منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 07 - 07 - 2014, 04:06 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

فريدريك نيتشه (1844-1900م.)

رغم أن عمر نيتشه العاقل لم يتعدى الأربعة وأربعين عامًا فأنه ترك أثرًا بالغًا في الفكر الإلحادي، وأعتنق الكثيرون أفكاره الصادمة، فهو الذي بدأ طفلًا متدينًا كابن لقس إنجيلي، حتى دعوه بـ"القسيس الصغير"، وعندما شبَّ أنقلب رأسًا على عقب، فمجَّد القوة والحرب، وأشاد بالإنسان السوبرمان، وفلسفته التي مجَّدت القوة والقسوة هي التي أفرزت لنا الفاشية والنازية، كما أنه كان له باع كبير في زرع بذور الإلحاد، وفي التهكم على العزة الإلهيَّة فهو صاحب مقولة " لقد مات الله"، وفي الهجوم على المسيحية، حتى أنه قال عنها أنها اللعنة الكبرى والوصمة الخالدة في جبين البشرية، ووصف أخلاقها بأنها أخلاق العبيد الجبناء، وهاجم المرأة والإنسان والأصدقاء، وتخاصم مع الكل حتى مع نفسه، ورأى في ذاته أنه الإنسان الذي لا يعلو عليه آخر، وأستعذب الألم، وهاجم الموت العادي الذي يأتي في وقت غير مناسب، وشجع على الانتحار.. إلخ. وقال عنه " هنري موريس": "أما فلسفة نيتشه فقد أثرت بعمق في اتجاهات السياسة الألمانية حتى أصحبت أساس القوة الحربية الألمانية المكثفة التي حشدتها في فترة الثلاثينيات من هذا القرن وكانت سببًا من أسباب الحرب العالمية الثانية، وكان موسيلليني واحدًا من أكبر المتابعين المتحمسين لنيتشه، وكانت الفاشية هي النتيجة النهائية، كذلك وُلدت النازية في نفس البالوعة" (1).. لذلك لا مناص من فرد مساحة أكبر لهذا الفيلسوف الألماني معجزة الشر (الذي دعى نفسه تارة بديونسيوس المصلوب، وتارة بضد المسيح، وتارة بالله) لكي يتعلَّم ويتعظ من تراوده أفكار الإلحاد وتغريه وتجذبه وتعمي عينيه نحو المصير المآسوي..
فريدريك نيتشه (1844-1900م.)
س25: هل يمكن إلقاء الضوء على القسيس الصغير ابن القس الإنجيلي في طفولته وشبابه؟


فريدريك نيتشه (1844-1900م.)
ج: وُلد " نيتشه " في 15 أكتوبر 1844م في "ريكن" بالقرب من مدينة لوتسن بمقاطعة "سكسونيا " الألمانية، وكان يوافق عيد ميلاد وليم الرابع ملك بروسيا، فكان يفرح بعيد ميلاده عندما يرى الفرحة تعم البلاد بعيد ميلاد الملك، وكان والده " كارل لدفج نيتشه " من أصول بولندية وأمه " فِرَنْسِسكا إيلَر " ألمانية خالصة، وكانت له أخت تُدعى أليصابات كانت قريبة منه جدًا، وهي التي نقلت لنا أخبار نيتشه في فترة شبابه. وكان والد نيتشه قسًا بروتستانتيًا محبوبًا من رعيته، بل كان كثير من أجداده من جهة الأب أو الأم قساوسة ورجال دين، وقد تأثر نيتشه في طفولته بهذه الروح، حتى دعاه أترابه في المدرسة وهو مازال صغيرًا بـ"القسيس الصغير"، وكان قادرًا على أن ينشد بعض آيات الإنجيل والتراتيل الدينية المؤثرة، التي تكاد أن تثير البكاء، وقال عن نفسه " في سن الثانية عشرة رأيت الله في تمام جلاله " وفي المرحلة الثانوية (1858-1864 م) ألَّف قصيدة رائعة وجهها إلى الله المجهول حيث قال:
" مرة أخرى، وقبل أن أستمر في طريقي..
وأطلق نظراتي إلى الأمام..
أرفع يدي العاريتين..
إليك، فأنت ملجأي وملاذي..
وأنت الذي كرَّست له أعمق أعماق قلبي..
مذابح يُقدَّس عليها اسمك..
لكي يدعوني صوتك..
دائمًا إليك..
وعلى هذه المذابح تتلألأ..
هذه الكلمة: إلى الله المجهول..
إني أريد أن أعرفك أيها المجهول..
أنت يا من نفذت إلى صميم روحي..
ويا من تمر على حياتي مرور العاصفة..
أنت يا من لا يدركك شيء، ومع هذا فأنت قريب مني وذو نسب إليَّ
أريد أن أعرفك وبنفسي أن أعبدك" (2)
فريدريك نيتشه (1844-1900م.)
بعد موت والده، ذهبت الأسرة إلى مدينة " ناومبرج " حيث أتم دراسته الابتدائية، ثم أمضى نيتشه دراسته الثانوية في مدرسة " أليفورتا " الملحقة بأحد الأديرة، وفي الفترة 1864-1865م ألتحق بجامعة بون ليدرس اللاهوت والفيلولوجيا، وفي هذه الجامعة حدثت مناظرة شديدة بين أستاذين هما " رتشل"، و"يان " واحتدم النزاع بينهما فترك " رتشل " جامعة بون وأتجه إلى جامعة ليبتسج، وتبعه تلميذه نيتشه الذي كان معجبًا به، وأمضى نيتشه الفترة من 1865-1867م بجامعة ليبتسج.
وفي شبابه كان نيتشه القصير القامة الأنيق الهندام يرتدي سِروالًا فاتح اللون ومن فوقه سترة قصيرة ويحكم رباط العنق، يتدلى شعر رأسه الطويل، يعاني من قصر شديد في النظر، وفي سيره يكاد يمشي مشية المتعب، أما كلامه فكان رقيقًا بسيطًا خاليًا من التصنيع، ولكنه كان يصدر من أعماق نفسه، هكذا وصفه شِيفْلر (راجع د. عبد الرحمن بدوي - نيتشه ص 41) وبالرغم من أنه كان هادي ويتحدث برقة شديدة، فإن نظراته كانت حادة تعكس الثورة الداخلية التي يعيش فيها، حتى أن أصحابه لا يتفوَّهون بكلمات نابية أمامه، وعلى حد تعبير أحد أصحابه الذي قال أنه لا يستطيع أن يتفوه بكلمات خارجة في حضور نيتشه، وعندما سأله زميله: لماذا؟ قال أنه يرمقك بنظرة تجعل الكلمات تقف في فمك.
ووصفته " لواندرياس سالوميه " التي صاحبته مدة من الزمن فقالت " أول إحساس تشعر به إذا ما رأيتَ نيتشه هو إحساسك بأنك بإزاء وجدان عنيف مستور وشعور بالوحشة كتمه في نفسه.. هذا الرجل المتوسط القامة، البسيط في ملبسه الذي عنى به، الهادئ في سيماه، ذي الشعر الأسمر المُلقى إلى الوراء، دون أن يلتفت إليه أو يديم النظر فيه.. وله ابتسامة خفيفة، وبهجة هادئة في الحديث، ومشية متئدة حذره، تقتضي منه أن يحني كتفيه قليلًا.. وتكاد عيناه تنطقان حقًا، وعلى الرغم من أنهما شبه عمياوين إلاَّ أنه لم يكن يبرقهما ولا يُسفُّ النظر، كما هي عادة الكثير من قصار النظر. بل كانا يبدوان وكأنهما حارسان لكنوز.. كان يحدقان في الأعماق كما يحدقان في أفق بعيد.. أما في حياته العادية فكان مؤدبًا كل الأدب رقيقًا رقة تقرب من رقة النساء، هادئ المزاج، ساكن الضمير، متصل الوقار" (3). وهذا يذكرنا بقول الكتاب عن الخطية أن كل قتلاها أقوياء.
وفي نحو سن الثامنة عشر بدأ " نيتشه " يفقد إيمانه بالله وبالدين ففارقته البهجة، لأن الدين كان يمثل ركنًا أساسيًا في حياته، وقرأ نيتشه كتاب " شوبنهور " عن " العالم كإرادة وفكرة " الذي يوضح فيه أن على الإنسان أن يبذل الجهد والكفاح اللذان يحملان في طياتهما البؤس والشقاء، وعندما أنهى قراءة الكتاب قال عن هذا الكتاب أنه " مرآة طالعت فيها العالم والحياة، بل وطبيعة نفسي مرسومة في جلال مخيف.. أنه ليبدو لي أن شوبنهور كان يخاطبني أنا. لقد أحسست فيه شعوره المتحمس وخيل إليَّ أني أشهده ماثلًا أمامي في كل سطر كإنما يناديني نداءً صارخًا" (4) وأعتبر نيتشه نفسه أنه خليفة شوبنهور وتأثر بنظرته التشاؤمية، وعندما مات والده تأثر كثيرًا لموته، حتى قال عنه " مات والدي في سن السادسة والثلاثين، وكان رجلًا رقيقًا محبوبًا وعلى سيماه طابع المرض، وكل شيء كان يدل على أنه مخلوق قُدّر له أن يمر بالحياة مرور العابرين الكرام، فهو ذكرى جميلة للحياة، أولى منه أن يكون الحياة نفسها، وقد بدأت حياتي في الزوال في نفس اللحظة التي ذهبتْ فيها حياته، ففي سن السادسة والثلاثين وصلت إلى أحط درجة في حياتي وحيويتي، أجل قد عشت من بعد، ولكن هذه الحياة التي حييتها لم أكن أستطيع أن أنظر فيها إلى أبعد من ثلاث خطوات" (5) وكان " نيتشه " قد ورث عن أبيه روح التدين والشفقة والمثالية وحب الموسيقى، وورث عن أمه الإحساس المرهف، ولكن في شبابه أجتهد أن يتخلص من الشفقة قائلًا " الشفقة أعظم خطر عليَّ. هذه الشفقة نتيجة سيئة من نتائج طبيعة والدي الشاذة، وهو الذي كان كل من عرفوه يضعونه في صفوف الملائكة قبل أن يضعوه في مصاف بني الإنسان" (6) أما والدة نيتشه المتدينة فكانت دائمة الصلاة من أجله، وكانت على وشك حرق كتاباته المملوءة بالتجديف.
فريدريك نيتشه (1844-1900م.)

