|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب القديس إيريناؤس أسقف ليون القمص أثناسيوس فهمي جورج مقدمة إن الدراسات الابائية لازمة للكنيسة الشرقية بنوع خاص، لأنها كنيسة تقليدية متجذرة في الاصول التاريخية والاعماق اللاهوتية والايمانية، فالحاضر يزداد خصوبة بالعمق الآبائى، وكتابات الآباء المعلمين تتحقق قيمتها وديناميتها بإستخدامها في الحياة الروحية العملية. لذلك النهضة التعليمية التي يقودها معلم هذا الجيل البابا شنودة الثالث، العالم والعلامة اللاهوتى إنما هي مجد كنيسة الاسكندرية، ويأتى الاهتمام الواضح بالدراسات الآبائية كعلامة صحية في التمسك بروح الاباء المعلمين، خلال نشر أقوالهم وسيرهم على المستوى الشعبى والقيادى، حتى يستنشق الكل عبير الكنيسة الأولى في أصالة الحياة والفكر. وبين يديك أيها الحبيب سيرة أحد معلمى القرن الثانى المسيحى، الذين سجلوا ما سمعوه عن شهود عيان (الرسل وتلاميذهم)، فقدم بذلك خبرة تلمذة لأعمال عظيمة وتعاليم معاينة نفيسة، وستلمس خلال هذه السيرة المباركة التي للقديس ايريناؤس أسقف ليون وأبو التقليد الكنسى، كيف امتصت الكنيسة التقاليد الصادقة في عمق وبساطة، عمق الفهم والفكر، وبساطة النفس والممارسة. إنها لحظات ثمينة من تاريخ الكنيسة الذهبى مملوءة بالإلهام الروحي، وتباشير الإخصاب الفكري المستنيرنتمتع فيها ببركة القديس ايريناوؤس الذي يمثل رصانة الاسقفية ووقارها، وحلاوة التعليم والسيرة الرسولية. وإننى أضع هذه الدراسة التي اعتمدت فيها بالأكثر على مجموعة Patrology, Vol. I لمؤلفها جونز كواستن Johannes Quasten بين يدى المسيح إلهنا الذي أحبنا وستر خطايانا وفدانا، لتكون سبب بركة ومعرفة روحية لكل من يقرأها، بصلوات رئيس الاباء بطريركنا المحبوب البابا الأنبا شنودة الثالث، وشريكه في الخدمة الرسولية أبينا الأسقف المكرم الأنبا بنيامين النائب البابوى لمدينة الاسكندرية، وللثالوث القدوس السجود والمجد والكرامة إلى الأبد آمين. الصوم الكبير 1992 م- 1708 ش |
10 - 06 - 2014, 05:41 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس إيريناؤس أسقف ليون
سيرة القديس إيريناوءس يعد القديس ايرناؤس أهم لاهوتى القرن الثانى، وتاريخ ميلاده بالتحديد غير معروف، لكنه في الغالب ما بين عام 140 وعام 160 م، وقد ولد في سيمرنا (أزمير) في أسيا الصغرى، إذ أنه يخبرنا في رسالته إلى الكاهن الرومانى فلورينوس Florinus انه استمع في شبابه المبكر إلى عظات القديس بوليكاربوس اسقف سميرنا، وتكشف هذه الرسالة عن معرفة دقيقة ببوليكاربوس لا يمكن ان تكون إلا نتيجة لعشرة ومعرفة شخصية: "لأني عندما كنت صبيا، كنت أعرفك (يا فلورينوس) في أسيا الصغرى في منزل بوليكاربوس، عندما كنت رجلا ذا مكانة في البلاط الملكي، وكنت تسعى لكى تكون لك علاقة قوية معه (أى مع بوليكاربوس)، انى اتذكر أحداث هذه الأيام بوضوح أكثر من تلك التي حدثت قريبا، لأن ما نتعلمه في طفولتنا ينمو مع النفس ويتحد بها، لذا استطيع أن أصف حتى المكان الذي كان المبارك بوليكاربوس يجلس فيه وهو يعظ، وطريقة دخوله وخروجه، واسلوب حياته، وهيئته الجسمانية، وعظاته للشعب، والوصف الذي قدمه عن عشيرته مع يوحنا والآخرين الذين رأوا الرب، وكيف أنه كان يتذكر كلماتهم وما سمعه منهم عن الرب، ومعجزاتهم وتعاليمهم، وكيف أن بوليكاربوس استلمها من شهود عاينوا ورأوا كلمة الحياة، وروى كل شيء بما يتفق مع الأسفار المقدسة، وقد اصغيت بشغف لهذه الأمور برحمة الله التي وهبت لى، وسجلتها، لا على ورق، بل في قلبي، وصرت أتأمل وأتفكر فيها وأرددها بنعمة الله". (1) من الواضح من هذه الكلمات أن ايريناؤس اتصل بالعصر الرسولي من خلال معلمه بوليكاربوس،ولأسباب غير معروفة ترك ايريناؤس أسيا الصغرى وذهب إلى بلاد الغال (فرنسا)، وسيم كاهنا على كنيسة ليون، وفي عام 177 م. أرسل إلى البابا القثيروس Eleutherus في روما من قبل كنيسة ليون ليتوسط لديه ويراجعه في موضوع المونتانية Montanism، التي كان يحتضن اتباعها. وقد حمل رسالة إلى البابا تقول: "لقد طلبنا إلى أخينا ورفيقنا إيريناؤس أن يقدم هذه الرسالة لكم ونرجو منكم اكرامه وتوقيره لأنه غيور على عهد المسيح، ولو علمنا ان الرتبة يمكن أن تضفى صلاحا على أحد لكنا أول كل شيء فوضناه ككاهن لهذه الكنيسة (أى ليون) لأن هذه هي وظيفته فعلا". (2) وعندما عاد إيريناؤس من روما كان بوثينوس Photinus الاسقف الشيخ قد نال اكليل الشهادة وهو في التسعين من عمره، فصار غيريناؤس خليفته في الاسقفية، وفيما بعد عندما اختلف فيكتور (3) اسقف روما مع الاساقفة الاسيويين في أمر عيد الفصح، كتب ايريناؤس إلى عدد من هؤلاء الاساقفة، وإلى فيكتور نفسه يحثهم ويرجوهم ان يحفظوا السلام والمحبة، لذلك قال يوسابيوس (4) ان ايريناؤس عاش كما يليق بإسمه لأنه أثبت أنه صانع سلام حقيقى كما هو تفسير اسمه، وبعد ذلك لا نعلم أي شيء عن ايريناؤس وحتى تاريخ نياحته غير معروف، ولكن جيروم (5) يخبرنا انه "عاش وظل يكتب حتى عهد الإمبراطور كومودوس الذي خلف الإمبراطور مرقس انطونيوس فيروس على العرش وفي القوة" وتعد شهادة غريغوريوس اسقف تورز القائلة (6) أن ايريناؤوس نال اكليل الشهادة موضع شك، لأنها جاءت متأخرة، ويوسابيوس لم يشر قط إلى مثل هذا الاستشهاد. |
||||
10 - 06 - 2014, 05:42 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس إيريناؤس أسقف ليون
