ثمن الخلاص، هل نتذكّره؟؟
بالنسبة للمسيحي يكون الموت الطبيعي خسارة
يا له من امتياز أن نحيا ونموت له أيضًا
عن خطاب من أحد المسجونين من أجل الإيمان
ثمن الخلاص، هل نتذكّره؟؟
قبل مجيء المسيح، كنّا غرباء عن الربّ بل و«أَعْدَاءً فِي الْفِكْرِ، فِي الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ» كما يكتب القديس بولس (كو1: 21)، ولكنّنا صولحنا مع الآب بصكٍّ جديد وعهد جديد وُقِّع عليه بدماء الابن الحبيب.. البكر من الأموات.. البداءة.. المسيح يسوع. ذاك الصكّ يعلن أنّ الموت ضريبة الحياة الجديدة التي تنعمون بها، لذا قدّموا لله أثمارًا حسنة إذ تسلكون في جدّة الحياة. قدّموا للربّ أعضاؤكم ذبائح حيّة ناطقة بل وصارخة لمجد الربّ، لأنّكم قد اشتريتم بثمنٍ غالٍ.. بدماء ملكيّة.. بحبًّ فائق للتصوُّر.
مَنْ اشتُري بالدماء لا يخشى سفك الدماء.. دماؤه هي وديعته التي تُغتسل بدماء المسيح يومًا بعد يومٍ في انتظار الانسكاب الأخير على مذبح الحبّ.. مذبح الشهادة للموت وللحياة. ولعلّ كلمات كليمندس السكندري تعبِّر عن معادلة الحبّ والشهادة أيّما تعبير إذ يقول:
في محبّة الربّ، يفارق [الشهيد] تلك الحياة بمسرّة فائقة.
إنّنا ندعو الاستشهاد كمالاً
لا بسبب انتهاء حياته على الأرض كما الآخرين،
ولكن لأنّه أظهر اكتمال عمل الحبّ.
إنّ هناك ثالوثًا مسيحيًّا يشكل قوام حياة الكنيسة على الأرض؛ إنّه العبادة والكرازة والألم. فالعبادة الحقّ تدفع الكنيسة لتخبر عن المسيح.. لتشهد له.. لتعترف به، وهو ما يسبّب لها الألم، لأنّ العالم لا يريد نورًا يفتضحه!!
في وعينا الكرازي، لا يمكن أنّ نُصنّف الآخرين إلى أعداء إذ يبغضوننا، لأنّهم قد يصيروا أحبّاء ويظهروا اكتمال عمل الحبّ بقبولهم الإيمان. عينا الله تلك، نتبنّاها، لنرى، بملء الرجاء، إمكانيّة تحوّل الذئب إلى حملٍ وديع يسكن المراعى الخُضر ويشرب من مياه الرّاحة.
إنّ كان لنا رجاء في تغيُّر المُضطّهد، بالحبّ، ستتحوّل أنّاتنا الذاتيّة من الألم إلى الكرازة بالمُخلِّص، سيتحوّل صراخنا بكفّ الاضطهاد إلى صراخ بالغفران للمُضطَّهِد. هل يمكن أن يتحقّق ذلك؟؟؟ هل يمكن أن يتولَّد بولس جديد من رحم غفران إستفانوس؟؟ هل يمكن أن نتبنّى كلمات القديس بولس عينه لنقول: «الآنَ أَفْرَحُ فِي آلاَمِي لأَجْلِكُمْ، وَأُكَمِّلُ نَقَائِصَ شَدَائِدِ الْمَسِيحِ فِي جِسْمِي لأَجْلِ جَسَدِهِ»، أي الْكَنِيسَةُ؟؟ هل يمكن أن نتحرّر من ألمنا الشخصي إلى طلب بهاء الكنيسة ونموّها؟؟؟ فقط بالروح، إن قبلناه ليُحرِّكنا نحو الحياة الأفضل لنا ولآخرين، وإن تذكّرنا على الدوام أنّنا مولودين من دماء الخلاص المسفوكة حبًّا..
كيف يستطيع الحمل أن ينتصر على الذئب؟
كيف يمكن للمسالم جداً أن يقهر توحش الحيوانات المفترسة؟
نعم، يقول الرب أنا الراعي لهم جميعاً للصغير والكبير،
لعامّة الناس وللأمراء، للمعلمين والمتعلمين،
سأكون معكم وأساعدكم وأخلصكم من كل شر.
سأروِّض الحيوانات المتوحشة، سأغيِّر الذئاب إلى حملان،
وسأجعل المضطّهِدين مساعدين للمضطّهَدين،
وسأجعل من يسيئون إلى خدامي شركاء في خططهم المقدسة،
أنا أصنع كل الأشياء، وأنا أحلها،
ولا يوجد شيء يستطيع أن يقاوم إرادتي.
(القديس كيرلُّس الكبير)