|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المقطع الأول: سفر نحميا 4 : 4 - 8 . " وقالَ رجال يهوذا: " ضعفت قوة الحمّالين، والتراب كثير، ونحن لا نقدر أن نبني السور ". وقالَ أعداؤنا: " نباغتهم من حيث لا يعلمون ولا يرون وندخل إلى وسطهم، فنقاتلهم ونعطل العمل ". فجاءَ إليهود المقيمون بجوار أعدائنا في جميع الأماكن التي رجعوا منها إلينا وأنذرونا عشرات المرات. فسلحت الشعب بالسيوف والرماح والقسيّ وأقمتهم على حساب عشائرهم وراء السور، في المواضع التي لم يكن تمَّ بناؤها. ورأيتهم خائفين، فقلت لهم ولرؤسائهم وولاة أمرهم: " لا تخافوا هؤلاء الأعداء. اذكروا الرب العظيم الرهيب، وقاتلوا عن إخوانكم وبنيكم وبناتكم ونسائكم وبيوتكم ". المقطع الثاني: رسالة العبرانيين 6 : 10 – 12. " فما الله بظالم حتى ينسى ما عملتموه وما أظهرتم من المحبة من أجل اسمه حينَ خدمتم الإخوة القديسين وما زلتم تخدمونهم. ولكننا نرغب في أن يُظهر كل واحد منكم مثل هذا الاجتهاد إلى النهاية، حتى يتحقق رجاؤكم. لا نريد أن تكونوا متكاسلين، بل أن تقتدوا بالذين يؤمنون ويصبرون، فيرثون ما وعدَ الله ". المقطع الثالث: سفر الأعمال 14 : 19 - 22. " وجاءَ بعض إليهود من انطاكية وأيقونية واستمالوا الجموع، فرجموا بولس وجرّوه إلى خارج المدينة وهم يحسبون أنهُ ماتَ. فلمَّا أحاطَ به التلاميذ، قامَ ودخلَ المدينة. وفي الغد خرجَ مع برنابا إلى دربة. وبشّرَ بولس وبرنابا في دربة وكسبا كثيراً من التلاميذ. ثمَّ رجعا إلى لسترة، ومنها إلى أيقونية وانطاكية، يُشددان عزائم التلاميذ ويُشجعانهم على الثبات في إيمانهم، ويقولان لهم لا بدَّ أن نجتاز كثيراً من المصاعب لندخل ملكوت السموات ". " لأن الرب يبني كنيسته وأبواب الجحيم لن تقوى عليها ". كلمات دوَّنها لنا الروح القدس منذ حوالي ال ألفي سنة، وما زالت حتى يومنا هذا تعمل في المؤمنين حولَ العالم، تحثهم على المثابرة والمتابعة، وما زالت الكنيسة تنمو وتكبر وتنضم إليها النفوس بالرغم من شراسة الحروب التي يشنها العدو في أشكالها المختلفة (ضيقات، أمراض، قيود، انقسامات، جراح ومرارة، عدم مثابرة، تكاسل، عدم جدية والتزام في عمل الله ... إلخ)، والتي تنال كل الكنائس نصيبها منها، لكنني أريدك في هذا الصباح أن تعلن معي إيمانك بأن أبواب الجحيم لن تقوى عليها. قد تحجب عنكَ غبار المعارك التي يشنها إبليس الرؤيا، وقد تحجب عنكَ الثمار التي حققها ويُحققها الرب على صعيد نمو كنيستك، لكنكَ لو سمحتَ للروح القدس وفي وسط هذه المعارك وهذه الغبار أن يمسح عينيكَ بمسحة جديدة لرأيتَ عمل الله الأكيد ولتشجعتَ من جديد ولحملتَ سيفك وأعلنتَ سلطانك وانضممتَ بسرعة إلى المحاربين الأشداء وأكملتَ السعي معهم لبناء هذه الكنيسة التي وعدَ الرب أن أبواب الجحيم لن تقوى عليها. يُعتبر سفر نحميا من أثمن الأسفار التي تعلّم كيفية إعادة بناء ما هدمهُ العدو، وأعتقد أن أغلبنا قد قرأ هذا السفر العظيم، لكن دعني أوجزهُ لكَ في هذا الصباح كما قادني الروح القدس نظراً لأهمية ما فيه من تعليم ودروس مفيدة للجميع. أسوار أورشليم محروقة ومهدومة من الأعداء، والشعب مسبي ومشرّد والقسم الباقي في المدينة