كتابات ايريناؤس بالاضافة إلى تدبير شيءون وخدمات إيبارشيته، كرس ايريناؤس نفسه للعمل على دحض البدع الغنوصية عن طريق كتاباته ورسائله، وفي هذه الاعمال قدم تفنيدا رائعا وتحليلا نقديا لأفكار الغنوصيين وعقائدهم، وكانت معرفته التامة بالتقليد الكنسى، والتي هي نتيجة تلمذته لبوليكاربوس ولتلاميذ آخرين للرسل، عونا كبيرا له في جهاده ضد هذه البدعة، وقد فقدت كتاباته في زمن مبكر، ولا يوجد الا اثنين من أعماله الكثيرة التي كتبها باللغة اليونانية، وأحد هذين العملين –وهو أهم أعماله- أصله اليونانى مفقود ولم يصل الينا الا في ترجمة لاتينية حرفية اختلف الدارسون في تاريخها. وتعتبر كتاباته من أقوى ما كتب في تراث الكنيسة الاولى، شاهدة على إخلاصه الشديد لتعليم الكنيسة ولتوجيهات الرسل، كطبيب حاذق يعالج الهراطقات التي ظهرت في عصره، بإعتبارها أوراما خبيثة أصابت العقل البشرى، واصفا خطورتها وطرق الوقاية منها ومقاومتها. 1) ضد الهرطقات تاريخ النص (2) برهان التعليم الرسولي (3) كتابات أخرى 1) ضد الهرطقات والإسم الأصلى لهذا العمل هو: Ελεγχοσ Καί Ανατροπη Τησ Ψευδονόμου Γνώσεωσ Detection and Overthrow of the Pretended but False Gnosis. أى "كشف الغنوصية المزعومة الكاذبة ودحضها" ويعرف بالإسم اللاتينى “Adversus Haereses” أي "ضد الهرطقات"، وهو يتكون من خمسة كتب، وكما يوضح العنوان الاصلى، ينقسم العمل إلى قسمين: القسم الأول: يتناول كشف ووصف البدعة الغنوصية، ورغم ان هذا القسم محصور في الكتاب الأول فقط، إلا أنه عظيم الأهمية لمعرفة تاريخ الغنوصية، ويبدأ ايريناؤس بوصف تفصيلى لعقيدة الفالنتينيين Valentinians يتخلله ردود عليهم، وبعد ذلك يتحدث عن نشأة الغنوصية، فيذكر بطرس ماغوس Simon Magus وميناندور Menandor، ثم يذكر القادة الأخرين للمدارس والطوائف الاخرى بالترتيب التالى: سارتورنيل Satornil باسيليدس Basilides كاربوكراتس Carpocrates سيرينثس Cerinthus الابيونيون The Ebionits نيكوليتس The Nicolaites سيردون Cerdon مرقيون Marcion تاتيان Tatian الانكراتيون The Encratites وأكد بعد ذلك انه لم يذكر جميع أسماء هؤلاء الذين تركوا الحق بطريقة أو بأخرى. القسم الثانى: يتكون القسم الثانى من هذا المؤلف وهو "الدحض" من أربعة كتب هى: الكتاب الثانى: يفند بدعة الفالنتينيين وأتباع مرقيون بالاحتكام إلى العقل. الكتاب الثالث: بالإحتكام إلى عقيدة الكنيسة في الله والسيد المسيح. الكتاب الرابع: بالإحتكام إلى أقوال الرب. الكتاب الخامس: أفرده ايريناؤس لشرح قيامة الجسد التي انكرها جميع الغنوصيين. ومن مقدمة الكتاب الثالث، نعرف أن ايريناؤس ارسل الكتابين الاول والثانى إلى الصديق الذي كتبهما بناء على طلبه، ثم كتب الكتب الثلاثة الاخيرة فيما بعد، ولكن يبدو أن المؤلف بأكمله كان في فكر ايريناؤس من البداية، لأنه يشير في الكتاب الثالث إلى حديثه عن الرسول بولس والذي لم يكتبه إلا في الكتاب الخامس. وقد عرف إيريناؤس كيف يقدم وصفًا بسيطًا واضحًا مقنعًا لعقيدة الكنيسة، كما ذكرنا أيضاً هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.لذا يظل عمله هذا أهم مصدر لمعرفة المنهج الغنوصى ومنهج الكنيسة الاولى، ويخبر ايريناؤس القارئ في مقدمة الكتاب الاول ان لا يتوقع منه "أى إستعراض للبلاغة التي لم يمارسها قط" بل يتقبل منه بروح طيبة ما كتبه هو (أى ايريناؤس) بنفس الروح، ببساطة، بصدق، وبطريقة وعظيمة. (1) وفى وصفه للتعليم والفكر الغنوصى، يعتمد ايريناؤس على قراءته الشاملة للكتابات الغنوصية، وإستعان أيضًا بكتابات سابقيه من الآباء قاموا الهرطقات، بيد انه من الصعب تحديد هذه المصادر لأن معظمها فقد، بيد ان ايريناؤس يذكر بعض هذه المصادر بالإسم مثل: أقوال بابياس اسقف هيروبوليس The Sayings of Papias of Hieropolis أقوال شيوخ اسيا الصغرى The Sayings of The Elders of Asia Minor وكتاب يوستين الشهيد "ضد مرقيون" Against Marcion إلا أنه من المستحيل تحديد مقدار اعتماده عليها إذ أن هذه الاعمال قد فقدت جميعها، وبحسب F. Loofs كانت كتابات ثيوفيلس الانطاكى من المصادر الرئيسية لإريناؤس، بيد أن كتابى ثيوفيلس ضد الغنوصية: ضد هيرموجينيس Against Hermogenes ضد مرقيون Against Marcion قد فقدا، وكل ما لدينا هو عنوانيهما الذين حفظهما لنا يوسابيوس، ومع أن حديث ثيوفيلس الانطاكى إلى اوتوليكس Autolycus لا يزال موجودا حتى الآن، الا ان المقارنة بينه وبين كتابات ايريناؤس، ونقاط الاتفاق بينهما ليس دليلا كافيا على أن ايريناؤس قد استعان بهذا الكتاب، وايضا ليس مؤكدا أن كتاب ثيوفيلس الانطاكى ضد مرقيون ظل موجودا حتى وقت ايريناؤس لكتابه "ضد الهرطقات". تاريخ النص1) النسخة اللاتينية التي تحتوى على النص بأكمله محفوظة في المخطوطات، ويرى جوردان H. Jordan وسوتر A. Souter أن هذه الترجمة تمت في شمال افريقيا في الفترة ما بين 370 وعام 420 م، ويرى كوتش H. Koch ان تاريخها لابد إلى ما قبل عام 250 م. لأن كبريانوس استخدمها، بينما سانداى W. Sanday انها تمت عام 200 م. 2) حفظ هيبوليتس ويوسابيوس وبوجه إخص ابيفانيوس عددًا من الصفحات من النص اليونانى المفقود، ووُجد عدد من الصفحات الاخرى في بعض البرديات والمخطوطات، وهذه الاجزاء يمكن معا لتكون النص كاملا. 3) اكتشف E. Ter-Minassiant ترجمة أرمنية حرفية للكتابين الرابع والخامس ونشرها. 4) يوجد 23 مقطع من الكتاب في ترجمات سريانية. (2) برهان التعليم الرسولي الكتاب الثانى الذي وصلنا من كتابات اسقف ليون هو كتاب The Demonstration of the Apostolic Teaching أي "برهان التعليم الرسولى"، ولزمان طويل لم نكن نعرف من الكتاب الا عنوانه فقط (2)، إلى أن اكتشف Ter- Mekerttschian في عام 1904 النص الكامل في نسخة أرمنية، ونشره لأول مرة عام 1907، وهذا العمل ليس وعظة كما يظن بعض الدارسين، بل هو كتاب دفاعى كما يوضح عنوانه، وهو يتكون من قسمين. يبدأ الكتاب ببعض الملاحظات التمهيدية عن أسباب كتابة هذا العمل (الفصول 1- 3) ثم يتناول القسم الاول (الفصول 4- 42) المضمون الاساسى للإيمان المسيحى، فيشرح ايريناؤس فيه عقيدة الثالوث القدوس والخلق والسقوط والتجسد والفداء، ويصف علاقة الله بالإنسان منذ آدم وحتى السيد المسيح. أما القسم الثانى (الفصول 43- 94) فيقدم أدلة على حقيقة الاستعلان المسيحي من أنبياء العهد القديم، ويقدم المسيح ابن داود المسيا