|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دور باباوات روما في دعم وإقرار عقيدة خلاص غير المؤمنين
كما إعتبرنا بدعة قبول معمودية الهراطقة، وبدعة لاهوت الأديان من جذور عقيدة خلاص غير المؤمنين الخطيرة، فكذلك نعتبر بدعة تبرئة اليهود من دم السيد المسيحمن هذه الجذور أيضًا، بل هي السبب الرئيسي في ظهور هذه العقيدة كما سنرى. وكما كان لإستفانوس الأول بابا روما (254 - 257م) مع بعض الباباوات الآخرين مثل البابا نيقولاوس الأول (858 - 867م) والبابا أوجانيوس الرابع (1431-1447م) اليد الطولي في إرساء بدعة قبول معمودية الهراطقة، والتي مازالت مستمرة في الكنيسة الكاثوليكية، فإن البابا يوحنا الثالث والعشرين (1958 - 1963م) مع البابا بولس السادس (1963 - 1978م) والبابا يوحنا بولس الثاني (1978 - 2005م) اليد الطولي في إرساء بدعة تبرئة اليهود من دم المسيح، وكذلك عقيدة خلاص غير المؤمنين، وفيما يلي نعرض للدور الذي قام به هؤلاء الباباوات الثلاث، ونستمع لصدى هذه البدعة من فم الأنبا يوحنا قلته، ونعرض موقف كنيستنا القبطية وكنيسة أنطاكية من بدعة تبرئة اليهود من دم المسيح. 1- البابا يوحنا الثالث والعشرون رقم 260 2- البابا بولس السادس رقم 261 3- البابا يوحنا بولس الثاني رقم 263 كان المطران " رونكالي" (البابا يوحنا 23 فيما بعد) نائبًا رسوليًا في إسطانبول أثناء الحرب العالمية الثانية، ولاحظ الاضطهاد المرير الذي عانى منه اليهود في العالم ولاسيما ألمانيا، وموقف المسيحيين السلبي من هذا، وعندما تولى هذا الكردينال البابوية خلفًا لسلفه البابا بيوس الثاني عشر، وله من العمر 77 عامًا فحسبوه بابا انتقاليًا، وكان معروف عنه أنه رجل طيب القلب، وفي سنة 1962م عندما عقد المجمع الفاتيكاني الثاني كلف الكردينال " بيا " Bea لوضع الخطوط العريضة لإصدار قرارًا ينصف اليهود ويعيد لهم كرامتهم الجريحة. ووضع الكردينال " بيا " الخطوط العريضة لهذا القرار، وصيِغَت وثيقة تبرئة اليهود من دم المسيح، وقُدمت للمجمع الفاتيكاني الثاني 1962م لإقرارها، ولكنها قوبلت برد فعل شديد من قِبل أساقفة الشرق فسُحبت، ولكن أعيد طرحها في نوفمبر سنة 1963م في الجلسة الثانية للمجمع عندما نُوقش الفصل الخاص بالحركة المسكونية، فعادت الوثيقة للظهور رغم إعتراض أساقفة آسيا وإفريقيا الكاثوليك عليها. وجاء في هذه الوثيقة " فاليهود كما يقول الرسول لم يزالوا من أجل الآباء محبوبين عند الله الذي لم يندم على هباته ودعوته.. ولئن كان ذو السلطان والأتباع من اليهود عملوا على قتل المسيح، إلاَّ أن ما أُقترف إبان الآلام والصليب لا يمكن أن ننسبه في غير تمييز إلى جميع اليهود الذين عاشوا آنذاك، ولا إلى اليهود المعاصرين لنا، وإن كانت الكنيسة هي شعب الله الجديد، فلا يعني ذلك أن اليهود قد أصبحوا شعبًا مرذولًا أو ملعونًا من الله. كما لو كان ذلك منصوصًا عليه في الكتاب المقدَّس.. ونأسف للأحقاد والاضطهادات ومظاهر العداء للسامية في أي عهد ومن أين صدرت" (23). ويقول الأب لاسلو صابو اليسوعي في محاضرة