فريدريك نيتشه (1844-1900م.)
س26: كيف تشبع نيتشه بفكرة موت الله، وأعتقد أنه هو "الإله ديونسيوس"؟ وهل وجد راحته في الإلحاد؟

ج: بعد أن كان " نيتشه" في فجر حياته يظهر محبته العميقة لله، وصل لمرحلة الإلحاد وهاجم الله، وقال بالرغم من أن إله اليهود الذي اتسع نطاقه في المسيحية حتى صار يملك على نصف البشرية، إلاَّ أنه بقى بالغ الشحوب، بالغ الضعف، منحطًّا، فقال " في زمن ماضٍ لم يكن الله يمتلك غير شعبه (شعبه المختار) لكن.. مضى صوب الغريب (يقصد أتجه للأمم) وتغرَّب، ومنذ ذلك الحين لم يقدر بعد أن يبقى ساكنًا في مكان واحد.. أمتلك من جهته الرقم الأكبر ونصف البشرية.. لم يتحوَّل رغم هذا إلى إله فخور وثني: لقد أستمر يهوديًا، وإله الزوايا.. إله كل القرافي المعتمة والأماكن المظلمة، والأحياء الوخيمة، للعالم الكامل!
مملكته العالمية بقيت معدودة، كما قبلًا، مملكة للعالم السفلي، ومصحة، مملكة تحت أرضية - سردابية، مملكة (جيتو).. وبقى هو نفسه، بالغ الشحوب، بالغ الضعف، ومنحطًّا.. انهيار إله وتحطُمَهُ.. الله يتحوَّل إلى (شيء في ذاته)" (7).
وطالب " نيتشه " بإله شرير ماكر عنيف هدَّام، فقال " فالمرء يحتاج تمامًا إلى إله شرير بمقدار ما يحتاج إلهًا صالحًا.. بأي شيء يفيد إله لا يعرف الغضب والإنتقام والحسد والسخرية والمكر والعنف، والذي حتى لا يعرف الأوار الساحر والاضطرام الخلاب للغلبة والتدمير الهدَّام" (8) وأعتبر " نيتشه " أن الإيمان بوجود إله يعد تحقيرًا للحياة وازدراء بالعالم وهروبًا من المسئوليات الملقاة على عاتق الإنسان.
وكان " نيتشه " يهاجم ذبيحة الصليب، فقال أنها " الذبيحة التكفيرية في شكلها الأكثر إثارة للاشمئزاز، والأكثر بربرية، التضحية بالبريء لغفران خطايا المذنبين. أية وثنية هائلة!!" (9) وبالرغم من ذلك فإن " نيتشه " أعتبر نفسه أنه هو الإله اليوناني الجبار " ديونسيوس " وأسقط على هذا الإله صورة المسيح المصلوب، وقد تشبَّع " نيتشه " بالإله ديونسيوس إله الحضارة اليونانية، ولهذا كرَّس دراساته الأولى في علم الفيلولوجيا اليونانية القديمة، وتأثر نيتشه بأول مظهر لديونسيوس وهو الألم، فالمأساة اليونانية تصوّره على أنه فريسة الآلام العنيفة التي تنتابه كل حين ومن كل ناحية، فالروح اليونانية كلها تشاؤم وصراع مع قوى الطبيعة، ولهذا درس نيتشه فلسفة "شوبنهور" التشاؤمية وأحب شوبنهور، وأعجب بفاجنر جدًا هو وموسيقاه.. لماذا؟ لأنه تلميذ شوبنهور، ورأى في فاجنر أنه ابن الإله ديونسيوس، وقد تجسدت فيه روح الإله، فتعرَّف " نيتشه " على فاجنر في نوفمبر 1868م في ليبتسج، وصادقه وأحبه.
وكان " نيتشه " يمهر رسائله التي يرسلها إلى أصحابه بتوقيع " ديونسيوس " وأحيانًا " المصلوب " وأحيانًا " عدو المسيح " وكثيرًا ما كان يبدأ (يبتدر) أصحابه بهذه التحية (كونوا سعداء، لقد تنكرت بهذا الزيّ، ولكني أنا الله)" (10).

