" وفيما هو داخل إلى قرية أستقبله عشرة رجال برص فوقفوا من بعيد . ورفعوا صوتا قائلين يايسوع يامعلم أرحمنا . فنظر وقال لهم أذهبوا وأروا أنفسكم للكهنه . وفيما هم منطلقون طهروا . فواحد منهم لما رأى أنه شفى رجع يمجد الله بصوت عظيم . وخر على وجهه عند رجليه شاكرا له : وكان سامريا . فأجاب يسوع وقال أليس العشرة قد طهروا ؟ فأين التسعة ؟ ألم يوجد من يرجع ليعطى مجدا لله غير هذا الغريب الجنس . ثم قال له قم وأمض إيمانك خلصك " . لوقا 17: 12-19 .
كتب الكثيرون منذ وقت قريب في موضوع الطقسيه ، ولكننى لم أجده مكتوبا بحسب الفحص الجيد لكلمة الله وفي حضرة ذلك الذى هو نور . وهذه رغبتى لأفعل ذلك الآن ، وبالقدر الذي فيه يقودني الله بروح بحسب كلمته فإننى آمل أن أعلن بلا خجل مشورة الله في هذا الأمر .
والنص الكتابي الذي أمامنا يلقى الكثير من الضوء في مسألة " الطقسيه" ودعونا نفحصها . فقد كان في قرية عشرة برص حيث دخل إليها يسوع . وفي هذه القرية إنسان يعانى من هذا المرض الكريه ، وفوق ذلك فهناك كثيرون غيره وهم صورة لحالة مرعبة بسبب الخطية ودخل يسوع إلى هذا المشهد ووقف الأبرص وجها لوجه أمام يسوع المخلص . فهل أنت وقفت يا قارئى وجها لوجه أمام يسوع نفسه ؟ أقول إن يسوع يأتى إلى هذا المشهد ، كما أنه يواجه الإنسان في ردائته وبؤسه . ويالها من صرخة غريبة نادى بها هؤلاء البرص الفقراء عندما واجهوا حضرته !
"يايسوع يا سيد أرحمنا" . حقا هذه هى صرخة إنسان خاطىء . وهو وحده الذى يشفى الأبرص ، وهو الذى يواجه متطلبات الخاطىء ويطهره . إن هؤلاء البرص العشرة عرفوا حاجتهم – دعنى أسألك هل عرفت أبدا حاجتك العميقة للتطهير بدم يسوع ؟
ولكن ما هى الإجابة العجيبة التى أعطاهم إياها يسوع : "أذهبوا وأروا أنفسكم للكهنة " . إجابة مدهشة ! كما لو أنه يقول أذهبوا إلى الطقس اللاوى . ولعلك تتذكر ياقارئى أن الطقس لم يكن قد أبطل بعد – إذ أن عمل المسيح لم يكن قد أكمل – والذبيحة الواحدة لم تكن قد قدمت بعد - والحجاب لم يشق . فإذا رجعت إلى الشريعة اللاوية في لاويين 14 فستجد أن الشىء الأول الذى تتعلمه أنه لا فائدة للأبرص إذا أظهر نفسه للكاهن ما لم يكن قد شفى . إنه مبدأ جميل للغاية وهو مبدأ الإيمان الذى نراه أمامنا "أذهبوا وأروا أنفسكم للكهنة " . ربما يقول عدم الإيمان : "كلا إننى لا أشعر بأى تحسن قد طرأ" .
فالتطلع إلى ذواتهم كيف يدفعهم إلى الذهاب إلى الكهنة ؟ . إنهم سمعوا وآمنوا بكلمات يسوع . هل أنتسمعت ولذلك آمنت ؟ "الذى يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية .
"وفيما هم منطلقون طهروا" . نعم شعروا بالتحسن ولكن ليس قبل بل بعد الإيمان طهروا . هذه حقيقة مؤكدة . إنها ببساطة مبدأ الإيمان . فقد وجدوا في يسوع الغاية التي يتكلم عنها الطقس إذ نرى في لاويين 14 مجرد مجموعة من الظلال له – هذه الظلال القديمه ذات مغزى : فالأبرص الفقير رمز للخاطىء ، وهذه الظلال ترينا أوجها مختلفة للمسيح الذي قدم نفسه والذي قام . إنها مليئة بالمسيح . وهى طقوس إلهية فعلا ، وكل طقس منها يشير إلى المسيح. إن شريعة الأبرص لا يمكن أن تشفى الأبرص . وعندما نقارن ذلك بالمسيح الكريم تجدها مجرد عناصر فقيرة ولكن عندما يشفى الأبرص بأخذ الكاهن عصفورين حيين وطاهرين وبهذين العصفورين نجد الظلال للطريق الوحيد الذى يتطهر به الخاطىء .
