منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 25 - 06 - 2014, 11:55 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,281

ما بين سقطتين

إن جهادنا في البدايات الروحيَّة يتلخَّص في عمليْن أساسييْن وهما:
* محاولة تقليص المسافة الزمنيَّة بين توبتين، وبالتالي إطالة المسافة الزمنيَّة بين سقطتين.
* محاولة الاهتمام بالخطايا الصغيرة والتي يبدو أنها سقطات فرعيَّة يمكن التخلُّص منها في أي وقت.
من الأخطار التي تُحْدِق بمن يبدأون في الحياة الروحيَّة أنهم حالما يسقطون بضع مرات في الخطيئة يظنون أن ذلك الأمر هو نهاية المطاف، وأن الحياة الروحيَّة أبعد ما تكون عن متناول أيديهم التي عانقت العالم من قبل!!

ما بين سقطتين
لذا فإن أول ما يجب أن يحرص عليه من يخطو أولى خطوات الحياة مع الله، مرتديًّا عباءة التوبة، هو أن يحاول أن يُسْرِع بالتوبة كلما سقط، ولا ينصت لشكاية الشيطان الذي يريد أن يجعله يتمادَى في الخطيئة، زاعمًا أن الوقوف أمام الله هو من نصيب الملتزمين سلوكيًّا وأخلاقيًّا، والذين لم يسقطوا من قبل!! وذلك لأن خوف الشيطان الأكبر هو أن تكون فترات تواجد الخاطِئ في حالة التوبة، أكبر من فترات تواجده في حالة الخطيئة. ولكن إن فَطِن الخاطِئ بأن أقوى وسيلة للردّ على الخطيئة هي الإسراع بالتوبة، سيجد الشيطان أن زمن التوبة في حياة الشخص يُمثل الجانب الأكبر من حياته بالرغم من تعدُّد سقطاته وهو ما يَحصُد لذلك التائب أكاليل لا تُحصَى!!
لذا لا تتوانَى أن تنهض للصلاة والإقرار بالخطيئة والضعف، وإن كانت رائحة الخطيئة لم تبرح من ثيابك بعد!!
نقرأ في بستان الرهبان عن تلك القِصَّة الرائعة عن عِناد الرجاء رغم السقوط، ما يلي:
قيل عن أخٍ كان ساكنًا في ديرٍ
إنه من شدة القتال كان يسقط مرارًا كثيرةً.
فمكث يُكرِه نفسَه ويصبر كيلا يترك إسكيم الرهبنة،
وكان يصنع قانونَه وسواعيه بحرصٍ، ويقول في صلاتهِ:
«يا ربُّ أنت ترى شدة حالي وشدة حزني،
فانتشلني يا ربُّ إن شئتُ أنا أم لم أشأ،
لأني مثل الطين، أشتاقُ وأحبُّ الخطيَّة،
ولكن أنت الإله الجبار اكففني عن هذا النجس،
لأنك إن كنتَ إنما ترحم القديسين فقط
فليس هذا بعجيبٍ،
وإن كنتَ إنما تخلِّص الأطهار فما الحاجة،
لأن أولئك مستحقون،
ولكن فيَّ أنا غير المستحق يا سيدي أرِ عجب رحمتك
لأني إليك أسلمتُ نفسي».
وهذا ما كان يقوله كلَّ يومٍ، أخطأ أو لم يخطِئ،
فلمَّا كان ذات يوم، وهو دائمٌ في هذه الصلاة،
أن ضجرَ الشيطانُ من حُسن رجائهِ ووقاحتهِ المحمودة،
فظهر له وجهًا لوجه وهو يرتل مزاميره، وقال له:
«أما تخزَى أن تقف بين يدي الله بالجُملةِ
وتسمي اسمَه بفمِك النجس»؟
فقال له الأخ: «ألستَ أنت تضربُ مرزبةً وأنا أضربُ مرزبةً؟
أنت توقعني في الخطيَّة،
وأنا أطلب من الله الرحوم أن يتحنن عليَّ،
فأنا أضاربك على هذا الصراع حتّى يدركني الموتُ.
ولا أقطع رجائي من إلهي، ولا أكف من الاستعداد لك،
وستنظر من يغلب: أنت أو رحمة الله».
فلما سمع الشيطانُ كلامَه قال:
«من الآن لا أعود إلى قتالك،
لئلا أُسبِّب لك أكاليل في رجائك بإلهك».
وتنحَّى الشيطان عنه من ذلك اليوم.
على الجانب الآخر، نجد أن أحد الأخطار التي تُعطِّل توبتنا أننا في الكثير من الأحيان نَحْصُر اهتمامنا ونشحذ جهودنا للخطايا الكبيرة فقطوالتي يبدو ظاهريًّا أنها سبب التعثر الروحي الذي نعاني منه، غير مُدْركين أن الخطايا الصغيرة والمتراكمة قد تكون أكثر ضررًا على مسيرتنا الروحيَّة من أي شيء آخر. لذا يكتب الكاتب الإنجليزي سي إس لويس C.S.Lewis في كتابه (رسائل خُربُر) The Screwtape Letters بلسان خُربُر (الشيطان الكبير الناضج في الشر) الذي ينصح ابن أخيه عَلقَم (الشيطان المبتدِئ في حروب البشر) عن كيفيَّة إسقاط البشر، قائلًا:
لا يهمّ كم تكون الخطايا صغيرة
ما دام مجموع تأثيراتها يضمن إبعاد الإنسان عن النور
وإخراجه إلى اللاشيء
...
إنَّ أضمن طريق إلى جهنم هو الطريق التدريجي،
ذلك المُنحدَر اللطيف، الليِّن تحت الأقدام،
الخالي من المنعطفات المفاجئة،
ومن المعالم الهادية واللافتات الموجِّهة.
لذا فإن أحد ألقاب الشيطان هو [فتَّال حِبال]، إذ أنه يَخْرُج بالإنسان عن غايته رويدًا رويدًا دون أن يشعر بذلك، وهو يعتمد في ذلك على عامليْن وهما:
(1) طول الزمن
(2) تحويل مسار التوبة لتُركِّز على الخطايا الكبيرة، والتي غالبًا ما تكون أعراضًا لمرضٍ داخليٍّ في القلب، قد نشأ نتيجة تراكمات من الخطايا الصغيرة.
لذا فقد حذَّر الكتاب ممّا أسماه «الثعالب الصِغار المُفْسِدة للكروم» (نش2: 15)، إذ أن خطورتها تَكْمُن في عدم انتباهنا لها وبالتالي عدم توخينا الحذر من النتائج التي قد تنتج عنها. لذا فإن التوبة هي وعي بالخطيئة كجدار يفصل بين الإنسان والله سواء كان هذا الجدار مرتفعًا أم لا. ولكنه يبقَى جدارًا يحتاج إلى هدمٍ بمِعْوَل التوبة.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع


الساعة الآن 10:48 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024