مُحبط ومهزوم، لكن الله يُقيم نحميا ويُعطيه نعمة في عيون الملك " أرتحششتا " فيرسلهُ إلى أورشليم ليُعيد بناء الأسوار والمدينة المنهدمة، وبالطبع لم يُسِرّ هذا الأمر الأعداء الذين تجمعوا لعرقلة العمل وإيقافه، لكنَّ الرب يتدخل ويُشدد نحميا والشعب ويُعيد بناء السور، ويُعيد قلوب الشعب إليه ويُنجح العمل ويهزم الأعداء !!! ثلاثة مقاطع من كلمة الله اختارها لنا الروح القدس اليوم لنتأمل فيها، وها نحنُ اليوم وإذا نظرنا إلى أنفسنا وحاولنا تحتَ قيادة الروح القدس أن نلقي نظرة على مدينتنا وأسوارنا وبلدنا لرأينا بكل تأكيد المشهد الروحي نفسهُ، أسوار منهدمة – نشاط كثيف للعدو لكي يُبقيها كما هيَ – حروب يشنها العدو على كل واحد منَّا، وقد تسمعنا نقول كما قالَ رجال يهوذا : " ضعفت قوة الحمالين، والتراب كثير، ونحن لا نقدر أن نبني السور ". ولا بدَّ وتجاه هذا الموقف والإعلان أن نسمع العدو يقول كما قالَ أعداء نحميا: " نباغتهم من حيث لا يعلمون ولا يرون وندخل إلى وسطهم، فنقاتلهم ونعطل العمل ". وماذا فعلَ نحميا ؟ سلّحَ الشعب بالسيوف والرماح وأقامهم كلٌ في موضعه وراء السور في الأماكن المنهدمة، وطلبَ منهم أن يذكروا الرب العظيم، ثمَّ يُقاتلوا عن إخوانهم وأولادهم ونسائهم وبيوتهم، ولا تعتقد أنه مع مرور الزمن وتطور هذه الدنيا وأمورها، سيتغير الحلّ، فنحنُ ما زلنا نحتاج الحلّ نفسهُ، أي أن نتسلح بقوة الروح القدس ونسد الثغرات في السور ونحارب عن الأولاد والنساء الذين يرمزون إلى أخوتنا المؤمنين الجدد أو الضعفاء ونكمل بناء السور. لا تفتش عن حلّ آخر، لكن ما نريد أن نفتش عليه في هذا الصباح ليسَ الحلّ والطريقة، إنما لماذا ضعفت قوة الحمالين ولماذا ضعفت وتضعف قوانا ؟ أحبائي كما تقول الكلمة: التراب كثير والسور مهدوم والأعداء يتربصون بنا شراً وينتهزون الفرص المناسبة لكي يدخلوا بيننا يُباغتونا ويعطلوا العمل لتبقى الأسوار منهدمة والمدينة محروقة، ولتبقى النفوس دون يسوع وليبقى المرضى مرضى، والمأسورين مأسورين، ومنكسري القلوب منكسرين، ولكي يتعطل عملَ الله وتتعطل المأمورية العظمى، لكن بإسم الرب يسوع المسيح ننهض في هذا الصباح نفضح خطط العدو ونكتشف أسباب ضعف قوة الحمالين، نحمل السيوف والرماح من جديد نقاتل عن أخوتنا وأهلنا وبيوتنا ونبني السور، نربح النفوس ونبني الكنيسة وأبواب الجحيم لن تقوى عليها. يقول بولس الرسول في سفر الأعمال والذي أوردنا منهُ مقطعاً في بداية تأملنا: " لا بدَّ أن نجتاز كثيراً من المصاعب لندخل ملكوت السموات ". لا بدّ أن نضعف من حين لآخر، لكن الأخطر من ذلكَ أن نستسلم وننعزل ونفقد التزامنا ودعوتنا ونسمح لإبليس بأن يستفردنا. قد نمر في ضيقات وقد نمرض أحياناً وقد نحارب من العدو أحياناً أخرى، لكنني لم أسمع أن هذه الأمور قد تعطل العمل وتعطل حياة المؤمنين وتجعلهم ينعزلون ويتراجعون إلى الوراء لا سيما إذا أعلنوا إيمانهم وطلبوا المعونة من إخوتهم ليقفوا معهم ويُحاربوا عنهم، لكنَّ الحرب الشرسة والمؤذية التي يشنها العدو اليوم والتي تؤذي المؤمنين والكنيسة معاً، هيَ عندما ينجح إبليس أن يزرع في قلبك المرارة من الآخرين وغالباً ما تكون هذه المرارة