يذبح العصفور الواحد . نعم فكان لا بد أن يتجرع يسوع كفارة الدينونة " الذى أسلم لأجل خطايانا " . ثم يغمس العصفور الحى في دم العصفور المذبوح ، وينضح على المتنجس سبع مرات فيتطهر . ويعلن الكاهن طهارته . ثم يطلق العصفور الحى على وجه الصحراء . هذا العصفور الحى يعلن حكم الله بطهارة الأبرص .
" وأقيم لأجل تبريرنا " ، فإذا كان الأبرص الفقير يؤمن بحكم الله فإنه عرف يقينا أنه كما أن العصفور الحى قد أطلق فإنه قد طهر . وأنت يا قارئى إذ آمنت بالله الذى أقام يسوع من بين الأموات ، الذي أسلم من أجل خطايانا وأقيم أيضا لأجل تبريرنا ، كذلك مثل الأبرص المتطهر تعلم بكل يقين أنه كما أن يسوع قد أقيم من الأموات كذلك تتيقن أنت من تبريرك . وأنك فيه صرت طاهرا من كل إثم . وهذا ما تجده مبرهنا تماما في رومية 4 و5 . إن قيامة يسوع من الأموات هو إعلان الله أن المؤمن قد تبرر . والإيمان بالله يجعل الخطايا تغفر ، والخطية لا تحسب ، والبر يحسب . آه فأى سلام نناله تجاه الله .
يقول الرسول : "فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح " . فإذا كان الأبرص قد عرف أنه مطهر عندما قال له الكاهن ذلك ؟، أفلعل المؤمن لا يعرف أنه قد تبرر عندما يقول له الله ذلك ؟ يقينا فإن قيامة يسوع هى برهان أسطع من إطلاق العصفور الحى . ليتك تتذكر هذه الثلاثة أشياء مرة أخرى : خطايا غفرت – خطية لا تحسب – وبر محسوب . إنه تبرير من الخطايا بدم يسوع ، وتبرير من الخطية بحسبان الموت مع المسيح ، كذلك البر المحسوب أو التبرير به كالمقام : فكل ما أرتبط بآدم قد مضى ، والآن كل ما تحصل بالبر ففى المسيح المقام . وبالنسبة للمؤمن صار ذلك حقيقيا تماما على مبدأ الإيمان وحده بكلمة الله .
وما أعمق التمتع بالحقائق التى نراها في لاويين 14 . فكل شيىء من مجرد الطبيعة لابد أن ينزع – الشعر واللحيه . أما الغسلات والذبائح كل ما يشير إلى المسيح فإنه يتكلم عن التوافق العجيب لتلك الذبيحة الواحدة .
وجيد أن نفكر بأنه كما يستحضر أما الرب هذا الأبرص البائس وتلك الأشياء جميعها هكذا أنا بالطبيعة أبرص خاطىء ولكننى أستحضر في كل كمالات المسيح بواسطة قيمة دمه وفي كل حلاوة عطر شخصه القدوس . آه يا إلهنا وأبانا هل أنا الذي أستحضرت وتكملت فيه إلى الأبد ؟ إننى أسجد وأعترف بغنى نعمتك . فيالعمق رحمتك .
والآن إذا تتبعنا هذا الدرس العجيب إلى أبعد من ذلك ، فإننا نجد أن الأبرص البائس يمسح بالزيت . كان دم ذبيحة الإثم يوضع على شحمة أذنه اليمنى ، وإبهام يده اليمنى وإبهام رجله اليمنى ، ثم ينضح بالزيت سبع مرات أمام الرب على الدم " ويصب على رأسه " . آه فكم هو مبارك أن يخبرنا ذلك عن القيمة الكاملة لدم يسوع ! إنها تجعل الخاطى المذنب ساجدا كاملا . وحيث يوجد الدم فإن الروح القدس يمنح كشاهد أبدى مستقر لقيمة هذا الدم الثمين . ويالها من صورة كاملة نراها في عبرانيين 10 .