المنتظر، ويقول ايريناؤس: "اذا كان الانبياء قد تنبؤا بأن ابن الله سيظهر على الأرض، وإذا كانوا قد حددوا المكان الذي سيعلن نفسه فيه، وكذا كيفية وطريقة هذا الاستعلان، وإذا كان الرب قد تمم كل ما قيل عنه من نبوات، إذا إيماننا به مؤسس بثبات، وتقليد كرازاتنا صحيح، أعنى صادقة هي شهادة الرسل الذين أرسلهم الله والذين كرزوا في العالم كله بالذبيحة التي قدمها ابن الله بموته وقيامته". (3) وفى خاتمة الكتاب يحث إيريناؤس القارئ على الحياة كما يليق بالإيمان ويحذره من الهرطقات وشرها. ومن خلال هذا العرض لمحتويات الكتاب يتضح لنا أن هذا الدفاع لا يحتوى على جزء جدلي، بل هو مقصور على الأدلة الايجابية على صحة العقيدة الحقيقية، ويحيل ايريناؤس القارئ إلى كتابه الآخر "ضد الهرطقات" إن أراد أن يجد تفنيدا للغنوصية. (3) كتابات أخرى من كتابات ايريناؤس الاخرى لا يوجد لدينا إلا أجزاء أو عناوين فقط: أ) كتب رسالة إلى الكاهن الرومانى فلورينوس Florinus عن أن "اله ليس صانع الشر That God is Not the Author of Evil" ويحتوى كتاب التاريخ الكنسى ليوسابيوس القيصرى على مقطع طويل من هذه الرسالة. (4) (ب) بعد أن ترك فلورينوس الايمان المستقيم، كتب ايريناؤس عن "الثماني On The Ogdoad"، وفي آخره يقول انه كان قريبا من عصر الرسل ويختتمه بقوله: "استحلفك يا من تنسخ صورة من هذا الكتاب، بربنا يسوع المسيح، وبمجيئه الثاني المملوء مجدًا الذي يدين فيه الأحياء والأموات، أن تقارن ما سوف تكتبه بهذه النسخة التي بين يديك وتصححه عليها بدقة وإن تثبت هذا القسم وتضعه في النسخة التي تكتبها: (5) جـ) كتب ايريناؤس رسالة اخرى عن "الانشقاق On Schism" إلى بلاستوس Blastus الذي كان يعيش في روما، ومثل فلورينوس كان يميل إلى الابتداع والإنحراف الفكرى، وحفظ لنا يوسابيوس عنوان هذه الرسالة فقط. (6) د) ذكر جيروم في كتابه "مشاهير الرجال" ان ايريناؤس كتب "كتاب صغير ضد "اليونانيين" وآخر عن التهذيب". (7) هـ) يوجد جزء من رسالة أرسلها ايريناؤس إلى فيكتور أسقف روما في نسخة سريانية، وفي هذه الرسالة يطلب ايريناؤس من فيكتور أن يمضى قدما في مقاومة فلورينوس وأن يمنع انتشار كتاباته. و) حفظ يوسابيوس مقتطفات من الرسالة التي كتبها ايريناؤس إلى فيكتور بخصوص حساب الفصح. (8) س) بالإضافة إلى ذلك كان يوسابيوس (9) مطلعا على كتاب لايريناؤس بعنوان "عن المعرفة Concerning Knowledge" وعلى "كتاب صغير فيه أحاديث متنوعة يذكر فيها الرسالة إلى العبرانيين وحكمة سليمان ويستشهد بصفحات معينة منهما" وهذا الكتاب الأخير هو في الغالب مجموعة عظات. |
||||
10 - 06 - 2014, 05:43 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس إيريناؤس أسقف ليون
لاهوت ايريناؤس لإيريناؤس أهمية كبير كلاهوتى، وذلك لسببين: 1) كشف السمة المسيحية المزيفة للغنوصية، وبذا عجل بإستئصال وقطع اتباع هذه البدعة من الكنيسة. 2) نجح في الدفاع عن حقائق وعناصر ايمان الكنيسة الجامعة والتي أنكرها الغنوصيون أو أساءوا تفسيرها، حتى استحق ان يدعى مؤسس اللاهوت المسيحى The Founder of Christian Theology. ولم يكرس ايريناؤس فكره لوضع النظريات اللاهوتية، بل على العكس، كان يميل دائما إلى الحذر من أي علم فكرى معرفى: "من الافضل أن لا يعلم المرء أي شيء عن أي سبب لخلق شيء ما، بل يؤمن بالله ويستمر في مجيئه، من أن ينتفخ بمعرفة من هذا النوع، فيسقط بعيدا عن هذه المحبة التي هي حياة الإنسان، والافضل أن لا يطلب الإنسان أي معرفة أخرى سوى يسوع المسيح، ابن الله، الذي صلب عنا، من أن يسقط في فى عدم التقوى عن طريق الأسئلة الخبيثة والتعبيرات والالفاظ الخادعة". (1) وبالرغم من موقفه الحذر تجاه اللاهوت الفكرى النظرى، إلا أنه استحق مكانة وثقة عظيمة لأنه كان أول من صاغ العقيدة المسيحية في ألفاظ ومصطلحات، وفي مواجهته للهرطقات لم يكن عدوا للهراطقة بل راع يطلب الخروف الضال، فتميزت كتاباته بأنها كتابات راع أكثر منها كتابات لاهوتى، إلا أنه يدرك أهمية المناظرة االاهوتية لحماية الرعية من الشرود خارج الحظيرة. |
||||
10 - 06 - 2014, 05:44 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس إيريناؤس أسقف ليون
الثالوث 1- الثالوث رغم ان معاصره ثيوفيلس الانطاكى كان قد استخدم اللفظ "ثالوث ترياس"، إلا أن ايريناؤس لم يستخدمه في الحديث عن الله الواحد المثلث الاقانيم، بل كان يفضل أن يؤكد على بعد آخر للثالوث في جهاده ضد الغنوصيين: ذلك هو التأكيد على ان الله الحقيقى الواحد هو نفسه خالق العالم وهو نفسه إله العهد القديم وهو نفسه أبو الكلمة، فهو يقول في مقدمة الكتاب الأول من "ضد الهرطقات": "أرسلت كنيسة روما رسالة إلى أهل كورنثيوس تهديهم إلى السلام وتجدد ايمانهم وتوضح وتشرح التقليد الذي استلموه حديثا من الرسل، التقليد الذي أعلن الله الواحد الكلى القدرة خالق السماء والأرض وصانع الإنسان، الذي أتى بالطوفان (فى أيام نوح)، الذي دعا إبراهيم، الذي أخرج الشعب من أرض مصر، الذي تكلم مع موسى، الذي وضح الناموس وأرسل الانبياء، والذي أعد النارللشيطان وملائكته..... وهؤلاء الذين يهتمون يمكنهم ان يتعلموا من هذه الرسالة انه قد أعلن في الكنائس أنه أبو ربنا يسوع المسيح وبذا يفهمون تقليد الكنيسة الرسولى، لان الرسالة أقدم من هؤلاء المعلمين الكذبة المحدثين الذين يخترعون الاكاذيب عن إله آخر أعلى من خالق كل الاشياء الموجودة". (1) وايريناؤس يقصد بذلك دحض ادعاءات الغنوصيين وأتباع مرقيون القائلة بأن الخلق والعهد القديم هما من صنع إله خالق للشر، كمقابل ونظير لاله العهد الجديد. ورغم ان ايريناؤس لم يبحث العلاقة بين الاقانيم الثلاثة في الله، إلا انه مؤمن تماما بأن وجود الآب والابن والروح القدس واضح في تاريخ البشرية، فالاقانيم الثلاثة موجودة قبل خلقة الإنسان لان الكلمات "نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" {تك 1: 26}قالها الاب للابن وللروح القدس الذين يسيها ايريناؤس مجازيا "يدى الله": (2) "لانه بيدى الاب اقصد الابن والروح القدس خلق الإنسان كله". "ومن ثم فان الإنسان إذ قد تشكل منذ البدء، بيدى الله اعنى الابن والروح القدس، فانه قد خلق بحسب صورة وشبه الله". "الإنسان مركب من نفس وجسد، خلق على مثال الله وتشكل بيديه أي بالابن والروح القدس". ويشرح ايريناؤس مرة ومرات كيف ان الروح القدس يملأ الانبياء بنعمة النبوة والوحى وذلك في خدمة الابن اللوغوس، وكيف ان الاب هو الذي يدبر كل ذلك، وهكذا يقدم ايريناؤس ايكونوميا (تدبير) الخلاص بأكمله في العهد القديم كتعليم رائع واضح عن الاقانيم الثلاثة في الله الواحد. |
