|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
" الحقَّ الحقَّ أقول لكم: أنَّ الذي لا يدخل من الباب إلى حظيرة الخراف، بل يطلع من موضع آخر، فذاك سارق ولص، وأمَّا الذي يدخل من الباب، فهو راعي الخراف، لهذا يفتح البواب، والخراف تسمع صوته، فيدعو خرافه الخاصة بأسماء ويُخرجها، ومتى أخرج خرافه الخاصة، يذهب أمامها والخراف تتبعه، لأنَّها تعرف صوته، وأمَّا الغريب فلا تتبعهُ، بل تهرب منهُ، لأنَّها لا تعرف صوت الغرباء، هذا المثل قالهُ لهم يسوع، وأمَّا هم فلم يفهموا ما هو الذي كان يكلمهم به... السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويُهلك، وأمَّا أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة، وليكون لهم أفضل " (يوحنا 10 : 1 – 10). دروس وعِبَر كثيرة في هذا المقطع الكتابي الثمين، وسنتأمل فيها كلّها.. لكن ما لفتَ ٱنتباهي في البداية، هوَ الآية التي تقول: وأمَّا هُم فلم يفهموا ما هوَ الذي يُكلّمهم به الرب.. ولأنَّ الكلمة تقول: " قد هلك شعبي من عدم المعرفة " (هوشع 4 : 6). جاءَنا الرب بهذه الرسالة في هذا اليوم لكي يُعلِّمنا ويجعلنا فاهمين، لكي يحمينا من السارق إبليس، وفي الوقت نفسه لكي يجعلنا عارفين حقوقنا وموقعنا في المسيح، فنغدو منتصرين ومثمرين في كل ما نقوم بهِ. مثل عامي شائع يُردِّده أغلب الناس في القرى والبلدات وهوَ يقول: " الرزق السايب يُعلِّم الناس الحرام ". وببساطة مُطلقة، فإنَّ معنى هذا المثل هوَ: كل حقوقك.. كل ما تمتلك.. إن لم تُسيِّج حولها وتهتم بها وتحرسها.. أو بمعنى آخر تجعلها سائبة.. ستكون لقمة سائغة في فم الآخرين.. وستكون محط أنظار السارقين لكي يستولوا عليها.. وفي مجال تأملنا الروحي هذا.. كل حقوقك في المسيح وكل ميراثك الذي منحهُ لكَ الرب في المسيح.. سلامك.. فرحك.. صحتك.. عائلتك.. نجاحك.. خدمتك.. عملك.. نصرتك.. سلطانك... إلخ. إن لم تحمِها وتُسيِّج حولها بل جعلتها سائبة.. ستُعلِّم الأرواح الشريرة الحرام أو سرقتها.. لا سيَّما أنَّ الرب قالَ لنا أن إبليس سارق جاءَ لكي يسرق ويذبح ويُهلك !!! لا بل عملهُ مزدوج.. وهوَ أدهى ممَّا تفتكر.. فهوَ في البداية يحاول أن يسرق كل تلكَ الأمور التي ذكرناها قبلَ وصولها إليك.. وإن وصلت إليك سيُعاود المحاولة ثانيةً لكي يسرقها منك.. فلنكن حذرين !!! أحبائي: لقد أنجز الرب العمل الذي جاءَ من أجله إلى أرضنا بالتمام، وهوَ الذي قال على الصليب: " قد أُكمل ". لقد تمَّم كل شيء.. وعندما صعدَ إلى السماء، أرسلَ لنا الروح القدس، لكي: - يُذكرنا بما قام به الرب من أجلنا، وبالكلام الذي قالهُ لنا. - يُفهمنا بطريقة مبسطة وعملية وٱختبارية ما قام به الرب من أجلنا. - يُعطينا القوة ويُساعدنا لكي نحصل على ما قام به الرب من أجلنا ونحافظ عليه.. أغلبنا اليوم لا يعيش الحياة الفيَّاضة التي أعدَّها لنا الرب، ودفعَ ثمنها دمه الغالي.. لأنَّ إبليس سرق ويسرق كل هذه الامتيازات والبركات منَّا، ونحن إمَّا لا نعلم.. وإمَّا تركنا ما لنا سائبًا، لم نحمِهِ ونُسيِّج حوله.. وإمَّا لا نمارس سلطاننا لكي نغتصب من إبليس ما يُمسكهُ عنَّا.. أحبائي: أُريد أن يعلم الجميع في هذا الصباح أنَّ الرب لا يُمسك شيئًا من الخير عنَّا، ولا يحرمنا من أي شيء قطعًا، بل من يفعل ذلك هو السارق إبليس.. فليس المهم ما يدور في ذهنك من أفكار في هذا المجال، بل المهم ما تقوله كلمة الله: " الذي لم يُشفق على ٱبنه، بل بذلهُ لأجلنا أجمعين، كيف لا يهبنا أيضًا معه كل شيء " (رومية 8 : 32). وكأنَّ الرب يقول لنا اليوم: " يا أولادي.. ٱصحوا..