مذاقة الأبدية على الأرض ولكننا نحن نرغب فى مذاقة الأبدية. فإنه وحتى الحياة الأبدية التى نرجوها، ونحيا هنا مستعدين لها ومتشوقين إليها، ليست حياة مستقبلية بعيدة فحسب، وإنما هى حياة نحياها هنا، وهكذا يجب أن يكون، فإنها حاضر ملموس ومستقبل أكيد. فمذاقتها تبدأ هنا، ولن نبدأ فى التعرف عليها، فالله هو القاسِم المشترك هنا وهناك، حيث أن تعبيريّ "لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ" (إنجيل متى 6: 10؛ إنجيل لوقا 11: 2) و"ها ملكوت الله داخلكم" (لوقا 17: 21) (والتعبيرين تصريح شخصي من الله نفسه) يؤكدان أن معنى الحياة الأبدية، هو أن يكون لله مركز حياتنا، ومحور اهتمامنا، فيه تجتمع كافة اشتياقاتنا. إن هناك خيطا قرمزيا يربط جميع سُنى الخليقة، كما ربط بين جميع مراحل الخلاص فى العهد القديم... وإلى الأبد، وهو الخلاص والمكافأة والحياة مع الله. فإنه ليس من اللائق فى شىء، أن نقضى الوقت فى كآبة وحزن، وأرق، فهل نكتئب اليوم فى انتظار الخير غدا؟! كلا، فاليوم أجمل وأفضل... والذي لا يستطيع الإستمتاع باليوم، قد لا يستطيع الإستمتاع بالغد، فإن روعة الحياة وجمالها وإبداعها، يكمن في الساعات القليلة التي نحياها الآن، فإن ضاعت، فقد ضاع العمر كله... اقرأ أما كتبه أحد الفضلاء: انظر إلى هذا اليوم.. إنه الحياة... جوهر الحياة.. فى ساعاته القليلة تكمن حقيقة وجودك.. معجزة النمو.. ومجد العمل.. وروعة الانتاج.. فالأمس ليس إلا حلمًا.. والغد ليس إلا خيالًا.. أما اليوم إذا عشناه كما ينبغي، فإنه يجعل من الأمس حلمًا سعيدًا.. ومن الغد خيالًا حافلًا بالأمل..