الشعب والكهنوت
سر حيوية الكنيسة القبطية إلى يومنا هذا يرجع أساسا إلى فهم العلاقة بين الكاهن والشعب، فالكهنوت في فهم كل قبطي، حتى الطفل الصغير، أبوة روحية. فالكاهن ليس موظفا في مؤسسة يمارس واجبا معينا، لكنه أب حقيقي أبوته لا يحطمها حتى الموت. لذا لا يعرف سنا للتقاعد. خلال هذه الأبوة يتذوق المؤمن أبوة الله الفريدة، وأمومة الكنيسة، فيرتبط بالله وكنيسته لا علي مستوي الخوف أو القهر وإنما علي مستوي الحب البنوي.
خلال الأبوة يشعر الكاهن أن كل المؤمنين هم عائلته الخاصة، يشاركهم كل مناسباتهم، نذكر علي سبيل المثال: متى رزق مؤمن بطفل يقدم الكاهن مع الشمامسة وأهل البيت صلوات شكر وتسبيح لله (صلاة حميم الطفل)؛ بعدها يقوم الكاهن بتعميد الطفل في جو مفرح عجيب؛ إذا مرض مؤمن أقيمت ليتورجية مسحة المرضى، وإن دخل إنسان في ضيق رفعت القرابين عنه في القداس الإلهي (سر الأفخارستيا)، في حالة الوفاة تقيم الكنيسة كلها صلاة جناز، وتشارك الأسرة في اليوم الثالث وفي الأربعين الخ..
خلال هذا المفهوم الكنسي يمكننا توضيح النقاط التالية:
1- الكهنوت -في نظر الكنيسة القبطية- أبوة وحب وخدمة وليس سلطة (2). الكاهن الروحي لا ينهمك في إداريات الكنيسة، بل بالحري يبذل حياته من أجل أبنائه في الرب، بهذا لا يصطدم مع مجالس كنسية بل يعيش معهم أبا لهم، يكرمونه ويطلبون مشورته.
2- الكاهن في صدق محبته لشعبه يشعر أنه واحد منهم يحتاج إلى صلواتهم كما يصلي عنهم، وينتفع بخبرات حتى الأطفال الصغار، فيعيش متفاعلا معهم في غير تعال أو كبرياء.
3- تركز كنيسة الإسكندرية علي حق كل الشعب في اختيار الكاهن.
4- القوانين الكنسية في تأديب الكاهن أكثر صرامة وحزما من تلك الخاصة بالشعب، بسبب خطورة دوره كقائد روحي.
5- لكي يحفظ الكاهن أبوته للشعب في نقاوة بلا شائبة يلزمه ألا يرتبك بعمل سياسي؛ بهذا يمارس أبوته بالنسبة للجميع، ويبقي يحمل فكرا روحيًا خالصًا.