ولنعد إلى العشرة البرص ، فقد آمنوا بكلمة يسوع وبينما هم منطلقون طهروا . فواحد منهم لما رأى أنه شفى رجع . والآن كان هناك عشرة رجال يوجهوا وجوههم نحو الطقس وكانت ظهورهم للمسيح ، ولكن واحد أدار ظهره للطقس ووجهه نحو المسيح . كان الرجال التسعة طقسيين أما الرجل العاشر فصار ساجدا . وأنا لا أتحدث هنا عن شغف الإنسان وإستعباد نفسه للطقس ، والتى نرى أن تسعة من كل عشرة ينهجون هذا الأسلوب الطقسي في هذه الأيام ، ولكنه كان الطقس الذي وضعه الله بنفسه مؤقتا إلى أن جاء المسيح الذي هو غاية الطقس وموضوعه .
ونتعلم هنا أن ذلك الأبرص الفقير عندما عرف يسوع أنه هو الله الحي لم يتمكن أن يجعل وجهه نحو يسوع بدون أن يعطى ظهره نحو مبدأ الطقسية .
فأين نقف يا قارئى ؟ هل جعلت وجهك نحو مبدأ الطقسيه ؟ فلابد عندئذ أن يكون ظهرك للمسيح . أما إذا كان وجهك نحو المسيح ، فإنك حتما تعطى ظهرك للطقسية .
ولكن هذا الرجل علم أنه قد شفى ، إنه لم يرجو ذلك والشىء الحسن الذى فعله عندما ذهب مع التسعة أنه رأى العصفور مطارا "فرجع يمجد الله بصوت عظيم وخر على وجهه عند رجليه شاكرا له" .
لقد كان صحيحا أن يصرخ الأبرص البائس " يا يسوع يا سيد أرحمنا " . أليس صحيحا الآن أن يسوع لا يزال يعطى رحمة ؟ أفلا يجب أن يسجد له قائلين " يا يسوع أرحمنى أنا الأبرص اليائس " ؟. قد تكون هناك إهانة أو سخرية بسبب عدم الإيمان ، ولكن لنلاحظ جيدا أن رجوع الذي شفى ساجدا وشاكرا ليسوع جعله يرحب به قائلا " أليس العشرة قد طهروا ؟ فأين التسعة ؟ ألم يوجد من يرجع ليعطى مجدا لله غير هذا الغريب الجنس ، ثم قال له قم وأمض إيمانك خلصك .
وأنا أعتقد أن جذور التمسك بالطقسيه كامنة في عدم الإيمان الذي يتشكك في حقيقة نعمة الله وفي عمل المسيح وفي يقينية العلاج الإلهي – وهو الإيمان البسيط الذي يعرف أننى طهرت معطيا المجد لله .
إن السامرى الأبرص عرف أنه طهر . فهل كان يجب عليه أن يذهب إلى الطقسيه لكى يتطهر ؟! لقد عرف أن يسوع في رحمته الغنية شفاء فهل كان عليه أن يصرخ مرة أخرى قائلا يايسوع ياسيد أرحمني ؟ إذن فما الذي أعطى المجد لله من شخص قد طهر ؟ ليس غير الشكر والتعبد !
لنطبق هذا على خلاص الخاطىء فيصبح مصدر الطقسيه الحقيقى واضحا كالنهار .
لنأخذ مثلا : فمؤمن عرف أن يسوع واجه كل حاجته كخاطىء على الصليب ، وأن الله كشف له عمق رحمته ، وأنه تقدس بذبيحة المسيح ، وأنه لم يتطهر فقط ولكنه قد تكمل . فإذا كان قد آمن بما جاء في عبرانيين 10 فإنه يجب أنه يعرف كل هذا . والآن هل عليه بعد ذلك أن يقترب لله كخاطىء بائس فيصرخ دائما طالبا رحمة الله كما لو كان متشككا في كل كلمة قالها الله ؟ إنه أمر خطير أن يقول هذا ولكنه يبدو لى أن التصرف بهذه الطريقة من عدم الإيمان إنما هو إنكار حقيقى بأن يسوع قد أتى في الجسد وأنه أكمل عمل الفداء . فلو أنك لم تؤمن بالله ، ولم تتطهر بعد من خطاياك ، ولم تؤمن بأن الله أظهر لك رحمة ومحبة وبر من خلال تقديمه ليسوع ، وإن كنت بتعمد تقول بأن شهادة الله عن دم يسوع ليست كافيه أن تمنح السلام الأكيد . عندئذ لن نستغرب أن نراك تصرخ بأستمرار طالبا الرحمة ، وأنك تدير ظهرك للمسيح ووجهك نحو الطقس .
