|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الاهتمام بالروح الاهتمام بالروح هو الناحية الإيجابية اللازمة لحفظ التوبة. فما ذكرناه عن طرد الكنعانيين من الأرض، وعدم التعريج بين الفرقتين، والفصل بين النور والظلمة، إنما يصل الحرص من الناحية السلبية. أما الاهتمام بالروح فيمثل العمل الإيجابي. لأن الروح القوية يمكن أن تحفظ الإنسان طاهرًا. لذلك يلزم أن يهتم الإنسان بروحه، كما هو يهتم بجسده. يهتم بالاثنين معًا، ويحتفظ النظام والتوازن بينهما. ويراعي هذه القاعدة: إن العناية التي تبذل لأجل احدهم، ينبغي ألا تضر الآخر. أقول هذا لأن البعض ربما في اهتمامه بالجسد وصحته، يمنعه عن الصوم، وهكذا يضر بروحه. وكثيرًا ما يقع آباء وأمهات في هذا الخطأ في تربية أولادهم، وكأنهم يربون أجسادًا فقط بغير أرواح..! إننا في تربية الحيوانات إنما نهتم بأجسامهما، فإما أن نعمل علي تقويتها لأجل الشغل، آو نعمل علي تسمينها لأجل الذبح. ولكن هل نفعل نفس الأمر بالنسبة إلي الإنسان، فنربي له جسدًا لكي يأكله الدود. عار أن نهتم بالجسد الإنساني فقط. لذلك اهتموا بصحة أولادكم جسديًا، واهتموا أيضًا بصحتهم الروحية. وكذا بصحتكم. إن صحة الروح نافعة للروح وللجسد أيضًا. فإذا مرضت الروح، يمكن أن يمرض الجسد معها، وبعض أمراض الجسد ترجع إلي أمراض روحية. وإن كان مرض الروح يضر الجسد، فليس بالضرورة أن مرض الجسد يضر الروح. بل علي العكس غالبًا ما ينفعها. إن أشد أمراض الجسد يمكن أن تنفع الروح، وتقود الإنسان إلي التوبة، وإلي الصلاة، وتوقظ نفسه ونفوس الذين حوله، وتعلمهم الزهد في الحياة. اهتم إذن بصحة روحك أكثر مما تهتم بصحة جسدك. لا تكن حنونًا جدًا علي جسدك، بينما تهلك روحك فإن السيد المسيح طلب عكس هذا، حينما قال "إن كانت عينك اليمني تعثرك، فاقلعها والقها عنك.. وإن كانت يدك اليمني تعثرك، فاقطعها والقي عنك" (متى 5: 29، 30). وأرانا بهذا أن الروح هي الأهم. ومن أجلها تضحي بالجسد.. روحك هذه هي صورة الله ومثاله. وهي غالية عنده جدًا. من أجلها تجسد. ومن أجلها بذل دمه الطاهر علي الصليب. إذن ثمن روحك هو دم المسيح، وكل ما تحمله المسيح من الأم لأجلك. روحك أيضًا وحيدة، لا يوجد لديك غيرها. إن فقدت كل شيء، وإن ربحتها ربحت كل شيء. إنها أغلي من العالم كله. لذلك قال الرب "ماذا ينتفع الإنسان، لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟! أو ماذا يعطي فداء عن نفسه" (متى 16: 26). روحك هذه، لا يستطيع أحد أن يؤذيها، إلا أنت! قد يتمكن إنسان من أن يحبس جسدك. ولكنه لا يستطيع أن يحبس روحك حتى في السجن تبقي طليقة. وقد يستطيع إنسان إن يقتل جسدك، ولكنه لا يقدر أن يقتل روحك.. روحك عنصر سماوي. هي التي تعطي الحياة للجسد. إذا اهتممت بها يمكن؟ أن ترفع الجسد إلي فوق، وتجعله في حالة روحية سامية وتصير أنت شبه ملاك أرضي.ينبغي إذن أن تهتم بها، حتى لو ضعف جسدك في سبيل ذلك. فهوذا الرسول يقول "أن كان إنساننا الخارج يفني، فالداخل يتجدد يومًا فيومًا" (2 كو 4: 6). إنساننا الخارجي هو هذا الجسد. والداخلي هو الروح.. هذا الجسد شبهه الرسول بخيمة نحن ساكنون فيها (2 كو 5: 1). والأهم أن الساكن في الداخل هو الله. ليتنا إذن نهتم بأرواحنا هذه، حتى لا تخطئ الجسد معها.. أنت تغذي جسدك كل يوم. فيجب أن تغذي روحك أيضًا. إن الروح تتغذي كما يتغذي الجسد. يقول الرب "طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني" (يو 4: 34) وتتغذي الروح أيضًا "بكل كلمه تخرج من فم الله (متى 4: 4). فهل روحك تتغذي بكلام الله وبصنع مشيئته. وتأخذ هذا الغذاء كل يوم؟ الجسد يتغذي بثلاث وجبات كل يوم. في أول النهار وفي السماء وما بينهما. فهل تحرص أن تعطي روحك غذاءها مرات كل يوم أم تهملها فتضعف؟ والجسد يتناول أنواعًا متعددة من الأغذية ليستوفي كل العناصر اللازمة. إنك تعطيه غذاء كاملًا فيه المواد الدهنية والسكرية والكربوهيدراتية، وفيه البروتينات والفيتامينات والمعادن.. وتحرص ألا ينقصه شيء مما يلزمه من الصلوات والتسابيح والتأملات والقراءات الروحية والمطانيات؟ وهل تعطيها ما يلزمها من محبة الله؟ وهل هذا الغذاء تأخذه كل يوم، ودفعات في اليوم؟ مع باقي الأغذية الأخرى.. وأنت لا تكتفي بان تعطى جسدك غذاء كل يوم، ومرات في اليوم، وعناصر متنوعة متكاملة. وإنما في غذائه أيضا: تعطيه طعامه بكميات كافية، بقدر ما يحتاج من سعرات حرارية. فهل تعامل روحك بنفس المعاملة؟ هل تعطيها من الصلوات ما يشبعها، ام تصلى دقائق معدودة وتسأم؟ وهل تعطيها من القراءات الروحية ما يشبعها من الكتاب المقدس وسير القديسين والموضوعات الروحية؟ أم أنت غير مواظب وغير مهتم، ولا يهمك أن تستوفى الروح غذاءها، بينما هي تجوع وتعطش إلى البر (متى 5: 6). والجسد لا يكتفي بكل الكميات والأنواع السابقة من الطعام شهيته. أن يكون الطعام جيد الطهي المذاق لتقبله شهيته. فهل أنت تقدم لروحك أطعمة جيدة حسنة المذاق، أم تقدم لها صلوات سريعة بلا فهم بلا عاطفة بلا حرارة بلا روح وممزوجة بطياشة الفكر؟ هل تظن هذه الصلوات يمكن أن تستفيد بها الروح؟ وهل أنت تقدم لها قراءات بلا تأمل بلا عمق بلا فهم بلا تطبيق؟ أتستطيع الروح أن تهضم هذا الغذاء وتستفيد به لنموها؟ وهكذا في باقي الوسائط الروحية.. اهتم إذن بروحك، واعلم أنه: كما تضعف الجسد ويمرض لقلة الغذاء، كذلك الروح أيضًا. الجسم يهزل لقلة الغذاء، والروح تفتر وتفقد حرارتها. ما أكثر الذين يصابون بأنيميا روحية أو بهزال روحي. وكما يمرض الجسد لسوء التغذية وبالعدوى، كذلك الروح تمرض بهذه جميعها. وتحتاج إلى وقاية وحصانة كما يحتاج الجسد تمامًا. و الجسد إذا مرض يحتاج إلى أطباء، وكذلك الروح. وأطباء الروح هم آباء الاعتراف والمرشدون الروحيون. الأدوية الروحية معروفة وكثيرة، ويحتاج إلى تناولها كل من يشعر بنقص في ناحية معينة. ونحن نقول للرب في القداس الغريغوري "ربطتني بكل الأدوية المؤدية إلى الحياة".. ونقول له "أيها الطبيب الحقيقي الذي لأنفسنا وأجسادنا.." لاشك أن الجسد يلاقى من الإنسان اهتمام كبيرًا لا تلاقيه الروح. ولذلك فإن أحد الآباء قرأ في سفر الجامعة قول الحكيم: رأيت عبيدًا على الخيل، ورؤساء ماشين على الأرض كالعبيد (جا 10: 7). فقال إن العبيد الراكبين على الخيل هم الأجساد التي نكرمها أزيد مما يلزم. والرؤساء الماشين على الأرض كالعبيد هم الأرواح التي لا تجد إكراما كالأجساد، بل تجد إهمالا من كل ناحية.. الروح التي لها السيادة بحكم طبعها ن نهملها حتى تفقد سلطتها وتخضع للجسد، وتمشى على الأرض كالعبيد..! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الاهتمام بالروح هو الناحية الإيجابية اللازمة لحفظ التوبة |
إذن لكي تحيا يجب عليك الاهتمام بالروح، والسلوك بالروح |
في الاهتمام بالروح، ضع أمامك هذه الوصايا: |
الاهتمام بالروح |
الاهتمام بالروح |