قصة الحب الاصلية

[sama smsma]

قصة الحب الاصلية


القس ابراهيم سمعان



لوقا 2: 1 – 14

كان كارل بارت من ابرز لاهوتيي القرن ال 20 (10/5/1886 – 1/12/1968) وكان ينتمي الى كنيسة الاصلاح السويسرية وقد اشتهر بلقبين احدهما اللاهوت الارثوذكسي الحديث والثاني أخصائي بلاهوت الكلمة وله ابحاث لاهوتية يصعب حصرها .. وقد دعي ذات مرة لالقاء سلسلة محاضرات في جامعة شيكاغو وفي نهاية محاضرته الاخيرة اعلن مدير كلية اللاهوت المضيف ان بارت كان متوعِّكا ولن يقوى على البقاء للاجابه على كل اسئلتكم وانا اوجه له سؤالا واحدا نيابة عنكم , قال: من كل المعتقدات اللاهوتية البارزة التي اختبرتها في حياتك ما هي اهم عقيدة من وجهة نظرك؟ فبينما اطرق اللاهوتي براسه هنيهة استعد الطلاب باقلامهم لكتابة الجواب الذي سيصدر عن علامة كتب آلاف الصفحات في الابحاث اللاهوتية المعقدة ..
قال: العقيدة اللاهوتية الابرز التي اعرفها هي هذه :
Jesus loves me, this I know : for the Bible tells me so**
وكما يعلم كثيرون منكم ان هذه واحدة من ترانيم مدرسة الاحد للصغار واضاف المحاضر الضيف : ان بشارة ربنا يسوع المسيح هي اعظم قصة حب عرفتها الانسانية!
اتمنى من صميم قلبي لو ان كل الناس يقرأون الانجيل المقدس من هذا المنطلق وبهذا المفهوم ولكنني اعرف ان اناسا كثيرين يقرأون الانجيل وكأني بهم يقرأون جريدة قديمة وحين يصلون الى الآيات الرائعة لا يرون فيها سوى الاوامر والنواهي..

الميلاد ياتي ليذكرنا ولو مرة في السنة ان مولد المسيح هو مطلع قصة حب عظيم بين الله والانسان الذي هو خلقه وليفهمنا ان الله ليس مسجل حسابات يمسك بالقلم ليسجل علينا كل كل هفوة ويكتب العقاب , ولا ينظر الى فقرنا او غنانا ولا الى لوننا ولا الى شهاداتنا او مركزنا فالله لا يميز بين غني وفقير ولا بين عامي وأمير ولذا اتى لزيارته المجوس الملوك مسبوقين بالرعاة البسطاء ولم يولد في احد الفنادق الضخمة او في احد القصور الملكية , انما ولد في اصطبل مأوى للماشية فراشه القش ودفؤه حضن مريم المباركة ..اذن فالميلاد هو مقدمة لاروع قصة حب كلاسيكية تشمل كل العناصر اللازمة لهذا فانها تبدأ بافتتان شاب وفتاة يلتقيان فيخطب الشاب الفتاة ويمضيان في اروع مغامرة عرفها التاريخ ليصبحا الحاضِنان للكلمة الذي صار جسدا وحل بيننا ... وقد يتساءل المتزوجون منكم : ماذا كان يمكن ان يكون حالي لو لم التقي برفيق عمري وشريك دربي ... ماذا كان يمكن ان يكون حالي لو ولدت لوالدين غيبر والدي ؟ هل كنت سالقى هذا الحب وهذه الرعاية .. او الى اين كنت ساصل لو اخترت مهنة اخرى او لولم اتابع دراستي...الخ انه نوع من الرياضة الروحية/ الفكرية ان نسال انفسنا احيانا: ماذا لو...؟ من كان يمكن ان يكون الاشخاص الذين التقيهم في مفترق دروب حياتي؟؟ نعم .. الميلاد هو مفترق الطرق الذي يلتقي عليه مسيح الله مع الانسانية المعذبة التي طال انتظارها لقدومه فالانجيل هو بشارة اللقاء الاول مع الله الذي اراد منذ الخلق ان تكون بيننا وبينه شركة مقدسة وعلاقة محبة متبادله .. واقول هذا : لولا ولادة المسيح ما كنا لنعرف مدى عمق وعلو وطول وعرض وحجم محبة الله لنا ..
كان يوسف وخيبته مريم متغرِّبان عن بلدتهما لسبب مرسوم امبراطوري وهنا ياتي المخاض لصبية فلاحة لتلد ابنها البكر في اقسى الظروف .. في اصطبل للبهائم بلا تهوية ولا فراش ورائحة روث البهائم تزكم الانوف .. في مثل هذا الواقع ولد ملك الملوك الذي ظهر نجمه في المشرق فاتى ملوك من الشرق بينما ملك اورشليم سعى لقتله والتخلص منه .. اما مريم ويوسف فقد اكتفيا بسماع اناشيد الملائكة : المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة .. اكتفيا باستقبال رعاة بيت لحم ومجوس المشرق فنظرا الى النور المنبثق من وجه ذلك المولود السماوي وصمما ان يحمياه بكل ما اوتيا من قوة حتى ولو كان الامر ينطوي على تشردهم في ارض مصر الى ما بعد موت الملك هيرودس , طالب نفس الصبي ..

مولد هذا الطفل كان بمثابة رسالة حب غامر من خالق السماء والارض وبه سوف يتصالح الانسان بالله وبه سوف يلتقي الملايين من البشر منذئذ الى اليوم مع خالقهم بعلاقة متجددة
وبيت لحم هذه , الصغرى بين مدن يهوذا تصبح ملتقى الارض بالسماء فيا له من لقاء

بعد كل حرب اعتادت الشعوب ان تنشد السلام ويقولون كما قال انور السادات : نو مور وور
والنتيجة تبقى : مكانك عد وذلك لان الناس لم بفقهوا معنى نشيد الملائكة
المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة
اي اولا علينا ان نعطي المجد لله بنسق حياتنا
ثانيا ، عندها يحل السلام
ثالثا تسود المسرة بين الناس
لنردد كلمات نشيد الملائكة معا :
المجد لله في الاعالي .....
ميلادا مجيدا وعاما جديدا سعيدا

القس ابراهيم سمعان , الناصرة