الكآبة الخاطئة وأسبابها | أسباب الاكتئاب
هي التي تحوي الخطية داخلها:
1 - مثل كآبة إنسان في قلبه شهوة خاطئة لم يستطيع أن يحققها.
مثال هذا النوع كآبة آخاب الملك، لما رجع إلى بيته مكتئبًا مغمومًا، لأنه لم يستطع أن يغتصب حقل نابوت اليزرعيلي (1مل21: 4) Naboth the Jezreelite. وقد قادته هذه الكآبة إلى القتل والظلم والكذب ليحقق شهوته.
2 - وهناك كآبة سببها الغيرة، والحسد...
مثالها كآبة الابن الأكبر الذي رفض أن يدخل بيت أبيه ليشترك في الفرح بأخيه، قائلًا إن أباه لم يعطه جديًا ليفرح مع أصدقائه، بينما ذبح لأخيه العجل المسمن (لو15: 28 - 30).
ومثال ذلك أيضًا كآبة أي إنسان يشعر أن غيره قد حصل على شيء، بينما هو أحق منه به.
3 - هناك كآبة أخري سببها الفشل.
بينما الفشل لا يعالج بالكآبة، وإنما بمعرفة أسبابه، ومعالجة هذه الأسباب بطريقة إيجابية، أما مجرد الكآبة، فإنها تضيف إلى الفشل مشكلة أخري تحتاج إلى حل.
وتزداد الخطورة في مثل هذه الكآبة إذا كان سببها الفشل في ارتكاب خطية كفشل أمنون أولًا في الخطيئة مع ثامار (2صم13). وكفشل آخاب أولًا في اغتصاب حقل نابوت... ومثل فشل أي طالب في القدرة على الغش أثناء الامتحان، أو فشل إنسان في الانتقام لمقتل أحد أقربائه. إنه فشل في ارتكاب خطية الاكتئاب عليه هو خطية أخري.
4 - وهناك كآبة سببها اليأس:
مثل يأس عيسو، لما علم أن البركة قد انتقلت إلى أخية وانتهي الأمر، وقال له أبوه إسحق: "ماذا أصنع لك يا ابني؟ قد جاء أخوك بمكر، وأخذ بركتك، أني قد جعلته سيدًا لك" فلما سمع عيسو كلام أبيه، صرخ صرخة عظيمة ومرة جدًا (تك27: 33 - 38). ورفع صوته وبكي..
5 - وهناك كآبة إنسان ينحصر بالضيقات. ويبقي فيها حزينًا بلا رجاء.
وعلاجه أن يقول لنفسه كما قال داود النبي: "لماذا أنت كئيبة يا نفسي؟ ولماذا تحزنينني؟ توكلي على الله" (مز42: 11). لا تجمع المشاكل، وتكومها أمامك وتقف حزينًا، بلا حل، بلا رجاء، بلا اتكال على الله، إذكر قول الكتاب:
" لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم" (1تس4: 13).
إن الكآبة التي بلا رجاء، هي كآبة خاطئة. حتى لو كانت بسبب طبيعي، كالبكاء على ميت، أو بسبب روحي كالبكاء على خطية.
لذلك إن أحاطت بك المشاكل، فرقها، ضع الله بينك وبينها، فتختفي ويظهر الله، بمعونته.
6 - هناك كآبة أخري سببها الحساسية الزائدة..
إذ قد يوجد إنسان حساس جدًا نحو كرامته، أو حساس جدًا نحو حقوقه، يتضايق جدًا لأي سبب، أو لأقل سبب، أو بلا سبب، يريد معاملة خاصة، في منتهي الرقة، في منتهي الدقة، في منتهي الحرص فإن لم يجدها، وطبعًا نادرًا ما يجدها حينئذ يكتئب..
7 - وهكذا يأتي الاكتئاب أيضًا للذين لا يعيشون في الواقع بل يرفضونه، ولا يضعون له سوي بديل خيالي لا يتحقق.