ولكننى أسمع قارئى يقول " يا عزيزي أنت نسيت الآلاف من المسيحيين الحقيقيين الذين تعلموا في كنائسهم التقليديه أن يعبروا في تواضع عن شكوكهم بإتخاذهم مركز الخاطىء وهم يصرخون على الدوام طالبين الرحمة " . أقول : عفوا يا أخى فأنا لم أنس ذلك ولكننى أعتقد أن هذا هو السبب المباشر الذي جعل الكثرين مأخوذين في مبدأ الطقسيه . دعني أسألك إذا كنت قد طهرت فهل هناك من شيىء يكون أكثر إهانة للمسيح من الشك في هذا الأمر ؟ وهل ما يجلب السرور الكثير له مثل أن تخر عند رجليه ساجدا بفرح معطيا إياه الشكر ؟ بل أتجاسر فأقول أكثر من ذلك قليلا أنه ما من شخص عرف من شهادة كلمة الله أنه نال الفداء أو غفران الخطايا بواسطة دم يسوع وبعد ذلك يمسك بتلابيب الطقسيه .
وهنا يأتى سؤال خطير يواجه كل أولئك الذين أحبوا الحق المختص بكمال تبرير المؤمن في المسيح المقام . وإزاء الكثيرين الذين نالوا البركة يقال أليس العشرة قد طهروا ؟ فأين التسعة ؟ ليت إلهنا المبارك يدير وجهك نحو المسيح وظهرك لكل شيىء عداء .
أن التسعة البرص أعطوا ظهورهم ليسوع ووجوههم نحو طقوس أورشليم . والإنسان الطقسى يقف وظهره للمسيح ولكن وجهه إلى أين ؟ أليس إلى طقوس روما ؟ وماهى طقوس روما ؟ أليست هى نظام فرائض وممارسات أقامها الناس على معتقدات بأن المؤمن لم يتطهر بعد من كل خطاياه وأن ذبيحة المسيح التى قدمت مرة غير كاملة ، وليست أبدية في قيمتها وكفايتها ؟ ولذلك أحتاج إلى تكرار الذبيحة ، مثل ذبائح الناموس الناقصه ؟ وبالتالي فإن كل المؤمنين ليست لديهم جرأة الثقة للدخول إلى حضرة الله كقديسين ساجدين ؟ كلا بل إن دم يسوع له قيمة قليلة للغاية حتى أن كل الذين يؤمنون لابد وأن يجتازوا في نار المطهر ؟ إننى لا أقصد المجادلة ، ولكن ألست تتفق معي بأن عدم الإيمان هذا وإعطاء الظهر للمسيح أليس هو بعينه الأساس الفعلي لطقوس كنيسة روما ؟ فإن كنت قد تكملت إلى الأبد بذبيحة واحدة فما الحاجة إلى ذبيحة القداس أو المطهر ؟
وإذا تطلعت إلى كولوسى 2 ستجد أن هذا الكمال الذي في المسيح هو السبب القوى الذي يمنعنا أن يكون لنا أرتباط بأي شيىء طقسي . والشخص الطقسى تجده متصلبا جدا ، إنه لا يؤمن بهذا الكمال الذي في المسيح ولهذا يتطلع إلي الطقسيه . أما المؤمن فيرى كاملا في المسيح – مدفونا معه ومقاما معه . إن كل التعديات قد غفرت لنا كما أننا قد صرنا مائتين ومقامين معه وهذا يتضمن كمالنا فيه " فإن كنتم قد متم مع المسيح عن أركان العالم ، فلماذا كأنكم عائشون في العالم ، تفرض عليكم فرائض (لا تمس ولا تذق ولا تجس ، التي هى جميعها للفناء في الأستعمال) حسب وصايا وتعاليم الناس ؟ التى لها حكاية حكمة بعبادة وتواضع وقهر الجسد ، ليست بقيمة ما من جهة إشباع البشرية .
