدها السوس؟ أليست كلها قابلة للفساد؟ هذه الأشياء التي تدعونها آلهة، وتخدمونها وتعبدونها، أنتم تصيرون مثلها. لذلك أنتم تكرهون المسيحيين، لأنهم لم يعتبروا هذه الأشياء آلهة. ولكن ألستم أنتم أنفسكم الذين تفكرون الآن وتفترضون أنها آلهة، تستخفون بها، أكثر مما يفعل المسيحيون؟ ألستم تهزؤون وتسخرون بها حينما تعبدون أشياء مصنوعة من الحجر والخزف، بدون تعيين أي شخص لحراستها، أما الأشياء المصنوعة من الذهب أو الفضة فتغلقون عليها ليلًا، وتعينون حراسًا بالنهار لحراستها، خشية أن تُسرق؟ وأيضًا ألستم بهذه الهدايا التي تقدمونها لها تعاقبونها بدلًا من أن تكرمونها لو كان عندها أي إحساس؟ ولكن من ناحية أخرى لو أنها كانت خالية من أي تمييز فأنتم توبخونها على هذا الأمر بينما أنتم تعبدونها بالدم ودخان الذبائح؟ دع أي واحد منكم يعانى هذه الإهانات! دع أي واحد أن يحتمل أن تحدث له هذه الأشياء! لا يوجد أي إنسان يحتمل هذه المعاملة إلاّ إذا أُجبر على ذلك، حيث إن عنده تمييز وعقل. أما الحجر فهو يحتمل هذه المعاملة لأنه بلا إحساس. بالتأكيد أنت بتصرفك هذا (أي برش الدم عليه) تظهر أن إلهك لا يملك أي تمييز. والحقيقة إن المسيحيين لم يعتادوا أن يخدموا هذه الآلهة. ومن السهل علىَّ أن أجد أشياء كثيرة لأقولها بهذا الخصوص. ولكن إن كان ما قلته لا يبدو لأي أحد أنه كافٍ، فأظن أنه أمر عديم الجدوى أن أقول أي شيء آخر. |
||||
19 - 07 - 2014, 03:05 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الرسالة إلى ديوجينيتوس
خرافات اليهود وبعد ذلك، أنا أتخيل أنك مشتاق جدًا أن تسمع عن هذه النقطة، وهي أن المسيحيين لا يلتزمون بنفس أشكال العبادة التي يمارسها اليهود. فإذا كان اليهود قد امتنعوا عن أنواع التقدمات الوثنية (التي شرحتها سابقًا)، واعتبروا أنه من الأفضل أن يعبدوا إلهًا واحدًا هو رب الكل، فهذا صواب. ولكن إذا عبدوا الإله الواحد بنفس الطريقة الوثنية فإنهم يخطئون خطأً عظيمًا. فعندما يقدم الوثنيون عطاياهم لهذه التماثيل الخالية من التمييز والسمع، فإنما يقدمون مثالًا للحماقة، ولكنهم من ناحية أخرى بتفكيرهم في تقديم هذه العطايا لله كأنه محتاج إليها، فهذا يُعتبر حماقة وليس عبادة إلهية، لأن الذي خلق السماء والأرض وكل ما فيها، والذي يعطينا كل شيء نحتاج إليه، هو بالتأكيد لا يحتاج أي شيء من هذه الأشياء التي يمنحها للذين يظنون أنهم يوفرون له هذه الأشياء. ولكن الذين يتخيلون أنه برش الدم ورفع بخور التضحيات والمحرقات يقدمون ذبائح مقبولة لدى الله، وأنهم بمثل هذا الإكرام يظهرون له الاحترام هؤلاء بافتراضهم أنهم قادرون أن يعطوا أي شيء لمن هو غير محتاج لشيء، أرى أنهم لا يختلفون بأي حال عن الذين يمنحون الإكرام للأشياء التي لا تحس، ولذلك فهي غير قادرة أن تتمتع بهذه الكرامات. |
||||
19 - 07 - 2014, 03:05 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الرسالة إلى ديوجينيتوس