||||
10 - 06 - 2014, 05:46 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس إيريناؤس أسقف ليون
الخريستولوجي
2- الخريستولوجى: أ- علاقة الآب بالابن ب- الانجماع الكلى في المسيح جـ - آدم والمسيح هـ - الصليب والخلاص (السوتيريولوجى) أ- علاقة الآب بالابن: عن علاقة الاب بالابن يقول ايريناؤس بوضوح: "اذا سألنا أحد كيف ولد الابن من الآب؟" نجيبه بان أحدا لا يفهم ذلك الميلاد أو الدعوة أو أيا كان الاسم الذي يمكن أن نصف به ميلاده، الذي هو في الحقيقة لا يوصف على الاطلاق.. لكن فقط (نعرف) ان الآب هو الذي يلد والابن هو الذي ولد". (1) ونجد في ايريناؤس أول محاولة لفهم العلاقة بين الاب والابن بطريقة منهجية نظرية: "الأب عرف بالابن الذي هو في الآب والذي الآب فيه". (2) "لا يستطيع أحد أن يعرف الآب إلا إذا أعلنه له كلمة الله الذي هو الابن، كما لا يمكن لأى انسان أن يعرف الابن إلا بحسب مسرة الآب الصالحة حيث ان الابن يفعل مسرة الآب الصالحة". والابن من خلال الخليقة يعلن الآب كخالق: "من خلال العالم، يعلنه كرب صنع العالم ومن خلال صنعة يديه، يعلنه كفنان مبدع ومن خلال الابن، يعلنه كآب ولده منذ الأزل" وكما دافع قديسنا أسقف ليون عن أن الآب هو خالق العالم عند الغنوصيين، كذلك علم بأن هناك مسيح واحد، رغم أننا نلقبه بأسماء عديدة، لذلك المسيح هو نفسه ابن الله، وهو نفسه اللوغوس الكلمة، وهو نفسه يسوع المسيح الاله المتجسد، هو نفسه مخلصنا وربنا. ب- الانجماع الكلى في المسيح: ان مور خريستولوحيا ايريناؤس بل وكل لاهوته هو الانجماع الكلى في المسيح “Recapitulation” وقد استقى هذا الفكر من رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس حيث يوضح أن غاية الله النهائية من الخليقة كلها التي سيحققها في ملء الأزمنة هي "ان يجمع كل شيء في المسيح" {أف 1: 7}، ويقول ايريناؤس: "فى ملء الزمان صار (الكلمة) انسانا منظورا ومملوسا لكى يجمع كل شيء في نفسه ويحتوى كل شيء ويبيد الموت ويظهر الحياة ويعيد الوحدة بين الله والإنسان". (3) وهذه الكلمة اليونانية التي استخدمها القديس بولس الرسول ثم القديس ايريناؤس تتركب من البدائة اليونانية. Ανα معناها "من جديد". Κεθαλαι معناها "قطب، أساس، رئيس". Όω معناها "يضع". فهى تتضمن معنى "جمع الاطراف في رأس واحد" أو "تلخيص وتركيز الاشياء المتعددة في مجمل واحد" أو "تكميل الاشياء الناقصة". وما يقصده ايريناؤس من الانجماع الكلى هو انجماع الكل في المسيح، إذ أن الله يصلح الخطة الالهية الاولى لخلاص الإنسان والتي افسدها سقوط آدم، كما ذكرنا أيضاً هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.ويجمع الله عمله كله منذ البدء، ويجدده ويستعيده ليراه ويعرفه في ابنه المتجسد الذي صار لنا بهذه الطريقة آدم ثان، ولأن الجنس البشرى كله قد سقط بسقوط آدم، لذا كان لابد أن يصير الله انسانا لكى يجدد الجنس البشرى". "الامور التي فَنَت كان لها جسد ودم، لان الرب اخذ ترابا من الأرض وصنع الإنسان، ومن أجله تم كل تدبير مجئ الرب، لذا صار (الرب) جسدا ودما، جامعا ثانية في نفسه، ليس عملا أخر بل نفس عمل يدى الاب الاصلى طالبا ما قد هلك". (4) لكن بانجماع الإنسان الاول هذا، ليس فقط آدم شخصياً بل الجنس البشرى كله أستعيد وتجدد: "عندما تجسد وتأنس، جمع في نفسه تاريخ الإنسان الطويل جامعا ومعطيا لنا الخلاص كى ننال ثانية في المسيح يسوع ما ففقدناه في آدم، أي صورة وشبه الله". (5) فما يقصده ايريناؤس من "الانجماع الكلى" هو انجماع الخليقة مع الخالق نفسه في المسيح الذي يحقق في نفسه ملء الوجود الكلى للخالق والخليقة معا: "فان المسيح كما قلنا قد وحد الإنسان مع الله... فقد كان لائقا ان الوسيط بين الله والناس بحق قرابته الخاصة مع كل منهما يعيد الألفة والتوافق بينهما ويقدم الإنسان إلى الله ويظهر الله للانسان.... فإنه من أجل ذلك قد جاء مجتازا في جميع الاعمار لكى يعيد للجميع الشركة مع الله". (6) فغاية التجسد النهائية هي اعادة الشركة بين الله والبشرية وهذا هو ما لم يفهمه الهراطقة: "ان البعض لا يقبلون عطية التبنى ويحتقرون الميلاد البتولى الذي به تجسد كلمة الله، وهم بذلك يحرمون الإنسان من الارتقاء نحو الله، ويصيرون غير شاكرين لكلمة الله الذي تجسد من أجلهم، فانه لهذه الغاية صار ابن الله ابنا للانسان: لكى يتحد الإنسان بالكلمة ويقبل التبنى فيصير بذلك ابنا لله". (7) وهكذا جدد المسيح كل شيء بهذا الانجماع الكلى فيه: "ما الذلا أعطاه الرب عند مجيئه؟ إعلم أنه أعطى كل الجدة newness بان اعطى نفسه، هو الذي قيلت عنه النبوات، لأن هذا قد أعلن قبلا، ان جدة ستأتى وتعطى حياة للانسان". (8) ذلك ان أفعال المسيح الخلاصية التي أتاها من أجل خلاصنا إنما تبلغ الينا من خلال هذه الحقيقة الالهية، أي تجميع البشرية كلها في جسد المسيح، لأنه يحوى في ذاته الكل ومنه ينبع الكل ويتجدد. جـ - آدم والمسيح: يشرح ايريناؤس تلك المقابلة البديعة بين آدم والمسيح، على اعتبار ان الخليقة هي خليقته الخاصة، التي استجمعها ثانية في نفسه، فيقول ابو التقليد الكنسى: "إستجمع ثانية في نفسه كل تاريخ الإنسان، مجملا الخلاص ومقدما اياه لنا، حتى ننال ثانية في المسيح يسوع ما فقدناه في آدم (أى صورة الله ومثاله)، فالله جمع في نفسه خليقته القديمة، أي الإنسان، لكى يبيد الخطية، ويهلك الموت، ويحيى الإنسان "لذلك فإن كل أعمال الله حق" {تث 32: 4}". ويعبر القديس ايريناؤس بلفظ رائع ان آدم لم يفلت من تحت يدى الله، إذ حتى بعد السقوط كانت يدا الله تمسكان به، ومن خلال العهد القديم "كان الكلمة حاضرا مع البشرية إلى اليوم الذي اتحد فيه هو نفسه بخليقته وصار جسدا". ويشرح القديس ايريناؤس كيف ألغى عصيان آدم بمقتضى الطاعة الكاملة لآدم الثانى، حتى ينال الكثيرون الخلاص والتبرير بطاعته، فيقول: "وهكذا صار الكلمة جسدا، حتى تبطل الخطية تماما بواسطة هذا الجسد نفسه الذي سبق أن ملكت فيه الخطية، لذلك أخذ الرب لتجسده نفس الشكل الأول حتى يشترك في المعركة عن سلفائه ويغلب في آدم ما صرنا نحن مغلوبين منه في آدم". هـ - الصليب والخلاص (السوتيريولوجى) وفى مجال المشابهة بين آدم والمسيح نجد القديس ايريناؤس يتكلم عن الاقتداء بالمسيح، عندما يوهب الإنسان مشابهة الله ومثاله، فيقول: "حينما صار الكلمة إنسانا وشابه الإنسان، جعل الإنسان يشابهه، وبصيرورة الإنسان على شبه الإبن صار عزيزا في عينى الآب". (9) ويبين لنا ايريناؤس الليونى ان تعاليم السيد المسيح ومثال المسيح لا يمكن ان ينفصلا عن عمل الصليب، لأنه فقط بتجميع المسيح في نفسه كل مرحلة من عمر الإنسان اكمل المسيح الخلاص، بل هنال على خشبة الصليب (شجرة الطاعة) أباد المسيح الموت الذي سببته خشبة العصيان (10). والوعد للمرأة الأولى بأنها ستسحق رأس الحية، يشرح المعركة بين المسيح والشيطان والتي حدثت على الصليب، وإن كان الشيطان قد غلب في المعركة ظاهريا وإلى حين، لكن المسيح إنتصر بعد ذلك إلى الأبد، وكان لابد أن رئيس البشرية نفسه يصير إنسانا لكى يستجمع في نفسه الحرب الدائرة بيننا وبين عدو جنسنا وليدخل المعركة مع قاهر آدم فيقهره، مقدما الإنتصار على الموت الة الذين كانوا في آدم أسرى الموت والشيطان. (11) فنسل المرأة هو المسيح الغالب الذي سحق رأس الحية وأباد آخر عدو الذي هو الموت وأطلق سراح آدم لأن خلاص المسيح هو إبادة الموت. (12) فالمسيح بواسطة آلامه اباد الموت والخطية، والفساد والجهل، وألبس المؤمنين عدم الفساد، ويقول القديس ايريناؤس: "المسيح حارب وغلب، لأنه إنسان خاض المعركة عن الأباء، وبطاعته ألغى العصيان تماما، لأنه ربط القوى وحرر الضعيف، وبإبادته للخطية ألبس خليقته الخلاص". (13) ويضيف القديس ايريناؤس أن: "نزول المسيح إلى عالم الاموات (الجحيم) كان فيه أيضًا تحرير آباء العهد القديم". (14) ويسوق القديس ايريناؤس دليلا على العلاقة بين الخلاص من الموت والخلاص من الخطية، ذلك هو معجزة شفاء المفلوج (مت 9: 2-9)، فهذه المعجزة تعنى ان ابن الله الوحيد قد أتى من عند الله لخلاص الإنسان، والله وهب غفران الخطية في إبنه، ولأن المرض كان أحد نتائج الخطية فقد أصبح من اللائق أن الذي أتى بالخلاص Σωτηρία (سوتيريا) يصير هو الآتى بالصحة والشفاء من الموت أيضاً. وفى مواجهة الغنوصيين يصر ايريناؤس يصر على أن الذي أتى بالخلاص من الخطية هو الذي أتى بالخلاص من المرض، هو المسيح نفسه، لذلك حينما غفر المسيح الخطية (فى معجزة المفلوج)، ففى الوقت نفسه شفى المرض، وبالتالى أبرأ من الموت، وهكذا أعلن عن نفسه من يكون، لأنه لا يستطيع أحد أن يغفر الخطايا إلا الله وحده، فخلاص الشفاء وخلاص المغرة، الذي أتى به المسيح كشف عن انه هو كلمة نفسه، وأنه بالرغم من انه صار إنسانا وتألم من أجل البشر (كإنسان)، لكنه هو الله الذي صنع رحمة بالإنسان وغفر له خطيئته (كإله). |
||||
10 - 06 - 2014, 05:47 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس إيريناؤس أسقف ليون
الافخارستيا 3- الافخارستيا اكد القديس ايريناؤس على الوجود الحقيقى لجسد ودم الرب في الافخارستيا، ويستدل على قيامة الجسد البشرى من حقيقة ان هذا الجسد قد تغذى بجسد ودم المسيح: "عندما ينال الكأس الممزوج والخبز المصنوع كلمة الله Επιδέχεται Τον Λόγον Του Θεού تصير الافخارستيا جسد ودم المسيح، ومنها يتغذى ويحيا جسدنا وينمو، كيف إذا يؤكدون ان الجسد غير قابل على تقبل عطية الله التي هي الحياة الأبدية، وهو الذي تغذى من جسد ودم الرب والذي هو عضو فيه؟....... هذا الجسد الذي تغذى بالكأس الذي هو دمه ونال نموا من الخبز الذي هو جسده". (1) "والآن كيف يقولون ان الجسد يمضى إلى الفساد ولا يتئارك في الحياة، وهو الذي يتغذى بجسد الرب ودمه، اما أن يغيروا رأيهم أو يكفوا عن تقديم التقدمات التي ذكرتها، لكن رأينا هو غى توافق وهارمونية مع الافخارستيا، والافخارستيا تؤكد رأينا، ونحن نقدم له مما له معلنين شركتنا ووحدتنا، معترفين بقيامة الجسد والروح، لأنه كما أن الخبز الذي من الأرض، بعد ان ينال استدعاء الله Πιρασλαβόμενοσ Τήν'Επικλησιν Του Θεου لا يعود بعد خبزًا عاديًا بل يصير افخارستيا مكونة من عنصرين أرضى وسماوى، كذلك أيضًا أجسادنا، باشتراكها في الافخارستيا لا تعود للفساد Corrupible بعد أن نالت رجاء القيامة الابدية". (2) وكانت السمة الذبيحة للافخارستيا واضحة لايريناؤس، لأنه يرى فيها الذبيحة الجديدة التي تنبأ عنها ملكى صاداق: "بعد أن أوصى تلاميذه ان يقدموا لله أبكار خلائقه- ليس كما لو كان محتاج إليها، بل لكي لا يكونون هم أنفسهم بلا ثمر أو غير شاكرين- أخذ خبزًا، وهو جزء من الخليقة، وشكر قائلا "هذا هو جسدي" وأخذ الكأس وهي أيضا جزء من الخليقة التي نحن منها، وأعلن أنها دمه، وعلم القربان الجديد الذي للعهد الجديد، والكنيسة إذ استلمت هذا من الرسل، تقدمه لله في العالم كله، لذاك الذي يعطينا أبكار عطاياه في العهد الجديد من أجل حياتنا وغذائنا. وملاخى من بين الاثني عشر نبيا، تنبأ قائلًا: "ليست لى مسرة بكم قال رب الجنود، ولا أقبل تقدمة من يدكم، لأنه من مشرق الشمس