الشيطان قاس
إنه يعمل بكل قسوة، بلا رحمة. وقسوته واضحة جدًا في قصة أيوب الصديق. كما أنه جر كثيرين إلى الهلاك وأضاعهم، كالذين هلكوا بالطوفان، وربنا سادوم، والذين ابتلعتهم الأرض أحياء (عد 16). وقسوته واضحة في الذين يصرعهم، ويصبحون في حالة جنون بسببه. ومثال ذلك مجنون كورة الدريين الذي "كان فيه شياطين... وكان لا يلبس ثوبًا، ولا يقيم في بيت بل في القبور... وقد بسلاسل وقيود محروسًا. وكان يقطع الربط ويساق من الشيطان إلى البراري" (لو8: 26 – 29)، "وكان يصيح ويجرح نفسه بالحجارة" (مر5: 5). وأمثلة هذا المصروع كثيرون...
وتظهر قسوته كذلك في محارباته للقديسين، وفي المناظر المخيفة.
ففي حربه مع القديس أنطونيوس الكبير كان يظهر له في مناظر مفزعة جدًا، وأحيانًا في هيئة وحوش مخيفة تصيح حوله بأصوات مرعبة. وفي إحدى المرات ضرب القديس بضربات شديدة مؤلمة للغاية، وتركه بين حي وميت... والذي يقرأ سيرة القديس قريا قوس السائح، يجد أمثلة أخرى تشبه هذا النوع أو أشد...
وهو قاس فيما يثيره على العالم من حروب وويلات وجرائم.
ومعروف جدًا نتائج كل هذه... ولكن الشيطان يفرح بكل ويلات العالم، ويحسب ذلك انتصارًا له، إلى جوار تحطيمه للنفوس وللعقول، وبثه للخصومات وأسباب الانشقاق والتمزق. فهو عامل تخريب لا يهدأ، بكل عنف. وهو سعيد بتخريبه. صدقوني، إننا لو قرأنا عن قسوة الشيطان في حروبه المفزعة للقديسين، نقول عن أنفسنا إننا لم نحارب أبدًا من الشيطان. فحروبنا الحالية شيء تافه إلى جوار حروبهم... والعجيب أنه في كل قسوة الشيطان، يتظاهر بالعطف أحيانًا،