ٱصحوا.. ٱصحوا.. أغلى ما عندي.. ٱبني الرب يسوع المسيح، لم أُشفق عليه.. لم أُمسكهُ عنكم.. فهل أُمسك أمور تافهة إذا ما قورنت بٱبني عنكم.. هل أُمسك عنكم الفرح والسلام والراحة والطمأنينة والبحبوحة والنجاح والنصرة... قطعًا لم ولن أفعل.. بل لقد وهبتكم كل.. كل.. كل.. كل شيء بفيض وللتمتع.. فٱذهبوا وواجهوا إبليس وٱغتصبوا من يده ما يُمسكهُ هوَ عنكم.. وما نجحَ في سرقته منكم.. وكونوا مُتمتِّعين.. لأنَّ هذا هوَ قصدي من نحو أولادي ". لذا وأول كل شيء، لا تسمح أبدًا لعدم المعرفة أو الجهل أن يستمرا في حياتك بعد اليوم.. فالرب قال في المقطع الذي نتأمل فيه: وأمَّا هم فلم يفهموا.. وٱقرأ الآن معي.. إلى ماذا يؤدي عدم الفهم أو عدم المعرفة: " كل من يسمع كلمة الملكوت ولا يفهم، فيأتي الشرير ويخطف ما قد زُرِعَ في قلبه... " (متى 13 : 19). من لا يفهم كلام الرب، ومن لا يعرف حقوقه.. ومن لا يعرف من هوَ السارق الحقيقي.. سيأتي الشرير إليه ويخطف أو يسرق ما لهُ.. فلنتعلَّم دومًا من كلمة الرب، ونجلس معها بٱستمرار، ونجعلها تسكن في قلوبنا بغنى، لكي لا نُسرق فيما بعد.. المُتَعَارَف عليه أنَّ السارق يأتي بغتةً، على غفلة.. ولهذا ينجح في عمله ويسرق الناس، وكلمة الرب تؤكَّد هذا الكلام عندما تقول: " وإنمَّا ٱعلموا هذا، أنَّهُ لو عرف رب البيت في أي ساعة يأتي السارق، لسهر ولم يدع بيته يُنقب " (لوقا 12 : 39). لكن هذا الكلام لا ينبغي أن ينطبق على المؤمنين الساهرين، والحذرين، والمُدركين حقوقهم بالرب، فبولس الرسول يقول: " وأمَّا أنتم أيها الإخوة، فلستم في ظلمة حتى يُدرككم ذلك اليوم كلص، جميعكم أبناء نور، وأبناء نهار، لسنا من ليل ولا ظلمة، فلا ننم إذًا كالباقين، بل لنسهر ونصحُ، لأنَّ الذين ينامون، فبالليل ينامون ... وأما نحن الذين من نهار، فلنصحُ... " (تسالونيكي الأولى 5 : 4 – 8). وأمَّا أنتم.. كلمتان معبِّرتان.. نحن خراف الرب.. وخراف الرب كما يقول المقطع الذي نتأمل فيه.. تسمع صوته.. هوَ يسير أمامها، وهيَ تتبعه.. وهي لا تستقبل إلاَّ الرب وكلمة الرب، اللذان يدخلان من الباب الرئيسي إلى حظيرة الخراف.. وهيَ لا تتبع الغريب بل تهرب منهُ.. لأنَّها لا تعرف صوت الغرباء.. وهيَ تعرف الراعي من الغريب، لأنها تُميِّز ذلكَ بسهولة.. فالذي يدخل من الباب هوَ الراعي الحقيقي، والذي يدخل من مواضع أخرى ملتوية.. مشبوهة.. يكون السارق.. الغريب عنها.. ولهذا طلبت منك أن تكون قريبًا من كلمة الله، وطلبت منك أن تجعلها تسكن بغنى في قلبك.. لأنَّ كاتب الرسالة إلى العبرانيين يقول لنا: " لأنَّ كلمة الله حيَّة وفعَّالة وأمضى من كل سيف ذي حدِّين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومُميِّزة أفكار القلب