إلى مغربها اسمى عظيم بين الأمم وفي كل مكان يقرب لاسمى بخور وتقدمة طاهرة لأن اسمى عظيم بين الأمم قال رب الجنود" {ملاخى 1: 10-11} فبهذه الكلمات شرح بوضوح ان الشعب السابق (اسرائيل اليهودى) سيكف عن تقديم القرابين والتقدمات لله، لكن في كل مكان ستقدم ذبيحة له، ذبيحة طاهرة وسيتمجد اسمه بين الأمم". (3) وقد شرح القديس ايريناؤس الفرق بين ذبائح العهد القديم وبين ذبائح كنيسة العهد الجديد فهو يقول: "نوع الذبيحة بصفة عامة قد ألغى وبطل لأنه كانت هناك تقدمات في ذلك الحين، وهنا أيضا تقدمات الآن، كانت هناك ذبائح وسط الشعب، والآن هنا ذبائح أيضًا في الكنيسة، لكن نوع الذبيحة فقط هو الذي تغير، لان الذبيحة الآن ليست ذبيحة عبيد بل ذبيحة احرار، كما ذكرنا أيضاً هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى....... كان اليهود يقدمون عشور خيراتهم وثمارهم له، لكن الذين نالوا الحرية تركوا كل ما لديهم وكل ما يملكون للرب، مقدمين بفرح وحرية ما هو أقل قيمة بالنسبة لهم، لأن لهم رجاء في الأمور الأعظم، مثل تلك الأرملة الفقيرة التي وضعت كل معيشتها في خزانة الرب {لوقا 21: 1-4}". (4) كما وأكد القديس على الحياة الباطنية لمقدم الذبيحة والحذر من النظاهر (المظهرية) وأهمية انجماع الفكر والطهارة الداخلية: "لانه منذ البداية نظر الله بسرور ورضى لتقدمة هابيل، لأنه قدمها بانجماع في الفكر وببر، ولم يرض بتقدمة قايين، لأن قلبه كان منقسم بالحسد والحقد على أخيه، كما قال الله عندما وبخ افكاره الخفية "ان احسنت أفلا رفع، وإن لم تحسن فعند الباب خطية رابطة واليك اشتياقها وأنت تسود عليها" {تك 4: 7} لان الله لم يقبل الذبيحة، لأنه إن حاول أحد أن يقدم ذبيحة بطهارة تقديما صحيحا قانونيا لمجرد المظهر الخارجى، بينما هو في داخله لا يتشارك مع جاره في هذه الاخوة، فهو يحفظ خطية في داخله، ولا يخدع الله بهذه الذبيحة التي هي صحيحة ظاهريا (وشكليا)، ومثل هذه التقدمة لن تفيده شيئا إلا إذا ترك ما هو مخبأ داخله". (5) |
||||
10 - 06 - 2014, 05:48 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس إيريناؤس أسقف ليون
الماريولوجي 4- الماريولوجى كان لفكرة ايريناؤس عن الانجماع الكلى اثرها على عقيدته في العذراء مريم، وبعد أن عقد يوستين الفيلسوف الشهيد أول مقارنة بين حواء والعذراء مريم، مثلما قارن بولس الرسول بين آدم والسيد المسيح آدم الثانى، طور ايريناؤس هذه المقارنة: "مريم العذراء وجدت مطيعة قائلة "هوذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك" لكن حواء لم تطع، وهي لم تطع عندما كانت لا تزال عذراء، بالرغم من أنه كان لها زوج أي آدم، إلا أنها كانت عذراء، وبعد أن عصت صارت سبب موت لنفسها وللجنس البشرى كله، كذلك مريم، فوهى مخطوبة لرجل ومع ذلك عذراء، صارت بطاعتها سبب خلاص لنفسها وللجنس البشرى كله". (1) فبحسب ايريناؤس، تدبير الفداء يوازى تماما مراحل السقوط، لان كل خطوة خاطئة اتخذها الإنسان بعد أن أغراه الشيطان، يقابله عمل في تدبير الله، لكي يكون انتصار الإنسان على إبليس كاملا، وقد أعطى الجنس البشرى رأسًا جديدًا عوضًا عن آدم الأول، ولكن لأن المرأة الأولى اشتركت في السقوط بسبب عدم طاعتها، لذا بدأت عملية الشفاء أيضًا بطاعة المرأة، ولأنها أعطت الحياة لآدم الجديد، صارت حواء الحقيقية، الأم الحقيقية لكل حي، وهكذا صارت العذراء مريم محامية ومدافعة عن العذراء حواء: "وإن كانت الأولى (حواء) قد عصت الله إلا أن الأخيرة (مريم) كانت مطيعة لله، حتى تصير العذراء مريم المحامية والمدافعة advocateعن العذراء حواء، وهكذا، كما أن الجنس البشرى سقط في رباط الموت عن طريق عذراء، كذلك أيضًا خلص وأنقذ عن طريق عذراء، فعدم الطاعة العذراوية قوبل بالطاعة العذراوية". (2) وطور ايريناؤس المقارنة بين حواء والعذراء مريم (حواء الثانية الجديدة) أكثر من ذلك، كما ذكرنا أيضاً هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.فرأى أن مريم الأم الجديدة للجنس البشرى كله، حتى أنه يدعوها "رحم البشرية The Womb of Mankind”, وهكذا يعلم بالأمومة المسكونية للعذراء مريم، ويتحدث عن ميلاد المسيح ويصفه: "الطاهر يفتح بطهارة الرحم الطاهر الذى يلد الناس لله". (3) وعن ميلاد المسيح من العذراء يقول: "الأبن نفسه المولود من مريم التى ظلت عذراء، إحتوى فى ميلاده آدم فى نفسه". وهو بذلك يؤكد على دوام بتولية العذراء مريم التي ظلت عذراء بعد ولادتها للمولود الإلهي. تكلم القديس ايريناؤس عن العذراء الدائمة البتولية كبرهان للإيمان بالسيد المسيح إذ قال: "الذين أعلنوا أنه عمانوئيل المولود من البتول (أش 7: 14) أعلنوا أيضًا إتحاد كلمة الله بصنعة يديه، إذ صار الكلمة جسدًا، وابن الله ابنًا للإنسان، وافتتح الطاهر بنقاوة الأحشاء النقية معطيًا البشرية تجديدًا في الله". (4) |
||||
10 - 06 - 2014, 05:48 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس إيريناؤس أسقف ليون
الكتاب المقدس يتضمن قانون العهد الجديد بالنسبة لايريناؤس: الأناجيل الأربعة، رسائل معلمنا بولس الرسول، أعمال الرسل، رسائل يوحنا وسفر الرؤيا، رسالة بطرس الأولى، وكتاب الراعي هرماس النبوي، ويُسمى ايريناؤس العهد الجديد "سفر Г ραϕή—Scripture" لأنه له نفس سمة الوحي مثل كتابات العهد القديم، وعن أصل الأناجيل الأربعة يقول أسقف ليون: "كتب متى إنجيله بين العبرانيين بلغتهم، بينما كان بطرس وبولس يبشران بالإنجيل فى روما ويؤسسان الكنيسة هناك. وبعد نياحتهما سلم لنا مرقس تلميذ ومترجم بطرس ما كرز به بطرس، ولوقا أيضًا، رفيق بولس، سجل الإنجيل كما كرز به في كتاب، وأخيرًا كتب يوحنا، تلميذ الرب والذي اتكأ أيضًا على صدره، بنفسه إنجيلًا عندما كان مقيمًا في أفسس في آسيا". (1) وأكد ايريناؤس أن هناك أربعة أناجيل فقط لا أقل ولا أكثر: "من المستحيل أن تكون الأناجيل أقل أو أكثر من ذلك