متأتية من سوء معاملة أو سوء تقدير أو إهمال تعرضتَ لهم من قبل إخوتك الآخرين أو ربما القادة الذين تخدم معهم، مما يجعلك تنعزل، تنزوي، تُستفرد من العدو في مشاكل كثيرة، تفقد الحماس، فتمتلىء بمرارة أكبر وتتعطل عن العمل وتضعف قوتك وترى أن التراب كثير وتقول لا أستطيع أن أكمل بناء السور !!! لا تتوقع أبداً اليوم أو غداً وحتى تغادر هذه الأرض لتكون مع الرب أنكَ لن تتعرض لذلكَ !!! أي أن يُساء فهمك مرات أو تقديرك أو معاملتك أو ربما يتم إهمال مواهبك وطاقاتك، ولهذا السبب اخترت هذا العنوان المعبّر لتأملنا هذا وهوَ: " من تخدم؟ .. الله؟ .. أم الناس ؟ ". لأنه من هنا يبدأ الحلّ لكل مشاكلك!!! قد يخذلك الناس، لكن ثق أن الله لن يخذلك أبداً، فهوَ قالَ أنه لا يُلقي أحد خارجاً، وهو لا يقصف قصبة مرضوضة ولا يُطفىء فتيلة مُدخنة، هوَ الذي أقامك وهوَ الذي وضعَ لكَ خطة منذُ البدء وهوَ الذي سيشجعك إن أنتَ ركزتَ نظركَ عليه وحدهُ وأكملتَ السعي، ولذلكَ قالَ كاتب الرسالة إلى العبرانيين: " فما الله بظالم حتى ينسى ما عملتموه وما أظهرتم من المحبة من أجل اسمه حينَ خدمتم الإخوة القديسين وما زلتم تخدمونهم ". ويُكمل كاتب الرسالة ليقول أيضاً " ولكننا نرغب في أن يُظهر كل واحد منكم مثل هذا الاجتهاد إلى النهاية، حتى يتحقق رجاؤكم. لا نريد أن تكونوا متكاسلين، بل أن تقتدوا بالذين يؤمنون ويصبرون، فيرثون ما وعدَ الله ". الضعف والفشل والمرارة سيتغلبون عليك عندما تحاول أن تخدم الناس لا الله، تقوم بأعمالك وخدمتك وصلواتك من أجل أن يراك الناس والإخوة والقادة، ولكي يشجعوك ويُعجبوا بعملك، فتعطي أكثر وأكثر، لكنَّ الكارثة تقع عندما يُهملك أحدهم مرةَ ما، أو لا يشجعك كما تتوقع على عملٍ قمتَ به، فتنعزل وتنزوي وتمتلىء بالمرارة، وتضعف همتك ويتعطل العمل الذي تقوم به وتفتر الدعوة، أمَّا إذا كنتَ تعمل لله فلن تنتظر تشجيع الآخرين أو إثنائهم على عملك، ولن تتأثر بآرائهم بكَ، لأنكَ تعلم وكما تقول الكلمة: " أن الله الذي يراك في الخفية يُجازيكَ علانية ". وقـد نبهتنـا الكلمة كثيراً في هذا الموضوع ومنها في رسالة كولوسي 3 : 22 " أيها العبيد، أطيعوا في كل شيء سادتكم في هذه الدنيا، لا بخدمة العين كمن يُرضي الناس ، بل بنقاوة القلب ومخافة الرب. ومهما تعملوا اعملوه من كل قلوبكم كأنهُ للرب لا للناس، عالمين أن الرب سيكافئكم بميراثه ". لا تخف لن يسمح الرب أن تُدفن وزناتك تحتَ التراب إن كنتَ أميناَ لهُ ولن يسمح بأن تهدر مواهبك ودعوتك اللذين أعطاكَ إياهما، لكن لا تنعزل، لا تمتلىء بالمرارة عندما لا تُقدّر جيداً من الآخرين، ولا تطلق العنان لأفكارك ولكلماتك ... لم يستخدموني – لم يُطلقوا مواهبي – لم يقدروني جيداً – لم يعطوني القدر والوقت الكافيين من الإهتمام ... ، بل على العكس إذهب إلى إخوتك، إذهب إلى القادة، ضع نفسك بتصرفهم، فتش عن الثغرة الموجودة في السور وقم ببنائها، لا تتركهم حتى تجبرهم أن يستخدموك، وإن لم تنجح لأية أسباب كانت، انتظر الرب، صلي في الخفاء، أخدم في الخفاء، تشفع للآخرين في الخفاء، قف وراء الثغرات المنهدمة في السور وقم ببنائها حتى لو لم يراكَ أحد، لقد أقام الله داود ملكاً