والآن كما أن الإيمان ينشىء الطاعة ، كذلك فإن عدم الإيمان يقود دائما إلى العصيان . والطقسي لا يؤمن بهذا الكمال في المسيح المقام ، ولذلك فإنه يعصى بكل قلبه هذه الوصايا الصريحة في الكتاب . ويقول سأخضع لكل هذه الفرائض – سألمس وأذق وأجس – وسأسير بحسب وصايا وتعاليم الناس . إنه يسلك بحسب نظام العبادة الذاتيه . ولذلك فإن عدم الإيمان ينشىء فيه حصادا من العصيان لله . وهذا هو معنى إعطاء الظهر للمسيح والوجه للطقس . فكم هو حلو هذه المضادة للمسيحي ! "فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فأطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله "
وإذا كان الأبرص قد عرف أنه طهر فلماذا يظل يطلب الرحمة والتطهير ؟ وأكثر من ذلك فلماذا يجب عليه أن يعود إلى طقوس اللاويين لكي يتطهر إذا كان قد عرف أنه تطهر الآن ؟ فالمؤمن يقدم الشكر مثل الأبرص الذي قدم الشكر بصوت عظيم ، كما هو مكتوب "شاكرين الآب الذي أهلنا لشركة ميراث القديسين في النور ، الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت أبن محبته ، الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا " (كو1) . فهل هذه هى حالة نفسك للشكر يا قارئي ؟ أتؤمن أن الفداء الذي نلته كاملا ويؤهلك للميراث في النور ؟ والسؤال يدور ثانية أهو الإيمان أم عدم الإيمان . لربما تقول : إن كان الآمر كذلك أى إن إعطاء الظهر للمسيح هو عدم الإيمان والعودة للطقس أمر في غاية الخطورة فما هي النتيجة المحتومة لهذا الأمر ؟ هذا ما سأحاول الإجابة عليه .
يمكننا الإجابة على هذا السؤال إذا فحصنا حالة مشابهة في عبرانيين 10 . فالرسالة كلها تدور حول طقوس الناموس، وكل جزء فيها يقارن بشخص المسيح وعمله . ويخبرنا الروح القدس في ص 9 بأن وجود هذه الطقوس يعني بأن طريق الأقداس لم يظهر بعد . وأن هذه الطقوس كانت مجرد فرائض جسديه موضوعه إلى أن يجىء المسيح . ثم في ص 10 لا تستطيع الذبائح الطقسيه أن تكمل شيئا ولكن ذبيحة المسيح الواحدة أستطاعت أن تكمل إلى الأبد كل المقدسين ، ويشهد الله لهذا الكمال بطريقيتن :
فهناك من يشهد الذي هو في السماء الآن وهو يسوع نفسه " بعدما قدم ذبيحة واحدة عن الخطايا ، جلس إلى الأبد عن يمين الله . فإنه بذبيحة واحدة قد أكمل إلى الأبد المقدسين " ، كما أن هناك شاهد آخر على الأرض وهو الروح القدس الذي يشهد لنا .
أتؤمن بشهادة الله المزدوجة ؟ إنه رفع ذلك القدوس الذي مات لأجل خطايانا ، وقد أقيم لأجل تبريرنا ، وجلس في سلام كامل كبرهان لإتمام عمل الكفاره . والروح القدس قد أرسل كشهادة مستقرة لهذا المكان الكامل الذي أحضرنا إليه بدم يسوع . يقول الله لكل مؤمن " لا أعود أذكر خطاياهم وتعدياتهم فيما بعد " . أما لو كنت غير مؤمن أو إذا لم يكن لديك الإيمان فسأقف بعيدا طالبا الرحمة وراجيا الخلاص . ويالها من حالة محزنة للغاية ، إذا كان المؤمن ينقاد من الناس لإتخاذ هذا الوضع الخاطىء .