فريدريك نيتشه (1844-1900م.)
وقال نيتشه قولته الشهيرة "لقد مات الله" فكان يفتخر قائلًا: لقد قتلنا الإله وهو عمل جد عظيم، فيجب أن نكون نحن الآلهة بعد هذا العمل الذي ليس أعظم منه، وعندما سُئل نيتشه: لماذا مات الله؟ أجاب: شفقة على الأشرار، وقال "نيتشه" نحن لا نريد ملكوت السموات لأننا نحن بشر، إنما نريد ملكوتًا أرضيًا، كما يقول في كتابه "زرادشت": "صادف زرادشت وهو يهبط إلى أسفل الجبل شيخًا ناسكًا أخذ يحدثه عن الله، فتعجب زرادشت في نفسه كيف أن هذا الناسك لم يسمع وهو في غابته أن الله قد مات وماتت معه جميع الآلهة" (11).
وعندما قال نيتشه " لقد مات الله " احتار المفسرون في قصده من هذه العبارة، هل كان لله وجود ولم يعد له وجود حقيقي الآن، أم أنه مات في نظر الناس فلم يعودوا يشعرون بوجوده، أم أنه مات على الصليب شفقة على الأشرار، ويقول "الدكتور رمسيس عوض " عن هذا الاصطلاح النيتشاوي " أن نيتشه استخدمه على نحو غامض حار المفسرون في فهمه، فنحن لا نعرف إذا كان نيتشه يريد أن يقول أن الله غير موجود ولم يكن في أي وقت من الأوقات موجودًا، أو أنه يعني أن الله موجود ولكن المسيحيين وغيرهم أساؤوا فهمه بطريقة بشعة، ومن ثمَّ فإن القول بموت الله هو رفض لهذه المفاهيم الخاطئة. هل يريد نيتشه بقوله هذا أن يهاجم فكرة الألوهية كفكرة أم أنه يريد أن يهاجم فكرة الألوهية كما هي واردة في الحضارات الغربية. والجدير بالذكر أن جان بول سارتر يفسر قول نيتشه بموت الله بأن نيتشه يريد أن يقول أن الله غير موجود، وأن على البشر أن يواجهوا وحدتهم وغربتهم في هذا الكون بشجاعة" (12).
أما "ريتشارد وورمبلاند" فقد أخذ الجانب الحسن في هذه المقولة، فقال "لكن نيتشه كان في أعماقه أكثر توقيرًا لله من تلامذته، وكان يتحدث عن موت الله بما نسميه الرعب المقدَّس، وحينما أصابه الجنون بعد ذلك كان يرتاد الكنائس وهو يردد لحنًا لاتينيًا حزينًا يُبكي به الله الميت! لقد مات الله بالنسبة له، ولكن موت الله كان أقسى دراما أثرت في حياته وهدمت أركان عقله المضطرب، لقد كان يشعر بالحزن العميق والأسى لأن إلهه لم يعد حيًّا بعد" (13).
وبينما كان " نيتشه " على فراش الموت قال لأخته " أعطني وعدًا إذا متُ ألاَّ يقف حول جثتي إلاَّ الأصدقاء، فلا يُسمح بذلك للجمهور المحب للاستطلاع، ولا تسمحي لقسيس أو غيره أن ينطق الأباطيل بجانب قبري، في وقت لا أستطيع أن أدافع فيه عن نفسي. أنني أريد أن أهبط إلى قبري وثنيًّا شريفًا" (14).
ولم يجد " نيتشه " راحته في الإلحاد، فالإنسان جُبل على صورة الله، فلا تشبع نفسه إلاَّ بالله غير المحدود، ويقول "بولس سلامة " عن " نيتشه": "وظلت اللانهائية تستهويه.. أنه يريد البقاء في هذا العالم ولكنه لا يستقر على شيء فيه.. بالرغم من إلحاده الظاهر كان عطشًا إلى الله.. فهو صوفي انقلب على أم رأسه فبات ينظر إلى الأشياء معكوسة. أنه عطشان ضل طريقه إلى النبع.. وكلما أبتعد خطوة أشتد عوزه إلى الماء. ألم يقل عن المسيحية التي تنكَّر لها {أنها أطيب حقبة صادفتها في حياتي الفكرية، ومنذ بدأت أنسى متعتها في منعطفات كثيرة، وأعتقد أنني في صميم نفسي لم أكن حيالها فظًا غليظًا}.. فقد كان مزاجه عصبيًا.. وثار أول ما ثار على نفسه.. لقد طرد نفسه بنفسه من الفردوس وأدار له ظهره باحثًا عنه في القفر، ولكن أرواح الفردوس ما برحت تُلقي أشباحها أمامه فينحني ليجتني الثمار ولا يجد إلاَّ خيالها. يظهر مما تقدم أن الإيمان لم يُشبع نفسه فأصلاه حربًا ضروسًا، شأنه في ذلك شأن المنتحر، يقتل ذاته لا كُرهًا للحياة بل لشدة حبه لها ولأنه يبغيها" (15).
فريدريك نيتشه (1844-1900م.)

