|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المقطع الأول: سفر العدد 11 : 24 – 29. " فخرجَ موسى وأخبر الشعب بكلام الرب وجمعَ سبعين رجلاً من شيوخ الشعب وأقامهم حول خيمة الإجتماع. فنزل الرب في السحابة وخاطبه، وأخذ من الروح الذي عليه وأحلَّ على السبعين شيخاً. فلمَّا استقر عليهم الروح تنبأوا إلاَّ أنهم لم يستمروا. وكان بقيَ رجلان من السبعين في المحلة ولم يخرجا إلى الخيمة، إسم أحدهما ألداد وإسم الثاني ميداد، فحلَّ عليهما الروح فتنبآا هناك. فأسرع شابٌ وأخبر موسى بأن ألداد وميداد يتنبآأن في المحلة. فقال يشوع بن نون، وهو خادم موسى منذ حداثته : " يا سيدي، يا موسى، إردعهما ". فقال له موسى : " أفتغار لأجلي أنتَ ؟ ليتَ جميع أمَّة الرب أنبياء يحل الرب روحه عليهم ". المقطع الثاني: إنجيل متى 20 : 1 – 15 + لوقا 17 : 10. " فملكوت السماوات كمثل صاحب كرم خرجَ مع الفجر ليستأجر عمالاً لكرمه. فاتفقَ مع العمال على دينار في اليوم وأرسلهم إلى كرمه. ثم خرجَ نحو الساعة التاسعة، فرأى عمالاً آخرين واقفين في الساحة بطالين، فقال لهم: اذهبوا أنتم ايضاً إلى كرمي، وسأعطيكم ما يحق لكم، فذهبوا. وخرجَ أيضاً نحو الظهر، ثم نحو الساعة الثالثة، وعملَ الشيء نفسه. وخرجَ نحو الخامسة مساءً، فلقيَ عمالاً آخرين واقفين هناك، فقالَ لهم: ما لكم واقفين هنا كل النهار بطالين ؟ قالوا له: ما استأجرنا أحدٌ. فقال لهم: اذهبوا أنتم أيضاً إلى كرمي. ولمَّا جاء المساء، قال صاحب الكرم لوكيله: أدعُ العمال كلهم وادفع لهم أجورهم، مبتدئاً بالآخِرين حتى تصل إلى الأولين. فجاءَ الذي استأجرهم في الخامسة مساءً وأخذَ كل واحدٍ منهم ديناراً. فلمَّا جاءَ الأولون ظنوا أنهم سيأخذون زيادةً، فأخذوا هم أيضاً ديناراً لكل واحد منهم. وكانوا يأخذونه وهم يتذمرون على صاحب الكرم، فيقولون: هؤلاء الآخرون عملوا ساعةً واحدةً، فساويتهم بنا نحن الذين احتملنا ثقل النهار وحره. فأجاب صاحب الكرم واحداً منهم: " يا صديقي، أنا ما ظلمتك. أما اتفقت معكَ على دينار ؟ خذ حقك وانصرف. فهذا الذي جاءَ في الآخر أريد أن أعطيه مثلك، أما يجوز لي أن اتصرف بمالي كيفما أريد ؟ أم أنتَ حسودٌ لأني أنا كريمٌ ". " كذلك أنتم أيضاً متى فعلتم كل ما أمرتم به فقولوا إننا عبيد بطَّالون. لأننا أنما عملنا ما كان يجب علينا ". المقطع الثالث: سفر صموئيل الأول 30 : 9 – 24. " فسارَ داود ورجاله الست مئة وجاؤوا إلى وادي البسور. فبقي منهم هناك مئتا رجل عجزوا عن عبور الوادي، وتابع داود سيره بأربع مئة رجل... واسترد داود ما أخذ العماليقيون، وخلَّصَ امرأتيه. وما خسروا شيئاً، لا صغيراً ولا كبيراً ولا بنين ولا بنات، ولا غنيمة ولا شيئاً من جميع ما سلبَ العماليقيون، بل استرد