|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
النسك في المعرفة من المهم جدًا أن ننتبه إلي أن هناك فرقًا بين جهاز الكمبيوتر (وأكثركم له دراية الآن بهذه التكنولوجيا) من جهة، وعقل الإنسان من جهة أخرى، فإنه باستطاعتنا التخلّص من المعلومات التي تدفقت إلي هذا الجهاز بعمل "formatting" لها (فورمات)، في حين لا يمكن التخلص مما نكدس به العقل من مواد غير نافعة، من هنا فمن الضروري اختيار ما نقرأه وما نسمعه، وإلاّ فإن المساحة المتبقية من الذاكرة سوف تقل تدريجيًا.. وعندما ننتبه إلي احتياجنا إلي مزيد من المعرفة الروحية والفهم والتأمل، سنجد تلك الخبرات العلمانية المتكدّسة داخل العقل بمثابة عائق. وفيما يتعلق بالذاكرة (أو القدرة علي الاستعادة) فإن كل ما نقرأه يدخل إلي العقل والذاكرة ويختلط بالمشاعر، ويمتزج بالكيان كله ويؤثر بشكل أو بآخر، فالكل ينصهر في بوتقة واحدة ليعطي شخصية بذاتها تتغير سماتها مع الوقت طبقًا لما تتعاطاه. في هذا يقول بعض الفلاسفة "عرفني ما تقرأه أعرّفك من أنت" أو بالأحرى: "عرفني ما تعيد قراءته أعرّفك من أنت!" ولذلك فمن المناسب أن تترهب (أو تتكرس) الفتاة ما بين سن العشرين والخامسة والعشرين (وبالنسبة للشبّان مابين 25-30) وقد تزيد سنوات قلائل لتتحرك مابين الثانية والعشرين وحتى الثامنة والعشرين. لأن استعدادها في مثل هذا السن للطاعة والنسك والتعب يكون أكثر بكثير، ليس ذلك فحسب وإنما لكي يكون الذهن هادئًا خاليًا، إلا من بعض ما جناه من البيئة (الأسرة) ومن المجتمع الصغير(مجتمع الدراسة والكنيسة) وهذان المجالان لا يمثلان خطورة كتلك التي يمثلها المجتمع المفتوح المليء بالمتناقضات والمفارقات والانحرافات والقيم المهدورة والمفاهيم المغلوطة والخبرات الرديئة. فإن كنا نطالب الراهب أو المكرس بأن يختبر الحياة العملية لفترة وجيزة، فإن ذلك ليس ليكتسب تلك الخبرة وإنما ليجرب ذاته في العمل، فقد يستهويه ذلك الخط الطبيعي للحياة. من كل ما سبق أري أن يختار الإنسان ما يقرأه بعناية شديدة، وقد يجد ذاته متجهًا نحو قراءة مادة بعينها مثل الجرائد والمجلات والأوراق الملقاة علي الطرق، أو تلك التي تصله مغلفة بعض الملابس أو الأطعمة.. عليه التنسك في ذلك أيضا. وضبط نفسه أمام بعض العناوين والمانشيتات الملفتة في تلك الأوراق!! فهناك بعض ممن كانوا مداومين علي قراءة الجرائد اليومية، والبعض الآخر ممن كانت له قراءات أدبية أو سياسية وغيرها، قد وجدوا صعوبة في التخلّي عنها والزهد فيها بعد التحاقهم بالأديرة،بل أتذكر أنه من بين النصائح التي تلقيناها قي بداية حياتنا الرهبانية هي ألاّ نقرأ الكتب اللاهوتية وكتب التفاسير، حتى لا يُحارَب الراهب بالرغبة في التعليم وحب الرئاسة، ليس من خلال خروجه للخدمة من الدير فحسب، وإنما لكي لا يمارس ذلك مع إخوته في الدير، بل كنا نتسلم اللاهوت عمليًا خلال الصلاة النقية وحب الآخرين فالثالوث هو سر الحب.. واللاهوتي هو "من يصلي حسنا" حسبما يقول الآباء.. ونقرأ في تاريخ بلاديوس أنه انعقد مجمع في الإسقيط (ربما لمناقشة المشكلة الأوريجانية) في ذلك المجمع وقف الأب "إيفاجريوس البنطي" وتكلم -وكان عالمًا وفيلسوفًا ضليعًا- فلما انتهي من كلامه وقف أب الجبل وقال له: "نحن نعلم يا أبانا أنك لو كنت في بلدك لصرت أسقفًا أو رئيسًا علي كثيرين، ولكنك هنا مثل غريب"، فأجاب باتضاع قائلًا: "حقًا إنها مرة واحدة تكّلمت فيها وإن شاء الله لن يكون لها ثانية".. |
17 - 06 - 2014, 07:42 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: النسك في المعرفة
شكراااااااا
ربنا يبارك خدمتك |
||||
17 - 06 - 2014, 07:51 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: النسك في المعرفة
شكرا على المرور
|
||||
|