فريدريك نيتشه (1844-1900م.)
س27: كيف نظر "نيتشه" للمسيحية والكنيسة؟

ج: يقول "نيتشه": "لقد كانت المسيحية حتى اليوم البلية المشئومة الأكبر ضد البشرية "(16) كما يقول أيضًا "بهذا أكون قد وصلت إلى النهاية فأُعبر عن حكمي. أنا أدين المسيحية وأرفع ضد الكنيسة المسيحية الاتهامات الأكثر ترويعًا التي قيّض لمتهم أبدًا أن يحملها في فمه. إنها عندي الفساد الأكبر بين كل ما يمكن تخيله من فساد، أنها قد ملكت إرادة الوصول إلى الغاية الممكنة من الفساد.
الكنيسة المسيحية لم تَدَع شيئًا دون أن تلمسه بفسادها، كل قيمة حوَّلتها إلى لا قيمة، وكل حقيقة إلى كذب، وكل أمر مُشرّف إلى حطَّة للروح. أفيتجاسر أحد مع ذلك ويكلمني عن بركتها الإنسانية.. لقد عاشت على حالة الحاجة والبؤس.. التطفل هو الممارسة العملية الوحيدة للكنيسة! الكنيسة بأفكارها ذات اليرقان وفقر الدم والقداسة، التي تنغب حتى الأخير كل دم، كل أمل، وكل محبة في الحياة.. تُضاد الصحة والجمال والإتقان، والإقدام، والهمة، وكرم النفس، تضاد الحياة ذاتها.
هذا الاتهام الأبدي ضد المسيحية أريد أن أكتبه فوق كل الجدران، حيث توجد جدران، فأنا أملك حروفًا مرئية حتى من العميان .
أنني أدعو المسيحية اللعنة الكبيرة الوحيدة، الشذوذ الباطني الأكبر والوحيد، والغريزة الأكثر تفردًا للانتقام، الذي لأجله ليس ثمة أداة سامة كفاية، خفيَّة، سردابيَّة، لئيمة، مثلها.
أنني أدعوها اللطخة الأبدية فوق البشرية" (17).
ويقول "نيتشه " عن الكنيسة " والكنيسة نفسها؟! أليست أنها مأوى المجانين الكاثوليكي.. إن الإنسان المتدين -كما تريده الكنيسة- منحط نموذجي" (18).
وقبل تعرض " نيتشه " للجنون بنحو شهرين أو ثلاثة قاد هجومًا محمومًا ضد المسيحية، ورأى أن هذا الهجوم سيمثل تاريخًا جديدًا للعالم عوضًا عن التاريخ الميلادي الزائف، وقد مَهر هجومه هذا المكون من سبعة بنود بـ"ضد المسيح " فكتب:
" تشريع ضد المسيحية"
أُعطي في يوم الخلاص، في اليوم الأول للعام واحد (30 سبتمبر عام 1888م من التقويم الزائف) حرب حتى الموت ضد الرذيلة، والرذيلة هي المسيحية:
البند الأول: رذيل كل نوع ضد الطبيعة، النوع الأكثر رذيلة بين البشر هو الكاهن..
البند الثاني: كل مشاركة في خدمة إلهيَّة هو تعدٍ على الأخلاق العامة. يتوجب التشدد والقسوة ضد البروتستانتيين أكثر من الكاثوليكيين..
البند الثالث: المكان اللعين، حيث حضنت المسيحية بيوض الأفاعي.. سيكون مُدمَرًا وسويٍ بالأرض..
البند الرابع: الواعظ بالعفة هو تحريض عمد في الحضارة الطبيعية. كل احتقار للحياة الجنسية.. هو خطيئة أصلية ضد الروح المقدَّس للحياة.
البند الخامس: تناول الطعام فوق مائدة واحدة مع كاهن يسبب الطرد..
البند السادس: التاريخ " المقدس " يجب أن يُلقَّب بالاسم الذي يستحقه: تاريخ ملعون وكلمة " الله"، " المخلص"، " الفادي"، " قديس " تستعمل كسُبَّة، كتمييز للمجرمين.
البند السابع: البقية تستنبط من هنا
الأنتي كريستو" (19)
ولم يسلم الإنسان المسيحي من لسان نيتشه، حيث قال عنه " المسيحي معنى مؤكد على الفظاظة والقسوة ضد ذاته، وضد الآخرين، وعلى البغضاء ضد من يفكرون بطريقة مختلفة.. المسيحية عداوة حتى الموت ضد أسياد الأرض وجبابرتها، وضد النبلاء.. المسيحي هو بغضاء.. أنه ضد الحرية، وضد التحرر الروحي، المسيحي بغضاء معادية للأحاسيس، وضد سرور الأحاسيس، وضد الفرح في النهاية" (20) كما يقول أيضًا " المسيحي والفوضوي: كلاهما منحط، وكلاهما غير قادر أن يعمل بطريقة أخرى سوى التفسيخ والحل، والتسميم، وخسف الحيوية، ومص الدماء، كلاهما مع غريزة البغضاء حتى الموت لكل ما هو منتصب، متشامخ، ويمتلك ديمومة، ولكل ما يعد الحياة بمستقبل.. لقد كانت المسيحية مصاص دماء الإمبراطورية الرومانية" (21).

فريدريك نيتشه (1844-1900م.)
رأى "نيتشه" في "الأخلاق المسيحية" أنها أخلاق العبيد، وأن الموعظة على الجبل تشمل أخلاقيات العبيد، وبالتالي فأنها تحط من قدر الإنسان، وأزدرى " نيتشه " بالسيد المسيح لأنه صلى لكيما تعبر عنه كأس الموت، وأعاب " نيتشه " على المسيحية لأنها تستأنس شجاعة الإنسان وتروض جسارته، فالحيوان المتوحش متى تم استئناسه فأنه يفقد روعته،ويقول "نيتشه": "ما الذي نحاربه في المسيحية؟ نحن نحارب فيها سعيها إلى تحطيم الأقوياء وكسر أرواحهم واستغلال لحظات تعبهم وعجزهم، وسعيها إلى تحويل الفخور بالذات إلى حالة من القلق وتنغيص الضمير، ونحن نحارب فيها أنها تعرف كيف تسمّم أنبل الغرائز وتصيبها بالسقم والمرض حتى تتجه قوتها وإرادتها في الحياة إلى دخيلة الذات وتدمر نفسها" (22).
ويقول "الدكتور لويس عوض": "وقد قدّر لابن القس هذا أن يكون أكبر داعية عرفه التاريخ لمناهضة الأخلاق المسيحية.. فهو من فرض خشيته أن يكون قديسًا آثر أن يكون شيطانًا. وقد كان نيتشه شيطانًا بالفكر" (23).. " لذلك تدور أكثر كتابات نيتشه حول فكرة واحدة هي تحرير الإنسانية من الأخلاق المسيحية.. فالأخلاق كلمة لا معنى لها ألاَّ في قاموس العبيد، والفضيلة عملة يشترى بها الضعفاء السعادة في الحياة الدنيا أو في الدار الآخرة.. الأخلاق المسيحية عند نيتشه " أخلاق المنفعة"، والمسيحية هي {اللعنة الوحيدة الكبرى، وهي الانحراف الوحيد الهائل المتغلغل الذي تجوز مقاومته بأية وسيلة.. وأنا أسميها الوصمة الوحيدة الخالدة في جبين البشرية}.." (24).
كما هاجم نيتشه الثورة الفرنسية لأنها تنادي بالمساواة والإخاء بين الناس، وهي ضد فكرة السوبرمان الذي يتميز بالفخر والعظمة والمعرفة وركوب الأخطار وخوض المعارك، وقال نيتشه أن " المسيحي كائن بطال، مغرور، ضائع. أنه غريب عن نشاط الأرض.. فلهذا فإن الحياة تنتهي حيث يبتدي ملكوت الله" (25) وأيضًا قال نيتشه " فأول واجب علينا إذا أردنا أن نمهد لظهور السوبرمان هو ليس التخلي عن الأخلاق المسيحية فحسب، بل مقاومة هذه الأخلاق التي تمجد الضعف وتحوُل دون ظهور السوبرمان الذي يتوكل على نفسه فقط ولا يتوكل على الله.. فالمجد للأقوياء وسحقًا للضعفاء والمحتاجين، والخير والرحمة كلمتان ينبغي إزالتهما من القاموس. كن صلبًا، لا تراع جارك.. فالخطر الأول على الإنسانية الفاضلة كامن في الأخلاق المسيحية" (26) وعندما أصدر نيتشه كتابه " فيما وراء الخير والشر " دافع فيه عن الشر وهاجم الخير، بل وهاجم الفيلسوف الإنجليزي " جون ستيوارت ميل " الذي قال أن من واجب الإنسان أن يعمل على انتصار الخير واندثار الشر.
فريدريك نيتشه (1844-1900م.)
س28: كيف كانت نظرة نيتشه التشاؤمية للإنسان، وحلمه بالإنسان السوبرمان، ونظرته التشاؤمية للمرأة؟


