الشخصية العاطفية
هذا النمط من الشخصيات تنجذب عاطفيًا في أي اتجاه وتسمع لصوت الغريب ولا تخضع لصوت الضمير أو لمنطق الأشياء فتبتعد عن التعقل والحكمة وتسلك في تفاهاتها ممزقة أوصال الوجود الإنساني ذاته.
تلك النفوس لا تظهر إيمانها ورجاءها بالله بازدرائها ونفورها من تصورات الشر والانقياد العاطفي الخادع، بل على العكس تتلذذ بها وقت أن تتعرف عليها وتنجرف فيها، وعندئذ تُترك بلا معونة لعدم أمانتها واتكالها على ذراعها، فتواجه من كل ناحية مصادمات التورط العاطفي التي تتوارد عليها، بعد أن سعت إليها ولم تُظهر أي حذر نحوها منذ بدء ظهورها "ثعالب صغيرة مفسدة الكروم" (نش2: 15).
تتعرض الشخصيات العاطفية إلى سهام الشيطان وهجوم الشهوات وأوجاعها مما يسبب اضطرابها، منقادة بعواطفها إلى الموت مثل المجنون أو السكران، عندما تُغذي الدوافع الجنسية الأفكار والعادات لتتحرك الخطية الكامنة.
فعندما تُحرم النفس من خلاصها نتيجة شهوتها -وراء كل إلحاد شهوة- تبدأ في الغرق إلى أسفل، متورطة ومقيدة بطوق من حديد، مختارة لنفسها أن تفعل وتقول كل ما يضاد خلاصها، فكما أن المجانين عندما يفقدون سلامة عقلهم لا يعودون يخافون أو يخجلون من شيء، بل بدون خوف يتجاسرون على صنع كل شيء ولو أدى إلى سقوطهم في النار أو في هوة عميقة، هكذا النفوس المتورطة في علاقات عاطفية سلبية تندفع نحو الرذيلة حتى يأتيها الموت كحد فاصل لجنونها وانسياقها في تيار يصنع لها عارًا وأضرارًا لا حد لها.
لقد صارت نفوس عديدة عدوة لنفسها، أحرقتها نيران شهواتها وسموم عاطفتها الشريرة، فارتكبت أعمالًا إجرامية نابعة من عدم الإيمان متحججة بأعذار لا تنفع، فكان النار والكبريت نصيب كأسها.