المسيح لم يأتي ليهلك بل ليخلص
الأب جان حنّا
الإخوة والأخوات المحبوبون من الله الآب والربّ يسوع المسيح والروح القدس، بتنا نسمع من البعض في هذه الأيام، أن الربّ يسوع المسيح سيأتي في نهاية الأزمنة ليقتل الخطأة بحدّ السيف، ويدمرهم، ويشردهم، ويلاحقهم ويقضي عليهم، ويصب جمَّ غضبه عليهم، من جراء خطاياهم. وفي هذا خطأ كبير وإساءة كبيرة للرب يسوع المسيح والله نفسه والروح القدس.
يقول لنا القديس يوحنّا الإنجيلي في رسالته الأولى (الله محبّة، فمن أقام في المحبّة، أقام في الله، وأقام الله فيه). (1يو4: 16).
ويقول لنا الرب يسوع المسيح في الإنجيل المقدس: (إذهبوا إذاً، وتعلموا ما معنى هذا القول: أريد رحمة لا ذبيحة، فإني لم آت لأدعو الصديقين بل الخطأة) (مت9: 13)، وأيضاً: (لو كنتم قد فهمتم ما معنى هذا القول: إني أريد رحمة لا ذبيحة، لما حكمتم على أبرياء) (مت12: 7)، وأيضاً
أنتم تدينون بحسب الجسد وأنا لا أدين أحد) (يو8: 15)، وأيضاً: (إن كان أحد يسمع أقوالي ولا يحفظها، فلست أنا أدينه، لأني لم آت لأدين العالم، بل لأخلص العالم) (يو12: 47). وقال للذين كانوا يريدون أن يدينوا المرأة الزانية: "من كان منكم بلا خطيئة، فليكن أول من يرجمها بحجر" (يو8: 7).
وهنا أود أن أطرح عليكم هذا السؤال: هل يمكن لمثل هذا الإله الذي أتى ليخلص العالم، وليمنحه الحياة، وليشاركه المحبّة، أن يقتل ويدمر ويشرّد؟ إلهنا أيها الإخوة والأخوات، إله رحوم، ومحب للصديقين، وراحم للخطأة. إلهنا إله المحبّة والسلام، أتى ليعطينا السلام (السلام أستودعكم، وسلامي أعطيكم؛ لا أعطي أنا كما يعطي العالم. فلا تضطرب قلوبكم ولا ترتعد) (يو14: 27)، أتى ليزرع فينا الأمن والأمان، أتى ليرحمنا ويخلصنا.
أحبتي، لا أريد أن أدين أحد، ولكن ما أوده هو أن أضع بين أيديكم هذه الآيات الإنجيلية التي تشير إلى عظمة إلهنا، وعظمة محبته ورحمته، وأترك لكم أنتم التمييز وحرية التفكير والاختيار والإتباع، هل تتبعون كلام من يقول أن الرب آت ليقتل الخطأة بحد السيف، ويدمرهم ويشردهم ويبددهم؟ أم تتبعون كلام الإنجيل المقدس، الذي يؤكد لنا على أن الرب يسوع المسيح أتى ليخلص العالم، أتى ليعطينا الحياة، ولتكن لنا الحياة بوفرة؟
الأب جان حنّا
رئيس دير القديس توما البطريركي