الكنيسة وخدمة الملائكة
يتحدث القديس بولس الرسول عن الملائكة كخدام للعتيدين أن يرثوا الخلاص (عب 1: 14).. هذا لا يعني أنهم أقل من المؤمنين رتبة أو مجدا، وإنما يعني حبهم للبشر الذي يجعلهم خداما لخلاصهم.. أية خدمة يقدمها السمائيون؟
1- الشعور بمعية الملائكة يطفئ علي الكنيسة المتألمة نوعا من الفرح السماوي، إذ يسحب قلبها نحو المجد الأبدي وشركة السمائيين.. لهذا يقول العلامة أوريجانوس: [لا تضطرب بسبب قفر البرية، ففي رحلتك بالخيام تتقبل المن من السماء وتأكل خبز الملائكة] (3).
2- تحدث الشماس اسطفانوس (أع 7: 53) والرسول بولس (غلا 3: 19؛ عب 2: 2-3) عن الدور الايجابي للملائكة في استلام الناموس، ويري العلامة أوريجين أن الملائكة كأصدقاء للعريس يهيئون الكنيسة -شعب الله- في فترة خطبتها حتى تلتقي بالعريس شخصيا، إذ يقول: [إذ كنت أعد نفسي للزواج بابن الملك، بكر كل خليقة، رافقتني الملائكة وخدمتني وقدمت لي الناموس كهدية عرس] (4). [هؤلاء هم الملائكة حراس الأطفال الذين يرون وجه الآب في السماء] (5).
اعتمادًا علي ما ورد في دانيال (10؛ 13ـ 21) يقول القديس إكليمندس الإسكندري: [وزعت قوات الملائكة الحاكمة علي الأمم والمدن] (6)،
3- مجيء العريس -ربنا يسوع المسيح- لم يوقف عمل الملائكة ولا أنهي محبتهم العاملة لحساب ملكوته فينا.. إذ كشف العهد الجديد عن ظهورا ت الملائكة في حياة السيد المسيح علي الأرض منذ لحظة البشارة حتى صعوده، وسيأتي أيضا مع ملائكته. ما أجمل عبارات العلامة أوريجانوس: [عندما رأت الملائكة ملك الطغمات السمائية يسير في أماكن الأرض، دخلوا الطريق الذي افتتحه، وتبعوا ربهم، وأطاعوا إرادته، ذاك الذي وزع المؤمنين به عليهم لحراستهم. الملائكة في خدمة خلاصك.. إنهم يقولون فيما بينهم: "إن كان قد أخذ (المسيح) جسدًا قابلًا للموت، فكيف نقف نحن مكتوفي الأيدي؟ تعالوا أيها الملائكة، لننزل جميعنا من السماء". هذا هو السبب الذي لأجله جموع الطغمات السمائية كانت تمجد الله وتسبحه عند ميلاد المسيح. لقد امتلأ كل موضع بالملائكة] (7).
يري القديس أثناسيوس أن الملائكة التي نزلت من السماء تبشر بمجيء السيد المسيح أيضا انطلقت إلي السماء عند صعوده تبشر السمائيين ليفتحوا أبوابهم لملك المجد (8).
4- يوضح العلامة أوريجانوس شركة السمائيين مع الكنيسة، قائلًا: [إن كان ملاك الرب يعسكر حول خائفيه وينجيهم (مز 33: 8)، فيبدو أنه متى اجتمع عدد من الناس لمجد المسيح يكون لكل منهم ملاكه يعسكر حوله إذ هم خائفوا الرب. كل ملاك يرافق إنسانا يحرسه ويرشده، وبهذا متى اجتمع القديسون معا تقوم كنيستان كنيسة من البشر، وأخري من الملائكة] (9).
يري القديس إكليمندس الإسكندري أن للملائكة دور إيجابي في مساندة الكهنة لخدمة أولاد الله (10)، ويتحدث العلامة أوريجانوس عن دورهم في خدمة الأسرار الكنسية وتوبة النفوس (11) ومعاونة المؤمنين على الصلاة.
يحدثنا القديس إكليمندس عن مساندة النفس علي نموها الروحي (12) كما يحدثنا أوريجانوس عن حزن ملاك النفس عند سقوط الإنسان في الخطية (13)،
5- يربط العلامة أوريجانوس الملائكة انطلاقنا إلى الفردوس، خاصة بالنسبة للشهداء. يفسر كلمات الرسول بولس إذا صرنا منظرا للناس والملائكة (1 كو 4: 9) قائلًا بأن الملائكة تتطلع إلي الشهداء بإعجاب، وتفرح في السماء معنا (14).