|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الكنيسة المحروسة تتبع المسيح وتهزم الشيطان يَجْعَلُ الْخَلاَصَ أَسْوَارًا وَمِتْرَسَةً بعد حديثه عن ابتلاع الموت إلى الأبد بخلاص الله. استطرد النبي إشعياء يقول: "فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يُغَنَّى بِهَذِهِ الأُغْنِيَةِ فِي أَرْضِ يَهُوذَا: لَنَا مَدِينَةٌ قَوِيَّةٌ. يَجْعَلُ الْخَلاَصَ أَسْوَارًا وَمِتْرَسَةً. اِفْتَحُوا الأَبْوَابَ لِتَدْخُلَ الأُمَّةُ الْبَارَّةُ الْحَافِظَةُ الأَمَانَةَ. ذُو الرَّأْيِ الْمُمَكَّنِ تَحْفَظُهُ سَالِمًا سَالِمًا لأَنَّهُ عَلَيْكَ مُتَوَكِّلٌ. تَوَكَّلُوا عَلَى الرَّبِّ إلى الأَبَدِ لأَنَّ فِي يَاهَ الرَّبِّ صَخْرَ الدُّهُورِ" (إش26: 1-4). حديث جميل عن الكنيسة في العهد الجديد قوية وحصينة: "لَنَا مَدِينَةٌ قَوِيَّةٌ"، وأسوارها لا يقوى عليها العدو، لأن قوة الصليب تهزمه وتحفظها "يَجْعَلُ الْخَلاَصَ أَسْوَارًا وَمِتْرَسَةً"، كلما يبصر الشيطان علامة الصليب على أسوار الكنيسة عروس المسيح يرتد مرتعبًا. لهذا قال السيد المسيح عنها إن "أَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا" (مت16: 18). وقال إشعياء النبي مخاطبًا إياها: "كُلُّ آلَةٍ صُوِّرَتْ ضِدَّكِ لاَ تَنْجَحُ وَكُلُّ لِسَانٍ يَقُومُ عَلَيْكِ فِي الْقَضَاءِ تَحْكُمِينَ عَلَيْهِ" (إش54: 17). إن سر قوة الكنيسة هو في تمسكها بخلاص المسيح، وفعاليته في حياة أولادها وحرصها الشديد على خلاص كل نفس، وعلى رعاية الصغير والكبير، الفقير والغنى، وأن تحفظهم في حروبهم مع الشيطان بصلواتها. ليت الذين يتآمرون على الكنيسة مثل "مكس ميشيل" وأصحاب "البدع الحديثة" وأتباع "التيار الخمسيني" يدركون أن كل مساعيهم ستبوء بالفشل مثلما حدث على طول تاريخ الكنيسة الطويل. تَحْفَظُهُ سَالِمًا سَالِمًا لأَنَّهُ عَلَيْكَ مُتَوَكِّلٌ هذه نبوة قيلت عن السيد المسيح الذي انتصر على الموت ولم تؤثر فيه جراحات الجلد وإكليل الشوك والصليب تأثيرًا دائمًا، بل احتملها حبًا لنا وإيفاءً للعدل الإلهي. من رأى السيد المسيح بجسد القيامة الممجد أدرك بصورة ملموسة أن الله الآب قد حفظ جسد الابن سالمًا بغير فساد، ثم أقامه من الأموات متخطيًا كل الجراحات، وحتى طعنة الحربة التي تأكدوا بها من موته جسديًا. تحفظه سالمًا في القبر بغير فساد، وتحفظه في القيامة فلا يقوى عليه الموت ويبقى حيًا وسالمًا إلى الأبد. لهذا كرر كلمة سالمًا مرتين. وهذه العبارة تمتد أيضًا إلى كل من يتبع السيد المسيح حاملًا صليبه، فالرب سوف يحفظه سالمًا من موت الخطية، ثم يحفظه سالمًا من الموت الثاني الذي هو الهلاك الأبدي. وقد عبّرت النبوة عن شخصية السيد المسيح بوصفه إنه هو "ذُو الرَّأْيِ الْمُمَكَّنِ". وقد شهدت الجموع للسيد المسيح إذ كانوا يتعجبون أنه يتكلم ويعلمهم "كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ" (مت7: 29). وكانوا يتعجبون من "كَلِمَاتِ النِّعْمَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ فَمِهِ" (لو4: 22). وقال المزمور عنه "انْسَكَبَتِ النِّعْمَةُ عَلَى شَفَتَيْكَ" (مز44:2). لذلك قالت النبوة "ذُو الرَّأْيِ الْمُمَكَّنِ تَحْفَظُهُ سَالِمًا سَالِمًا لأَنَّهُ عَلَيْكَ مُتَوَكِّلٌ". ولا شك أن الاتكال على الله كان من سمات حياة وخدمة السيد المسيح إذ "أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ" (فى2: 7-8). الاتكال على الله كان واضحًا جدًا حينما قَبِل السيد المسيح الموت نيابة عن الخطاة، وكان واثقًا من قيامته من الأموات حتى في مشاعره الإنسانية الطبيعية، لأنه ناب عن الجميع إنسانيًا (من جهة ناسوته) في الطاعة والاتكال على الآب السماوي، والثقة الكاملة في مواعيده الحقيقية غير الكاذبة. الكنيسة تتبع المسيح يتغنى إشعياء كما قال: "اِفْتَحُوا الأَبْوَابَ لِتَدْخُلَ الأُمَّةُ الْبَارَّةُ الْحَافِظَةُ الأَمَانَةَ" (إش26: 2)، لقد دخل السيد المسيح إلى الأمجاد السماوية وارتفعت الأبواب الدهرية في صعوده إلى السماء جسديًا. ولكن في مجيئه الثاني ليأخذ عروسه الكنيسة معه إلى السماويات صار النشيد هو: "اِفْتَحُوا الأَبْوَابَ لِتَدْخُلَ الأُمَّةُ الْبَارَّةُ الْحَافِظَةُ الأَمَانَةَ"، وهذه هي الكنيسة التي استعد أعضاؤها