العدد، لأنه طالما أن العالم ينقسم إلى أربعة مناطق، وتوجد أربعة رياح رئيسية، والكنيسة هي مبذورة في كل الأرض، والإنجيل هو عمود الكنيسة وأساسها وتنفس الحياة، فمن الطبيعي أن يكون هناك أربعة أعمدة من كل جانب يتنفسون ويطردون الفساد، وينيرون الإنسان إلى الحياة، لذا من الواضح ان الكلمة خالق كل الأشياء، الجالس على الشاروبيم، والذي يحفظ الكل معا، عندما استعلن للبشر، أعطانا إنجيله في أربعة اشكال محفوظة معا بروح واحد". (2) ويربط ايريناؤس بين عدد الأناجيل الأربعة وبين المخلوقات الأربعة الحاملة عرش الله: "الشاروبيم لهم أربعة وجوه، ووجوههم هي أيقونات لتدبير ابن الله، لأن "الحيوان الأول شبه أسد" (لأي القديس يوحنا) مما يدل على عمله (أي عمل المسيح) وأثره الحقيقي وقوته المرشدة وملوكيته، "والحيوان الثاني شبه عجل" (القديس لوقا) يدل على مكانته ككاهن ومقدم للذبيحة، و"الحيوان الثالث له وجه مثل إنسان" (القديس متى) يرسم بوضوح شديد حضوره (أي المسيح) كإنسان، و"الحيوان الرابع شبه نسر طائر" (القديس مرقس) يوضح عطية الروح المرفرفة والنازلة على الكنيسة". (3) وايريناؤس هنا يختلف عن التطور الذي حدث في الرمزية المسيحية فيما بعد، إذ أنه ينسب الأسد هنا إلى القديس يوحنا، والنسر إلى القديس مرقس، بينما صار الأسد فيما بعد رمزا للقديس مرقس والنسر للقديس يوحنا المحلق في سماء اللاهوتيات. وفى تحديد قانونية الأسفار، يؤكد ايريناؤس على ضرورة وأهمية السمة الرسولية (4) لهذه الأسفار، أي حقيقة أن الرسل أو خالفاءهم هم الذين كتبوها، وبالتالى يمكن الثقة في أنها تتضمن الشهادة الرسولية، وبينما كان الهراطقة يقدمون تفسيرات ومعان الكتاب المقدس مختلفة عن تلك التي اقرتها وحددتها الكنيسة، كان ايريناؤس (5) مقتنعا بأن الكتاب المقدس لو قرئ ودرس ككل، سيكون تعليمه واضحا بذاته لا يحتاج إلى تفسير، والهراطقة أخطأوا في تفسيرهم لأنهم- متناسيين وحدته الجوهرية- اعتمدوا فقط على بعض الصفحات وأعادوا ترتيبها لتتناسب مع أفكارهم الخاصة (6)، كما ذكرنا أيضاً هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.لكن الكتاب المقدس يجب أن يفسر في ضوء الاعلان الأصلى نفسه، لذا كانت الكنيسة وحدها هي التي تستطيع أن تفسره تفسيرا صحيحا، لأن فيها استمر التقليد الرسولى، الذي هو المدخل للكتاب المقدس، نقياً صحيحا (7)، وهكذا، للكنيسة الصوت القاطع الحاسم في تفسير الكتاب المقدس، لأن كتابات وأسفار العهد القديم والجديد هي مثل أشجار في حديقة الكنيسة التي تغذينا بثمارها: "يجب علينا إذن أن نتجنب عقائدهم (الهرطوقية) ونحذر لئلا نجرح منهم، ونهرب إلى الطنيسة ونتربى في حضنها ونتغذى بكتاب الرب، لأن الكنيسة غرست كفردوس في هذا العالم، لذا يقول روح الرب "من جميع شجر الجنة تأكل أكلا" أي كل (أنت) من كل كتاب الرب، لكن لا تأكل مع أي فكر أو عقل منتفع مغرور أو تقرب أي إنشقاق هرطوقى". (8) ويحدد القديس ايريناؤس طريقة التفسير الإنجيلى وشرح الاسفار وتقديم المنهج الايمانى، فيقول: "ان العقل الراجح الذي لا يعرض صاحبه للخطر، المكرس للتقوى ومحبة الحق، يتأمل بغشف في الاشياء التي جعلها الله في حدود قدرة البشر وفي متناول ادراكنا، ويمكنه ان يحرزتقدما فيها جاعلا معرفتها سهلة عليه بالمثابرة اليومية على دراستها، هذه الاشياء هي التي تضعها الاسفار المقدسة امام عيوننا بوضوح وتعرضها لنا بلا غموض في كلمات معبرة، فلا ينبغى اذن أن تفسر الامثال بتعبيرات غامضة، حتى لا يعرض الشارح نفسه للخطر، وتحظى الامثال بشرح واحد من الجميع، ويظل جسد الحقيقة سليما بواسطة تفسير متجانس لكل أعضائه وبلا أي تعارض، ولكنه أمر يتنافى مع العقل ان تستخدم تعبيرات غير واضحة في تفسير الامثال حسب هوى كل واحد وكما يتراءى له، لأنه لن يقتنى أحد بهذه الطريقة قاعدة الحق بل على قدر تعدد الشارحين ستتعدد صور الحق وتتعارض مع بعضها البعض وينتج عن ذلك خليط من عقائد متضاربة، كالمسائل التي تتردد بين فلاسفة الأمم". (9) وخلال كتابات القديس ايريناؤس نلمس استعماله الكثيف لأيات الكتاب والاقتباسات الكتابية مع تقييم شديد لنبوات العهد القديم وتأثره بفكر معلمنا بولس الرسول. إستخدم القديس ايريناؤس في تفسيره للكتاب الاسلوب التصوفى المجازى، على اعتبار أن الوحى مشحون بالاعلان الالهى خلال الرمز والمثال، كما يعتبر أن الافعال التي ورد ذكرها في الاسفار المقدسة، يلزم أن نبحث لها عن مغزى. أكد القديس ايريناؤس على صحة الايمان وبرهانه خلال الاسفار التي تقدم برهانا كاملا للعقيدة المسيحية "ايماننا راسخ غير مزيف، وهو الوحيد الحقيقى وله برهانه الساطع من الاسفار". |
||||
10 - 06 - 2014, 05:50 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس إيريناؤس أسقف ليون
الكنيسة | الاكلسيولوجي يرتبط الاكلسيولوجى عند ايريناؤس بمبدأ الانجماع الكلى recapitulation، فالله يجمع في المسيح، ليس فقط الماضى، بل وايضا المستقبل، لذلك جعله رأسا للكنيسة كلها كى يستمر عمله في التجديد من خلالها حتى نهاية العالم: "لذلك هناك إله آب واحد، ويسوع المسيح ربنا الواحد، الذي يأتى بتدبير مسكونى ويجمع كل الاشياء في نفسه، لكن في "كل الاشياء" الإنسان متضمن أيضاً، إذ انه خليقة الله، لذلك فهو (المسيح) يجمع الإنسان فيه، الغير منظور يصير منظورا، غير المدرك يصير مدركا، والمستحيل يصير ممكنا، واللوغوس انسان مجمعا ومعيدا كل الأشياء فيه، وهكذا، كما أنه الأول في الأمور المنظورة المحسوسة، وجعل نفسه رأسا للكنيسة وسيجمع كل الأمور فيه في الوقت المعين". (11) ويري ايريناؤس أن الكنيسة حفظت التقليد المسلم من الرسل حيًا بلا تغيير وتسلمه لاطفالها، وهذا التقليد هو نبع ومعيار الايمان، هو قانون الإيمانThe Canon of Faith، ويبدو أن قانون الإيمان هذا بالنسبة لايريناؤس هو القانون الذي يتلى عند المعمودية لأنه يقول أننا نستلمه في المعمودية. (2) ورأى