داود كل شيء. استرد جميع الغنم والبقر، وساق رجاله المواشي أمامهم وهم يهتفون: " هذه غنيمة داود ". وجاء داود إلى الرجال المئتين الذين عجزوا عن اللحاق به وظلوا في وادي البسور، فخرجوا للقائه هو ورجاله الذين معه. فتقدم داود إليهم وسلَّم عليهم. فقال كل شرير لئيم ممن ذهبوا مع داود: " بما أنهم لم يذهبوا معنا، فلن نعطيهم من الغنيمة التي استرجعناها إلاَّ زوجة كل واحد وبنيه، فليقتادوهم وينصرفوا ". فقال داود: " لا تفعلوا هكذا يا إخوتي في ما أعطانا الرب فهو الذي حمانا وأسلمَ الغزاة إلى أيدينا. لا أحد يوافقكم على هذا الأمر، لأن نصيب السائرين إلى الحرب كنصيب الذين يحرسون المونة والعتاد، بالسواء يقتسمون ". أحبائي: أولاً أريد أن تعذروني على ذكر هذا العدد من المقاطع والآيات الكتابية، لكنني أثق بأن للروح القدس قصد أكيد من ذلك، فأنا اؤمن أنه أثناء تأملك في هذه المقاطع والآيات التي جمعناها من كلمة الرب، ووضعناها جنباً إلى جنب، سيقوم الروح القدس بإعلان هذه الكلمات لروحك ويوصل لكَ من خلالها دروساً وعِبَراً مهمة، حتى قبلَ أن تبدأ في قراءة هذا التأمل. دروس ومعاني عميقة جداً في هذه المقاطع والآيات، وإني أسأل الرب أن يفتح قلب كل واحد منكم، لكي يوصل له إحتياجه الخاص من خلال هذا التأمل. شاء الله بحكمته الغنية والعميقة أن يجمعنا مع بعضنا البعض لنكون جسده الخاص الذي يتحرك من خلاله على هذه الأرض، لكي ننفذ مشيئته الخاصة لكل واحد فينا، ومشيئته الخاصة للجسد ككل، ووزع على كل واحد منا مواهب خاصة وفقاً لطاقة كل واحد، وبسبب معرفة الرب بشراسة حرب العدو علينا، لا سيما عندما نقرر أن نكون في ملء مشيئته، وعندما نقرر أن نربح النفوس، قام الرب بجمعنا في جسدٍ واحدٍ، بهدف أن نقف إلى جنب بعضنا البعض، لنكون كرجل واحد في الحرب، نحمل أثقال بعضنا البعض، نحارب حروب بعضنا البعض، نحمي ونبارك بعضنا البعض، نصلي من أجل بعضنا البعض، نفرح بنمو ونجاح أخوتنا الآخرين، مفضلين بعضنا البعض بالكرامة، نستر عورات الآخرين عند انكشافها، نصلح بروح الوداعة من يسقط ونقيمه من الحفرة التي سقط فيها، ولكي نشكل معاً فريق عمل ناجح، لكل واحد منا دوره ومواهبه كما قسمها الله لكل واحد منا. فهل نحن كذلك؟ نبدأ من القصة الأولى: موسى يجمع سبعين رجلاً من شيوخ إسرائيل حول خيمة الإجتماع، وها هو روح الرب ينزل عليهم، ويأخذ من الروح الذي على موسى ويحله على السبعين فيتنبأون، وكان الهدف من عمل الله هذا، أن يساعدوا موسى في قيادة الشعب، لكن إثنان آخران من هؤلاء الشيوخ لم يحضرا إلى خيمة الإجتماع بل بقيا في المحلة، ولكن روح الرب حلَّ عليهما أيضاً فتنبئآا، ويعترض هنا يشوع على ذلك، ويقترح على موسى أن يردعهما، ولكن موسى يرفض إقتراح يشوع ويقول له بما معناه: " ليت كل شعب الله يتنبأ ". يشوع يريد أن يردعهما، لأنهما لم ينفذا المطلوب بحذافيره، لم يحضرا إلى خيمة الإجتماع، فكيف يحق لهما أن يتنبئآا ؟ وموسى يقول: " ليت كل شعب الله يتنبأ ويحل روحه عليهم ". قلب موسى كان كقلب الرب، قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفىء. أرض هؤلاء الإثنين لم تعطِ مئة، بل قد أعطت ستين فهل نرفضهما ؟ قد تقول نعم ، لم يكلفوا أنفسهم ويتحملوا مشقة الإنتقال من المحلة إلى خيمة الإجتماع، كما لم يتحملوا الإنتظار تحت حر الشمس كالآخرين، فكيف يحصلون على ما حصلَ عليه الآخرين ؟ نعم تستطيع أن تقول ذلكَ، لكن ذلك ليس قلب الرب، لأنه كما نقرأ أن الرب سمح بأن يحل روحه عليهما أيضاً. وأنتَ أيضاً قد ترى نفسك تعمل وتعمل وتعمل وتقوم بمجهودات كبيرة من أجل الملكوت، وغيركَ يعمل بمجهودات أقل وأعمال أقل، وربما يحصل على نفس النتائج من الثمر والبركات، وتصرخ أين العدل؟ وإليكَ القصة الثانية: والتي أخبرها يسوع بنفسه، عن صاحب الكرم الذي استأجر فعلة لكي يعملوا في كرمه، وعندما انتهى النهار دفعَ للذين عملوا من الصباح حتى المساء، نفس الأجر الذي دفعه للذين عملوا ساعة واحدة فقط !! وقد تعترض كما اعترضَ الذين عملوا كل النهار على صاحب الكرم وتقول أين العدل ؟ لكنني أريدك أن تسمع إجابة صاحب الكرم الذي قالَ ببساطة " أما يجوز لي أن أتصرف بمالي كيفما أريد ؟ أم أنتَ حسود لأني أنا كريم ؟ " وكلنا يعرف أن صاحب الكرم يرمز إلى يسوع، ولا أعتقد أن إجابة الرب يسوع المسيح، قد تحمل خطأ ما !!! نعم يمكنك أن تعترض، لكنه يمكنك أن تقول كما أوصانا يسوع في (لوقا 17 : 10) " ما نحن إلاَّ عبيد بطالين، وما فعلنا إلاَّ ما كان يجب علينا أن نفعل ". وإليكَ القصة الثالثة: داود يذهب لمقاتلة الأعداء ويرافقة 600 مقاتل، لكن 200 منهم عجزوا عن عبور الوادي، فتابع بأربعمئة مقاتل، وانتصر على أعدائه، واسترد المسلوب وغَنَمَ غنائم كثيرة، وقرر أن يوزع منها على الجميع، بمن فيهم المقاتلين المئتين الذين عجزوا عن عبور الوادي، لكن الإعتراض كان شديداً من الذين تابعوا معه الرحلة والمعركة إلى آخرها قائلين: " كيف يحق لمن لم يذهب معنا أن يأخذ من الغنيمة "، وها هو داود يفعل كما فعلَ موسى تماماً ويقول: " لا تفعلوا هكذا يا إخوتي في ما أعطانا الرب... لأن نصيب السائرين إلى الحرب كنصيب الذين يحرسون المونة والعتاد، بالسواء يقتسمون ". وأعتقد أن داود استطاع أن يفعل ذلك، فقط لأنه عرفَ تمام المعرفة أن النصر والغنيمة والقوة والمواهب هي فقط من الرب لقد قالَ " ما أعطانا الرب "، لم يراها من مجهوداته الشخصية !!! في قصة الإبن الضال، الإبن الأكبر اعترض كيف يستحق أخوه الضال الإكرام الذي قدمه له أبوه، وكيف يقاسمه النصيب وهو لم يعمل مثله، فالأكبر عملَ وعملَ وعملَ وها هو الإبن الضال يقاسمه النصيب لا بل يأخذ أكثر، فأينَ العدل ؟ أين العدل؟ نعم سألنا هذا السؤال عدة مرات، لكن تعالوا نتعلم من موسى. موسى لم يقل أبداً أين العدل ؟ بل بالعكس تصرف تصرفاً معاكساً بالتمام، ونقرأ في: (سفر العدد 14 : 11 وسفر الخروج 32 : 11) وحتى آخر الإصحاح، الله يعرض على موسى أن يفني الشعب ويجعل من موسى أمة عظيمة !!! عرض مغري للغاية، شعب متمرد على الله، قساة الرقاب، عذبوا موسى كثيراً، قاوموه وقاوموا الله كثيراً، عاندوا موسى بشراسة، وكما نعلم جميعنا، أنه بسببهم أخطأ موسى وحرمه الله من دخول أرض الموعد، تأمل بذلك كله، وإجمع هذه الأحداث مع بعض. من الناحية الروحية: الظروف مؤاتية، فالشعب تمرد على الله، وعاندوه. من الناحية الشخصية: قاوموا موسى وعذبوه وكانوا سبب عدم دخوله أرض الموعد، الأرض التي طالما حلم موسى بدخولها أضف على ذلكَ أن الله نفسه يعرض على موسى، أن يفني هذا الشعب، ويجعل من موسى أمة عظيمة !!! سؤال أتركه بين يديك، بينك وبين الروح القدس، لكي تجيب عليه بصراحة. لكنني سأخبرك ما فعل موسى. موسى تكلم مع الرب وكأنه يعظه أو يرشده، قائلاً له: " أنتَ أخرجتَ هذا الشعب من بين المصريين بقدرتك، فإذا سمعوا ما فعلت بشعبك يخبرون أهل هذه الأرض... أنتَ الرب البطيء عن الغضب الغافر الذنب... يا رب لماذا يشتد غضبك على شعبك الذين أخرجتهم من أرض مصر... إرجع عن شدة غضبك وعُد عن الإساءة إلى شعبك " وقال موسى للرب أيضاً هذه الكلمات الذهبية " فإمَّا تغفر لهم خطيئتهم أو تمحوني من كتابك الذي كتبته " وهنا لا أعتقد أنني أستطيع أن أجد كلمات يمكنها أن تصف موقف قلب موسى هذا !!! موسى كان يهدىء غضب الرب على شعبه المتمرد، وأنتَ هل تهدىء أيضاً غضب الرب على إخوتك، عندما يخطئون إليه أو إليك ؟ أم بالعكس فأنتَ تحتاج أن يهدىء الرب غضبك على إخوتك ؟ وماذا فعلَ بولس ؟ لقد فعلَ كموسى أيضاً. نقرأ في رسالة (رومية 9 : 1- 3)، بولس الرسول يقول " إني حزين جداً وفي قلبي ألم لا ينقطع وإني أتمنى لو كنتُ أنا ذاتي محروماً ومنفصلاً عن المسيح في سبيل إخوتي بني قومي في الجسد ". وكلنا يعلم تماماً، أن بني قوم بولس في الجسد، قد فعلوا ببولس الكثير وأعتقد أنهم فعلوا به أكثر مما فعلوا بموسى، وها هو بولس يقف نفس موقف موسى، بالرغم من كل ذلك، وها هو يتمنى لو يكون محروماً من المسيح في سبيل من أساء إليه !!! أخبرتك ماذا فعلَ بولس وماذا فعلَ موسى، وأرجوك أن لا تنزعج إن سألتكَ ثانيةً ماذا تفعل أنت لو كنتَ مكان بولس ؟ بولس قال " من يضعف ولا أضعف معه، ومن يخطىء ولا أحترق عليه " (2 كور 11 : 29)، كان له قلب الرب، كان ضعف الآخرين يضعفه، وخطيئتهم تجعله يحترق عليهم، لأنه أحبهم، لم يكن يحترق منهم، لم يكن يحتقر ضعفهم، بل كان يضعف معهم. أحبائي يسوع جاء إلى هذه الأرض وقَلَبَ المقاييس، قال لتلاميذه: " ملوك الأمم يسودونها، وأصحاب السلطة فيها يريدون أن يدعوهم الناس محسنين، أمَّا أنتم فما هكذا حالكم، بل ليكن الأكبر فيكم كالأصغر والرئيس كالخادم " (لوقا 22 : 25 – 26)، نعم قَلَبَ المقاييس، فالأكبر يجب أن يتسلط، فهو صاحب السلطة والإمتيازات والقدرة والمعرفة، وهذا حقه، لكن من أرادَ أن يكون ليسوع فالأكبر عنده يجب أن يخدم، أن يتواضع، وأن ينفق نفسه من أجل الآخرين، ولا سيما الضعفاء والعاجزين وغير القادرين والمحتقرين والمنبوذين، فكثير من المواهب وكثير من الإمتيازات في قانون الرب، يجب أن يتبعها كثير من التواضع وخدمة الآخرين ومحبتهم، وليس الكثير من التسلط والتعالي !!! وكل ذلك يجب أن تقوم به ليس عن اضطرار، بل كما يقول الرسول بطرس " أناشدكم ...أن ترعوا رعية الله وتحرسوها طوعاً لا جبراً " (1 بط 5 : 1)، ويقول بطرس أيضاً " ليضع كل واحد منكم في خدمة الآخرين ما ناله من موهبة، كوكلاء صالحين على مواهب الله المتنوعة " (1 بط 4 : 10)، وتذكَّر دائماً إنها مواهب الله وليست مواهبنا، وإذا كان الله قد إئتمنكَ على مواهبه كما يقول بطرس كوكيل عليها، فلكي تضعها في خدمة إخوتك وبنوع خاص الضعفاء منهم، ولا تفعل ذلك جبراً بل طوعاً دون اضطرار ولا إحساس بصغر النفس، فالرب يسوع لم ينكر إنه السيد، لكنه من هذا الموقع غسل أرجل تلاميذه، وأنتَ أيضاً من هذا الموقع الذي ميَّزَكَ الرب به، إغسل أرجل إخوتك من وسخ العالم والخطيئة، استر عوراتهم برداء المحبة، الذي وهبكَ إياه الرب. عندما شرب نوح الخمر وسكر، ثم تعرَّى في خيمته، رآه إبنه حام ورأى عورته، فذهبَ وأخبرَ إخوته على الفور، وماذا فعلَ أخوته ؟ أخذا رداءً وسارا إلى الخلف وألقياه على عورة أبيهما، وكان وجهاهما إلى الخلف لكي لا يريا عورة أبيهما !!! (تكوين 9 : 20 – 23)، هل أخطأ نوح عندمـا شرب الخمر وسكر وكشف عورته ؟ نعم بكل تأكيد، لكن ليس هذا المهم، فالمهم كيف تعامل معه أولاده ؟ حام كشف عورة أبيه أمام إخوته، أمَّا سام ويافث، وبالرغم من خطأ أبيهما، آخذا رداءً وسارا إلى الخلف لكي لا يريا عورة أبيهما، وسترا له هذه العورة، لم يصغر في أعينهما، بقي ذلك الأب المحترم بالنسبة لهما بالرغم من أنه قد أخطأ!!! وأنتَ كيف تتعامل مع أخوتك عندما ترى عوراتهم، ضعفاتهم، خطاياهم، تقصيرهم في القيام بواجباتهم ؟ هل تحتقرهم وتذهب وتخبر إخوتك الآخرين عنهم ؟ أم تأتي بالرداء وتستر لهم عوراتهم ؟ تحارب حروبهم، تضعف معهم، تحترق على خطاياهم، وتدخل إلى مخدعك وتتشفع لهم. أرجوك إمتلك دوماً الرداء لتستر به عورات إخوتك، وما هو هذا الرداء ؟ أنه محبة المسيح !!! ألم تقل الكلمة " المحبة تستر الكثير من الخطايا " ؟ كيف تصلي من أجل ضعفات إخوتك وخطاياهم وتقصيرهم، خاصةً عندما ترى نفسك ممتلكاً الكثير من المواهب، وعندما ترى نفسك تعمل وتكد وتصوم، وتبذل مجهوداً كبيراً في سبيل الملكوت، بينما غيركَ ما زال يسعى لكنه لم يصل بعد ؟ قد تقول لي إنني أصلي من أجلهم، لكنني أدعوك في هذا الصباح وبعد هذا التأمل أن تتفحص صلواتك على ضوء ما قرأت، وتسأل نفسك هل هي كصلاة موسى وبولس ؟ أم هي شكاية وتذمر من ضعفات إخوتك ؟ وتذكَّر دوماً أن ضعف الآخرين يجب أن يكون حافزاً لكي تحمل أحمالهم، تحارب حروبهم، وليس لكي تقارن نفسك بهم، تنتقدهم، تدينهم وتحكم عليهم، وتذكر دوماً ما يقوله بولس إلى اهل غلاطية: " يا إخوتي إن وَقَعَ أحدكم في خطأ فأقيموه أنتم الروحيين بروح الوداعة وانتبه لنفسك لئلا تتعرض أنت أيضاً للتجربة ". (غلاطية 6 : 1). نعم انتبه أنتَ أيضاً لئلا تتعرض للتجربة. لم يسمح يشوع للأسباط التي امتلكت أرضها شرقي نهر الاردن أن تستريح، بل طلب منهم أن يعبروا أمام إخوتهم ليساعدوهم في القتال إلى أن يريح الرب أخوتهم مثلهم (يشوع 1 : 13 – 15)، وأنت يجب عليك أن تفعل مثلهم، إن كنتَ قد امتلكتَ الأرض الخاصة بكَ، وارتحت من الحروب، لا تجعل ذلك يقودك إلى أن تحتقر إخوتك الذين لم يمتلكوا أرضهم بعد لأي سببٍ كان، بل ليكن موقف قلبك كموقف قلب يشوع، قم واعبر النهر الذي يقف في وجه إخوتك، وحارب حروبهم، لكي يمتلكوا هم أيضاً أراضيهم، لا تكن متفرجاً أو منتقداً بل محارباً عنهم ومن أجلهم !!! وأريد أن أصارحك بالحقيقة، لم يستطع عقلي في البداية ولن يستطيع عقلك في البداية أيضاً أن يفهم ويدرك، كيف يجب أن تعمل وتتعب وتكد وتضحي بالغالي والرخيص، وربما بمالك ووقتك من أجل الخدمة والملكوت، وبنفس الوقت تتحمل وجود أشخاص معكَ في نفس الكنيسة أو الخدمة، لا يعملون مثلك ولا يتعبون مثلك، وأحياناً لا يقومون بما هو مطلوب منهم أو ربما بما تتوقعه أنتَ منهم، وأكثر من ذلك ترى أن الرب يباركهم ويُنجح عمل أيديهم، بنفس القَدَر الذي يباركك فيه، نعم إنه موضوع صعب عندما تحاول أن تفهمه بعقلك، وبمقاييسك البشرية، ولن يستطيع هذا العقل أن يفهمه، مثلما لم يستطع عقلي في البداية أن يفهمه، إلى أن قال الرب لي: " نعم عقلك لم ولن يستطيع أن يفهم هذا الموضوع، لكن قلبي أنا يفهمه، ولكي تفهمه أنت عليك أن تمتلك قلبي أنا !!! ". إمتلك قلب يسوع، إمتلك أحشاء ورأفات يسوع، إمتلك قلب يسوع الذي لا يقصف قصبة مرضوضة ولا يطفىء فتيلة مدخنة، إمتلك قلب يسوع الذي لا يحتقر شعبه الأسير، إمتلك قلب يسوع الذي يحملنا من الرحم وحتى المشيب، نعم إمتلك قلب يسوع الذي غفر للذين طعنوه، إمتلك قلب يسوع الذي أعطى الذي عملَ لساعة واحدة فقط، أجراً كالذي عملَ اليوم كله، إنها النعمة الغنية !!! فالأرض قد تنتج ثلاثين أو ستين أو مئة، فإن كنتَ من أصحاب المئة فلا تحتقر أصحاب الثلاثين. أرجوك أن تركِّز معي الآن، حتى لا تنزلق في متاهات مؤذية من جراء هذا التأمل، فأنا لستُ أعني من هذا التأمل أنه لا يجب أن نعمل ونكد ونسهر ونصوم ونصلي ونتعب من أجل الملكوت، طالما أنه يوجد أشخاص لا يعملون مثلنا ولا يكدون وينالون ثمراً وبركات مثلنا. لا ليس هذا ما أقصده، لكنني أريدك أن تدرك أن الله قسمَ لكل واحد منا وزنات ومواهب لكي يكون مسؤولاً عنها، فإن أعطاك الله مواهب ووزنات أكثر من غيرك للعمل في ملكوته، إعمل بكل قوتك وقلبك وفكرك، واستخدم هذه المواهب لمجد اسمه، لكن لا تحتقر الآخرين، ولا تحتقر من يعجز عن القيام بما تقوم به أنت، وتذكر دائماً ان ما أخذته، قد أخذته من الرب، وليس من مجهوداتك الشخصية، فاستخدم هذه المواهب وهذه الإمكانيات لتعين إخوتك الضعفاء ولتصلح أخطائهم بروح الواداعة، ولكي تحارب حروبهم، ولا تفعل كما فعل بطرس عندما أعلن له الرب عن خطته لحياته وعن الميتة التي سيموتها، فقام بطرس وسأل الرب " يا رب وهذا ما هو مصير ه؟ " وكان بطرس يقصد في كلامه يوحنا، والآن إقرا معي ما قاله الرب لبطرس بكل وضوح: " لو شئت أن يبقى إلى أن أجيء فماذا يعنيك ؟ اتبعني أنت ! " (يوحنا 21 : 21 – 22). نعم بكل محبة أقول لكَ، لا يعنيكَ ماذا يريد وماذا سيفعل الرب بالآخرين، فقط إتبعهُ أنت، ولا تنظر إلى الوراء ولا إلى الغير. وأخيراً أترك بين يديك هذه الكلمات المعبّرة من سفر أيوب 39. تقول الكلمة أن النعامة لا تمتلك الحكمة، فهي تقسو على أولادها وكأنهم غير أولادها، لذلك لم يعطها الرب أجنحة لتحلق في الأعالي، لأنه كما تقول الكلمة: " لو كانت تحلق في الأعالي لضحكت على الخيل وفرسانها ". ولكن للأسف، قد يمتلك البعض منا قلب هذه النعامة وأجنحة النسور، فيحلق في الأعالي بقلب نعامة لكن بجناحي نسر، فيضحك على الخيل وفرسانها الذين ما زالوا أدنى من مستواهم، لذلك أطلب منكَ في هذا الصباح أن تصرخ للــرب وبحرارة وتقول له: " لا تسمح أن أمتلك أجنحة النسور وقلب النعامة، بل أرجوك أن لا تعطيني أجنحة النسور قبل أن تعطيني قلب النسـور أيضاً، لكي لا أحتقر الذين ما زالوا على الأرض ". أطلب منه أيضاً أن لا يعطيكَ مواهب الروح دون ثمر الروح. لأن امتلاك المواهب لصنع المعجزات، وامتلاك الايمان الذي ينقل الجبال دون ثمر الروح من محبة وتواضع ولطف قد يدمر الآخرين، وستكون نتيجته كما يقول بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس والاصحاح 13: " نحاس يطن وصنج يرن ". قل له أريد الإثنين معاً مواهب الروح وثمر الروح، لكي أصنع المعجزات لأنني أحب الآخرين. |
|