فريدريك نيتشه (1844-1900م.)
ج: - نظرة نيتشه للإنسان: هاجم نيتشه الإنسان الحالي بوصفه الدودة الحقيرة والقرد والحيوان، وكان يحلم بالإنسان السوبرمان أو الإنسان الأعلى الذي يحطم كل المقاييس البشرية، فعن الإنسان الحالي يقول "أن الذي يثير اشمئزازنا هو هذه الدودة الحقيرة، الإنسان الذي ما برح يتناسل.. يمكننا التساؤل عما إذا كان هؤلاء المسافرون الجوابون قد شهدوا في طوافهم شيئًا يبعث على الكراهية والتقزز أكثر من وجه الإنسان.. إذا كان الله خلق الإنسان فإنما خلقه قردًا يلهو به في أبديته الطويلة.. الإنسان أقسى الحيوانات وأشجعها، وعندما يفكر فهو الحيوان الذي يصدر أحكامًا.. فهو مرادف للمرض والاعتلال. وأنه لا يدرك نفسه إلاَّ من خارج" (27) أما عن الإنسان السوبرمان فقال نيتشه " لقد ماتت الآلهة جميعًا، ونريد الآن أن يعيش السوبرمان أو الإنسان الأعلى.. أنني أبشركم بالإنسان الأعلى. يجب أن يأتي من الإنسان من يفوق الإنسان" (28) ويقول الدكتور " لويس عوض " أيضًا: "فقد تأثر نيتشه بنظرية داروين في التطوُّر، وبنى عليها نظرية أخرى خلاصتها أن في الإنسان غزوًا طبيعيًا يجعله يعتقد أنه آخر مرحلة من مراحل الحياة العضوية، ولكن تاريخ تطوُّر الأحياء يدلنا على أن عملية التطوُّر لن تقف عند حد الإنسان، بل ستستمر في المستقبل ومنها سينشأ نموذج من البشر أرقى من الإنسان الحالي وأقرب إلى الكمال، يمكن أن نسميه السوبرمان. فإن لم تكن عوامل التطوُّر الموجودة تؤدي بالضرورة إلى ظهور السوبرمان فيمكن أن نعمل على توجيهها بحيث تنتهي بظهوره.. والسوبرمان أو الإنسان الفاضل لا يختلف عن الإنسان العادي في أنه أدنى إلى السعادة، بل يتميز عنه بالقوة، وتتمثل هذه القوة في الإرادة الجبارة وفي مباشرة السلطان.. ولكي توطئ لظهور هذه الفصيلة الراقية من البشر لابد أن يتعلم الناس القوة والصلابة والقسوة، وأن يبغضوا الضعف والدعة والراحة والقناعة والتسامح والرحمة والتواضع والإخاء والمساواة" (29).
أما نظرة تيتشه للمرأة فهي نظرة احتقار شديد، فقد أظهر نيتشه كراهيته الشديدة للمرأة بالرغم من أن أمه كانت سيدة متدينة، وأخته أليصابات كانت من أقرب الناس إليه، وقد وصف النساء في كتابه " هكذا تكلم زرادشت " بأنهن قطط وطيور وأبقار، وأن دورهن في الحياة مجرد الترفيه عن الرجال المقاتلين، ودائمًا ينشغلن بالرقص وأدوات الزينة والكلام الفارغ والعواطف الهوجاء، ومن أقواله {إذا ذهبت إلى امرأة فلا تنسى أن تأخذ معك سوطك} (30) ويرى أن المرأة التي تريد أن تستقل بذاتها ولا تخضع لإرادة الرجل فأنها فظيعة، وأن الشرقيين محقين لأنهم ينظرون للمرأة كقطعة تُباع.
فريدريك نيتشه (1844-1900م.)
س29: كيف مجَّد نيتشه الحرب، وشجَّع على الانتحار؟

ج: كان " نيتشه " متيمًا بالحروب وصراع القوة، ففي سن الثالثة والعشرين التحق نيتشه بالجيش، بالرغم من أنه كان يعاني من قصر نظر شديد، وحساسية مرهفة بالعينين حتى أنه لم يكن يستطع أن يعاين نور الشمس أكثر من ساعة ونصف في اليوم، وأعجب نيتشه بالضبط والربط، والطاعة، وتحمل المهام الشاقة، ولكن بعد خمسة أشهر سقط من على جواده فأصيب في صدره وجنبه الأيسر، وتم تسريحه والاستغناء عنه، وأمضى الفترة من 1869-1879م أستاذًا مساعدًا للفيلولوجيا بجامعة باذل، وفي سنة 1870م عندما نشبت الحرب بين بلاده الألمانية وفرنسا، عاد وتقدم للجيش ثانية، ولكن بسبب اعتلال صحته وضعف بصره لم يقوَ على المشاركة في القتال، فعمل في صف التمريض في فرانكفورت من أغسطس إلى أكتوبر سنة 1780م، وعندما رأى كوكبة من الفرسان اهتز وجدانه، ولمعت في ذهنه فكرة "السوبرمان" فصارت أبرز فكرة في فلسفته التي تسعى للقوة، حتى أنه قال " ما هو الخير..؟ كل ما يعلو في الإنسان، بشعور القوة وإرادة القوة والقوة نفسها.

فريدريك نيتشه (1844-1900م.)
ما الشر..؟ كل ما يصدر عن الضعف.
ما السعادة..؟ الشعور بأن القوة تنمو وتزيد..
لا رضى، بل قوة أكثر وأكثر، لا سلام مطلقًا، بل حربًا، لا فضيلة بل مهارة..
الضعفاء العجزى يجب أن يفنوا: هذا أول مبدأ من مبادئ حبنا للإنسانية..
أي الرذائل أشد ضررًا..؟ الشفقة على الضعفاء العجائزين؟" (31).
وأشاد " نيتشه " باحتقار الإسلام للمسيحية، لأنه يُمجّد القوة بينما المسيحية تُمجّد الضعف والخنوع في نظره، فيقول "أن الإسلام لدى احتقاره المسيحية يمتلك ألف مرة الحق بأن يفعل ذلك، إذ الإسلام يتطلب رجالًا. لقد حرمتنا المسيحية من مجاني (جني ثمار) الحضارة القديمة (يقصد الإمبراطورية الرومانية التي أشاد بها في كتاباته إذ كان مغرمًا بقوتها) وفيما بعد حرمتنا من ثمار حضارة الإسلام" (32).
ويقول "الدكتور لويس عوض": "هذه هي الشعارات التي نادى بها نيتشه {إن الحرب والشجاعة قد أثمرتا أشياء أعظم مما أثمر الإحسان.. فلتحيا حياة الطاعة والحرب} الألم يُطهّر النفس والخطر مدرسة الأبطال، أما الشكوى والأنين وانتظار الرحمن فمن سجايا العبيد.. والعبيد لا يستحقون إلاَّ السعادة أما الأقوياء فهم يستحقون السيادة و[كل ما نبع من القوة فهو خير، وكل ما ينبع من الضعف فهو شر] فهل غريب بعد كل هذا أن يقترن اسم نيتشه بالدعوة للحرب وأن يُعرف بأنه أكبر عدو للسلام؟ وهل غريب بعد كل هذا أن تجد النازية في فلسفته الدعامة الفكرية والروحية التي أقامت عليها دعوتها للقوة والسيادة والتفوق السوبرماني" (33).
ويقول "القمص بولس عطية " أن "نيتشه" مجَّد تنازع البقاء وتنازع السلطان بين الأفراد، ورأى البعض أن جنون " نيتشه " لم يبدأ في نهاية أيامه، إنما لازمه طوال حياته، لأن ما كتبه ما هو إلاَّ هذيان مجنون، ومع هذا فإن أحدًا لا يستطيع أن ينكر مدى تأثر الفكر المعاصر بما كتبه نيتشه (راجع دراسات في علم اللاهوت ص 160، 161).
ورأى " نيتشه " أن الإنسان يجب أن يحيا طالما يملك القدرة على العطاء، وليس المطلوب أن يحيا الإنسان طويلًا، إنما المطلوب أن يحيا حياة حافلة خصبة زاخرة، وأن الإنسان عندما يشعر أنه لا يستطيع أن يعلو أكثر مما هو عليه، فأنه يشعر بحاجته الشديدة للموت، ولذلك يجب أن يجعل الإنسان من موته عيدًا، حتى لو تطاول على الحياة، أي أقبل على الانتحار، فنيتشه لا يفضل الموت الطبيعي، ويقول عنه أنه " موت لا دخل لإرادة المرء فيه، وهو موت في وقت غير مناسب، وهو موت الجبناء" (34) كما قال " أنا لا أريد الحياة، وما الذي يجبرني على تحملها، بل على النظر إليها، ولا أدري كيف أستطيع النظر إلى عاشقيها" (35) وقال أيضًا " يجب أن نفرح بالمنية (الموت) المنقذة من الحياة والمعيدة إلى العدم" (36)، فإن " نيتشه " قد فقد إيمانه تمامًا بالله وبالحياة الأخروية وسقط في هوة الإلحاد المظلمة.
فريدريك نيتشه (1844-1900م.)