هذا هو المكان الحقيقي الذي أعطاه الروح القدس لكل مؤمن . "إذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع". هذه هى المسيحية كما هى من الله بالمباينة مع ظلال الطقوس التي لم تتمكن من إستبعاد الحجاب الذي ظل يغلق على الإنسان أمام الله . إنه أمر في غاية البساطة ولكن هل تؤمن به ؟ أتستطيع أن تقول أنه بدم يسوع صار لك الثقة بالدخول إلى الأقداس ؟ أتستطيع أن تقول إذ لنا رئيس كهنة عظيم مثل هذا ، فإننى كساجد مطهر لا أحتاج إلى شخص آخر ؟ إن لم تستطع فأنت لم تؤمن بدم يسوع ولم تؤمن بكهنوت المسيح . أما لو آمنت بالله فإن دم يسوع يعطيك اليقين للدخول إلى الأقداس لأن كلمته تقول هكذا ولا تحتاج إلى شفيع آخر لأنه يحيا إلى الأبد يشفع لأجلنا .
أين أنت يا قارئى ؟ أيمكنك أن تخر عند قدمى يسوع القدوس مثل الأبرص مقدما الشكر له لأنه طهرك وأهلك للأقداس ؟ أم أعطيته ظهرك ويممت وجهك نحو الطقوس ؟ إن كان الأمر كذلك فإنك ستأتى إلى سؤال خطير : ما هى نهاية أتباعك للطقسيه ؟ هل تقرأ عدد 26 ؟ "فإنه إن أخطأنا بإختيارنا بعدما أخذنا معرفة الحق ، لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا ، بل قبول دينونة مخيف وغيرة نار عتيدة أن تأكل المضادين " . ولكن ربما تقول لا يمكن تطبيق هذا الكلام على الطقسيه ! أقول أين وجه الأختلاف ؟ إن الروح القدس يطبق هذا الكلام بوضوح على يهودى قد سمع وأعترف بالمسيحية ولكنه رجع إلى طقوس الناموس فإنه بذلك يخطىء بإرادته . ويتحدث الله عن الذين داسوا أبن الله وحسبوا دم العهد الذي قدسوا به دنسا وأزدروا بروح النعمة .
وإنى أعتقد أن هذا ينطبق أيضا بهذا الوصف عينه على الطقسية في هذه الأيام – نعم تنطبق في كل سطر فيها . فالخطيه الإرادية تتميز بالمباينه مع ظلمة كنيسة روما . فإن مساكين هذه الكنيسه وضحايا تعاليمها هم في جهل مطبق بالمسيحية كما توصف في هذا الأصحاح من العبرانيين . وفى وسط كل هؤلاء الذين يتشفع بهم والقداسات والمطهر فإنهم لا يعرفون الطريق إلى الأقداس ولكنهم يتنهدون في قلق وشكوك . ومالم يتدخل الله في رحمته فإنهم يموتون في يأسهم وخطاياهم . هؤلاء الطقسيون يختلفون عن الطقسيين في الكنائس المصلحة . فقد ترددت تعاليم التبرير بالإيمان الصريحة والواضحة على مسامعهم ولكن هؤلاء الطقسيين يرفضون كل تعليم الإنجيل الذي يعلن بر الله بالإيمان ويعملون كاليهودى في القديم الذي أرتد إلى الهلاك !
ربما يقرأ هذه السطور شاب صغير جذبته المظاهر الخارجية للطقس . لاحظ جيدا أن هذه هى إرادة الإنسان في عبادة ذاتية من صنعه . إنه الطريق الذي يبدو صحيحا أمام الإنسان ولكن نهايته قبول دينونة مخيف وغيرة نار تأكل المقاومين . إن من كان يقيم في وسط نور كثير ثم أرتد إلى الطقوس والظلال ، فماذا يمكن أن نسميها بخلاف الخطية الإيراجيه ؟
"من خالف ناموس موسى يموت بدون رحمة " . أيمكنك أن تحتقر شهادة الروح القدس لدم يسوع ؟ أتنكر أن البار مات لأحل الأثمة ليحضرنا إلى الله ؟ إن المسيحية هى الحق المبارك – إذ بموته وبذبيحته الواحدة تغفر خطايا المؤمن ولا تعود تذكر ، هذا هو الذي يجعله مثل الأبرص الساجد المطهر في حضرة الله ، الذي لا يحتاج إلى طقوس أو مراسيم للأقتراب إليه . آه يا قارئى أهذا هو مركزك السعيد الآن ؟ أم أنك تتشكك فيه وتنكره أختياريا ؟ إذا التصقت بالظلال فإنك تعطى ظهرك للمسيح الذي هو الغاية والجوهر ، وبذلك تنكر كفاية دم المسيح . إن الأبرص السامرى وحده أعطى المجد لله . والمؤمن السعيد هو الذي يأخذ هذا المكان كساجد مطهر ليعطي وحده المجد لله .