فهم ثائرون على وضعهم، ولكنهم لا يحاولون تغييره بطريقة عملية، توصلهم إلى ما يريدون، إنما يكتفون بالثورة، يبقون حيث هم في كآبة وفي سخط على كل شيء.
وإن أتتهم لحظات سعادة تكون ببعض أحلام اليقظة التي يعيشون فيها في خيال يتمنونه، ثم يستيقظون من أحلامهم وخيالاتهم، ليجدوا واقعهم كما هو، فيزدادوا سخطًا عليه، وتزداد كآبتهم.
ونصيحتنا لهؤلاء أن يكونوا واقعين فإما أن يعيشوا في قناعة تسعدهم، راضين بما عندهم بل شاكرين أيضًا، وإما أن يعملوا على تغير الواقع عمليًا، ولا يكتفون بالكآبة.
8 - وقد يأتي الاكتئاب بسبب ضيق الصدر وعدم الاحتمال..
الإنسان الواسع الصدر والقلب يستطيع أن يمرر أشياء كثيرة تذوب في قلبه ولا يضيق بها، أما الذين لا يحتملون، فلابد أن يصلوا إلى الكآبة.
كذلك سعة الفكر تعالج الكآبة تعالج الكآبة... فبدلًا من الاكتئاب، يفكر في حل.
الإنسان الذكي، إذ أحاطت به مشكلة أو ضيقة. بدلًا من إرهاق أعصابة ونفسيتنه بالمشكلة ومتاعبها... يشغل ذهنه بإيجاد حل للخروج من المشكلة، فإن وجد الحل يبتهج، وتزول حدة المشكلة، وإن لم يجد، يصبر، والذي لا يستطيع أن يصبر، لا شك أنه ضيق الصدر، وهذا تزداد كآبته ويكون سببها قلة الحيلة.
9 - وقد تحدث الكآبة بسبب حرب خارجية من عدو الخير، دون ما سبب ظاهر..
يغرس في النفس أسبابًا للضيق ولو يخترعها، أو يكبر ويضخم في أسباب تافهة لا تدعو إلى الكآبة، أو يحاول أن يلهو بالإنسان كلما يسعد بوضع، يعزيه بأوضاع أخري كأنها أفضل مما هو فيه، فإن وصل إليها، يغريه بغيرها، أو بوضعه الأول.
ويوجده في جو من التردد وعدم الثبات: يكون سببًا في الكآبة.
فمثلًا إن كان راهب يعيش في الوحدة، يغريه بالخدمة وأكاليل الاشتراك في بناء الملكوت، وإن كان يخدم، يغريه بالوحدة وحياة التأمل والسكون والصلاة الدائمة، ومتعة الوجود في حضرة الله.. وهكذا لا يثبت على حال فيكتئب.
وهذا يقودنا إلى سبب آخر للكآبة وهو الشك..
10 - الشك إذا استمر، يحطم النفس، ويجعلها في حالة كآبة وقلق.
سواء كان شكًا في إخلاص صديق أو في أمانة زوجة وعفتها، أو كان شكًا في حفظ الله ومعونته، أو شكًا في الإيمان.. أو قد يكون الشك في الطريق الذي يسلكه الإنسان أهو حسب مشيئته الله أم لا؟ أو قد يكون شكًا في تدابير ضد الإنسان وهو لا يدري..
أفكار الشك تخرج من العقل: لكي توجد عذابًا في النفس، وتقود إلى تصرفات تتناسب في الخطأ مع هذه الشكوك وحدتها.
مثل زوج يشك في عفة زوجته، فيغلق عليها الأبواب والنوافذ، ويتجسس عليها، ويسمح لنفسه أن يفتش خطاباتها، وأدراجها، ويحقق معها في كل ما يشك فيه، ويجعل حياتها عذابًا.. وقد تكون بريئة كل البراءة..
يحاسبها على كل ابتسامه، وعلى كل كلمة، وعلى كل لقاء، وعلى كل حركة.. حياته تصبح في جحيم، وحياتهم تصبح في جحيم، وتكون للكآبة نتائج أخري خطيرة..