فريدريك نيتشه (1844-1900م.)
س30: كيف أُغرم نيتشه بالترحال، رغم حالته الصحية المتردية؟

ج:عاش " نيتشه " يعشق الموسيقى والقراءة والكتابة، فكان إنتاجه من الكتب غزير جدًا، وهوى الترحال وأُغرم به فانتقل من مكان إلى آخر في ألمانيا وسويسرا وإيطاليا، كالطير الذي لا عش له، مفضلًا إقامة مجتمع عالمي، معتقدًا أن المستقبل للمواطن العالمي، فالسوبرمان لا يقترن بموطن معين، إنما جميع الأوطان هي وطنه، مثل نابليون وجوته وبيتهوفن وشوبنهَور، وعاش نيتشه حياته بلا زوجة ولا أولاد ولا أصدقاء ولا إله، فقد كان يتعبَّد في محراب ذاته ويشعر بالاستعلاء على كل أحد، لم يعتز بالقومية الألمانية، إنما كان فخورًا بجذوره البولندية، وأيضًا الشعب الألماني لم يحفل به أثناء حياته ولم يهتم بآراءه الصادمة.
ويقول عنه " بولس سلامة": "كان مترجرجًا لا يطمئن به بلد، ولا يستقر في أرض. فكذلك أضحت فلسفته رجراجة تثب من أفق إلى أفق، ومن واد إلى ربوة، ومن صخر إلى كثب.. فهو شريد شاذ، لا زواج ولا وطن.. لا يكاد يعتنق فكرة حتى يفرُّ منها إلى سواها، دائم التجوال ودائم البحث عن جديد. كذلك شأنه في التفكير وفي الصداقات.. أو لم يكتب وهو تلميذ في الخامسة عشرة من سنه: لا يحق لأحد أن يتجاسر فيسألني عن وطني، فلستُ مرتبطًا بالمكان ولا بالزمان الذي يمر، إني طليق كالهواء.. وهو دائم التناقض لا يتروى ولا يبرم أمرًا، فتراه دائم العراك مع أصحابه ومع نفسه.. ولا ريب أن كبرياءه كانت من الأسباب التي جرت عليه وعلى الملائكة من قبله ما جرت من النكبات. ألم يكتب إلى أمه وهو بعد تلميذ رخص العود: لن يؤثر عليَّ أحد، لأني لم أرَ حتى الآن من هو فوقي. وكتب إلى أخته.. لا أحسب في مقدوري التعلق بأحد، لأن ذلك يفترض إني لقيتُ إنسانًا في مرتبتي.. لقد كان الرجل في عزلة رهيبة، أليس هو القائل: اشتهيت البشر ونشدتهم فلم أجد سوى ذاتي، ولقد سئمت من ذاتي.. ولقد كتب إلى أخته في سنة 1888م قبل انتهاء حياته العاقلة بقليل: لا يكاد يبلغني صوت صديق، أنا الآن وحدي، ولقد مرت بي سنون أقفرت من العزاء" (37).
ويقول "د. عبد الرحمن بدوي " عن نيتشه وعدم استقراره " هذا الذي طارده شيطانه طوال حياته، وأبعد بينه وبين الواقع، فحرمه الاستقرار والثبات على شيء ما من الأشياء، أو علاقة ما من العلاقات، وجعله مضطربًا كل الاضطراب، قلقًا لا يعرف الاطمئنان سبيلًا إلى قلبه ولا الاستقرار منفذًا في حياته. فحرمه أول ما حرمه من البيت والأبوة والزوجة. ولا يكاد يستقر في مكان حتى ينتقل عنه إلى مكان آخر، فظل طوال حياته شريدًا طريدًا" (38).
أما عن حالة الصحية المترديَّة فقد تكاثرت الأمراض عليه نحو عشرين عامًا، لا يكاد ينتهي من مرض ألاَّ ويبدأ في مرض جديد، فكان يعاني من قصر نظر شديد، وكانت عيناه تتورمان لأقل مجهود تبذلانه، أو تبكيان بكاءًا شديدًا. وإذا أستمر في عمله على الرغم من ذلك، أصابهما التهاب شديد يحرم صاحبهما من القراءة، حتى أنه وهو في سن الخامسة والعشرين كان يستعين بمن يقرأ له ويكتب، وكان يسير بخطى بطيئة متثاقلة، كمن يسير في بحر لا يدري أغواره، ولا يستطيع أن يعاين نور الشمس أكثر من ساعة ونصف كل يوم، وبينما كان ينقل المرضى والجرحى من الجنود في حرب ألمانيا مع فرنسا سنة 1870م أصيب بالدوزنتريا، ويقول "دكتور عبد الرحمن بدوي " عن الآلام التي كانت تنتاب نيتشه " تارة في صورة أوجاع في الرأس وصداع يصحبه إبراق في العينين، وطورًا على شكل قئ مؤلم مختنق، يتلوه شعور عام بشيء يشبه الشلل، وطورًا ثالثًا يكون هذا المرض إغماء يفقد صاحبه الشعور لمدة غير قصيرة.. ثم شعور بضغط في الدماغ يستمر طويلًا، ولا يكاد ينقطع عنه من بعد إلاَّ سويعات بسيطة وأوقات متناثرة نادرة" (39).