عن خلاص غير المؤمنين " فإسرائيل القديم قد أُختير لكي ينقل بركة إبراهيم إلى الأمم كافة (تك 13: 3) وفي نظر المسيحيين مازال هذا الولد البكر مختارًا على الدوام لأن " لا رجعة في هبات الله" (رو 11: 29) غير أنه، بعد اليوم، يشارك في اختياره هذا جميع شعب الأرض الجديدة" (24). وفي يناير 1964م زار البابا بولس السادس الأراضي المقدَّسة (إسرائيل) ولم يكن منذ زمن طويل قد خرج بابا من إيطاليا، وعقب عودته من هذه الزيارة تخلى عن رأيه السابق، وكانت عقيدة خلاص غير المؤمنين قد تبلورت في المجمع الفاتيكاني الثاني فوافق عليها. وفي مايو 1964م أنشأ البابا بولس السادس " أمانة سر غير المسيحيين " لكيما تهتم بالحوار مع الأديان الأخرى، وفي أغسطس 1964م أصدر " الرسالة العامة " وجاء فيها التأكيد على ضرورة الحوار بين الأديان، وفي ديسمبر 1964م قام البابا بولس السادس برحلة إلى بومباي بالهند فأنفتح على أديان آسيا من بوذية وهندوسية، وبهذا تطوَّرت الفكرة من النظرة إلى الديانة اليهودية إلى النظرة لكافة الأديان. وفي أكتوبر 1965م أقرَّ المجمع الفاتيكاني في جلسته الرابعة الفصل الخاص بعلاقات الكنيسة بالأديان غير المسيحية، والتي تتضمن عقيدة خلاص غير المؤمنين، ويعترف الأب لويس بأن هذا القرار جاء نتيجة مسيرة مضطربة(31). وفي سنة 1974م إنعقد سينودس حول " إعلان البشرى " فأشارة للإنفتاح على سائر الأديان، كما حمل البشرى لأصحاب الديانات الأخرى، واصفًا هذه الديانات بأنها " تحمل في طياتها صدى ألوف السنين في إلتماس وجه الله.. والتي زَرَعَ فيها عدد لا يحصى من بذور الكلمة" (25). بعد انتقال البابا بولس السادس خلَّفه البابا يوحنا بولس الأول الذي لم يمكث إلاَّ نحو الشهر من 26/8 - 28/9/1978م، وتولى بعده البابا يوحنا بولس الثاني، الذي واصل المسيرة تجاه الإنفتاح على الأديان الأخرى، والقيام برحلات عديدة دعاها الحج إلى شعب الله في كل مكان، وقد زار بلادنا المصرية، ويمكن تسجيل نقاط قليلة باختصار لإظهار نشاطه وهمته في الإنفتاح على الأديان الأخرى: أ - كان هو المسئول عن التقرير اللاهوتي لمجمع الفاتيكان الثاني، وبعد أن صار بابا قام بعدَّة رحلات وصفها بأنها حجًا إلى شعب الله الذي يمثل جميع أبناء البشرية في كل الأديان " حجًا أصيلًا إلى المعبد الحي معبد شعب الله". ب - وفي 7 مارس 1975 أصدر الرسالة العامة "فادي الإنسان" وقال إن العقل البشري في كل الأديان يبحث عن الله، والكارز لابد أن يحترم عمل الروح القدس الذي يهب حيث يشاء في كل إنسان.. ج- في 1984م أصدرت أمانة السر لغير المسيحيين وثيقتها " أفكار وتوجيهات " وألقت الضوء على الإرساليات وضرورة الحوار، فجاء فيها " كل إرسالية لا تكون مُشبَّعة بروح الحوار تكون مخالفة لما تقتضيه الطبيعة البشرية وتعاليم الإنجيل" (26). د - في 1985م وبمناسبة مرور عشرين عامًا على ختام المجمع الفاتيكاني الثاني، وأيضًا بمناسبة إعلان الأمم المتحدة أن سنة 1985م سنة الشبيبة قال البابا يوحنا بولس الثاني " إنَّا نجد بين أتباع الأديان غير