نتبع الرب في شركة آلامه إننا في هذا الأسبوع نتتبع المسيح خطوة خطوة. نتتبعه في آلامه، وفي كل الأحداث التي مرت، ونحن نرتل له تسبحة مستمرة، قائلين "لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد آمين..." ونزيد عليها في بعض الأيام عبارات توحي بها الأحداث. نعيش معه كل يوم، بأرواحنا وأفكارنا وأحاسيسنا. بل وبكل كياننا. نستقي أخبار هذا اليوم ونبوءاتها من القراءات المقدسة، ونعيش الأحداث التي مرت به. وكأننا نعمل مثلما قال له القديس بطرس الرسول: "تركنا كل شيء وتبعناك" (متى 7:19). فنحن في البصخة المقدسة نترك كل شيء ونتبعه. متذكرين أيضا ما قيل عن النسوة القديسات إنهن تبعنه من الجليل يخدمنه (متى 27: 55). "وأخر كثيرات اللواتي صعدن معه إلى أورشليم" (مر 15: 41). ليتنا نشعر أننا نعيش معه هذا الأسبوع بنفس الشعور وبنفس الإحساس والعاطفة... نتبعه، ونصعد معه. ما أجمل ما قالته راعوث لنعمى "لا أتركك... حيثما ذهبتِ أذهب، وفيما وحيثما بتِ أبيت.. حيثما متِ أموت" (را 1: 16، 17). ونحن بنفس الشعور نتبع المسيح له المجد حيثما ذهب خلال هذا الأسبوع، تذهب أفكارنا معه وتأملاتنا. مشاعرنا معه، نتبعه خطوة خطوة، بنفس التسبحة.. وهنا نعبر عن احتجاجنا عما صدر من آبائنا الذين قال لهم "تبقى ساعة وقد أتت الآن، تتفرقون فيها كل واحد إلى خاصته، وتتركونني وحدي" (يو 16: 32). كلا يا رب، لن نتركك أبدأ وحدك، متفرقين كل واحد إلى خاصته، بل سنجتمع حولك. سنجتمع حولك في كلامك، بكل مشاعرنا وبكل قلوبنا. لا نستطيع أن نتركك، وأنت الذي لم تترك أحدا في آلامه، ولم تترك أحدًا في آلامك... ونحن هنا نعتذر عن آبائنا الرسل الثلاثة، الذين طلبت إليهم قائلًا: "أمكثوا ههنا واسهروا معي". فلم يستطيعوا... وعاتبتهم قائلا "أما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة؟! اسهروا وصلوا" (متى 26: 38،. 4) وللأسف تركوك وناموا، لأن أعينهم كانت ثقيلة... ولكننا هنا يا رب، سنسهر معك الليل كله في الصلاة، وليس مجرد ساعة واحدة... بل نرد أن نسهر معك البصخة كلها. هنا وتعجبني عبارة قالها بولس الرسول، تصلح شعارا لهذا الأسبوع وهي: "لأعرفه وقوة قيامته، وشركة آلامه، متشبها بموته" (فى 3: 10). كثيرون عاشوا مع السيد المسيح، وحتى الآن لم يعرفوه بعد بل حتى في أسبوع الآلام نسمع السيد المسيح يقول لتلميذه فيلبس معاتبا "أنا معكم زمانا هذه مدته، ولم تعرفني يا فيلبس؟!" (يو 14: 9). ويُخَيَّل إليّ أن السيد المسيح يقول نفس العبارة للكثير منا. وبعض الناس عرفوا السيد الرب. ولكنهم لم يدخلوا في شركة آلامه. ولكننا في البصخة المقدسة نود أن نقول له: اسمح لنا يا سيد -ولو من بعيد- أن نشترك معك في آلامك، أو مجرد أن نكون معك فيها. سنتتبع الأحداث وتاريخ هذا الأسبوع الكبير الذي مرَّ بك، يوما فيوما. ونقدم لك مشاعرنا في كل يوم... إن الكتبة والفريسيون والكهنة لم يعرفوك، أما نحن فقد عرفناك، والعيب أن هؤلاء قد استغلوا إخلاءك لذاتك لكن يتجرأوا عليك... فلنرجع بذاكرتنا إلى أحداث تلك الأيام. ومع أن سبت لعازر وأحد الشعانين ليسا من أيام أسبوع الآلام، إلا أننا سنتناولهما كمقدمة، وباختصار شديد جدًا..