فريدريك نيتشه (1844-1900م.)
والأمر العجيب أن " نيتشه " لم يمل المرض، بل تعايش معه، وأفتخر به، فتراه يقول "تألم فالألم مصدر العظمة" (40). ولم يضق " نيتشه " بمرضه، بل كان يشعر أن المرض هو الذي يخلص الروح ويحرّرها، فقال " لا أريد أن أودع هذه الفترة من المرض والألم دون أن أعترف بالجميل الذي طوَّق عنقي به، والذي لا أزال أنعم بآثاره التي لا تفنى ولا تنفذ " والمرض لدى نيتشه يجمع بين شاطئين، شاطئ الألم المظلم وشاطئ الشفاء الباهر النور، وأعتبر أن الألم شرط لبلوغ السرور، وأيضًا الألم يجعل العقل يسمو والإنسان يزداد في الروحانية. ولعل حياة المرض المتصلة والآلام المبرحة التي كابدها نيتشه تفسر لنا حلمه ببلوغ الإنسانية مرحلة " الصحة العظمى". وفي سنة 1879م استقال من التدريس في جامعة باذل بسبب المرض، وظل أستاذًا على المعاش وعندما تعافى نيتشه من المرض قليلًا خلال الفترة 1881-1884م كتب " الفجر" و"العلم المسرور " والجزء الأول والثاني من " زرادشت".
فريدريك نيتشه (1844-1900م.)
س31: كيف تفنَّن نيتشه في فقدان الأصدقاء، وعاش متقلب المزاج؟

ج: تفنَّن " نيتشه " في كيفية فقدان الأصدقاء، فقد كان يعيش حياة الاستعلاء، فكتب لشقيقته يقول "عندما أتكلم عن أفلاطون وبسكال وسبينوزا أشعر أن دمهم يجري في عروقي.. سأقيم الحواجز حول أفكاري لئلا تدوس الخنازير بستاني، ومن جملة الخنازير أولئك الثقلاء المعجبون بي من غير تفهُّم" (41) فبعد أن كان نيتشه معجبًا أشد الإعجاب بفاجنر، وأستمر يصادقه لمدة ثمان سنوات، وقال عنه " أن روحه تسودها مثالية مطلقة، وإنسانية عميقة، وفيها جلال رائع، وكل هذا يشعرني وأنا بالقرب منه، بأني في حضرة إله" (42).
ولكن عندما ظهرت الروح المسرحيَّة الهزليَّة لفاجنر في مسرع بايْروْيت سنة 1876م فقد نيتشه إعجابه به وأنتقده قائلًا " هل رجل عظيم؟ أنا لا أدري فيه دائمًا إلاَّ إنسانًا قد مثَّل مهزلة مَثَلهِ الأعلى" (43) وأفترق عنه، مع أنه أراد أن لا يفقد صداقته، حتى قال " نحن كأصدقاء لا يجمعنا شيء، ولكن كلًا منا يجد سعادته عند الآخر، إلى درجة أن الواحد منا يعين الآخر على السير في اتجاهه ويغذيه، حتى ولو كان هذا الاتجاه مضادًا لاتجاهه" (44) كما قال " لقد أحببت فاجنر وأعجبت به أكثر من أي إنسان آخر في العالم.. ما كان لي القدرة على احتمال أيام شبابي لولا موسيقى فاجنر.. وإني لأُسمي فاجنر أعظم من أفادني في حياتي" (45) ورغم هذا فإن نيتشه قد فارق فاجنر وفقد صداقته، وفي سنة 1878م أصدر كتابه " إنساني، إنساني جدًا " فأعلن فاجنر اشمئزازه منه.
وإنصرف الناس عن " نيتشه " وعن كتاباته، حتى أنه عندما أصدر الجزء الرابع من "زرادشت" لم يطبع أكثر من 40 نسخة، ولم يُباع منها إلاَّ سبعة نسخ فقط، بالرغم من استخدامه الأسلوب الأدبي ذو الموسيقى الساحرة، حتى أن نيتشه أظهر ألمه من هذا قائلًا " أن لا أسمع، بعد دعوة صادرة من أعماق نفسي مثل كتاب "زرادشت" أية إجابة أو كلمة رد أو صدى، لا شيء، لا شيء مطلقًا، وإني لا أجد دائمًا غير وحدة صامتة يتضاعف ألمها آلاف المرات، في هذا كله ما يفوق كل ما يستطيع المرء تصوُّره من فزع وهلع. وأن أعظم الناس قوة وأشدهم جلدًا وصبرًا ليمكن أن يُقضَى عليه منه" (46).

فريدريك نيتشه (1844-1900م.)
وكلما أصدر نيتشه كتابًا جديدًا كلما فقد أصدقاء جدد، حتى دخل في وحدة رهيبة، وكان يسلي نفسه قائلًا " كل من قُدّر له أن يذيع شيئًا جليلًا في يوم من الأيام، لابد أن يظل وقتًا طويلًا مطويًا في داخل صمته. وكل من قُدّر له أن يشعل البرق يومًا ما، لابد وأن يظل سحابًا لمدة طويلة" (47) كما قال أيضًا " آه لو كان في استطاعتي إعطاؤك فكرة عن إحساسي بالوحدة، فلست أجد من بين الأحياء ولا الأموات من أحسُّ بأن بيني وبينه شبهًا وقرابة، وهذا مخيف، مخيف جدًا جدًا" (48) وكان يسلي نفسه أيضًا عن وحدته بأنه متميز عن جميع البشر فقال:
" أجل! إني لا أعلمُ من أنا، ومن أين نشأتُ
أنا كاللهيب ألتهَم
أحترق وآكل نفسي
نورُ، كل ما أمسكته
ورمادُ، كل ما أتركه
أجل، إني لهيب حقًا "
ثم أرسل نداءًا أخيرًا جاء فيه: "هؤلاء أنتم يا أصدقائي - آه!.. ولكن هل أنتم لا تسيرون إليَّ..؟ ماذا!! هل تغيرتُ فأصبحت إنسانًا آخر، غريبًا حتى عن نفسي..؟ أتبتعدون؟ - أيه أيها القلب، لقد عانيت من هذا الشيء الكثير! ولكن أمَلكَ لا يزال قويًا بعد: فدع أبوابك مفتوحة لأصدقاء " جديدين "!.. إنهم أصبحوا " قدماء " - وهذا ما أبعدهم عني: فإن من يتطوَّر هو وحده القريب مني، ذو الصلة بي.. إيه يانهار الحياة! أيها الشاب الثاني!.. إيه أيها السرور القلق، الذي فيه ينتظر المرء واقفًا يراقب ويترصَّد!.. أصدقائي، إنني لأنتظرهم إناء الليل وأطراف النهار.. أي أصدقائي " الجديدين " تعالوا إليَّ، فهذا وقتكم" (49) وقال " نيتشه": "أيتها الوحدة أنتِ وطني" (50) وفي أواخر حياته العقلية كتب لأخته متألمًا يقول "أوَّاه! لم يبقَ لي صديق ولا من إله" (51).
وكان " نيتشه " متقلب المزاج بحدة، فقد كان يسجل خواطره وأفكاره التي أشبه بالصواعق، وبعد قليل يتخلى عنها، فتجده يقول "مهما يكن الشيء الذي أخلقه عظيمًا ومهما يبلغ حبي له، فلا ألبث أن أنقلب عليه وأن أصير خصمًا لحبي.. إن هذا المفكر العظيم (يقصد نفسه) لا يحتاج إلى من يهدمه لأنه يهدم نفسه" (52).
ويعلق " بولس سلامة " قائلًا " ومن جملة الأسباب التي جعلت نيتشه لغزًا على نفسه قلة تعمقه في التاريخ العام، ونقص مداركه القانونية، وضآلة معارفه اللاهوتية، وتطرفه في كل شيء إلى حد التهور" (53) ولذلك ليس بالأمر العجيب أن نيتشه الذي طالما أنتقد الإيمان المسيحي عاد يعترف بفضله، فيقول "حتى نحن رواد المعرفة اليوم ومضادو الميتافيزيقيين، والذين نفخر بأنه لا وجود لله، فنستمد نارنا من لهيب عمره ألفي عام - هذا الإيمان المسيحي الذي نادى به أفلاطون من قبل - والذي خلاصته أن الله حق، وأن الحق إلهي" (54) ومما يذكر أنه بعد أن جدف على سر التجسد الإلهي، عاد وقال: قد يكون التجسد مظهرًا من مظاهر العظمة الإلهية، وفي كتاب " هكذا تكلم زرادشت " يقول "المرأة التي تحب تضحي بشرفها، والفيلسوف الذي يحب يضحي بإنسانيته، وإله أحبَّ فجعل نفسه يهوديًا" (55) فهذا نوع من الحب الكاره أو الكراهية المُحبَّة.

