|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تنقلاته لأجل حياة الوحدة ازدادت على القديس مسئوليه الرهبان، وتكاثر عدد الزوار باطراد، فلم يعد ينعم بالوقت الكافى لصلواته وتأملاته، ففكر أن يهرب إلى برية أخرى بعيداً عن المشغوليات، مفضلاً الهدوء، فلما علم بعض أولاده بما نوى عليه ارادوا أم يثنوه عن عزمه بتوسل، ولكن القديس لم يقبل وقال لهم: (إننى رجعت إلى العالم ثانية، وها قد نلت أجرى في حياتي بسبب تكريم الناس لى فهم يظنون اننى ذو نفع لهم). وسرعان ما توافدت الجموع حتى بلغت حوالى عشر ألاف شخص ليثنوه عن عزمه، طالبين ببكاء ألا يفارقهم، أما هو فقد صمم على الرحيل، وصام سبعة أيام متتالية لا يأكل ولا يشرب وإذ رأوا شدة تصميمه وخشوا على حياته، أخلوا سبيله ورافقوه حتى انطلق إلى برية بعيدة. ثم توجه إلى دير القديس أنطونيوس الكبير، وكان ذلك بعد نياحته بحوالى سنة واحدة،ومن هناك رحل إلى منطقة أفروديتة بالقرب من الشاطئ الشرقى للنيل، ومكث هناك بعض الوقت يمارس جهاده النسكي بنشاط عظيم، وقيل أنه مكث هناك مدة. ولكن إذ خبر وصوله ينتشر، وأعمال الله تظهر فيه وبه، وأصبح مكرماً عند الشعب، فر هارباً إلى الإسكندرية، وهناك ثار عليه الأمبراطور يوليانوس الجاحد بسبب إيمان جموع كثيرة من الوثنيين، فمضى القديس من هناك وسكن في الواحات الداخلية مدة حوالى سنة ولكنه إذ صار هناك أيضاً مكرماً عزم على أن ينفرد في إحدى الجزر، وسافر مع تلميذ له بدعى زانانوس نحو سنة 363 م. إلى جزيرة صقلية، حيث اختلى بها بعض الوقت في برية مقفرة، ولما انتشر صيته، سافر من هناك إلى دلماسيا ولكنه ما لبث أن هرب مرة أخرى إلى جزيرة قبرص مع تلميذه هيزيكيوس. فاح عبير قداسته في كل البقاع، عندما شفى الأوجاع النفسية والعلل الروحية والأمراض الجسدية، واقبل عليه الأساقفة والكهنة راغبين في نوال بركته وارشاداته. فأفاض الله عليه غنى نعمته وقوة وملاه بتعزياته وأيده ببرهان الروح والقوة، فبارك المترددين باسم ربنا ومخلصنا وملكنا يسوع المسيح، ممارساً النسك والعبادة إلى النفس الأخير وإلى يوم نياحته. |
|