ونياته ". (عبرانيين 4 : 12). إنها الفاضحة لصوت الغريب، والمُميِّزة بينهُ وبين صوت الراعي.. غريب هوَ عنَّا من يقول أننا لن نشفى من مرض أصابنا.. غريب هوَ عنَّا من يقول أننا سنعيش قلقين وخائفين كل أيام حياتنا.. غريب هوَ عنَّا من يقول أننا لن نتحرر من هذا القيد أو ذاك.. غريب هوَ عنَّا من يقول لنا أن خدمتنا لن تُثمر.. غريب هوَ عنَّا من يقول لنا أننا سنعيش في الهزيمة... وغريب عنَّا من ومن ومن... إلخ. لأنَّ هذا الكلام لا يأتي من الباب الوحيد الشرعي بالنسبة لنا، والذي هوَ كلمة الله، بل هذا كلام يحاول الدخول إلينا من مواضع أُخرى.. مواضع مزيفة.. مصدرها الوحيد إبليس الغريب، الذي لا نتبعهُ ولا نعرف صوته.. بل ينبغي أن نهرب منهُ.. من اللحظة الأولى التي تشفَّعَ فيها النبي دانيال، أرسل الرب الجواب لهُ.. لكن من أمسكَ ذلكَ الجواب عنهُ هوَ الشيطان، من خلال أجناده المُكلَّفة بهذه المهمة.. حاولَ سرقة الإجابة والعمل على منع وصولها.. لكن دانيال لم يستسلم.. لم يكن ٱبن ظلام حتى يخفى عليه اللص إبليس، بل كان ٱبن نور.. ٱبن نهار.. لم يكن كالباقين نائمًا، بل ساهرًا وصاحيًا.. مُدركًا جوهر الأمور وحقيقتها، فتابع الصلاة والصوم، وأخيرًا ٱغتصب من يد إبليس ما حاول سرقته منه.. ونجح في ذلكَ.. أحبائي: قد لا يكون تأمُّلاً مترابط الأفكار.. ولا عظة منسَّقة.. لكنهُ بكل تأكيد رسائل خاصة من الرب لكل واحد فينا اليوم، وإعلانات خاصة من الروح القدس للكنيسة.. والهدف منها في نهاية هذا التأمُّل أن نتعلَّم ما يلي: - الله وهبنا كل شيء بفيض لكي نتمتَّع به.. ولكي نعيش الحياة المنتصرة بكل جوانبها المختلفة، وليسَ هوَ قطعًا من يُمسك عنَّا أي خير أو أي بركة.. طالما أنتَ تسير معهُ بأمانة وٱتجاه قلبك أن لا تُخطئ إليه وتخالف وصاياه.. - إبليس هوَ من يُمسك عنك كل خير وبركة، وما عليك سوى أن تاخذ موقعك في المسيح، وتمارس سلطانك عليه وتغتصب من يده كل ما يحرمك منه، مُتذكِّرًا أنك تُحارب عدوًّا مسحوق الرأس ومُجرَّد من كل قوة وسلطان عليك.. - إبليس هوَ من يحاول سرقة ٱمتيازاتك وبركاتك، لأنه سارق أتى لكي يسرق ويذبح ويُهلك.. فتمسَّك بكلمة الله، وٱجعلها تسكن في قلبك بغنى، لكي تُميِّز الغريب من الراعي الصالح، وترفض كل خدعه وأكاذيبه، وتعلَّم أن لا تنام كما يفعل الباقون، وأن لا تُسيِّب رزقك وما تمتلك فتغدو عرضة للأرواح الشريرة، بل أنت ٱبن النور، فكن صاحيًا وٱحمِ ما عندك، وتمتَّع بكل ما وهبك الرب. وأخيرًا.. من منَّا لم يُسرق؟ لا أحد بالطبع.. لكن إليك هذه الكلمة من الرب اليوم: " ... فإن وُجِدَ السارق يُعوِّض بٱثنين " (خروج 22 : 7). الرب يقول لكَ اليوم.. إن كان إبليس قد سرق صحتك.. فرحك.. سلامك.. تمتُّعك بالحياة.. أموالك.. عائلتك.. نجاحك.. خدمتك... إلخ. فقط آمن بما تأملنا بهِ اليوم، وتمسك بحقوقك, والرب سيعوِّض لكَ ضعفين عن كل ما سُرِقَ منك !!! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ليشرق نجمك علي كل بيت حزين |
لِمَ كان يأبى إلاّ أن يهتمّ بحاجات النّاس بنفسه لا بالتّوكيل؟ |
ليشرق يا رب نورك |
ليشرق حضورة فى قلبك |
السارق لا يأتي إلا ليسرق |