فريدريك نيتشه (1844-1900م.)
ونستطيع أن نقول أن القرن التاسع عشر الذي أفرز لنا نيتشه هو القرن الذي رفع فيه الإنسان لواء العقلانية، ولا شيء غير العقل وعبادته، ويقول "دكتور عبد الرحمن بدوي": "فعبادة العقل إذًا هي الطابع الرئيسي لهذا القرن ومبادئ العقل هي وحدها التي يجب أن يقوم عليها بناء الجماعة الإنسانية ومبانيها الروحية" (56) كما تميز ذلك القرن بالروح الإنكارية، فيقول "الدكتور عبد الرحمن بدوي " ثم تستمر المدنية " في سيرها حتى تصل في النصف الثاني من القرن التاسع عشر إلى حالة من الشك والانحلال، فيها يطرح الناس ما كان لهم بالأمس من مُثل عليا: دينية وسياسية وفنية وأخلاقية، وتصبح كل القيم المقدَّسة حتى ذلك الحين أوهامًا وأباطيل، ولا يجدون بعد معنى للحياة، وغاية لهم من الوجود، ويشعرون بأنهم قد خُدعوا في كل القيم التي اتخذوها حتى الآن، وينقلب هذا الشعور إلى يأس في كل شيء، وإنكار لكل شيء، فالشك إذًا والإنكار المطلق هو الطابع السائد لهذه الحالة، ولذلك سُميت " الروح الإنكارية " وهذه الروح الإنكارية هي التي وصفها نيتشه وصفًا دقيقًا.. وبعد أن تم له هذا حمل عليها حملة شعواء" (57).
فريدريك نيتشه (1844-1900م.)
س32: كيف كانت نهاية نيتشه؟ وما هي ثمار فلسفته؟

ج: أمضى " نيتشه " نحو الاثني عشر سنة الأخيرة من حياته في خلل عقلي، فبدأ هذه المرحلة في يناير 1889م، وكان قبيل هذه الفترة يشعر أنه هو الإله "ديونسيوس" القادر على التأثير على العالم كله، وأنه هو الفيلسوف الأكبر الذي سيُقسَّم التاريخ إلى ما قبله وما بعده، وازداد إنتاجه الفكري بدرجة كبيرة جدًا، فالكتاب لا يستغرق منه سوى عشرة أو خمسة عشر يومًا، وتميزت كتبه بالهجوم الشرس كما هو واضح في كتابه "مسألة فاجنر" و"عدو المسيح" وفي فترة جنونه كان يبدو عليه السرور والابتهاج، فبعد أن كان يعاني من الوحدة، وفقدان الأصدقاء، والأمراض، بدأ يشعر بأن الدنيا والناس يبتسمون له، وفي 22 ديسمبر 1888م كتب إلى صديقه " جاست " يقول "غنني أغنية جديدة، أن العالم يتجلى نوره والسموات في نعيم"، وظل نيتشه في حالة الجنون هذه حتى موته في 25 أغسطس 1900م.

فريدريك نيتشه (1844-1900م.)
ومات " نيتشه " واختلفت فيه الآراء، فمنهم من رأى أنه رسول الحرب، عدو السلام، مُلهم الروح النازية، معتمدين في هذا على كتاباته مثل " الإنسان الكامل"، و"السوبرمان"، ومنهم من دافع عنه قائلًا أن هذه النظرة التشائمية لنيتشه ترجع إلى أن الناس قرأوا عن نيتشه أكثر مما قرأوا لنيتشه، فهم يعبرون عن أفكار الآخرين عنه، وسخر منه " برتراند راسل " واصفًا إياه بأنه الإنسان الضعيف والسقيم الذي تراوده أحلام اليقظة ليتحوَّل إلى مقاتل سوبرمان، ومصدر دعوته للقوة والقسوة هو إحساسه بالضعف، وترجع كراهيته للمرأة ودعوته لاستخدام السوط معها إلى إدراكه لضعفه، وأنه يعرف أنه لن يستطيع السيطرة عليها، ويرى راسل أن فلسفة نيتشه التي تدعو للعنف والقسوة هي وراء الفاشية والنازية الألمانية (راجع د. رمسيس عوض - ملحدون محدثون ومعاصرون ص 22، 23).
ومن ثمار فلسفة نيتشه الإلحادية " بونيتو موسوليني " الإيطالي مؤسس الفاشية، و"هتلر" مؤسس النازية، فموسوليني كان يقول أن العلم قد أثبت أنه لا يوجد إله، وأنه إن كان الله موجود فليميتني الآن، والحقيقة أن الدين مجرد مرض نفسي، والسيد المسيح كان جاهلًا ومجنونًا، والمسيحية تشيع روح الجبن، والخنوع، وأحيانًا كان موسوليني يُظهر نفسه كأنه مازال مسيحيًا متمسكًا بالمسيحية، ففي عام 1924م أرسل ثلاثة من أولاده ليحضروا القداس ويتناولون من الأسرار المقدَّسة، وفي سنة 1925م دخل الكنيسة مع زوجته التي تزوجها منذ عشر سنوات مدنيًا، وعقد قرانه دينيًا على يد كاهن، وفي سنة 1929م أعترف البابا " بيوس الحادي عشر " بابا الفاتيكان بالحكم الفاشي لإيطاليا بزعامة " بونيتو موسوليني". أما "آدولف هتلر" Adolf Hitler وما نتج عن سياسته النازية، فلابد من فرد مساحة له في هذا البحث.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
من هو فريدريك نيتشه
فريدريك دوسنبرغ
سابعاً: عن اعتقادهم بأن كنيستهم هي التي باشرت بالمناداة بالملكوت سنة 1844
رابعاً: عن اعتقادهم بأن المسيح لم يصعد رأساً إلى الآب ولكنه صعد إليه سنة 1844
قناع الثلج في بريطانيا 1900م ويستخدم وقت هطول الثلوج والعواصف


الساعة الآن 10:06 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024