المسيحية على الأخص البوذية والهندوسية والإسلام، منذ آلاف السنين جماعة من " الروحيين " الذين غالبًا ما يتخلون عن كل شيء منذ عهد الشباب، ليعتنقوا حالة الفقر والعفة، بحثًا عن المطلق الكائن وراء المحسوس (ملاحظة: الإسلام لا يعترف بالرهبنة ومبادئها) وهم يسعون إلى إدراك حالة من الحرية الكاملة.." (27). ه - في 19 أغسطس 1985 تحدث، وصلى البابا يوحنا بولس الثاني مع 000ر80 شاب مسلم في الدار البيضاء بالمغرب " وعبَّرت الصلاة الختامية عن احترام الإله الواحد وعبادته في ألفاظ تستطيع الصلاة الإسلامية أن تشارك فيه" (28) {ملاحظة: أي أنها صلاة يهودية وليست مسيحية}. و - في 27 أكتوبر 1986م وبمناسبة السنة العالمية للسلام التي أعلنتها الأمم المتحدة صلى البابا يوحنا بولس الثاني مع 150 شخصًا يمثلون إثنى عشر تيارًا دينيًا مختلفًا في أسيزي (موطن فرنسيس الأسيزي) من أجل السلام، فصلى كل واحد بحسب عقيدته الخاصة، وإعتبر البابا إن الصلاة التي إشترك فيها كل هؤلاء كانت نابعة من الروح القدس الذي تكلم على فم جميع المؤمنين في جميع الأديان. ز - في سنة 1988م غيَّر الفاتيكان اسم " أمانة السر لغير المسيحيين " إلى " المجلس البابوي للحوار بين الأديان " مع الالتزام بإستكمال المسيرة. ح- في 7 ديسمبر 1990م وبعد مرور ربع قرن على المجمع الفاتيكاني الثاني دعى البابا من خلال رسالته العامة " رسالة الفادي " الكنيسة كلها إلى تجديد التزامها الإرسالي، وإنفتاحها على جميع الثقافات والأديان. ط- وفي سنة 1999م زار البابا يوحنا بولس الثاني أندونسيا وقدموا له القرآن فقبَّله. ى- يقول نيافة الأنبا بيشوي مطران دمياط وسكرتير المجمع المقدَّس " إن بابا روما يوحنا بولس الثاني وضع تمثال " بوذا " على المذبح في روما في الفاتيكان.. في الهند أخذ بابا روما علامة شيفا بواسطة كاهنة من كهنة شيفا، وهو في طريقه إلى صلاة القداس ومعه الكهنة والشمامسة وحوالي 300 ألف يصلون القداس في الهواء الطلق. لقد أخذ بركة الإله شيفا على جبهته بعد أن أخذ مسحة الميرون المقدَّس وهو طفل في فنلندا" (29). " مازالت شخصية الإنسان العظيم محمد بن عبد الله نبي الإسلام ورسول الحضارة العربية مازالت أكبر من اكتشاف جوانب عظمتها. أتجاسر وأنا المسيحي العربي أن أقترب في تهيب وفي خشوع من شخصية " الرسول العربي " لا أتمنى أن يظن بي أحد إني أتنكر لإيماني وعقيدتي، أو رد يلصق بي تهمة النفاق والعياذ بالله، والله سبحانه وتعالى فاحص القلوب والضمائر والذي لا تأخذه سنة من النوم، فكلماتي ليست إلاَّ دعوة إلى الحب والمودة والتفاهم وإقامة حوار إنساني رفيع بين الإنسان والإنسان المختلف عنه.. لم يسمع الشرق أو الغرب، الشمال أو الجنوب عن محمد إلاَّ حين دقت وفوده أبواب الشعوب والملوك لتعلن لهم، جاء دين جديد يقول إنه إمتداد وتكملة لمن سبقه. عقيدته أن محمد بن عبد الله بُعِث للناس نبيًا. يحمل دينًا جديدًا، ويحمل وحيًا مُنزلًا.. وأعتقد أن هذه الشخصية النبوية، لم تزل مجهولة شرقًا وغربًا بل لعلها لم تزل مجهولة لدى المسلمين أنفسهم. فكم بالأحرى عند غير المسلمين. محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) من أنت ياذا المهابة والجلال بالنسبة لي أنا المسيحي؟ من أنت يا صانع حضارة نقلت البشرية من عالم إلى عالم وأرست قواعد للدول وللشعوب؟ من أنت أيها الآتي من قلب الصحراء، من قلب الأمية والجهل؟ من القاع. من سقط الشعوب القديمة. من أسرة فقدت الوالد. من قبيلة عبدت المال والتجارة. من أنت يا إنسان؟؟ يا رجل؟؟ يا رسول؟؟ أمام " إنسانيتك " أمام رسالتك. أمام كتاب ربك الذي حملته. أمام تاريخك. أمام ذلك كله لا أجد حرجًا أو قلقًا أن أحني الرأس إجلالًا واحتراما. حبًا وإنبهارًا. لا يا سيدي لا ينكر فضلك وسموك إلاَّ جاحد أو جاهل. دعني يا سيدي في شهر رمضان أرفع إلى مقامك السامي حبًا وإكرامًا. لأنك إنسان. حملت كل سمو إنسانية الإنسان. لأنك رسول بُعثت لتنقل المجتمع من حال إلى حال. لأنك صاحب حضارة. لأنك قدوة للحكم. للمنتصر وللمنهزم. للقوي وللضعيف. لأنك إمام المؤمنين بالله الواحد وباليوم الأخير. سيدي نبي الإسلام. رسول الحضارة تقبَّل حبًا وإجلالًا من مسيحي في الشهر المبارك". إحتجت كنيستنا القبطية مع كنيسة أنطاكية بشدة على وثيقة تبرئة اليهود من دم المسيح: أ- في 24 يناير 1965 صدر قرار مشترك وقَّع عليه البابا كيرلس السادس، والبطريرك أغناطيوس الثالث جاء فيه: " وبخصوص البلبلة التي حدثت في الأيام الأخيرة حول تفسير حادثة صلب المسيح نتيجة مشروع القرار الذي بحثه أخيرًا مجمع الفاتيكان الثاني، نصرح بأنه قد سبق فأعلن كل منا منفردًا رأي كنيسته المقدَّسة في هذا المشروع وظروف ظهوره -واليوم- وإذ تم لقاؤنا معًا فإننا ننتهز هذه الفرصة لنؤكد عقيدتنا الأرثوذكسية المشتركة المبنية على ماجاء في الكتاب المقدَّس، وتقليد الكنيسة، وتفاسير الآباء من أن شعب اليهود هم الذين حكموا بصلب المخلص، وطلبوا تنفيذ الحكم بيد بيلاطس البنطي بحسب الكتب. وإن تأكيدنا لهذا الحدث التاريخي الهام في حياتنا لا يتعارض أبدًا والتعاليم المسيحية التي تنادي بالمحبة والإخاء والتسامح لجميع البشر مهما اختلفت أديانهم وعقائدهم وألوانهم وجنسهم وجنسياتهم ونأمر بنبذ التفرقة العنصرية والاضطهاد". ب - في 13 فبراير 1965 إنعقد المجمع المقدَّس لكنيستنا القبطية وقرّر مايلي: 1- يشهد الكتاب المقدَّس في وضوح أن اليهود صلبوا السيد المسيح له المجد، وتحملوا مسئولية صلبه حين أصرُّوا على ذلك بقولهم لبيلاطس البنطي " أصلبه أصلبه. دمه علينا وعلى أولادنا" (يو 13: 21 - مت 27: 25) وحكم عليهم معلمنا بطرس الرسول بقوله " هذا أخذتموه مُسلَّمًا بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيد أثمة صلبتموه وقتلتموه" (أع 2: 22) وقال لهم أيضًا " ولكن أنتم أنكرتم البار وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل ورئيس الحياة قتلتموه" (أع 3: 14، 15) ووبخهم القديس أسطفانوس قائلًا " أي الأنبياء لم يضطهده آباؤكم وقد قتلوا الذين سبقوا فأنبأوا بمجئ البار الذي أنتم الآن صرتم مسلميه وقاتليه" (أع 6: 52). |
|