الاحتراسات الأخرى عند اليهود أما من جهة وسوستهم بخصوص اللحوم، وخرافاتهم من جهة السبوت، وتباهيهم بالختان، وخيالاتهم بخصوص الصوم وأوائل الشهور، والتي كلها مدعاة للسخرية وغير جديرة بالاهتمام، فأنا لا أظن أنك تحتاج أن تتعلم منى أي شيء عنها. لأن قبول بعض الأشياء التي خلقها الله ليستخدمها الإنسان بحسب ما خُلقت له، ورفض البعض الآخر على أنه غير نافع وزائد عن الحاجة كيف يمكن أن يكون هذا أمرًا مشروعًا؟ والادعاء على الله كأنه هو الذي نهانا عن عمل الخير في السبوت، كيف لا يكون هذا أمرًا ضد التقوى؟ وأن يتباهى الإنسان بختان الجسد على أنه برهان على الاختيار وأنهم بسببه يتمتعون بمحبة خاصة عند الله، كيف لا يكون هذا مادة للسخرية؟ وملاحظتهم للقمر والنجوم وتوزيعاتهم لحساب الأيام والشهور، وفهم مواعيد الله طبقًا لمداراتهم، واعتبارهم تغيير فصول السنة بعضها للأعياد أو للفرح وبعضها للحداد والحزن فكيف يُعتبر كل هذا جزءً من العبادة وليس بالأحرى مظهرًا من مظاهر الحماقة. أظن الآن، أنك مقتنع تمامًا بأن المسيحية لها رأى سديد في امتناعها عن خرافات اليهود والوثنيين وأخطائهم. فإذا ابتعدت عن روح الفضولية وغرور التباهي الذي لليهود، فيجب أيضًا ألاّ تتوقع أن تتعلم عن سر عبادتهم الشكلية لله من أي إنسان. |
||||
19 - 07 - 2014, 03:06 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الرسالة إلى ديوجينيتوس
سمو حياة المسيحيين إن المسيحيين لا يختلفون عن سواهم من أبناء البشر في الوطن أو اللغة والعادات. والواقع هو أنهم لا يقطنون مدنًا خاصة بهم وحدهم، ولا يتكلمون لغة خاصة بهم، ولا يعيشون عيشة غريبة شاذة. وأن عقيدتهم ليست من مكتشفات أشخاص فضوليين خياليين متكبرين. ولا يؤيدون كغيرهم عقيدة من صنع البشر. ومع أنهم يسكنون في مدن يونانية وغير يونانية حسب نصيب كل منهم، ويسلكون بموجب عادات البلد الذي يحلون فيه من جهة الزى والطعام وأساليب المعيشة الأخرى، فإن أسلوب معيشتهم يستوجب الإعجاب والإقرار بأنه غير متوقع. تراهم يسكنون البلدان ولكنهم غرباء. هم يشتركون في كل شيء كمواطنين ولكنهم يحتملون كل ما يحتمله الغرباء. كل بلد أجنبي وطن لهم. وكل وطن لهم بلد غريب. يتزاوجون كغيرهم ويتوالدون. ولكنهم لا يهملون أولادهم ولا يعرضونهم للموت يفرشون طعامهم للجميع ولكنهم لا يفرشون فراشهم. هم موجودون في الجسد ولكنهم لا يعيشون للجسد. يقضون أيامهم على الأرض ولكنهم مرتبطون بوطن سماوي. يطيعون القوانين المرعية لكنهم يتقيدون بأكثر منها في حياتهم الخصوصية. يحبون جميع الناس ولكن الجميع يضطهدونهم. تراهم مجهولين ولكنهم مُدانون. يُماتون ولكنهم يُعادون إلى الحياة. فقراء ولكنهم يغنون كثيرين. معتازين لكل شيء ولكنهم ينعمون بكل شيء. يُفترى عليهم ولكنهم يُبررون. يُشتمون ولكنهم يباركون. يُهانون ولكنهم يكرّمون الآخرين. يعملون الخير فيُجازون كأشرار، حينما يُعاقبون (بالموت) يفرحون كأنهم يُقامون إلى الحياة. يحاربهم اليهود كأنهم أجانب، ويضطهدهم اليونانيون. ومع ذلك فالذين يكرهونهم يعجزون عن ذكر سبب كراهيتهم لهم". |
||||
19 - 07 - 2014, 03:07 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الرسالة إلى ديوجينيتوس