ولكن قد يقال أليست هناك جماهير غفيرة أجتذبتهم الطقسيه وتعاليم كنيسة روما ؟ ألا نجد هناك أقل مستوى ممكن من السجود بالروح ، مع وجود الكثير من المظاهر الخارجية . وهناك أيضا الكنائس المصلحة التي تسر العالم بما فيها من أبنية فخمة وما يخلب الطبيعة لدى الإنسان ؟ إنى أعترف تماما بما هو حادث فعلا . ولكن دعنى أسألك إن كان إحتقار عمل المسيح الكامل والمكان المبارك للساجد المطهر بالدم ، أستلزم دينونه الله في القديم ، فماذا نتوقع ونحن نرى أن كنيسة أنجلترا والمسيحية العامة وصلت إلى ليل الظلمه الذي نقرأه في 2 تسالونيكى 2 . نعم فإن جماهير الذين رفضوا بإرادتهم حق الله وأتجهوا للطقسيه ينتظرهم بكل تأكيد القضاء ونار سخط الله . هناك الكثير من الأمل لكنسية روما المظلمة التي لم تعرف الحق مطلقا بأكثر مما لأولئك الذين عرفوه قليلا ولكنهم ينكرونه الآن وعادوا إلى الطقسيه . إنه المركز المخيف للغايه لأى نفس تتخذه . الإغراء بالهلاك بإستخدام الترانيم المقدسة وكل شيىء يسحر الذهن الطبيعي . وهذا هو نجاح الشيطان الممتد في هذا الأيام . قد تقول لي وما هو برهانك على ذلك ؟ البرهان واضح تماما – إذا رفضت كفاية ذبيحة المسيح والتى هى الذبيحة الأبدية الكاملة فإنه لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا ، إنك ستهلك إلى الأبد . ولكن إن آمنت وأسترحت على كفاية الدم وعرفت أنك تكملت إلى الأبد فلن تكون طقسيا بعد . فكلاهما متضادان تماما كتضاد النور مع الظلمة . وبالأختصار فلن توجه نظرك للمسيح متيقنا أنك طهرت مالم تعطي ظهرك للطقسيه .
وأعترف بأنه لى أمل ضعيف تجاه أولئك الذين عن تعمد داسوا أبن الله ، أما النفوس المترددة والمتحيرة والمجربة فليت الله في رحمته يوقفها وييقظها ويخلصها . آه ليتها تتقابل مع الله الأن كما تقابل البرص مع يسوع ، فتسمع كلمته وتؤمن بها .
ألا تزال يا عزيزى خاطئا ؟ "فليكن معلوما عندكم .. أنه بهذا (الإنسان يسوع) ينادى لكم بغفران الخطايا وبهذا (الإنسان) يتبرر كل من يؤمن " . يا له من مبدأ عظيم وبسيط . إنه الإيمان فقط ! ولقد وضع الله أمامك موت يسوع لأجل خطاياك ، والقيامة أو يسوع المقام لأجل تبريرك .
إن كل ما يحتاجه الخاطىء موضوع في يسوع . والله يعلن غفرانا حلوا لك بيسوع . أتؤمن بالله ؟ لم يقل الأبرص إن هذا الأمر سهل جدا وعلى أن أعمل وأعمل أولا . كلا ولم يقل إنني يجب أن أشعر وأشعر أنني صرت أفضل . هل تقول أنت ذلك ؟ ولم يقل الأبرص : "لا أحد يمكنه أن يعرف إن كان قد طهر من برصه أم لا " – أتعتقد أنه قال ذلك ؟ وهل قلت أنت ذلك ؟ إنه عرف أنه شفى وطهر فأعطى ظهره للطقسية . أتعرف وأنت مؤمن أنك متبرر ؟ إن كنت تؤمن بالله فيجب أن تعرف أنك تبررت ، لأنه يقول ذلك . أليس كذلك ؟ .
ليت الله يمنحك الإيمان به فيمكنك أن تدير ظهرك للطقسيه ووجهك للمسيح – عالما أنك طهرت بدمه الكريم . وليتك تعطى مجدا لله بصوت عظيم !
ولإله كل نعمة التسبيح الأبدى