قد تكون الوجبات الغذائية التي يتناولها الرجال، وعلى وجه الخصوص كمية ونوعية الدهون المختلفة التي يتناولونها، ذات تأثير على جودة الحيوانات المنوية لديهم،
حسب النتائج التي توصلت إليها الدراسة التي نشرت على موقع مجلة «هيومان ريبرودكشن»؛ المجلة الطبية الأوروبية الرائدة في مجال الطب الإنجابي.وتسببت السمنة في زيادة احتمال الإصابة بسرطان الكلى بنسبة 70 في المئة، فيما أدى التدخين إلى زيادة الاحتمال بمقدار 50 في المئة.
الدهون والحيوانات المنوية
* اكتشفت الدراسة، التي شملت 99 رجلا في الولايات المتحدة الأميركية، علاقة بين تناول كمية كبيرة من الدهون، وانخفاض إجمالي عدد الحيوانات المنوية (الحيامن) وتركيزها. كما توصلت الدراسة أيضا إلى أن الرجال الذين يتناولون الكثير من دهون «أوميغا - 3» غير المشبعة (وهو نوع من الدهون غالبا ما يوجد في الأسماك والزيوت النباتية) قد كونوا حيوانات منوية بشكل أفضل من الأشخاص الذين تناولوا جرعات أقل من تلك المواد.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الباحثين يحذرون من أن هذه مجرد دراسة صغيرة وأنه يجب التأكد من نتائجها عن طريق إجراء المزيد من الأبحاث، وذلك للتأكد من الدور الذي تلعبه الدهون في خصوبة الرجال.
تقول البروفسورة جيل أتامان، التي كانت زميلة متخصصة في الغدد الصماء التناسلية والعقم بالمستشفى العام في ماساتشوستس وعملت مدرسة للتوليد وأمراض النساء والبيولوجيا الإنجابية في كلية الطب بجامعة هارفارد وقت إجراء البحث: «إذا قام الرجال، في هذه الأثناء، بتغيير أنظمتهم الغذائية لتقليل كمية الدهون المشبعة وزيادة كمية دهون (أوميغا – 3) التي يتناولونها، فقد لا يؤدي هذا إلى تحسن صحتهم العامة فقط؛ بل وصحتهم الإنجابية أيضا».
وعلى المستوى العالمي، قد يؤدي تبني تلك التعديلات على أنماط الحياة إلى تحسن الصحة العامة، فمن المعروف أن الوجبات الغذائية التي تحتوي على الدهون المشبعة تمثل عامل خطورة على العديد من أمراض القلب والأوعية الدموية. إضافة إلى ذلك، يشير البحث إلى أن تلك التعديلات قد تكون مفيدة أيضا بالنسبة للصحة الإنجابية عالميا.
دراسة جديدة
* وقد حاول العديد من الدراسات السابقة البحث في العلاقة بين مؤشر كتلة الجسم (المعروف اختصارا بـ«BMI»)، وجودة السائل المنوي، لكنها توصلت إلى نتائج متباينة. بيد أننا لا نعرف سوى القليل عن الدور المحتمل الذي تلعبه الوجبات الغنية بالدهون على جودة السائل المنوي، ولذا قررت البروفسورة أتامان وزملاؤها دراسة هذا الأمر على الرجال المترددين على عيادة الخصوبة.
وخلال الفترة بين ديسمبر (كانون الأول) 2006 وأغسطس (آب) 2010، قامت مجموعة البحث بسؤال الرجال عن أنظمتهم الغذائية وتحليل عينات من السائل المنوي الخاص بهم وقياس معدلات الأحماض الدهنية في السائل المنوي والبلازما المنوية لدى 23 من 99 رجلا شاركوا في البحث.
تم تقسيم الرجال إلى ثلاث مجموعات طبقا لكمية الدهون التي يستهلكونها. وأظهر البحث أن الرجال المنتمين إلى المجموعة الثالثة الذين يتناولون أكبر كمية من الدهون قد انخفض لديهم عدد الحيوانات المنوية بنسبة 43 في المائة وتدنى تركيز السائل المنوي بنسبة 38 في المائة، مقارنة بالرجال الذين يتناولون معدلا أقل من الدهون. يعرف «مجموع عدد الحيوانات المنوية» بأنه إجمالي عدد الحيوانات المنوية الموجودة في السائل المنوي، فيما يعرف «تركيز الحيوانات المنوية» بأنه تركيز الحيوانات المنوية (لكل وحدة حجم). وتعرف منظمة الصحة العالمية عدد وتركيز الحيوانات المنوية «الطبيعي» كالتالي: ينبغي أن لا يقل العدد الإجمالي للحيوانات المنوية في السائل المنوي عن 39 مليون حيوان منوي، وتركيز الحيوانات المنوية عن 15 مليونا لكل ملليلتر على الأقل.
دور الدهون المشبعة
* اكتشفت الدراسة أن العلاقة بين الوجبات الغذائية الدهنية وجودة الحيوانات المنوية تعود بصورة كبيرة إلى استهلاك الدهون المشبعة، حيث يقل إجمالي الحيوانات المنوية لدى الرجال الذين يستهلكون القدر الأكبر من الدهون المشبعة بنسبة 35 في المائة ويقل تركيز الحيوانات المنوية لديهم بنسبة 38 في المائة، مقارنة بالرجال الذين يتناولون القدر الأقل من الدهون المشبعة. تقول أتامان: «حجم الارتباط يبدو كبيرا ويوفر دعما إضافيا للجهود الصحية الرامية للحد من استهلاك الدهون المشبعة بالنظر إلى علاقتها ببعض المشكلات الصحية الأخرى مثل أمراض القلب والأوعية الدموية».
زادت كمية الحيوانات المنوية التي تكونت بصورة صحيحة لدى الرجال الذين يتناولون الكمية الأكبر من «أوميغا - 3» بنسبة طفيفة تبلغ 1.9 في المائة عن نظرائهم في المجموعة الثالثة الذين يتناولون الكمية الأقل من «أوميغا - 3».
وقد لاحظ الباحثون أن 71 في المائة من الرجال الذين شملتهم الدراسة كانوا يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، ولذا، فقد تؤثر المشكلات الصحية الناجمة عن ذلك على جودة الحيوانات المنوية. وعلى الرغم من ذلك، فإن الباحثين أخذوا هذه النقطة في الحسبان. وقالت أتامان: «نحن قادرون على عزل النتائج المستقلة لزيادة كمية الدهون في الطعام عن تلك الناجمة عن السمنة باستخدام النماذج الإحصائية. والجدير بالملاحظة أن معدل زيادة الوزن والسمنة بين الرجال الذين شملتهم الدراسة لا يختلف عن ذلك المعدل المنتشر بين الرجال في إجمالي السكان في الولايات المتحدة الأميركية، وهو 74 في المائة».