المسيحيون هم روح العالم وبالاختصار فإن المسيحيين للعالم كالروح للجسد. الروح تمتد إلى جميع أعضاء الجسد والمسيحيون ينتشرون في جميع مدن العالم. وكما أن الروح تسكن في الجسد وهي ليست منه، فهكذا المسيحيون فإنهم يسكنون في العالم ولكنهم ليسوا منه. وكما أن الروح غير المنظورة تُحبس في الجسد المنظور فهكذا المسيحيون فإنهم يعرفون مسيحيين في العالم ولكن تقواهم تظل غير منظورة. ومع أن النفس لا تسئ إلى الجسم فإن الجسم يكرهها ويحاربها لأنها تعيقه عن الانغماس في الملذات. والمسيحيون كذلك لا يسيئون إلى العالم ولكن العالم يكرههم لأنهم يقاومون ملذاته. والنفس تحب الجسد الذي يكرهها كما أن المسيحيين يحبون الذين يكرهونهموكما أن النفس تُحبس في الجسد ولكنها تحفظه، فإن المسيحيين أيضًا يحبسون في العالم ولكنهم هم الذين يحفظون العالم. وكما أن النفس الخالدة تسكن في خيمة فانية، فإن المسيحيين أيضًا يعيشون غرباء بين الأشياء الفانية منتظرين الخلود في السماء. وكما أن النفس تكون في حال أفضل بتقنين المأكل والمشرب فإن المسيحيين يتزايدون رغم أنهم يعاقبون. هذا هو الوضع الذي وكلهم الله به ولا يجوز لهم أن يتخلوا عنه. |
||||
19 - 07 - 2014, 03:09 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الرسالة إلى ديوجينيتوس
ظهور المسيح المسيحية، كما قلت، ليست مجرد بدعة أرضية أتت إليهم، أو مجرد رأى إنساني حافظوا عليه جيدًا، وليس مجرد ناموس ائتمنوا عليه، بل هو الله بذاته، القادر على كل شيء، وخالق جميع الأشياء، وغير المرئي، أُرسل من السماء، وعاش بين البشر، هو الحق، والقدوس كلمة الله غير المُدَّرك، والقائم بثبات في قلوبهم. هو لم يرسل كما يتخيل أحد، أي خادم، أو ملاك، أو حاكم، أو أي شيء يدب على الأرض، ولا عَهِدَ بذلك لمن يحكمون الأشياء في السماء، بل أرسل جابل وصانع كل الأشياء، الذي به صنع السماوات، وبه جعل حدًا للبحار، الذي تخضع له النجوم بحق، ومنه تستمد الشمس قوتها لتطيعه، وهو الذي يطيعه القمر ويضيء في الليل، وتطيعه النجوم أيضًا في مداراتها، بل زُينت كل الأشياء ووُضِعت في حدودها، هو الذي تخضع له السموات وكل ما فيها، والأرض وكل ما عليها، والبحر وكل ما فيه؛ هو الذي يحكم النار والهواء والهاوية، وكل شيء في الأعالي، وكل شيء تحت الأرض، وكل شيء بينهماهذا (الكلمة) أرسله إليهم ليس لكي يتسلط عليهم ولا لكي يرعبهم، بل ليظهر رحمته ووداعته. فكما يرسل الملك ابنه، الذي هو ملك أيضًا، هكذا أرسل الله ابنه كإله، أرسله كمخلص للبشر ليفتش عنا لكي يقنعنا وليس ليقهرنا لأن العنف والإكراه ليسا من طبع الله. أرسله ليدعونا، وليس كمنتقم يتعقبنا، أرسله لمحبته لنا، وليس ليحاكمنا. ومع ذلك فهو سيأتي (فيما بعد) لكي يديننا، ومن يحتمل ظهوره؟ ألاّ ترى كيف تعرض هؤلاء لهجوم الوحوش المفترسة لكي يجعلوهم ينكرون الرب، لكنهم لم ينهزموا؟ ألاّ ترى كيف أنهم كلما عُذب البعض منهم فإنهم يزدادون في العدد؟ وهذا يبيّن أن هذا العمل ليس هو عمل إنسان بل هو قوة الله؛ هذه هي البراهين على ظهوره. |
||||
19 - 07 - 2014, 03:10 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الرسالة إلى ديوجينيتوس
سوء حالة البشرية قبل مجيء الكلمة مَنْ من الناس يملك القدرة على إدراك الله قبل مجيئه؟ هل سلّمت بغرور وسخافة أفكار الذين يثقون في الفلاسفة؟ فمن هؤلاء من قال إن النار هي الله، الذي به خُلِقوا وأتوا إلى الوجود. والبعض الآخر يقول إن الماء هو الله. وآخرون منهم يعتبرون أشياء خلقها الله أنها هي الله. ولكن لو أن أي نظرية من هذه النظريات تستحق الاستحسان، فبالتبعية لابد أن نقر أن بقية الأشياء المخلوقة هي آلهة. ولكن هذا الإقرار مرعب وخاطئ وكلام غش. وأيضًا إن الله لم يره أحد ولا عرفه، بل هو الذي أعلن ذاته. لقد أظهر ذاته بالإيمان للذين أُعطى لهم فقط. الله هو رب كل الأشياء وصانعها، وهو الذي وضعها في أماكنها المختلفة. وهو أظهر ذاته ليس كمجرد صديق للبشرية فقط بل أظهر ذاته مشتركًا في معاناتهمالله كان دائمًا محبًا ويبقى محبًا، وسيقي كذلك على الدوام، وهو خالٍ من أي ميل للانتقام. هو إله حقيقي، وهو الوحيد الصالح. وله اتحاد عظيم يفوق الإدراك مع ابنه وحده. وكما حفظ سر حكمته مكتومًا لدرجة أنه يبدو كأنه يهملنا، وكأنه لا يعتني بنا. ولكن بعد ذلك كشف عن الأشياء المُعدة لنا منذ البداية عن طريق ابنه الحبيب. فقد أنعم علينا بكل البركات مرة واحدة، ولذلك يجب علينا نحن أيضًا أن نشاركه في العطاء ونكون جادين في خدمته. مَنْ منا كان يتوقع هذه الأشياء؟ هو الذي كان يهتم بكل هذه الأمور في عقله، ومن خلال ابنه على أساس العلاقة الأزلية بينهما. |
||||
19 - 07 - 2014, 03:11 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الرسالة إلى ديوجينيتوس
لماذا أُرسل الابن متأخرًا؟ في سالف الزمان، ولدنا بدوافع عنيدة ولنا شهوات عديدة مُبتعدين عن كل الرغبات الصالحة. وليس معنى هذا أن الله كان مسرورًا بخطايانا، أو كان يسمح لنا بفرصة لعمل الشر، بل كان ببساطة يحتملنا. وكان يفتش عن عقل متيقظ وواعٍ لصلاحه وبره، حتى إذا اقتنعنا أثناء حياتنا بعدم استحقاقنا لنوال الحياة بأعمالنا الخاصة، عندئذٍ كان لابد أن يمنح الله لنا الحياة بسبب شفقته علينا. وإذ صار أمرًا واضحًا لنا أننا لا نستطيع أن ندخل إلى ملكوت الله بذواتنا فإننا نصير قادرين بقوة الله أن ندخل إلى ملكوته. ولكن حينما وصل شرنا إلى أقصاه وأصبح واضحًا أننا مستحقون للعقاب والموت، وحينما جاء الوقت المُعين من الله لإظهار قوته وصلاحه فإن حب الله الفائق جعله لا ينظر إلينا بكراهية، ولا أن يطردنا بعيدًا، كما أنه لم يذكر شرنا ويقيمه ضدنا، بل أظهر طول أناة عظيم جدًا واحتملنا حتى أنه حمل بنفسه ثقل خطايانا، إذ بذل ابنه الوحيد كفدية لأجلنا، القدوس من أجل العُصاة، والذي بلا لوم من أجل الأشرار والبار من أجل الآثمة، وغير الفاسد من أجل الفاسدين، وغير المائت من أجل المائتين. فأي شيء آخر كان يمكن أن يستر خطايانا سوى بره؟ بأي شخص آخر كان يمكن تبريرنا نحن الأشرار وعديمي التقوى إلاّ بشخص ابن الله الوحيد؟ ما أجمل هذه المبادلة! ما هذا الفعل الذي يفوق الفحص، يا للبركات التي تفوق كل التوقعات! أن شر الكثيرين يُوضع على بار واحد، وبر واحد يبرّر عُصاة كثيرين! لذلك إذ قد اقتنعنا في الزمان السابق على مجيء المخلص أن طبيعتنا كانت عاجزة عن البلوغ إلى الحياة، والآن إذ قد أُعلن المخلص القادر أن ينقذ أولئك الذين كان من غير الممكن إنقاذهم فيما سبق. بهاتين الحقيقتين أراد هو أن يقودنا لكي نثق في لطفه وصلاحه ولكي نعتبره مصدر حياتنا، وأبانا، ومعلمنا، ومرشدنا، وشافينا، وحكمتنا، ونورنا، ومجدنا، وكرامتنا، وقوتنا، وحياتنا، حتى أننا لا نقلق أو نهتم من جهة الملبس والمأكل. |
||||
|