ومسحهُ بالزيت قبل أن يخلع الملك شاول عن العرش، لكنَّ داود وبتواضع وبإيجابية وبمحبة ملفتة للنظر انتظر الرب إلى أن حان الوقت المناسب حيثُ أقامه الرب ملكاً وجذبَ الشعب كله إليه، وأعطاه هيبة وسلطة لم يعطهما لأحد، هذا فقط ووفقاً لما تقول الكلمة لأن داود كان حسب قلب الرب، أي كان متواضعاً، مُحباً، إيجابياً وعرفَ كيف ينتظر الله. إخدم خدمة الذهب والفضة ولا تخدم خدمة الخشب والقش والتبن كما تقول الرسالة إلى أهل كورنثوس، لكن للأسف فأغلب المؤمنين يحبون خدمة الخشب والقش والتبن والتي ترمز إلى الأحجام الكبيرة التي تراها الناس فتمجدهم، أمَّا خدمة الذهب والفضة والتي ترمز إلى الأحجام الصغيرة التي لا تراها الناس فلا تمجدهم، لكن عليكَ أن تعلم أن الذهب والفضة هي صغيرة الحجم لكنها غالية الثمن لأنها أحجار كريمة قيمتها أثمن بكثير من الخشب والقش والتبن، ولأن الله يراها وحدهُ ويعرف كيفَ يُجازيكَ علانية. ليُعطنا الرب أن نخدم خدمة بولس، تأمل معي كيفَ رجموه حتى الموت، حيثُ ظنّهُ الناس أنه قد ماتَ، لكنهُ قامَ ودخلَ إلى نفس المدينة التي رُجِمَ فيها، ثمَّ ذهبَ في الغد إلى مدن أخرى يُشدد عزائم التلاميذ ويُشجعهم على الثبات، كما فعلَ نحميا حينَ أوصى الشعب بأن يُحاربوا عن أخوتهم وبنيهم ونسائهم وبيوتهم. نعم رُجِمَ بولس بالحجارة، رُجِمَ من شعبه، رُجِمَ ممن كان يريد خلاصهم ومساعدتهم، رُجِمَ ممن كان يجب أن يكرموه ويشجعوه على مساعدتهِ لهم، لكنهَ لم ينعزل وينزوي ويمتلىء بالمرارة لأنه لم يتم تقديره وشكرهُ، بل على العكس قام وتابع خدمتهُ في وسط من رجموه، فقط لأنهُ كان يخدم الله لا الناس، وقد تكون أنتَ اليوم ترجم بحجارة لكن من نوع آخر، حجارة الإنتقاد وسوء التقدير وعدم التشجيع وعدم الرعاية كما تحب، لكن أرجوك لا تموت، بل قم وأدخل المدينة، حارب عن إخوتك، شدد عزائمهم، أخدم الرب لا الناس، لا تتأثر بانتقاداتهم وتصرفاتهم وآرائهم، ضع عينيك على الرب الذي لن يخذلك أبداً. أحبائي التراب كثير – السور منهدم – والمدينة محترقة – والنفوس تموت يومياً حولَ العالم دون يسوع وحروب العدو ما زالت كما هيَ وستبقى، سوفَ يحاول أن يدخل في الوسط حيثُ لا نعلم ولا نرى كما تقول الكلمة فيقاتلنا ويُعطل العمل !!! أرجوك لا تسمح لهُ، مهما كان السبب الذي أضعفَ قوة الحمالين والذي أضعفك، مهما كانت الحجارة التي رُجمتَ بها، ومهما كانت المرارة قوية ومهما كان سوء التقدير وسوء المعاملة، ومهما كانت قوة الإهمال التي تعرضتَ لها، قم إحمل سيفك ورمحك واطلب المعونة من الروح القدس، واطلب منهُ أن يفيض بحبه العجيب بداخلك، وتعالَ إلى إخوتك وإلى قادتك، قف جنبهم، صارحهم، عاتبهم، لكن لا تتعطل عن العمل، قاتل معهم، قاتل عنهم. نريد أن نبني السور، نريد أن نُظهر هذا الإجتهاد إلى النهاية لكي يتحقق رجاؤنا، لا نريد أن نكون متكاسلين، ونريد أن نشدد عزائم بعضنا البعض بالرغم من كل المصاعب التي سنجتازها لندخل الملكوت معاً ومع الآخرين، نقف أمام كرسي المسيح، ونسمع منهُ الكلمات المعزية والمفرحة. ودائماَ إسأل نفسك هذا السؤال: " من تخدم؟ .. الله؟ .. أم الناس؟ ". وليكن جوابك من الآن فصاعداً إنني أخدم الله !!! |
|