أن التقليد المقدس تقليد حي مستقل نوعا ما عن الوثائق المكتوبة، وأشار (3) إلى القبائل البربرية التي "تسلمت الإيمان بدون رسائل" وبخلاف تقليد الغنوصيين السري المزعوم، كان التقليد علنيا لأن الرسل سلموه لخلفائهم وهؤلاء بدورهم لخلفائهم وهو مرئي وواضح في الكنيسة لكل من يريد أن يراه: "أن تقليد الرسل الذي صار واضحا في العالم كله، يمكن لهؤلاء الذين يريدون أن يعرفوا الحق أن يروه في كل كنيسة، ويمكننا أن نعدد هؤلاء الذين أقامهم الرسل أساقفة في الكنيسة، ونعدد خلفائهم حتى وقتنا هذا، وسنجد أن أيًا منهم لم يعلم ولم يفكر مثل هذه الأفكار المجنونة، وحتى لو كان الرسل قد احتفظوا بمعرفة الإسرار في الخفاء وعلموها للكاملين سرا بعيدا عن الآخرين، لكانوا سلموها خاصة لهؤلاء الذين استأمنوهم على الكنائس ذاتها، لأنهم أرادوا بالتأكيد أن يكون هؤلاء الذين سيخلفونهم والذين سيستلمون مركزهم التعليمي، كاملين بلا لوم، إذ أن سلوكهم الصحيح منفعة عظيمة، أما فشلهم فهو كارثة كبيرة". (4) وأوضح ايريناؤس نقطتين هامتين: 1) التسلسل الأسقفي الغير منقطع الذي يعود للرسل هو الذي يحفظ ويحرس تطابق وتماثل التقليد الشفاهي مع الاستعلان الأصلي بلا تغيير. (5) 2) الروح القدس هو أيضا حارس لهذا التماثل لأن الرسالة سلمت في الكنيسة، والكنيسة هي بيت الروح (6)، وأساقفة الكنيسة هم رجال مملؤون من الروح القدس وقد أعطوا "نعمة الحق التي لا تخطئ". (7) وقدم أبو التقليد الكنسي وصفا لإيمان الكنيسة يتبع فيه تماما قانون إيمان الرسل: "رغم ان الكنيسة منتشرة في العالم كله حتى أقاصيه، إلا أنها تسلمت من الرسل ومن تلاميذهم الايمان بالله الواحد،الآب ضابط الكل خالق السماء والأرض البحار وكل ما فيها، بيسوع المسيح الواحد ابن الله الذي تجسد من أجل خلاصنا وبالروح القدس الذي أعلن بالأنبياء عن التدبير، وعن المجئ (أى التجسد)، وعن الميلاد البتولى، وعن الآلام والقيامة من الأموات، وصعود ربنا يسوع المسيح الحبيب إلى السموات جسديا، ومجيئه من السموات في مجد أبيه وظهوره الأتى من السموات ليجمع كل الاشياء فيه وليقيم جسد البشرية كلها إلى الحياة، لكى تنحنى كل ركبة في السماء وعلى الأرض وتحت الارض للمسيح يسوع ربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا، بحسب ارادة الآب غير المنظور، وحتى يعترف له كل لسان، ويحكم هو حكما عادلا على الجميع ويطرد ارواح الشر والملائكة الذين سقطوا في التعدى وصاروا مرتدين، وكذلك الذي بلا اله، والشرير، والذي بلا ناموس، والمجدف، في النار الابدية، لكى في مجبته وعطفه سيهب الحياة وجعالة عدم الفساد والمجد الأبدي لهؤلاء الذين حفظوا وصاياه وثبتوا في محبته سواء منذ بداية حياتهم أو منذ توبتهم. هذا التعليم وهذا الايمان تحفظه الكنيسة بعناية وحرص بالرغم من انتشارها في العالم كله، كما لو كانت تسكن في بيت واحد، وتؤمن كما لو كان لها عقل واحد وتعلم كما لو كان لها فم واحد، ورغم أن هناك لغات كثيرة في العالم، الا أن معنى التقليد هو هو واحد، لأن نفس الايمان تتمسك به وتسلمه الكنائس التي في ألمانيا وأسبانيا والتي بين قبائل الـ Celts، والتي في الشرق، في مصر، في ليبيا والتي في مركز الارض، اذا كما ان الشمس، خليقة الله، هي واحدة في العالم كله، كذلك أيضًا كل نور تعليم الحق، يسطع على كل هؤلاء الذين يرغبون في معرفة الحق". (8) لذا لا يمكن الاعتماد الا على الكنائس المؤسسة على الرسل، من اجل التعليم الايمانى الصحيح ومن اجل الحق، لأن التسلسل والتتابع الاسقفى الغير منقطع في هذه الكنائس يحرس ويحفظ حقيقة وصدق عقيدتها، ففى الكنيسة: "استودع الرسل وديعتهم كما يصنع الاغنياء، إذ سلموها كل ما يتعلق بالحق حتى ان كل من يريد يستطيع أن يأخذ منها ماء الحياة، فالكنيسة هي باب الحياة، والآخرون هم سراق ولصوص، لذا يجب علينا ان نتجنبهم ونحب بغيرة عظيمة كل شيء في الكنيسة وبذا نتمسك بتقليد الحق" . (9) Tradition of the Truth وأكد القديس على أننا ننال حياة داخل الكنيسة، لأن فيها يوجد روح الله وكل نعمة: "لقد اؤتمن الكنيسة على عطية الله، تماما مثل النفس في خليقة الله، حتى ان كل الأعضاء الذين يستلمون هذه العطية ينالون حياة، وفيها نجد شركة مع المسيح، أي الروح القدس عربون الابدية، ثبات ايماننا، سلم الصعود إلى الله اناسا في الكنيسة اولا رسلا، ثانيا أنبياء، ثالثا معلمين" {1 و12: 28}..... وهؤلاء الذين لا يأتون إلى الكنيسة لا يتشاركون في النعمة بل يحرمون أنفسهم من الحياة بعقائدهم وأعمالهم الشريرة، لأنه حيثما توجد الكنيسة يوجد روح الله وحيثما يوجد روح الله توجد الكنيسة وكل نعمة. ولأن الروح هو الحق، لذلك هؤلاء الذين لا يتشاركون في الروح لا يتغذون على صدر الأم الكنيسة إلى الحياة، ولا ينالون غذاء من نبع صافى ينبع من جسد المسيح بل يحفرون لأنفسم "أبارا مشققة" {ار 2: 13}". (10) لأن فداء الفرد تحققه الكنيسة وأسرارها باسم وفي اسم المسيح، فالسر هو للطبيعة، مثل ما يكون ادم الجديد للعتيق، فالمخلوق ينال كماله في الاسرار، لأن السر هو ذروة انجماع الخليقة في المسيح. وحث إيريناؤس شعبه على التمسك بالتسلسل الرسولى والهيرارخية في كنيسة الله، والتعلم من هؤلاء الذين اقامهم الروح في الكنيسة: "يجب ان نستمع ونصغى لهؤلاء الشيوخ في الكنيسة، الذين لهم التسلسل من الرسل، مع تتابع الاسقفية، واستلموا نعمة الحق الخاصة، أما الباقون، هؤلاء الذين يبتعدون عن التتابع الاصلى ويجتمعون بعيدا، فيجب أن نشك فيهم اما انهم هراطقة أو ان لهم افكارا خاصة، أو انهم منشقون متكبرون ومكتفون بذرواتهم، أو انهم منافقون يعملون من أجل المال أو من اجل الشهرة، وهؤلاء جميعهم ضالون عن الحق. يجب أن تبتعدوا عن كل من هم مثل هؤلاء، وتظلوا قريبين من هؤلاء الذين تمسكوا بالتتابع الرسولى في طقس الكهنة، الذين لهم تعليم صحيح وسلوك بلا عيب كمثال وقدوة صالحة لتقويم الآخرين". (11) |
||||
|