لميراث الحياة الأبدية وحفظوا الأمانة الأرثوذكسية. يدخل المسيح إلى الملكوت ومعه الأمة البارة، أي جماعة القديسين. ويضيف أيضًا في النشيد (الأغنية): "تَوَكَّلُوا عَلَى الرَّبِّ إلى الأَبَدِ لأَنَّ فِي يَاهَ (بالعبرية يهوه) الرَّبِّ صَخْرَ الدُّهُورِ". إنه ختام رائع يدعو المؤمنين للاتكال على الرب إلى الأبد. أي أن يتمسكوا به، ويتمثلوا بالسيد المسيح في اتكاله على الرب، محتملين أتعاب الصليب مؤمنين بخلاصه العجيب وبأنه هو الصخرة الحقيقية "صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ وَالصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيحَ" (1كو10: 4). كلما تغنى إشعياء يقول عن الله المخلص إنه "ياه يهوه". وكلمة "ياه" هي مقطع من كلمة يهوه يضاف إلى كلمة "مخلص" العبرية وهي "شوع" لتكون "ياه شوع" أي يسوع. فيسوع هو صخر الدهور الذي تتغنى به جميع الأجيال وإلى أبد الآبدين. عقاب الشيطان بالصليب يتكلم إشعياء النبي عن قوة الرب التي سحقت الشيطان وقوته بالصليب وهزمت طغيانه بالرغم من الضعف الظاهري في قبول السيد المسيح للآلام والتعييرات. ولكن الصليب كما قال معلمنا بولس الرسول هو "قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ" (رو1: 16). يقول النبي: "فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يُعَاقِبُ الرَّبُّ بِسَيْفِهِ الْقَاسِي الْعَظِيمِ الشَّدِيدِ لَوِيَاثَانَ الْحَيَّةَ الْهَارِبَةَ. لَوِيَاثَانَ الْحَيَّةَ الْمُتَحَوِّيَةَ، وَيَقْتُلُ التِّنِّينَ الَّذِي فِي الْبَحْرِ" (إش27: 1). معروف أن "لوياثان" هو اسم الحية القديمة الملتوية التي تشير إلى إبليس،أما عن قتل التنين الذي في البحر فهو إشارة إلى أن السيد المسيح قد سحق رأس التنين، أي الشيطان، على المياه عند عماده في نهر الأردن لتأسيس سر العماد المقدس. وبذلك فتح الطريق للمؤمنين بموته المحيي وقيامته المجيدة أن يتحرروا من التنين، أي من عبودية إبليس بالميلاد الفوقانى بواسطة الماء والروح، متحدين مع المسيح بشبه موته وقيامته. الكنيسة المحروسة وأكمل النبي حديثه مباشرة بقوله "فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ غَنُّوا لِلْكَرْمَةِ الْمُشْتَهَاةِ: أَنَا الرَّبُّ حَارِسُهَا. أَسْقِيهَا كُلَّ لَحْظَةٍ. لِئَلا يُوقَعَ بِهَا أَحْرُسُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا" (إش27: 2، 3). يقول عبارة "فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ" ويكررها في حديثه النبوي عن سحق الشيطان، وعن أمجاد كنيسة العهد الجديد. لأن اليوم المقصود هو اليوم الذي صنعه الرب، هو يوم الفداء، يوم الخلاص بالتجسد والصلب والقيامة والصعود وحلول الروح القدس في يوم الخمسين. يقول: "فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ غَنُّوا لِلْكَرْمَةِ الْمُشْتَهَاةِ".. ما أجمل هذا التعبير المملوء بالمشاعر الفياضة والمكتوب شعرًا باللغة العبرية كنشيد يصلح للغناء. الرب يدعو الملائكة والبشر القديسين أن يتغنوا بأمجاد الكنيسة عروس المسيح التي اشتراها بدمه. ويقول "أَنَا الرَّبُّ حَارِسُهَا. أَسْقِيهَا كُلَّ لَحْظَةٍ".. ما أجمل أن يحرس الرب بنفسه الكنيسة ويرويها بروحه القدوس حتى يتحقق قول المزمور "مجارى الأنهار تُفَرِّحُ مَدِينَةَ اللهِ" (مز45: 4). إن الرب لا يحرس الكنيسة فقط من الشياطين وأعوانهم ولكنه يرويها بتعزيات الروح القدس. وقد استعار النبي من مشاهد ذلك الزمان المدن المحاصرة أنها كانت تعانى من انقطاع المياه عنها في وقت الحصار، وتعانى من الجوع وتحتاج إلى حراسة مستمرة على الأسوار. ولكن الكنيسة بينما تحاصرها قوات الظلمة الروحية فإن الرب بنفسه هو حارسها ولا يستطيع الشيطان أن يقطع عنها مجارى المياه السمائية. لأن السيد المسيح قد وعد قائلًا: "إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي كَمَا قَالَ الْكِتَابُ تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ" (يو7: 37). كم كانت سعادة السيد المسيح حينما صنع الفداء على الصليب وقلبه ينادى "غَنُّوا لِلْكَرْمَةِ الْمُشْتَهَاةِ: أَنَا الرَّبُّ حَارِسُهَا. أَسْقِيهَا كُلَّ لَحْظَةٍ". ما أعظم هذا الحب العجيب الذي ستشدو له وتتغنى به جماهير السمائيين المفديين في الأبدية بغير حدود.. |
|